التصنيفات
الصف الثامن

تقرير الفتوحات الاسلامية في شمال افريقيا.. للصف الثامن

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

الكاتب : د.محمد بوالروايح /أستاذ محاضر- قسنطينة الجزائر
مقدمـة:
درج بعض الباحثين الغريين على تصور خاطئ ينتقد الإسلام وينتقصه ويصف حضارته بأنها حضارة همجية بربرية اتخذت العنف وسيلة لتمرير رسالتها وإخضاع مخالفيها ، وهذا التصور من الناحية التاريخية والموضوعية بعيد كل البعد عن حقيقة الحضارة الإسلامية ، فهو تصور وصفي شمولي نمطي فرضته بعض المذاهب الفكرية الغربية التي اتخذت من الإسلام موقفا مسبقا مهد لما يسمى التصور النمطي الغربي للإسلام الذي يخالف حقائق التاريخ والجغرافيا وحقائق الاجتماع.
من جملة ما انطوى عليه التصور الغربي المتعصب ضد الإسلام ، تلك الحملات الفكرية التي استهدفت فترة ذهبية من فترات الإسلام وهي فترة الفتوحات الإسلامية ،التي يدعي بعض الباحثين الغربيين بأنها لم تكن فتحا حقيقيا بل كانت أشبه بالغزو المنظم والموجه ، ومن الفتوحات الإسلامية التي تعرضت للتشويه تلك التي كانت موجهة لإفريقيا ، حيث يزعم بعض المؤرخين الغربيين والمستشرقين أن أفريقيا أصيبت في تلك المرحلة بما يسمى السرطان الإسلامي الذي ظهر في أرضها وامتد في خلالها حتى استولى على حضارتها السابقة السامقة.
إن تصوير الفتوحات الإسلامية في أفريقيا بأنها عملية غزو منظم وأنها مظهر من مظاهر الاستغلال الديني تصوير لا وجود له إلا في الخيال الخصيب لبعض المفكرين الغربيين ،لأن الحقائق التاريخية تفند هذا جملة وتفصيلا ، فإذا كان ديدن هؤلاء المفكرين أن يتخذوا من الفتوحات الإسلامية في أفريقيا مادة للطعن في الإسلام فإن هذا يحتم على الباحثين المسلمين أن يبينوا تهافتهم ويبينوا في المقابل الصورة المشرقة للفتح الإسلامي سوآء في أفريقيا أو في غيرها على أساس أن هدي الإسلام في فتوحاته واحد لا يختلف، وهو عرض الإسلام لا فرضه بالقوة كما يدعي بعض الغربيين الذين لم يتحرروا من سطوة موروثهم الديني والفكري وما يحملونه للإسلام من صورة قاتمة لا تعبربأي حال من الأحوال عن حقيقته وطبيعته.
ولا يختلف الفتح الإسلامي للشمال الأفريقي من حيث أخلاقياته وأدبياته عن الفتح الإسلامي لأفريقيا وعن الفتح الإسلامي عموما .
لقد قسمت موضوع الفتح الإسلامي السلمي لأفريقيا والشمال الأفريقي إلى أربعة أقسام حيث تناولت في القسم الأول التعريف بالموقع الجغرافي والخصائص الطبيعية والاجتماعية والدينية للشمال الأفريقي، وخصصت القسم الثاني للحديث عن الصبغة الحربية للفتح الإسلامي في الشمال الأفريقي حسب الرؤية الغربية والاستشراقية ، وجعلت القسم الثاني للحديث عن الفتح الإسلامي السلمي للشمال الأفريقي .
1-الشمال الأفريقي : الموقع الجغرافي
والخصائص الطبيعية والاجتماعية والدينية
"يعنى بشمال أفريقيا المنطقة المربعة الشكل من الأراضي المرتفعة الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط في الشمال والصحراء الكبرى في الجنوب وخليجي سرت شرقا والمحيط الأطلسي غربا وطرابلس وبرقة وواحة سيوة ،وكذلك كل الصحراء الكبرى في الجنوب([1]). وشمال أفريقيا هي "المنطقة التي كان سكانها الأقدمون- وهم البربر- يتكلمون ولا يزالون يتكلمون في بعض النواحي هنا وهناك لغة مشتركة ذات لهجات عديدة يطلق عليها اليوم اسم اللغة البربرية ، وهذه المنطقة أو بعض أجزائها هي التي كان اليونان يطلقون غليها اسم ليبيا و"تمتد من مصر إلى المحيط الأطلسي وكان للرومان فيها ولايات أفريقية ونوميديا وموريتانيا([2]).
لقد كانت منطقة الشمال الأفريقي تسمى في الاستعمال العربي القديم جزيرة المغرب أو المغرب أي بلاد الغرب ، وللشمال الأفريقي كما يذكر المؤرخون خصائص طبيعية واجتماعية ودينية تميزها عن غيرها من بلاد الدنيا ، ويمكن تلخيصها على النحو الآتي :
أولا : الخصائص الطبيعية
1-تتميز منطقة الشمال الأفريقي بانعزالها عن بقية العالم بموقعها –الذي تزيده عزلة سواحلها الوعرة- يضاف إلى ذلك انقسامها بحواجز داخلية ناشئة عن ترتيب خاص للمرتفعات وسلاسل الجبال مما يجعل المواصلات صعبة من الشمال إلى الجنوب وفي أحيان كثيرة من الشرق إلى الغرب أيضا. ([3]).
2- افتقار الشمال الأفريقي إلى الوحدة الجغرافية وإلى توزيع معقول لمختلف المناطق حول مركز اجتذاب ، وانعدام مجاري المياه الكبرى القابلة للملاحة فكل هذه الخصائص الطبيعية جعلت العلاقات بين السكان في الشمال الأفريقي صعبة وأسهمت في تجزئة المنطقة وتجزئة السلطة السياسية والإدارية ([4]).
ثانيا : الخصائص الاجتماعية
أهم ما يميز منطقة الشمال الأفريقي من الناحية الاجتماعية –وذلك بحسب الدراسات الاجتماعية القديمة والحديثة – ، هو أن العزلة الطبيعية التي أشرت إليها أسهمت في حدوث العزلة الاجتماعية وافتقاد التواصل بين التجمعات السكانية المختلفة، بل إن الظروف الطبيعية الصعبة التي يعيشها سكان الشمال الأفريقي أسهمت في نشوب صراعات اجتماعية كثيرة ومن الغريب أن آثار هذا الصراع ما زالت قائمة إلى اليوم رغم ضعف حدتها في العصر الحديث بفضل مشاريع الإنماء المخنلفة التي انطلقت في الشمال الأفريقي، إذ مسته في ذلك بعض آثار الثورة الاقتصادية العالمية التي اجتاحت العالم ولو بنسبة قليلة غير كافية مقارنة بالعالم المتمدن.
ثالثا : الخصائص الدينية.
إنّ التنافر الطبيعي والتنافر الاجتماعي في الشمال الأفريقي أوجدا تنافرا من قبيل آخر وهو التناف الديني ، ولقد عمل الإسلام على امتداد وجوده في الشمال الأفريقي على توحيد شعوب هذه المنطقة ، وهي حقيقة تاريخية لا مناص من الاعتراف بها ، يقول ألفرد بل :"…والإسلام نفسه – الذي ربما كان على طول التطور التاريخي لهذه البلاد- أهم عامل في توحيد شعوب الشمال الأفريقي وذلك بتقديمه لهم عقيدة دينية مشتركة وتشريعا مدنيا واحدا لم يستطع رغم ذلك أن يصب كل جماعاتهم في كتلة متجانسة ، ولا يزال يحدث حتى اليوم أن تنبذ بعض الجماعات البربرية المسلمة الشريعة الإسلامية المدنية وتحتفظ بقانونها العرفي القديم وغالبية هؤلاء البربر أضافوا
في ميدان الدين شيئا من الإسلام متفاوت المقدار إلى المعتقدات القديمة والأعراف السحرية الدينية التي ورثوها عن أجدادهم البعيدين([5]).
إن كلام( ألفرد بل) عن الإسلام من حيث هو عامل توحيد لشعوب الشمال الأفريقي ،قد تخلله كثير من الدس والغلو الفكري والديني ، الناتج عن قلة اطلاع بطبيعة الشريعة الإسلامية فالإسلام لا يريد إيجاد كتلة بشرية متجانسة وإنما كنلة بشرية متنوعة تتنوع في مذاهبها وميولاتها الفكرية مع الإبقاء على الرباط الجامع والحبل الواصل بينها جميعا، وهي بلا شك عرى الإسلام المتمثلة في أحكامه التشريعية والعقيدية ، ويفهم في هذا السياق من كلام (ألفرد بل) أنه ربما يحمل(بتشديد الميم )الإسلام مسؤولية بغض الارتدادات الدينية التي حدثت في الشمال الأفريقي والتي ترجع حسبه إلى عدم قدرة شريعة الإسلام على احتواء المظاهر الد ينية المتنافرة ،وهذا التصور يعتريه قصور ظاهر ،ذلك أن نبذ بعض الجماعات البربرية كما سماها (ألفرد بل) للشريعة الإسلامية لم يكن بسبب قصور هذه الشريعة ولكن بسبب بعض الإملاءات والوصايات الدينية التي تفرض على سكان الشمال الأفريقي وأفريقيا عموما والتي يتولى كبرها لفيف من المبشرين الذين يبذلون قصارى جهودهم لإبعاد شعوب الشمال الأفريقي عن الإسلام ، وإدخالهم في المسيحية أو إرجاعهم إلى الديانة الوثنية التي كانوا عليها ، وهذا الأمر لم يعد سرا بعد أن أفصح عنه كثير من عتاة ودعاة التبشير في الشمال الأفريقي والذي مثل قطبا فكريا ودينيا أساسيا في قرارات مؤتمر كولورادو عام1978للميلاد.
2-الصبغة الحربية للفتح الإسلامي للشمال
الأفريقي حسب الرؤية الغربية والاستشراقية
لا أجد بدا في البداية من الإشارة إلى أن (ألفرد بل)- و فكره نموذج للرؤية الغربية- قد رجع في الحديث عن الفتح الإسلامي للشمال الأفريقي إلى بعض المؤلفات الإسلامية كما ذكر ذلك في الفصل المتعلق بالفتح العربي وقيام الإسلام السني في شمال أفريقيا من كتابه "الفرق الإسلامية في الشمال الأفريقي" ،ومن هذه المؤلفات التي استقى منها مادته التاريخية عن عملية الفتح في الشمال الأفريقي :
-ابن الأثير ، "الكامل في التاريخ "وقد نشره نورنبرج وهو بلا شك واحد من المستشرقين الذين يتميز فكره التاريخي عن المنطقة العربية والإسلامية برمتها بإسقاطات تاريخية وفكرية تزيد من احتمال التأويل السيء لكثير من الحوادث والقضايا الدينية والاجتماعية ، التي حدثت في الشمال الأفريقي .
-الإدريسي ،نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، وقد ترجمه جوبيرGAUBERT إلى الفرنسية وقد صدر بباريس في مجلدين سنة 1836-1840للميلاد ونشر النص وترجمه فيما يتعلق بإفريقية والأندلس المستشرق دوزي ودي خويه ليدن عام 1866.
-ابن خلدون ، "كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر …"،وغير هذه المؤلفات كثير ،غير أن اللافت للنظر أن (ألفرد بل) قد تعامل مع هذه المصادر أو اغترف منها، انطلاقاً من قناعاته الفكرية والدينية وأنّه عوّل في ذلك على آراء كثير من المستشرقين، وهذه النظرة الاستشراقية التي لا تخلو من تحيّز واضح للغرب والفكر الغربي، هي التي تجعلنا نتعامل مع قاله (ألفرد بل )بكثير من الحذر، لأنّ تاريخ الإسلام في أفريقيا أو الشمال الأفريقي قد تعرض- كغيره من التاريخ الإسلامي- إلى التّشويه الذي مارسته كثير من المؤسسات الاستشراقية، وقد ظهرت آثار ذلك من حديث (ألفرد بل) عن المصادر الإسلامية التي تناولت الشمال الأفريقي وذلك في تصديره لحديثه عن الفتح العربي للشّمال الأفريقي. ولكن رغم هذا الإفراغ الفكري الغربي عند (ألفرد بل) عند حديثه عن الفتح الإسلامي للشّمال الأفريقي ،إلاّ أن ذلك لم يمنعه من الاعتراف ببعض الحقائق التاريخية التي ارتبطت تاريخياً بالوجود الإسلامي في القرن الأفريقي، وفي ذلك يقول:" جاء النبي محمد المتوفى في المدينة سنة 633 للميلاد بدين جديد هو الإسلام وشريعة جمع عليها أمّة المؤمنين من بدو وحضر في الجزيرة العربية، في ظلّ التزامات دينية ومدنية واحدة وتولّى النّبي تدبير أمورها، ولمّا قُبض ترك لخلفائه مهمّة رعاية الدولة الإسلامية الفتية، وضمّ شعوب جديدة إلى الإسلام، وزيادة رفعتها ببلاد جديدة.
ومنذ ابتداء عهد الخلفاء الأوائل، قامت الجيوش العربية الإسلامية بفتح البلاد المجاورة لجزيرة العرب وتمّ لها النّصر بسرعة مدهشة"([6]).
ويعدّد (ألفرد بل) أسباب نجاح العرب في الشمال الأفريقي فيذكر منها:
1- تنظيم الجماعات العربية البدوية الفقيرة تحت لواء الإسلام نظاماً وشريعة ممّا جعل منها قوّة حربية متماسكة.
2- الضعف السياسي والحربي والاجتماعي الذي أصاب الدول المجاورة للجزيرة العربية، ونعني بها الأمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، التي أنهكت كل منهما الأخرى بالحروب فيما بينهما حتى بداية القرن السابع الميلادي.
ويعلّق( ألفرد بل) على هذه الأسباب فيقول:"… وهذه الأسباب عينها[ هي التي أدّت إلى انتصار العرب في الشمال الأفريقي الخاضع لبيزنطة وكان من الناحيتين السياسية والعسكرية ضعيفاً ضعف سوريا وفارس في نفس العصر([7]).
ويحمل كلام( ألفرد بل) عن الفتح الإسلامي للشّمال الأفريقي -والذّي سمّاه غزواً للعرب للبلاد المجاورة -كثيراً من المغالطات التاريخية، ومنها أنّه يعتقد أنّ موازين الحرب من قوّة أو ضعف هي التي عجّلت بانتصار إسلامي في أفريقيا،بمعنى أنّ الإسلام حسب زعمه قد استغلّ ضعف الأمبراطوريات القائمة أنذاك ليمرّر رسالته، وهذا ليس صحيحاً لأنّ الفتح الإسلامي لم يتعامل بمنطق الحرب، وإنّما تعامل مع الشعوب والدول بمنطق الحرّية الإنسانية، وتخليص الإنسان من الوثنية بطريقة سلمية ليس فيها شيء من العنف أو التعسّف.
وما يفنّدكلام( ألفرد بل )هو أنّ الإسلام دخل مناطق كثيرة من الشمال الأفريقي، ولم تكن هذه المناطق مناطق نزاع عشائري أو سياسي، وإنّما كان انقيادها للإسلام انقياداً نابعاً من قناعتها بإنسانية الدين الوافد؛ هذه الحقائق غابت عن ذهن (ألفرد بل)، رغم أنّه قد اعترف بأنّه قد استعان في ذلك -أي في الحديث عن مرحلة الفتح الإسلامي- بماكتبه ابن خلدون([8]). وهو عمدة المؤرخين العرب المحدثين، ويفهم مما ذكره في المقدمة أن الفتوحات الإسلامية لم يكن هدفها فرض الإسلام ببالقوة سوآء في الشّمال الأفريقي أو في غيره من بقاع الدنيا وفي هذا السياق يقول شوقي أبو خليل([9]). إنّ الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم- لأنّ حرّية الاعتقاد مصانة- أو المساس الجائر بأموالهم وأعراضهم ودمائهم وهذا الرّأي يفنّد ماذهب إليه (كارل يركلمان)([10]). من أنّ الإسلام انتشر بالسّيف حيث يقول:" يتحتّم على المسلم أن يعلن العداوة على غير المسلمين حيث وجدهم لأنّ محاربة غير المسلمين واجب ديني" وتلتقي نظرة فردريك موريس([11]). في إبراز الجانب العدواني للإسلام- حسب زعمه- مع نظرة(بروكلمان) حيث يقول:" من الثابت أنّ الإسلام لم يكن يصادف نجاحاً إلاّ عندما كان يهدف إلى الغزو".
ويُرجع كل من ميور وكيتاني ازدياد عدد المؤمنين إلى الانتصارات العسكرية وإكراه النّاس على الدّعوة الموجودة في تعاليم الإسلام([12]).
وعلى العموم فإنّ هناك اتهامات للإسلام بالتّعصب في أثناء فتوحاته في الشرق والغرب حيث أنّ الفكرة الجامعة في الفكر الغربي والاستشراقي أنّ سيف الإسلام أخضع شعوب أفريقية وآسيا شعباً بعد شعب"([13]). ويعطي المنسنيور كولي صورة قاتمة ومروعة عن الإسلام حيث يؤكد أن فتوحاته كانت غزواً صاحبته كثيرمن مظاهر الاستيلاب والاغتصاب، حيث يقول:" في القرن السابع للميلاد برز في الشرق عدّو جديد، ذلك هو الإسلام الذي أسّس على القوّة، وقام على أشدّ أنواع التّعصّب، لقد وضع محمد السّيف في أيدي الذّين اتبعوه وتساهل في أقدس قوانين الأخلاق ثمّ سمح لأتباعه بالفجور والسّلب ووعد الذّين يهلكون في القتال بالاستمتاع الدائم بالملّذات([14]).
ويلتقي غيومان ولوستير مع كولي في ادّعاء الطابع الحربي للإسلام حيث يقول:" إنّ هؤلاء العرب قد فرضوا دينهم بالقوّة وقالوا للناس أسلموا أو موتوا بينما أتباع المسيح ربحوا النّفوس ببرّهم وإحسانهم"([15]).
4- الفتح الإسلامي السّلمي للشمال الأفريقي
لقد كان الفتح الإسلامي لبلاد الشام والأندلسن والسّند وبلاد ماورآء النهر، فتحاً سلمياً وحتى قبل الفتح ويقدم توماس أرنولد([16]). شهادة تاريخية حيّة عن روح التّسامح التي صبغت الفتح الإسلامي لبعض بلاد الشمال الأفريقي حيث يقول:" ولم يضع عمرو بن العاص يده على شيء من ممتلكات الكنائس ولم يرتكب عملا من أعمال السّلب والنهب، وليس هناك شاهد من الشواهد يدل على أنّ ارتدادهم عن دينهم القديم ودخولهم في الإسلام على نطاق واسع راجع إلى الاضطهاد، أو ضغط يقوم على عدم التسامح من جانب حكامهم المدنيين بل لقد تحوّل كثير من هؤلاء القبط إلى الإسلام قبل أن يتم الفتح.
إنّ الفاتحين المسلمين الذّين فتحوا الشمال الأفريقي كانت تجمعهم مع الفاتحين المسلمين الأوائل الذين فتحوا الأندلس، أصولاً واحدة في التعامل مع غير المسلمين ويؤكد مصطفى الشكعة هذه الحقيقة فيقول:" ذهب كثير من المستشرقين المعنيين بتاريخ المسلمين في الأندلس إلى اختراع الأخبار للإساءة إلى أعلام المسلمين من قادة وفاتحين ،وتمادوا في ذلك إلى المدى الذي جعلهم يهاجمون كل مايتصل بالإسلام والمسلمين و تجمع كتب التاريخ على أنّ القائد الفاتح موسى بن نصير ومساعده القائد طارق بن زياد لم يعمدا في فتوحاتهما إلى مايتنافى مع أخلاقيات الحروب، فمتى استسلمت مدينة ماكان الأمان بكل معانيه ومبادئه يطبق عليها، فإذا ما قاومت عمد القائد الفاتح إلى الوسائل الحربية المشروعة حتى ينال النّصر، ومن المعروف أنّ المدن والحصون كانت تتهاوى تحت سنابك الخيول الإسلامية، وحتى تلك التي فتحت بحدّ السّيف كانت لا تلبث أن تعامل طبقاً للأخلاقيات الإسلامية"([17]).
ويبدو واضحاً من كلام مصطفى الشكعة الرّبط بين منطقة الأندلس ومنطقة المغرب والشمال الأفريقي، من حيث أنّهما في -مرحلة الفتوحات الإسلامية-كانتا تحتكمان إلى قاعدة أخلاقية واحدة، وهي إشاعة السّلم وعدم مجاراة منطق الحرب، وهو مايفنّد زعم كثير من المستشرقين الذّين عمدوا إلى اختراع الأخبار لتزييف مرحلة الفتح الإسلامي ،ولأنّ الفتح الإسلامي للشمال الأفريقي قد ترك آثاراً اجتماعية وسياسية ودينية كثيرة، فإنّ الإستعمار الغربي أراد ان يمحو هذه الآثار وذلك عن طريق الحملات الاستعمارية المركزة التي جعلت الشمال الأفريقي هدفاً أساسياً للغرب،وهي حقيقة يشير إليها شوقي الجمل وعبد الله إبراهيم([18]).إشارات واضحة في سياق حديثهما عن تاريخ أفريقيا؛ فالاستعمار الأوربي كما ذكرا كان ردّة فعل وحركة غربية مضادة للفتح الإسلامي، الذي امتدّ إلى أفريقيا من خلال بوابته الشمال الأفريقي.
ولقد تحدّث نجيب زبيب عن الفتح العربي الإسلامي في شمال أفريقيا وعن أخلاق الفاتحينن وأدبيات الفتح التي أرست قاعدة أخلاقية لم تكن موجودة قبل الفتح الإسلامي في ظلّ الأمبراطوريات المتعاقبة، يقول نجيب زبيب:" لقد حكم الرّومان من غربيين وشرقيين بلدان شمال أفريقيا حكماً تعسفياً ظالماً واستغلوا المناطق التي سيطروا عليها أبشع استغلال ولم ينقلوا إلى تلك المناطق أية حضارة أو ثقافة، لأنّهم كانوا يحتلون مدناً كانت قد ازدهرت فيها الحضارة منذ قرون طويلة،… وكان الحكم الرّوماني قائماً على السّلب والنهب والتمادي في جمع الضرائب ومصادرة المنتوجات الزراعية والصناعية بالإضافة إلى الضرائب الخاصة والباهضة التي كانت تفرض على التجار وأرباب السّفن، ولما طردوا من البلاد لم يشعر أحد بأسف لفقدانهم كما أنّهم لم يتركوا فراغاً في شمال أفريقيا ومصر كان لابدّ من ملئه بقوّات رومانية بعد رحيل تلك القوّات وبقيت البلاد لأهلها وأبنائها الذّين كان لزاماً عليهم أن يستعدّوا للذود عن بلادهم ضد العرب الفاتحين الجدد الذّين جاؤوا من الشرق بدين جديد ومعتقدات جديدة وتقاليد خلقية وأدبية جديدة مستمدة من كتاب الله تعالى الذين يحفظونه في صدورهم([19]).
ويذكر نجيب زبيب أنّ الفاتحين العرب في الشمال الأفريقي قد بدّدوا مخاوف الأفارقة سكان البلاد الأصليين ،لأنّهم لم يقوموا إلا بنشر دين التوحيد والدّعوة إلى الوحدة بين أبنائه رغم الاختلافات القائمة بينهم والتي تصل في أغلب الأحيان إلى حدّ الافتتان(أي حدوث الفتنة العارمة) والاقتتال، وفي ذلك يقول نجيب زبيب:"… تفرّد الحكم الإسلامي العربي في المغرب الأقصى وفي المغرب الأوسط وفي تونس وليبيبا بأنّه كان يشكّل حلقة تامة قائمة بذاتها فصلت بين ماضي تلك البلاد ومستقبلها،لذلك كان العهد العربي خاتمة لعهود الظلم والطغيان الرّومانية والوندالية والبيزنطية، وقد استهلّه الفاتحون الجدد بنشر دين التوحيد الداعي إلى عبادة الله الواحد الأوحد وإلى تآخي المسلمين من العرب وغير العرب من سكان شمال أفريقيا وايبيرية عملاً بما جاء في القرآن الكريم:" إنّما المؤمنون إخوة"([20]). وإلى نبذ التفاخر بالعنصرية والأنساب كما يقول الرّسول صلى الله عليه وسلم:" لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى"([21]). فقضى بقوّة الإيمان على العنصرية والقبلية وساوى بين جميع الطبقات فلاقناصل سيوفهم مصلتة فوق الرّقاب تجتاح البشر والحجر وتصادر الحرث والنسل ولا أباطرة يهدمون المدن ويبيعون سكانها الأحرار في أسواق العبيد الرّومانية وسادت الشورى مستضيئة بآيات الله وبيناته وقاومت الاجتهادات الشرعية لتحلّ محلّ التسلط والعبودية.
ويؤكّد نجيب زبيب أنّ المنطق السّلمي الذي جاء به الفاتحون للشمال الأفريقي كان أخلاقا توارثوها وتلقّوها في معاقلهم الأولى قبل مجيئهم إلى هذه الأقطار فيقول:"… وكان أولئك القادة المجاهدون قد شهدوا المعارك الكبرى في المشرق قبل مجيئهم لنشر عقيدة الإسلام في المغرب فتأدّبوا بآداب الحرب وإذا كانوا قد نالوا حظاًّ وافياً من المثاليات والخبرة في فنون القتال والكرّ والمراوغة إلاّ أنّهم مع ذلك كانوا لا يكفون عن استشارة أصحابهم المعمرين أو الشّبان الأذكياء من ذوي الخبرة والعبقرية في الفنون الحربية([22]).
إنّ القادة الفاتحين الذّين فتحوا الشمال الأفريقي كانوا يتمتعون بأخلاق عالية أخذوها عن الرّعيل الأوّل أو السّلف الأوّل وهو ماجعلهم قادة مسالمين إلى أبعد الحدود، يقول نجيب زبيب:"… هؤلاء القادة الذين زحفوا على المغرب الأدنى ليبيا والأوسط (تونس) والجزائر والمغرب الأقصى (مراكش)، كانوا من أبناء الأجلّة والصحابة التابعين الذّين فتحوا سوريا والعراق و بلاد فارس ومصر في عهدي الخليفتين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب من أمثال خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح والمثنى بن حارثة الشيباني وسعد بن أبي وقاص، وشرحبيل بن حسنة والمقداد بن الأسود وعمرو بن العاص وغيرهم([23]).
ويحكي نجيب زبيب نقلاً عن المصادر التاريخية أنّ عقبة بن نافع قائد حملة الفتح الأولى كان ملتزماً في فتحه للشمال الأفريقي بأخلاقيات وأدبيات الإسلام، حيث يقول:"… وسار عقبة بن نافع على رأس جيش التحرير مستجيباً لدعوة سكان برقة وليس غازياً كما زعم المؤرخون الأوربيون ومن نقل عنهم من العرب المستكتبين فدخل برقة سلماً وباستقبال حافل، وترحيب مشهود وعمل سكان برقة ما بوسعهم على تذليل العقبات أمام جيشه فحرّر عقبة المناطق السّاحلية ثمّ انطلق لتحرير الواحات الداخلية، وقد وضع نصب عينيه تحرير تونس- أو المغرب الأوسط -بعد فراغه من تحرير الواحات([24]).
ويضيف نجيب زبيب عن حملة الفتح الأولى بقيادة عقبة بن نافع:"… وكانت تعليمات الخليفة عمر(رضي الله عنه) التي أرسلها لعمرو بن العاص تقضي باستشارته قبل أن يهمّ بفتح جديد، فلمّا أرسل إليه يستشيره في ذلك طلب منه التريث والتفرغ لنشر الإسلام فيما حوله، حتى تثبت دعائم الإسلام وتستقر بين سكان برقة وقبائل الواحات فاكتفى عمر بما وصل إليه وألحق برقة من الوجهة الإدارية بمصر كولاية إسلامية وأقام عقبة بن نافع في برقة يدير شؤون البلاد ويشرف عليها([25]).
ولم تختلف الحملة الثانية لفتح أفريقيا بقيادة عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن الحملة الأولى بقيادة عقبة بن نافع من حيث القواعد الأخلاقية التّي قامت عليها،[ فقد كانت أفريقيا في ذلك الوقت خاضعة للبيزنطيين شكلاً ويتولى زعامتها البطريق غريغوار جرجير وكان قائداً طموحاً اغتنم فرصة الخلافات الناشبة بين الكنيسة والأمبراطورية فانفصل عن الأمبراطورية البيزنطية معلناً استقلاله في أفريقيا وقد جهز جيشاً قيل إنّ تعداده بلغ 120 ألف جندي… وحاول أن يتصدى به جيش المسلمين الذي كان بقيادة ابن أبي سرح تسانده قوات عقبة بن نافع المرابطة في برقة…وكان النّصر للمسلمين وهزم جيش العدو وقتل البطريق غريغوار في هذه المعركة…وبعد الهزيمة التي حاقت بهم اعتنق العديد من سكان أفريقيا بما فيهم القبائل الدين الإسلامي حباًّ وطوعاً وعمت فرحة النصر أرجاء البلاد العربية في مشرقها ومغربها، وراح المجاهدون الأبطال يطالبون بتحرير المزيد من الأراضي ونشر الإسلام فيها وبعد أن رأو مناصرة المغاربة لهم بهذا الشكل المذهل([26]). وهكذا توالت الفتوحات في أفريقيا والشمال الأفريقي بنفس القواعد الإنسانية والأخلاقية التي تنكّر لها كثير من المفكرين والمؤرخين الغربيين المجحفيين ،رغم أنّ مصادر التاريخ تثبت هذا قطعاً لا ظناَّ ، إنّ هذه الأخلاق هي التي جعلت الفاتحين المسلمين في الشمال الأفريقي يجدون قبولاً عاماً لدى القبائل والأهالي، يقول نجيب زبيب:"… هذه القضايا الأخلاقية جعلتهم أقرب إلى قلوب سكان البلاد من الرّومان والبيزنطيين الذّين كانوا يستعبدون الشعوب ويطلقون عليهم اسم "الأرقاء" كما كانو يطلقون على ملوك المغاربة لقب" الملوك الأرقاء" ويبيعونهم إذا ثاروا في أسواق العبيد([27]).
ويقول عصام الدين عبد الرؤوف الفقي في سياق حديثه عن فتوح المسلمين في شمال أفريقيا..إنّ سعد بن أبي سرح أذن له عثمان بن عفان بعد أن ولي الخلافة بغزو بلاد أفريقية، فاشتبك مع أهلها في عدّة معارك ثمّ تمكّن بفضل الحملة التي قدمت إليه بقيادة عبد الله بن الزبير من التّغلب عليهم([28]). وفي كلام عصام الذّين عبد الرؤوف الفقي كثير من الدّس واللّبس، ذلك أنّه كما يبدو كان يجاري النظرة الاستشراقية القائلة بأنّ الوجود الإسلامي في أفريقيا كما في غيرها كان غزواً ولم يكن فتحاً وهو مايؤكده في العبارة التي نقلتها عنه، ولا يقف عند هذا الحدّ بل يسترسل، ويذكر أنّ المنطلق الثوري الذّي تعاملت به القبائل الأفريقية دليل عند كثير من المؤرخين على أنّ الفاتحين المسلمين تعاملوا بمنطق الغزو لا بمنطق الفتح، رغم أنّه يذكر في مواضع أخرى، أنّ هناك قبائل أفريقية كثيرة اعتنقت الإسلام طوعاً لا كرهاً وفي ذلك يقول عبد الرؤوف الفقي:"… وعلى الرغم من أنّ العرب استولوا على بعض بلاد شمال أفريقيا، فإنّ نفوذهم لم يتمكّن فيها، فكثيراً ماكان البربر يثورون عليهم كلّما سنحت لهم الفرصة، وظلّ الحال على ذلك إلى أن آلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان فأرسل سنة50 هـ إلى عقبة بن نافع الفهري الذي كان مقيماً ببرقة عشرة آلاف جندي ليوطد سلطان العرب بالمغرب ففتح أفريقية وأسلم على يده كثير من البربر ثم وقع اختياره على موضع القيراوان (جنوب تونس) ليقيم بها جند المسلمين وأهلهم فوضع أساس هذه المدينة وبنى بها المسلمون دار الإمارة والمسجد الجامع([29]) .يقول محمد محمد الصّلابي عن الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا وعن دواعي هذا الفتح فيقول:"… كان حال الشمال الأفريقي قبل الفتح يلفظ آخر أنفاسه السّياسية والعسكرية والدينية والاجتماعية فبعد دخول القائد جستنيان قرطاجنة واستسلام آخر ملوك الوندال جليمر أخذت الدولة في انحدار سريع وتساقط غريب حيث كانت الإدارة المدنية فيها في غاية من الفساد كما أنّ الاضطهاد الدّيني والاستغلال المالي وفوضى الجيش أصبحت تنذر الأمبراطورية بأخطار عظيمة… هذه هي حالة المسيحية في الشمال الأفريقي قبل ظهور الإسلام، مذاهب منشقة وفساد إداري وعدم انتظامه، وإشاعة الرشوة وتسلط الرّومان، وانقسامات البربر وفساد العدالة الاجتماعية والظلم والجور، ممّا كان مهداً خصيبا لانتشار الإسلام وقبوله كدين فيه خير الدنيا والآخرة([30]). ويتحدث الصّلابي عن فتح ليبيا وكيف أن أهلها قبلوا الوجود الإسلامي طوعاً، فيقول:" لقد سبق الفتح الإسلامي لليبيا إرهاصات وأحداث وقضايا سياسية، ونزاعات عرقية… التي كان لها أثر بالغ في تغيير مجريات الأحداث السياسية والدّينية في المنطقة، وتمهيداً لتهيئة نفوس أهالي ليبيا لقبول الفتح الإسلامي، حيث أنهم كانت قد بلغتهم أخبار فتح المسلمين لبلاد الشام ومصر فتطلعوا إلى الخلاص على أيدي المسلمين من أولئك البيزنطيين وحكمهم الجائر التّعسّفي، لذلك حاول نفر من أهالي ليبيا التمرد على نظام الإمبراطورية البيزنطية والخروج إلى ناحية مصر حتى يلتقوا بقائد الجيوش المسلمة عمرو بن العاص- رضي الله عنه- وكان يومئذ حاكم مصر، وما أن وصل هؤلاء النفر حتى أعلنوا إسلامهم، ودخلوا في دين الله سبحانه،وأعطوا ولاءهم لقيادة المسلمين بقيادة عمرو بن العاص، نيابة عن خليفة المسلمين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-([31]).
ويؤكد ليفي بروفنسال([32]). الطابع السّلمي للفتح الإسلامي لأفريقيا والشمال الأفريقي، وذلك بطريقة موضوعية تراعي الحقائق التاريخية المخالفة لطريقة كثير من المستشرقين وهناك بعض المصادر التاريخية التي تحاول تشويه الفتح الإسلامي لأفريقيا والشمال الأفريقي ، ومن ذلك ما ذكر السيد عبد العزيز سالم([33]).في كتابه: تاريخ المغرب الكبير حيث يروي في ذلك رواية لابن عذارى نقلها عن إبراهيم بن القاسم يقول:" ووصل عقبة بن نافع الفهري إلى أفريقية في عشرة آلاف من المسلمين ففتحها، ودخلها ووضع السّيف في أهلها فأفنى من بها من النصارى ثمّ قال:" إنّ أفريقيا إذا دخلها إمام أجابوه إلى الإسلام، فإذا خرج منها رجع من كان أجاب منهم لدين الله إلى الكفر، فأرى لكم يامعشر المسلمين أن تتخذوا بها مدينة تكون عزّاً للإسلام إلى آخر الدهر".

خـاتـمـة:
والآن وقد وصلت إلى الخاتمة فلا بدّ من تسجيل النتائج الآتية:
1- إن هناك حلقةوصل بين الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام والأندلس وأفريقيا وغيرها،وخاصة من حيث القواعد الاخلاقية التّي سارت على هديهما هذه الفتوحات ،وهو مايفنّد مزاعم الغربيين والمستشرقيين من أنّ الفتوحات لم تكن تحكمها أداة أو قاعدة أخلاقية واحدة، ممّا يعني عندهم تكييف الفتوحات حسب بيئتهاوالأهل الموجّهة إليهم.
– إنّ الفتح الإسلامي لأفريقيا والشمال الأفريقي كان فتحاً سلمياً، لأنّ الفاتحين لم يمعنوا في إبراز المظاهر الحربية بمجرد أن تتحقق الغاية،وهو ما حصل في مناطق كثيرة من الشمال الأفريقي.
3-لقد لعب الفتح الإسلامي لشمال أفريقيا دوراً كبيراً في زيادة توحد هذه المنطقة من الناحية الدينية والسياسية والاجتماعية، قبل أن تدب إليها الفرقة والمنازعات الدينية والعرقية والسياسية في العصور الحديثة.

[1]ـ ألفرد بل، الفرق الإسلامية في الشمال الأفريقي من الفتح العربي حتى اليوم، ترجمة عبد الرحمن بدوي، دار الغرب الإسلامي، بيروت ط1، 1996 ص 38
[2]ـ المصدر نفسه، ص 38-39.
[3]ـألفرد بل ، المرجع السابق ،ص39 وما بعدها.
[4]ـالمصدر نفسه ، ص39 وما بعدها.
[5]ـ ألفرد بل، المرجع السابق ،ص 42.
[6]ـ ألفرد بل المرجع السابق ص 75.
[7]ـ ألفرد بل المرجع السابق ص 76.
[8]ـ انظر تاريخ ابن خلدون، 1959 ط بيروت ج6، ص214، إلى301.
[9]ـ شوقي أبو خليل، التسامح في الإسلام (المبدأ و التطبيق) ط2، دمشق دار الفكر 1998،ص 50.
[10]ـ كارل بروكلمان، تاريخ الشعوب الإسلامية، دار العلم للملايين، بيروت،ط4،1965، ص78.
[11]ـThe religions Of The World Cambridge ED 1852, P28.
[12]ـ توماس أرنولد، الدعوة إلى الإسلام مكتبة النهضة المصرية ط2، 1957، ص469.
[13]ـ انظر :خالدي وفروخ: التبشير و الاستعمار، منشورات المكتبة العصرية صيدا، بيروت 1986، ص41.
[14]ـ المنسنيور كولي: البحث عن الدين الحقيقي ، ص220.
[15]ـ غيومان ولوستير: تاريخ فرنسة (بدون تاريخ ومعلومات نشر)، ص 80-82.
[16]ـ توماس أرنولد، المرجع السابق، ص92.

[17]ـ مصطفى الشكعة: المغرب والأندلس آفاق إسلامية وحضارة إنسانية ومباحث أدبية دار الكتاب المصري ط1، 1987، ص 58.
[18]ـ شوقي الجمل وعبد الله إبراهيم،تاريخ أفريقيا نشر وتوزيع دار الثقافة ،الدوحة، ط1، 1987م، ص56 وما بعدها.

[19]ـ نجيب زبيب الموسوعة العامة لتاريخ المغرب والاندلس، دار الأمير للثقافة والعلوم، بيروتط1، 1995، ص9-10.
[20]ـ الحجرات 10 وتمام الآية:" إنّما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون".
[21]ـ من حديث الرّسول( صلى الله عليه وسلم) المروي في الصحاح:" كلكم سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى".
[22]ـ نجيب زبيب ، المرجع السابق، ص 11.
[23]ـ المصدر نفسه، ص 14.
[24]ـ نجيب زبيب: المرجع السابق، ص 16.
[25]ـ المصدر نفسه، ص 16.
[26]ـ نجيب زبيب، المرجع السابق، ص 17-18.
[27]ـ نجيب زبيب، المرجع السابق، ص49.
[28]ـ عصام الدّين عبد الرؤوف الفقي، معالم التاريخ الإسلامي، دار الفكر العربي القاهرة، (بدون ذكر الطبعة والتاريخ)ص 134.
[29]ـ عبد الرؤوف الفقي، المرجع السابق، ص 134-135.
[30]ـ علي محمد محمد الصّلابي، صفحات من تاريخ ليبيا الإسلامي والشمال الأفريقي، دار البيارق الأردن ط1، 1998، ص165-166. وانظر،سعد زغلول عبد الحميد تاريخ المغرب العربي، القاهرة،1965،ص124.
[31]ـ الصّلابي: المرجع السابق، ص 179.
[32]ـ انظر كتاب: الإسلام في المغرب والأندلس لكاتبه ليفي بروقنسال ترجمة السيد محمود عبد العزيز سالم ومحمود صلاح الدين حلمي ومراجعة لطفي عبد البديع، مؤسسة شباب الجامعة، بدون طبعة سنة 1990.
[33]ـ السيد عبد العزيز سالم، تاريخ المغرب الكبير، العصر الإسلامي(دراسة تاريخية وعمرانية وأثرية دار النهضة العربية بيروت 1981، ص 196).

منقول..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

حل جميع انشطة ( تمارين) كتاب التربية الاسلامية لصف العاشر_الامارات للصف العاشر

السلام عليكم

اضغط على الصورة للتحميل:

باسبورد فك الضغط :
uae.ii5ii.com

حل جميع انشطة ( تمارين) كتاب التربية الاسلامية لصف العاشر_الامارات حل جميع انشطة ( تمارين) كتاب التربية الاسلامية لصف العاشر_الامارات حلول كتاب التمارين , حل كتاب دين صف عاشر اول ثانوي الامارات امارات طلاب طلبة فصل الثاني فصل دراسي الثاني ف2

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

طلب : نماذج امتحانات للتربية الاسلامية للصف العاشر

السلام عليكم
نبدأ بلموضوع
مع اني اعرف ان محد برد علي لكن بنحاول
لعل وعسى
ابى نماذج امتحانات للتربية الاسلامية
علشان الامتحانات قربة
بليز

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

ممكن سؤال ؟ مقرر التربية الاسلامية الفصل الثاني من وين لوين ؟ -تعليم الامارات

السلام عليكم

الموضوع يخصص صف حادي عششر مش عاشر
بلغلط حطيت الموضوع اهني


عندي مشكلة
ف كتاب الجزء الأول مكتوب فالمقرر

الفصل الثاني من درس مصادر التشريع إلى سورة الأحزاب (36 – 48 )

ف الجزء الثاني
مكتوب المقرر

من دس سورة الأحزاب (21 – 27 ) إلى الإعجاز العلمي للقرآن الكريم

الحين ماعرفت له !!!

المقرر الصحيح من وين لوين

هم مقسمين فالجزء الاول
كل فصل 11 درس

بس ف كتاب الجزء الثاني طالع غير !؟

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

ملخص التربية الاسلامية الصف العاشر الفصل الثالث -مناهج الامارات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.

تلخيص لـكـتاب التربية الإسلامية

المفرادت :
المعنى :
(ضللنا في الأرض)
(ناكسوا رؤوسهم)
(موقنون)
(ذكروا بها)
(خروا)
(تتجافى جنوبهم عن المضاجع)
(قرة أعين)
(نزلا)
(العذاب الأدنى)
(العذاب الأكبر)
(أعرض)
غبنا عن الأرض
مطرقوا رؤوسهم
مصدقون
وعظوا بها
سقطوا ساجدين
تبتعد أجسامهم عن فرش النوم
ما يسر القلوب و يبهج العيون
منزلا
عذاب الدنيا
عذاب الآخرة
انصرف
معاني المفردات
(مرية)
(أئمة)
(يفصل)
(نسوق)
(الجرز)
شك و ريب
قادة الخير
يقضي
السوق: الحث على السير.
اليابسة التي ليس فيها نبات لانقطاع الأمطار عنها.

( التفسير بالرأي )
التفسير بالرأي :
· هو إعمال العقل و الإجتهاد في تفسير القرآن الكريم
اختلف العلماء في التفسير فكان :
· المذهب الأول : بعدم جواز التفسير بالرأي
· المذهب الثاني : بجواز تفسير بالرأي
استدل المذهب الأول بعدم جواز التفسير على أن :
· إن التفسير بالرأي قول على الله بغير علم لانه يقوم على الظن
· إن الله قد أضاف بيان القرآن الكريم و تفسيره إلى الرسول فقط و ليس لأحد سواه
استدل المذهب الثاني بجواز التفسير على أن :
· لأن التفسير يقوم على الحجة و الدليل و حجتهم في ذلك :
القرآن الكريم : حيث وردت آيات كثيرة تحث على التدبر و إعمال الرأي
عمل الصحابة : حيث ثبت تفسيرهم للقرآن الكريم
التفسير بالرأي اجتهاد , و الاجتهاد جائز , و مأجور
أنواع الرأي في التفسير :
· النوع الاول الرأي المحمود : الذي يستند على العلم و المعرفة و الاستنباط و المقبول بحيث يبذل المفسر جهده
· النوع الثاني الرأي المذموم : الذي ينشأ من الجهل دون علم أو كفاءة
الضوابط العلمية للتفسير بالرأي:
· صحة الاعتقاد , و سلامة القصد .
· الإلمام بجملة من العلوم . [ علم اللغة العربية , و علم أسباب النزول , علم القصص , علم القراءات , علم أصول الفقه , و علم الناسخ و المنسوخ , العلم بسيرة الرسول ]
من المفسرين بالرأي :
· الفخر الرازي [ 544-606 ]
من أهم الكتب في التفسير :
· مفاتيح الغيب للفخر الرازي
· أنوار التنزيل و أسرار التأويل للبيضاوي
· مدارك التنزيل للنسفي
· غرائب القرآن للنيسابوري
· روح المعاني للألسوي .
.
يتبع في المرفق
منقول

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

حل :أثر الحضارة الاسلامية على الافراد و الشعوب في العالم للصف العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مرحبا بالجميع اليوم جبتلكن حل درس اثر الحضارة….الخ بس في اسئلة اعزروني ما حليتا … ممم يلا بتمنى للجميع الاستفادة ..
:
:
صفحة (60)
اقرأ الخريطة…
الدولة مصر:…
القارة:افريقيا ……………كيفية وصول الاسلام:عند الفتح الراشدي في عهد عمر بن الخطاب على يد عمر بن العاص
الدولة اندونيسيا:…
القارة:اسيا………………//…….// …// :عن طريق التجارة والدعاة(الداعية)
الدولة سيدني:…
القارة:استراليا …………..// ……//….// :عبر التجارة والدعاة والهجرة وطلب العلم
الدولة :الولايات:…
القارة:امريكا الشمالية……..//……..// …//:عبر السياحة والتجارة والدعاة والهجرة وطلب العلم
الدولة:البرازيل:…
القارة:امريكا الجنوبية……..// …….// …//://…..// ….// …..//…..//…….//
..
انتهينا …^_^
لا تنسوني من دعائكم …وفقكم الله …^_^

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

مذكرة للتربية الاسلامية -مناهج الامارات

السلام عليكم ..

يبتلكم اليوم مذكره للتربية الاسلامية

في المرفقات

الملفات المرفقة
  • نوع الملف: doc 1.doc‏ (855.5 كيلوبايت, 1553 مشاهدات)

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بحث كامل عن الامام مالك بن انس الامارات التربية الاسلامية للصف الحادي عشر

بحث كامل عن الامام مالك بن انس بحوث تقارير تقرير الامارات المنهج الجديد المناهج الكامل المدارس الغد 2022
________________________________________

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

التقرير بالمرفقات . بشكل مرتب .

باسبورد

uae.ii5ii.com

^_^ التقرير من صنع يدي و صراحة ابدعت
_______________________________________________

[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/amir257/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image001.gif[/IMG]

المقدمة :

بسم الله و الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.و اما بعد :

فقد اخترت البحث عن الإمام مالك رحمه الله لما رأيت فيه من صفات عظيمة و لما قدمه للدين الاسلامي من أعمال كبيرة يشهد له التاريخ الاسلامي .فهو صاحب كتاب الموطا,,و في هذا البحث اخذت من اكثر من مصدر و اكثر من مرجع حتى يكون بحثا كاملا بإذن الله فقط تناولت :

1-نسبه و منصبه
2-نشأته و طلبه للعلم
3-إمام دار الهجرة
4-مواقف من حياته
5-صفاته و تراثه
6-وفاته و آثاره

قال الذهبي رحمه الله تعالى :" هو الإمام العلم شيخ الإسلام " ثمَّ قال :" عظيم الجلالة، كثير الوقار" ثمَّ أورد قول ابن سعد في الطبقات فقال : " كان مالك رحمه الله ثقة، ثبتاً، حجة، فقيهاً، عالماً، ورعاً ".
قال ابن كثير رحمه الله :" أحد الأئمة الأربعة؛ أصحاب المذاهب المتبوعة" ثمَّ قال : "ومناقبه كثيرة جداً، وثناء الأئمة عليه أكثر من أن يحصر في هذا المكان " .
وقال ابن العماد في" شذرات الذهب ": " إمام دار الهجرة " ثمَّ قال
:"شهير الفضل".وقد أورد العلماء قول الشافعي فيه :" إذا جاء الحديث فمالك النجم" وقال :" من أراد الحديث فهو عيال على مالك".

,
واسأل الله التوفيق في كتابة البحث عن هذا الإمام الكبير منبع العلم .

(1)
الموضوع :

نسبهومولده
الامام مالك لا يربطه بالصحابي انس بن مالك الخزرجي سوى صلة الإسلام , هو شيخ الإسلام حجة الأمة إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك ابن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث وهو ذو أصبح بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة وهو حمير الأصغر الحميري ثم الأصبحي المدني حليف بني تيم من قريش فهم حلفاء عثمان أخي طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة. وأمه هي عالية بنت شريك الأزدية وأعمامه هم أبو سهل نافع وأويس والربيع والنضر أولاد أبي عامر.
ولد مالك على الأصح في سنة 93هـ عام موت أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونشأ في صون ورفاهية وتجمل
.
كان مالكطويلا عظيم الهامة أشقر ، أزرق العينين ، عظيم اللحية و كان متصف بحسنالخلق و الرزانة و سرعة الحفظ و الفهم منذ صباه و هو أحد الأئمة الأربعةأصحاب المذاهب المتبعة .
بدأالإمام مالكيطلب العلم صغيرا تحت تأثير البيئة التي نشأفيها و تبعا لتوجيه أمه له ، فقد حكي أنه كان يريد أن يتعلم الغناء فوجهتهأمه إلى طلب العلم .
يقول الإمام مالك : حينما بلغت سن التعليم جاءت عمتي وقالت :اذهب فاكتب (تريدالحديث( .
انطلق يلتمس العلم و حرص على جمعه و تفرغ له ولازم العديد من كبارالعلماء ، لعل أشدهم أثرا في تكوين عقليته العلمية التي عرف بها هوأبو بكر بن عبد الله بن يزيد المعروفبابن هرمز المتوفى سنة148 هـ ،فقد روي عن مالك أنه قال:{{ كنت آتيابن هرمز من بكرة فما أخرج من بيته حتى الليل . }}
و كذلك يعد مالك أكثر و أشهر الفقهاء و المحدثين الذين لازموانافع مولىابن عمر و راويتٌه
يقضي معه اليوم كله من الصباح إلى المساء سبع سنوات أو ثماني ، وكانابن هرمز يجله و يخصه بما لا يخص به غيره لكثرة ملازمته له و لما ربط بينهما من حب و تآلف و وداد .
و أخذ لإمام مالك عن الإمامابن شهاب الزهري و هو أول من دون الحديث و من أشهر شيوخالمدينة المنورة و قد روى عنهالإمام مالكفي موطئه 132 حديثا بعضها مرسل .
كما أخذ عن الإمامجعفر الصادق منآل البيت و أخرج له في موطئه 9 أحاديث منها 5 متصلة مسندة أصلها حديث واحد طويل هو حديث جاير في الحج و الأربعة منقطعة .
و كذلك روى عنهشام بن عروة بن الزبير ،محمد ابن المنكدر ،يحي بن سعيد القطان الأنصاري ،سعيد بن أبي سعيد المقبري، وربيعة بن عبد الرحمن وعبد الله بن المبارك والامامالشافعي و غيرهم ، من اقرانه الاوزاعي والثوري والليث وخلق. وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي والقعني. وقد بلغ عدد شيوخه على ما قيل 300 منالتابعين و 600 من أتباعالتابعين .
(2)
الموطأ
أول كتاب حديث وصل إلينا كاملاً ومرتبًا على أبواب العلم هو موطأ الإماممالكرحمه الله ، وقد وضع الله له القبول في نفوس الناس ، والموطأ من أجل الكتب التي ألفت في عصر الإماممالكوأعمها نفعًا ، وقد فضلهالشافعيعلى كل ما صُنِّف في الحديث إلى وقته ، حيث قال : ماعلى أديم الأرض بعد كتاب الله أصح من موطأمالك .
ولعل الإمام
مالكهو أسبق علماء الحديث في وضع ما عرف بفن الحديث ، فإنه لا يكاد يعرف من سبقه في نقد الرواة والتشدد في الأخذ عن الرواة والعلماء .
وقد جمع الإمام
مالكفي موطئه ما صح عنده من حديث وتفسير وتاريخ ، وذكر أقوال الصحابة والتابعين والأئمة قبله.
درجة الموطأ بين كتب الحديث :
تأتي مرتبة الموطأ بعد الصحيحين صحيحالبخاريوصحيحمسلمفي الصحة في رأي جمهور المحدِّثين .
سبب تأليف الموطأ :
يروى في سبب تأليف الموطأ أنالمنصورلما حج اجتمع بالإماممالكوسمع منه الحديث والفقه وأعجب به ، فطلب منه أن يدون في كتاب ما ثبت عندهصحيحـًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسائل العلم ، وطلب أن يوطئهللناس ، أي يجعله سهل التناول ، فاستجاب الإماممالكلطلبالمنصور، وصنف كتابه العظيم الموطأ .
عناية الإمام مالك بالموطأ :
عني الإماممالكبالموطأ عناية فائقة حتى قالوا : إنه مكث فيه أربعين سنة ينقحه ويهذبه ، وقد أخذه عنهالأوزاعيفي أربعين يومـًا ، فقالمالك : كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يومـًا ، ما أقل ما تفقهون فيه .
قال
مالك : عرضت كتابي هذا على سبعين فقيهـًا من فقهاء المدينة ، فكلهم واطأني عليهفسميته الموطأ ، فقيل لهذا سمي الموطأ ، وقيل إنه سُمي الموطأ ، لأنالمنصورقال له : وطئه للناس أي اجعله سهل التناول والموطأ أي الممهد المنقح .
وقد روى الموطأ عنمالكبغير واسطة أكثر من ألف رجل ، وضرب الناس فيه أكباد الإبل من أقاصي البلاد، منهم الأئمة المبرزون ، ومنهم الفقهاء المجتهدون ، ومنهم الملوكوالأمراءكالرشيدوابنيه .
عدد ما في الموطأ من آثار :
قالأبو بكر الأبهري: جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابةوالتابعين ألف وسبعمائة حديث وعشرون حديثـًا ، المسند منها ستمائة حديث ،والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديثـًا ، والموقوف ستمائة وثلاثة عشرحديثـًا ، ومن قول التابعين مائتان وخمسة وثمانون حديثـًا .
وبعض العلماء يعد أحاديث الموطأ أكثر ، وبعضهم يعدها أقل ، والسبب في ذلك أن رواة الموطأ عن الإمام
مالككثيرون ، ويوجد عند بعضهم ما لا يوجد عند الآخر ، وقد تيسر في عصرنا لعلماء الحديث الإطلاع على النسخ التي تمثل الروايات المختلفة .
وقد جمع الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي ما في النسخ المختلفة ، فبلغت أحاديث الموطأ ( 1852 ) حديثـًا .
وأشهر رواة الموطأ هو
يحيى بن يحيى الليثي ، وإذا أطلق في عصرنا موطأ الإمام مالك فإنما ينصرف لها .

(3)

إمام دار الهجرة

روي عن أبي موسى الأشعري قال [قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج ناس من المشرق والمغرب في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة] ويروى عن ابن عيينة قال كنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار وسالم بن عبد الله وغيرهما ثم أصبحت اليوم أقول إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة.
قال القاضي عياض هذا هو الصحيح عن سفيان رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامه وابن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائيل كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أو يقول وأظنه أو أحسبه أو أراه أو كانوا يرونه.
وذكر أبو المغيرة المخزومي أن معناه ما دام المسلمون يطلبون العلم لا يجدون أعلم من عالم بالمدينة فيكون على هذا سعيد بن المسيب ثم بعده من هو من شيوخ مالك ثم مالك ثم من قام بعده بعلمه وكان أعلم أصحابه.
ولم يكن بالمدينة عالم من بعد التابعين يشبه مالكا في العلم والفقه والجلالة والحفظ فقد كان بها بعد الصحابة مثل سعيد بن المسيب والفقهاء السبعة والقاسم وسالم وعكرمة ونافع وطبقتهم ثم زيد بن أسلم وابن شهاب وأبي الزناد ويحيى بن سعيد وصفوان بن سليم وربيعة بن أبي عبد الرحمن وطبقتهم فلما تفانوا اشتهر ذكر مالك بها وابن أبي ذئب وعبد العزيز بن الماجشون وسليمان بن بلال وفليح بن سليمان وأقرانهم فكان مالك هو المقدم فيهم على الإطلاق والذي تضرب إليه آباط الإبل من الآفاق رحمه الله تعالى.
قال أبو عبد الله الحاكم ما ضربت أكباد الإبل من النواحي إلى أحد من علماء المدينة دون مالك واعترفوا له وروت الأئمة عنه ممن كان أقدم منه سنا كالليث عالم أهل مصر والمغرب والأوزاعي عالم أهل الشام ومفتيهم والثوري وهو المقدم بالكوفة وشعبة عالم أهل البصرة إلى أن قال وحمل عنه قبلهم يحيى بن سعيد الأنصاري حين ولاه أبو جعفر قضاء القضاة فسأل مالكا أن يكتب له مائة حديث حين خرج إلى العراق ومن قبل كان ابن جريج حمل عنه.

(4)
مواقف من حياته

روي أن مالكا كان يقول ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني هل تراني موضعا لذلك سألت ربيعة وسألت يحيى بن سعيد فأمراني بذلك فقلت فلو نهوك قال كنت أنتهي لا ينبغي للرجل أن يبذل نفسه حتى يسأل من هو أعلم منه
وقال خلف: دخلت عليه فقلت ما ترى فإذا رؤيا بعثها بعض إخوانه يقول: رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في المنام في مسجد قد اجتمع الناس عليه فقال لهم إني قد خبأت تحت منبري طيبا أو علما وأمرت مالكا أن يفرقه على الناس فانصرف الناس وهم يقولون إذا ينفذ مالك ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم بكى فقمت عنه.
وروي أن المهدي قدم المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو قال بثلاثة آلاف دينار ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال إن أمير المؤمنين يحب أن تعادله إلى مدينة السلام فقال قال النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة خير لهم ولو كانوا يعلمون والمال عندي على حاله.
وقدم المهدي المدينة مرة أخرى فبعث إلى مالك فأتاه فقال لهارون وموسى اسمعا منه فبعث إليه فلم يجبهما فأعلما المهدي فكلمة فقال يا أمير المؤمنين العلم يؤتى أهله فقال صدق مالك صيرا إليه فلما صارا إليه قال له مؤدبهما اقرأ علينا فقال إن أهل المدينة يقرؤون على العالم كما يقرأ الصبيان على المعلم فإذا أخطئوا أفتاهم فرجعوا إلى المهدي فبعث إلى مالك فكلمه فقال سمعت ابن شهاب يقول جمعنا هذا العلم في الروضة من رجال وهم يا أمير المؤمنين سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة والقاسم وسالم وخارجه بن زيد وسليمان بن يسار ونافع وعبد الرحمن بن هرمز ومن بعدهم أبو الزناد وربيعه ويحيى بن سعيد وابن شهاب كل هؤلاء يقرأ عليهم ولا يقرؤون فقال في هؤلاء قدوة صيروا إليه فاقرؤوا عليه ففعلوا.
يروي يحيى ابن خلف الطرسوسي وكان من ثقات المسلمين قال كنت عند مالك فدخل عليه رجل فقال يا أبا عبد الله ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق فقال مالك زنديق اقتلوه فقال يا أبا عبد الله إنما أحكي كلاما سمعته قال إنما سمعته منك وعظم هذا القول.
وعن قتيبه قال كنا إذا دخلنا على مالك خرج إلينا مزينا مكحلا مطيبا قد لبس من أحسن ثيابه وتصدر الحلقة ودعا بالمراوح فأعطى لكل منا مروحة.
وعن محمد بن عمر قال كان مالك يأتي المسجد فيشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى ويجلس في المسجد فيجتمع إليه أصحابه ثم ترك الجلوس فكان يصلي وينصرف وترك شهود الجنائز ثم ترك ذلك كله والجمعة واحتمل الناس ذلك كله وكانوا أرغب ما كانوا فيه وربما كلم في ذلك فيقول ليس كل أحد يقدر أن يتكلم بعذره.
وكان يجلس في منزله على ضجاع له ونمارق مطروحة في منزله يمنة ويسرة لمن يأتيه من قريش والأنصار والناس، وكان مجلسه مجلس وقار وحلم قال وكان رجلا مهيبا نبيلا ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط ولا رفع صوت وكان الغرباء يسألونه عن الحديث فلا يجيب إلا في الحديث بعد الحديث وربما أذن لبعضهم يقرأ عليه وكان له كاتب قد نسخ كتبه يقال له حبيب يقرأ للجماعة ولا ينظر أحد في كتابه ولا يستفهم هيبة لمالك وإجلالا له وكان حبيب إذا قرأ فأخطأ فتح عليه مالك وكان ذلك قليلا قال ابن وهب سمعت مالكا يقول ما أكثر أحد قط فأفلح.
وقيل لمالك لم لا تأخذ عن عمرو بن دينار قال: أتيته فوجدته يأخذون عنه قياما فأجللت حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن آخذه قائما.
ويروى عن ابن وهب قال: سمعت مالكا يقول لرجل سأله عن القدر نعم قال الله تعالى {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها}(1).
وقال جعفر بن عبد الله قال كنا عند مالك فجاءه رجل فقال يا أبا عبد الله [الرحمن على العرش استوى " كيف استوى فما وجد مالك من شيء ما وجد من مسألته فنظر إلى الأرض وجعل ينكت بعود في يده حتى علاه الرضاء ثم رفع رأسه ورمى بالعود وقال الكيف منه غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج]
وفي رواية أخرى قال: الرحمن على العرش استوى، كما وصف نفسه ولا يقال له كيف وكيف عنه مرفوع وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه

(1) = سورة السجدة

(6)

صفاته و تراثه
عرف عنالإمام مالكبانه قوي الحافظة ، و جيد التحري في روايةالحديث مدققا في ذلك كل التدقيق ، لا ينقل الا عن الإثبات ولا يغتر بمظهر الراوي أو هيئته .

قالالإمام مالك :{{ لقد أدركت في هذا المسجد (مسجد المدينةالمنورة) سبعين ممن يقول : قال فلان قال رسول الله فما أخذت عنهم شيئا،وأن أحدهم لو أؤتمن على بيت مال لكان أمينا عليه إلا ظانهم لم يكونوا منأهل هذا الشأن }}.
لم يرحلالإمام مالكفي طلبالحديث مع أن الرحلة في ذلك الوقت كانت ضرورية.
عنيالعلماءبتحقيقوتأليفالكتب حولتراث الإماممالك، ومازال العلماءقديماوحديثا لهمأتم اعتناءبروايةالموطأومعرفتهوتحصيله.

(7)

وفاته و آثاره
بعد حياة عريضة حافلة توفي (رحمه الله) فيربيع الأول سنة179 هـ/795م عن عمر يناهز ثلاثة و ثمانين سنة ، حيث صلى عليه أميرالمدينة عبد الله بن محمد بن إبراهيم العباسي و شيع جنازته و اشترك في حمل نعشه و دفن فيالبقيع .

قالالقعنبيسمعتهميقولون عمرمالك تسعاوثمانين سنةمات سنة تسعوسبعين ومئةوقالإسماعيل بنأبي أويس مرضمالك فسألتبعض أهلناعما قال عندالموت قالواتشهد ثم قال)للهالأمر من قبلومن بعد)(2(.
أهم مؤلفاته وأجل آثاره كتابه الشهيرالموطأ الذي كتبه بيده حيث اشتغل في تاليفه ما يقرب من 40سنة. وهو الكتاب الذي طبقت شهرته الآفاق واعترف الأئمة له بالسبق على كل كتبالحديث في عهده وبعد عهده إلى عهد الامامالبخاري.
قال الإمامالشافعي: ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك، وفي رواية أكثر صوابا وفي رواية أنفع. و هذا القول قبل ظهورصحيح البخاري.
قالالبخاري "أصح الأسانيد كلها: مالك عننافع عنابن عمر"، وكثيرا ما ورد هذا الإسناد فيالموطأ. قالالقاضي أبو بكر بن العربي في شرحالترمذي: الموطأ هو الأصل واللباب وكتابالبخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب، و عليهما بنى الجميعكمسلم والترمذي.يعتبرشرح الزرقاني أهم شرح له. من مؤلفاته ايضا الرد على القدرية ورسالة فيالقدر وكتاب النجوم والحساب مدار الزمن ورسالة في الاقضية في 10اجزاءوتفسير غريب القران وغيرها. ورويت عن الامام مالك المدونة وهي مجموعةرسائل فقهية تبلغ نحو 36الف مسالة.قال يحيى بن سعيد مالك رحمة لهذه الامةوقال أبو قدامة مالك احفظ اهل زمانه.وقال الشافعي اذا ذكر العلماء فمالكالنجم.

2 = سورة الروم الاية 4 .
(8)
الخاتمة و الخلاصة :

الإمام مالك رحمه الله كان إماما كبيرا و ذات هيبة كبيرة و يشهد له بذلك العلماء و الفقهاء الذين درسوا عنده . و مع انه لم يغادر المدينة المنورة طلبا للعلم الا انه اجتهد في طلب العلم من علماء المدينة حتى أجاز له 70 شيخا .
و كما راينا مواقف من حياته انه متواضع جدا و انه لا يفتي الا بحذر شديد . و أنه لا يقبل الهدايا من الأمراء و الملوك تجنبا للفتنة . و الامام مالك رحمه الله كان قوي الحافظة شديد التحري عن الاحاديث و الفتاوى .
و اقد اجتهد كثيرا حتى كتب كتاب "موطا" و علمه للتلاميذ و اخذ منه الكثير من الفقهاء و العلماء . و حتى الآن يدرس كتابه في مختلف بقاع العالم .
فرحمه الله رحمة واسعة، ورضي عنه،وأجزل له المثوبة.

(9)
الفهرس :

المقدمة
1
نسبه ومولده
2
الموطأ
3
إمام دار الهجرة
4
مواقف من حياته
5
صفاته و تراثه
7
وفاته و آثاره
8
الخلاصة و الخاتمة
9

المراجع و المصادر :

1- سيرة الامام مالك بن انس …للشيخ طارق السويدان.
2- الموطا …مالك بن انس .
3- البداية والنهاية……………………. ابن كثير.
4- مشاهير علماء الأمصار……………… ابن حبان
5- معهد الامارات التعليمي www.uae.ii5ii.com
_________________________

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بوربوينت لدرس (الامام الشافعي + سورة الاحزاب 5) تربية الاسلامية -حادي عشر – فصل2 للصف الحادي عشر

اولا

بوربوينت لدرس الامام الشافعي

ثانيا بوربوينت لدرس سورة الاحزاب 5

منقول من عدة مدونة تعليمية

دعواتكم لاصحاب العمل و لمن ساهم بنشهر

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الثاني عشر

طلب حل التقاويم فصل الاول التربية الاسلامية 12 -تعليم الامارات

بغيت حل التقااويم

بسرعه

محتاجتها

و ثاانكس

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده