ويحتمل أن تتحقق الإنجازات المهمة بفضل العمل الشاق الدؤوب أو شطحات الخيال المفاجئة، ويمكن حتى للمصادفة أن تؤدي دورًا مهمًا في العملية العلمية.
فعلى سبيل المثال اكتشف السير ألكسندر فيلمنج، وهو عالم بكتريولوجيا بريطاني، البنسلين مصادفة عام 1928م، عندما لاحظ أن قطعة من عفن البنسيليوم لوثت صحنًا مخبرياً يحتوي على بكتيريا، وعندما تفحص الصحن، رأى أن البكتيريا حول العفن قد قتلت.
يستعمل العلماء العديد من الطرق أثناء قيامهم بالاكتشافات وتطوير النظريات، وتشمل هذه الطرق:
1- مشاهدات الطبيعة
2- تصنيف المعلومات
3- استعمال المنطق
4- إجراء التجارب
5- صياغة الفرضية (تفسير مقترح)
6- التعبير عن النتائج رياضيًا.
ويتضمن معظم البحث العلمي بعض أو كل هذه الخطوات
مشاهدات الطبيعة.
تعدُّ إحدى أقدم الطرق العلمية.
فعلى سبيل المثال، درس المصريون القدامى والبابليون حركات الأجرام السماوية، وبذلك تعلموا التنبؤ بتغيّرات الفصول، وأفضل الأوقات لزرع المحاصيل وحصادها.
وفي الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي، راقب تشارلز داروين بدقة النباتات والحيوانات في العديد من مناطق العالم أثناء عمله عالم طبيعة مع البعثة العلمية البريطانية على متن سفينة البحرية الملكية البريطانية بيجل.
وقد ساعدت دراسة العينات التي جُمعت أثناء الرحلة داروين في تطوير نظريته التي تنص على أن الأنواع الحديثة قد تطورت من أنواع سابقة أقل عددًا.
تصنيف المعلومات.
يمكن أن يكشف تصنيف المعلومات عن العلاقات بين الحقائق المُشاهدة.
ففي أواسط القرن التاسع عشر الميلادي، صنّف الكيميائي الروسي دمتري مندليف، العناصر إلى عائلات أو مجموعات في مخطط أطلق عليه اسم جدول العناصر الدوري.
وعلى الجدول ظهرت العناصر ذات الصفات المتشابهة على مسافات منتظمة، ودلّت الفراغات الموجودة في الجدول على العناصر التي لم تكن معروفة.
وقد برهن العلماء لاحقا على أهمية تصنيف مندليف النظامي، عندما اكتشفوا وجود عناصر جديدة، ذات خصائص كيميائية محددة ملأت الفراغات.
استعمال المنطق.
يُمكّن المنطق العلماء من استنباط الاستنتاجات من المعلومات المتوافرة.
ففي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، درس فيزيائي ألماني يدعى ولهلم وين العلاقة بين درجة الحرارة والطاقة التي تشعها المواد السائلة والمواد الصلبة المُسخنة.
وبعد دراسته للعديد من الأمثلة المُحددة، لاحظ أن حاصل ضرب درجة حرارة المادة السائلة أو الصلبة المسخنة بالطول الموجي للإشعاع ذي الشدة القصوى عند درجة الحرارة تلك، ينتج دائمًا الرقم نفسه.
ورغم أن وين لم يستطع فحص كل المواد الصلبة أو السائلة، إلا أنه استعمل المنطق الاستقرائي كي يستنتج أن هذا الرقم ثابت عام، بذات القيمة لكل المواد السائلة والصلبة المُسخنة بغض النظر عن تركيبها الفيزيائي والكيميائي.
إجراء التجارب.
يُعدّ وسيلة رئيسية في تطوير النظريات العلمية واختبارها.
ويعد الرازي وابن الهيثم ومن بعدهما جاليليو من أوائل العلماء الذين أدركوا أن التجريب النظامي يمكن أن يساعد في الكشف عن قوانين الطبيعة.
ففي أواخر القرن السادس عشر الميلادي، شرع جاليليو في إجراء تجارب مصممة بدقة لدراسة خصائص المادة الأساسية أثناء حركتها.
ومن خلال دحرجة كرات ذات أوزان مختلفة أسفل سطوح مائلة، اكتشف أن كل المواد تسقط إلى الأرض بذات التسارع (معدل الزيادة في السرعة)، ما لم تبطئها مقاومة الهواء أو قوة أخرى.
وفي أوائل القرن السابع عشر الميلادي، استعمل وليم هارفي، وهو طبيب إنجليزي، الطريقة التجريبية للتعرُّف على كيفية دوران الدم خلال الجسم، وقام بدراسات دقيقة عن نبض الدم ونبض القلب عند البشر، وشرح جثثًا بشرية وحيوانية بغرض فحصها.
واستنتج هارفي أن القلب يضخ الدم خلال الشرايين إلى كل أنحاء الجسم، وأن الدم يعود إلى القلب خلال الأوردة.
صياغة الفرضية.
تتطلب صياغة الفرضية موهبة ومهارة وإبداعًا.
ويستند العلماء في تفسيراتهم المقترحة على المعلومات المتوافرة، ويسعون لصياغة فرضيات يُمكن أن تُساعد في تفسير أو ترتيب أو توحيد الحقائق المترابطة.
ثم يستعملون بعد ذلك التجريب، وأية وسائل أخرى للتأكد من صحة فرضياتهم.
وقد نتج اكتشاف الكوكب نِبْتُون في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي صياغة فرضية؛ إذ لاحظ الفلكيون أن الكوكب أورانوس، الذي عدّوه أبعد الكواكب، لم يكن دوماً في الموقع الذي توقعته قوانين الجاذبية والحركة.
استنتج بعض الفلكيين أن القوانين لا تصح عند مثل هذه المسافات الكبيرة من الشمس.
ولكن آخرين افترضوا أن التغيرات في مدار أورانوس قد تكون نتيجة لقوة جذب من كوكب مجهول، وبحساب الموقع المحتمل لمثل هذا الكوكب كي يؤثر على المدار، اكتشف الفلكيون في النهاية كوكب نبتون.
التعبير عن النتائج رياضيًا.
يمكن أن يقود التعبير عن النتائج رياضيًا إلى نظرات عميقة قيمة حول الطريقة التي يعمل بها العالم.
استعمل جاليليو الرياضيات في وصف نتائج تجاربه المتعلقة بالأجسام الساقطة، وفي تحديد المسافة التي يقطعها جسم ساقط خلال فترة زمنية معينة.
وقد طور العالم الإنجليزي إسحق نيوتن في القرن السابع عشر الميلادي، نظرية رياضية للجاذبية فسرت العديد من أنواع الحركة على الأرض وعلى مدى الكون.
وفي أوائل القرن العشرين الميلادي، وجد الفيزيائي الألماني المولد ألبرت أينشتاين أن الكتلة ترتبط بالطاقة وفق المعادلة: ط= ك س². وتنص المعادلة على أن الطاقة (ط) تساوي حاصل ضرب الكتلة (ك) في مربع سرعة الضوء (س²).
وقد أصبحت هذه المعادلة لاحقًا الأساس لتطوير الطاقة النووية.