اي اخباركو يارب تكونو بخير
دة اول موضوع ليا واتمنى انكم متردونيش
انا بس عايزة طلب بسيط خالص
عايزة جدول عن الحروب الصليبية التمانية
واتمنى اني الاقي جدول
لاني عايزاه ضرووووووووووووري
وشكرااااااا
تفضلوا التقرير
التاريخ الاسلامي
ملحق الحروب الصليبية
القدس الإسلامية:
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، تم فتح الشام وفلسطين، وجاء الخليفة بنفسه لتسلم القدس سنة 16هـ/ 637م.والقدس مدينة هامة من الوجهة الدينية لدى الأديان الثلاثة. لقد فتحت هذه المدينة، وأصبح المسلمون سادتها، ولأنهم قد تعلموا من دينهم التسامح فقد فتحوا أبواب المدينة للحجاج المسيحيين يأتون ويعودون في سلام وأمان.
وبقيت هذه السّنة الجميلة تقليدًا تبعه الخلفاء من بعده، فقد امتاز عهد الرشيد بمستوى رفيع من التسامح الديني، فقد أهدى "شارلمان" وهو إمبراطور المسيحيين في ذلك الوقت مفاتيح "كنيسة القيامة"، كما سمح له ببناء مستشفى فيها، ومكتبة جمعت كثيرًا من الدراسات المسيحية، وقد كان هذا التسامح سمة كل العصور الإسلامية قاطبة.
بداية الحروب الصليبية:
كان البويهيون يقفون موقفًا سلبيّا من أعداء الإسلام بعد استيلائهم على الخلافة العباسية ببغداد؛ مما شجع ملك الروم سنة 462هـ/ 1070م على غزو الشام، فقد خرج ملك الروم في ثلاث مائة ألف مقاتل، ونزل على "مَنْبح" وأحرق القرى بينها وبين أرض الروم، وقتل رجالهم، وسَبَى نساءهم وأولادهم.
وفزع المسلمون في حلب فزعًا عظيمًا، ولم يكد العام ينتهي حتى عاود ملك الروم هجماته بجيش كثير العدد والعدة يريد القضاء على الإسلام والمسلمين، حتى وصل إلى "ملاذكرد" من أرمينيا، ولكن "ألب أرسلان السلجوقي" سار إليه في خمسة عشر ألفًا، وكله إيمان بالله، ويقين بأن الله ناصر دينه، قائلا : "إنني أقاتل محتسبًا صابرًا، فإن سلمت فبنعمة من الله تعالي، وإن كانت الشهادة (الموت في سبيل الله) فإن ابني "ملكشاه" ولي عهدي!
وأشار الفقيه "أبو نصر البخاري" أن يكون يوم الجمعة بعد الصلاة هو موعد اللقاء مع الأعداء، بعد أن يدعو جميع الخطباء للمجاهدين في سبيل الله على المنابر، وصلى بهم الفقيه البخاري، وبكى السلطان، فبكى الناس لبكائه، ودعا ودعوا معه، ثم قال لهم : من أراد الانصراف فلينصرف، فما ههنا سلطان يأمر وينهي. ثم أخرج السلطان كفنه ليراه جنوده -ليحفزهم على الاستشهاد- ففعلوا مثله.
وبدأ الزحف إلى الروم، فلما اقترب السلطان منهم نزل عن فرسه، وسجد لله-عز وجل-ومَرَّغَ وجهَه في التراب، ودعا الله، وطلب منه النصر على أعدائه، وأخذ في التضرع والبكاء، ثم ركب فرسه، وهجم على العدو فحملت العساكر معه، وكان نصر الله على الرغم من قلة عدد المسلمين وكثرة أعدائهم، لكن النصر من عند الله ينصر من يشاء، وهو القوي العزيز.
كان أرسلان، رحمه الله، عادلاً رحيمًا مقرّا بأنعم الله عليه، يتصدق على الفقراء، ولا سيما في رمضان.
وشاء الله أن يقتل المسلمون من الروم عددًا كبيرًا حتى امتلأت الساحة بجثث القتلى منهم، وأُسر ملك الروم، وافتدى نفسه بألف ألف وخمسمائة ألف دينار، كما افتدى قواده، وكان موقف أرسلان قويّا، يستمد قوته من عزة المسلم الذى يستمد عزته من عزة الله سبحانه، فقد فرض أرسلان على ملك الروم أن يرد كل أسير مسلم في أيدي الروم، وشرط عليه أن يرسل إليه عساكر الروم عند طلبها في أي وقت.
وكانت موقعة "ملاذكرد" هذه بين السلاجقة والروم سنة 463هـ/ 1071م، من المعارك الحاسمة التي أدت إلى هزيمة ساحقة مروعة للروم، وذلك رغم التفاوت الكبير بين القوتين، إذ لم تزد قوات أرسلان على عشر من قوات الصليبيين.
اجتماع كليرمونت:
وقد أدى ذلك إلى أن يستنجد أحد أباطرتهم (ملكوهم) بأوربا ويستغيث بها، فراح البابا يدعو إلى اجتماع عام في "كلير مونت" بفرنسا ويدعو المجتمعين إلى غزو الشرق الإسلامي، وتخليص الأراضي المقدسة من الترك، وتخليص أراضي الإمبراطورية البيزنطية من الأعداء الغاصبين، وراح يحث الأمراء على توسيع أملاكهم وغزو الشرق الغني، فماذا كانت النتيجة؟ وكيف كانت هزيمة "ملاذ كرد" سببًا في قيام الحروب الصليبية؟ وفي أثناء هذه الحروب ظهر خطر المغول، فكيف واجهت البلاد إعصار المغول، والحروب الصليبية؟
استيلاء الصليبيين على القدس:
وفي عام 491هـ/ 1097م؛ تجمعت قوات الصليبيين في القسطنطينية، وبعد أن تم إعدادها عبرت البسفور إلى الشام، ودارت بينهم وبين السلاجقة معركة عام 1097م، عند "ضورليوم"، ولكن هزم فيها السلاجقة، ثم استولى الصليبيون على أنطاكية في شمالي الشام، وأسسوا بها أول إمارة لهم، ثم استولوا على الرها في إقليم الجزيرة الشمالي، وأسسوا إمارتهم الثانية واتجهوا إلى مدينة القدس وبها بيت المقدس.
وأمام أربعين ألف مقاتل، لم يستطع جيش الفاطميين فك حصارهم للمدينة الذي استمر شهرًا كاملا، ودخلوها في النهاية في 15 يوليو سنة 1099م، وأقاموا فيها مذبحة قضوا على سكانها جميعًا رجالا ونساءً وأطفالا وكهولا، واستباحوا مدينة القدس أسبوعًا يقتلون ويدمرون حتى قتلوا في ساحة الأقصى فقط سبعين ألفًا من المسلمين .
ويذكر أن ريموند القائد الصليبي احتل "مَعَرَّة النعمان"، وقتل بها مائة ألف،ٍ وأشعل النار فيها، ثم أقاموا دولتهم الكبرى المعروفة باسم مملكة القدس. وفي هذه الحملة، ظلت بعض مدن الشام الهامة مثل حلب ودمشق في أيدي المسلمين .
لقد تم الاستيلاء على القدس، وشعر الصليبيون أنهم حققوا واجبهم الديني باستعادة المدينة المقدسة.
وقد قسم الصليبيون هذا الإقليم إلى أربع إمارات:
إمارة الرُّها 492هـ/ 1098م، وتشمل أعالي نهري دجلة والفرات، وتقرب حدودها الجنوبية الغربية من حلب، وكانت عاصمتها الرها التي توجد في بعض الخرائط باسم إدريسّا .
أما الثانية فهي إمارة أنطاكية، وتقع في الإقليم الشمالي جنوب غرب إمارة الرها .
ثم تليها جنوبًا إمارة طرابلس وهي تقع في شريط ضيق على الساحل وهي أصغر هذه الإمارات .
أما الرابعة فهي مملكة القدس، وتمتد حدودها الشرقية من قرب بيروت الحالية، ثم تتبع نهر الأردن حيث تتسع قليلا، وتتجه جنوبًا إلى خليج العقبة، وكانت عاصمتها القدس نفسها .
وكان لكل إمارة من هذه الإمارات أمير أو حاكم يحكمها، لقد استولوا على القدس، وها هو ذا نصرهم قد تم، وها هي ذي أوربا كلها في فرح متزايد، ولكن الخلافات بينهم قد عادت كأشد ما تكون بعد أن تم لهم النصر .
انتصار نور الدين على الصليبيين:
وبرغم الآلام التي عانى منها المسلمون تحت مطارق الصليب، وبحار الدماء والحقد، عاد الإسلام-ولم يكن قد مات يومًا- يشعل صدور المسلمين، فهبوا جنودًا لله كما كانوا، وقيض الله لهذه الأمة رجلا تركيّا هو "عماد الدين زنكي" الذي عرف أن طريق النصر يبدأ دائمًا بالعودة إلى الله. كيف كان ذلك؟
عندما انقسمت دولة السلاجقة بعد "ملكشاه" استطاع أحد مماليكه الأتراك وهو عماد الدين زنكي أن يستقل بإقليم الموصل .
وما لبثت قوة هذا الرجل أن تضاعفت فقام بهجوم على "الرها"، وتمكن من الاستيلاء على عاصمتها رغم مناعة أسوارها سنة 539هـ/1144م. وكان لسقوط "الرها" في أوربا هِزة عنيفة أدت إلى الدعوة إلى حملة صليبية أخري.
ويحمل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي عبء الجهاد والدفاع عن أرض الإسلام بعد استشهاد أبيه عماد الدين عام 1146م، على يد أحد أتباع المذهب الإسماعيلي (المعروفون باسم الحشاشين الباطنية)، ويعيد نور الدين فتح الرها التي سارع الصليبيون إلى احتلالها بعد استشهاد أبيه، ويعود مظفرًا إلى حلب، ومن هناك يستعد للقاء الصليبيين، ويهزمهم بالقرب من دمشق، بل ويهاجم بعد ذلك إمارة إنطاكية ويستولي على أجزاء منها، ويقبض على أميرها بوهيموند وجماعة من أكابر أمراء الصليبيين، واستطاع أن يخضع باقي مدن الرها التي لم تكن قد خضعت من قبل.
ثم توج جهوده لما دعاه أهل دمشق لحكمهم بعدما رأوا عدله وشجاعته، فتكونت جبهة إسلامية واحدة تمتد من حلب إلى دمشق ويدعمها ملك أخيه في الموصل.
كم أنت عظيم يا نور الدين، لقد أضأت للمسلمين طريقهم؛ فعرفوا كيف يكون الجهاد والتضحية.
موقف مصر من الصليبيين:
كانت مصر في ذلك الوقت تحت سلطان الفاطميين الذين كانوا وقتذاك في أقصى حالات الضعف، فقد كانت السلطة الفعلية في أيدي الوزراء الذين كانوا يعملون على اختيار الخليفة من ضعفاء الفاطميين حتى يضمنوا سيطرتهم الدائمة على مصر! وكانت مصر شديدة الأهمية للصليبيين ولدولة نور الدين. إن وقوعها في أيدي الصليبيين يقويهم، ويمدهم بموارد لا حصر لها. ووقوعها في يد نور الدين يضع الصليبيين في موقف حرج حيث تهاجمهم قوات المسلمين من ثلاث جهات : الشرق، والجنوب، والجنوب الغربي، كما أن موارد نور الدين وجيوشه سوف تعظم وتتضخم إن هو استولى على مصر، فكيف السبيل إليها؟
لقد هيأت الأقدار لنور الدين أجمل الفرص. فقد عرف أن قيادة مصر في ذلك الوقت كانت في أيدي الوزراء، وكان أكبر المتنافسين الوزيران: "شاور" و"ضرغام"، وقد اضطر "شاور" إلى الهروب إلى نور الدين والاستنجاد به حين هزمه "ضرغام" وأوشك أن يفتك به. وبلغ "نور الدين" أن جيشًا من الصليبيين كان يتجه نحو مصر ليسبقه إليها. فتحرك نور الدين على عجل، وجهز جيشًا بقيادة "أسد الدين شيركوه" يصحبه ابن أخيه صلاح الدين، ودخل جيش نور الدين مصر عام 560هـ/1164م، وسرعان ما انتصر على قوات "ضرغام" وأعاد "شاور" إلى السلطة، ترى هل يقدِّر "شاور" ما قام به تجاهه نور الدين وقائد جيشه أسد الدين شيركوه ؟ لا، بل أراد أن يتخلص من أسد الدين وجيشه عندما أحس أنهما يقاسمانه النفوذ.
الوزير الفاطمي يستنجد بالصليبيين:
هناك تكون كارثة بكل ما في الكلمة من معني! لقد استعان شاور بجيش الصليبيين الذي كان يرابط على الحدود، وسرعان ما استجاب جيش الصليبيين لشاور فدخل مصر، واشتبك مع جيوش نور الدين!
واشتد القتال، ولكن لما لم ترجح كفة أحد الفريقين اتفقا على أن يرحلا معًا عن مصر، وسرعان ما جلا جيش نور الدين وجيش الصليبيين . ولكن جيش نور الدين عاد إلى مصر ثانية في عام 563هـ/ 1167م .
وعند ذلك أرسل "شاور" يستنجد بملك القدس المسيحي الذي أرسل جيوشه لمحاربة أسد الدين شيركوه، ولكن شيركوه هزم الصليبيين، واستولى على الإسكندرية التي نصَّب عليها ابن أخيه صلاح الدين الذي أظهر مواهبه الحربية في الدفاع عن الإسكندرية. وعلى الرغم من انتصارات شيركوه المؤقتة فإنه شعر ألا سبيل أمامه للاحتفاظ بمصر، فاتفق مع الصليبيين للمرة الثانية على جلاء الفريقين عنها. ولكن الصليبيين نقضوا العهد حين أعدوا حملة دخلت مصر بغرض الاستيلاء عليها، وقد استولوا على "بلبيس" وأعملوا في سكانها القتل والنهب.
انتصار شيركوه وصلاح الدين على الصليبيين:
وهنا أرسل الخليفة الفاطمي مستنجدًا بنور الدين الذي أرسل جيشه للمرة الثالثة سنة 564هـ/1169م، يقوده شيركوه، وصلاح الدين، وسرعان ما تم النصر على حملة الصليبيين في مصر، وانسحبت تاركة النفوذ والسيطرة لجيش شيركوه .
وقد حاول شاور العودة إلى سياسته القديمة، والتخلص من شيركوه؛ ولكنه فشل وقُبض عليه وأُعدم.
وعُيّن "شيركوه" وزيرًا للخليفة الفاطمي بدلا من شاور. وعندما مات شيركوه خلفه في الوزارة وقيادة الجيوش ابن أخيه صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة 564هـ/1169م، وقد تركزت في يد صلاح الدين جميع السلطات، وتمر الأيام وصلاح الدين يتألق نجمه، وتظهر مع الأيام عبقريته، ويموت الخليفة الفاطمي العاضد سنة 567هـ/1171م بعد أن ألغي صلاح الدين الخلافة الفاطمية، وتصبح السلطة الفعلية والنفوذ الحقيقي في يده، يقبض عليهما بيد من حديد.
وراح الصليبيون يفكرون، لقد خلصت مصر لقوات المسلمين، وأصبحت في يد هذا الرجل الحديدي الذي سيوحد قوي المسلمين ويحطم قوي الصليبيين، وإن غدًا لناظره قريب.
ظل صلاح الدين حاكمًا على مصر زمنًا طويلا يدعو للخليفة العباسي ولنور الدين من بعده. وتأسست الدولة الأيوبية بمصر بعد وفاة نور الدين محمود 569هـ/1174م على يد صلاح الدين الأيوبي.
لقد كان الفاطميون من الشيعة، أما الأيوبيون فهم من أهل السنة، ومن أجل هذا راح صلاح الدين يلغي مظاهر الخلافة الفاطمية ورسومها، ويُعطل معاهد الدعوة الشيعية وطقوسها. وعادت السنة إلى مصر.. السُّنِّية التي رفضت كل مُعْتَقَد دخيل على ما جاءها به نبيها (، وتمر الأيام فيرث صلاح الدين دولة نور الدين، ويخضع له أمير الموصل سنة 583هـ/1168م.
لقد كانت دولة نور الدين تضم ما بين المسلمين من الشام والحجاز واليمن، كما ضمت أجزاء من شمال إفريقية. فأصبحت دولة صلاح الدين تضم شمالي العراق، وشرقي الشام، ثم الحجاز واليمن ومصر وبعض شمالي إفريقية. لقد كان هذا أكبر اتحاد للقوي الإسلامية في ذلك الوقت الذي كانت فيه الدولة العباسية مفككة ضعيفة لا سلطان لها. وإن بينها وبين الدويلات الصليبية غدًا قريبًا تسترد فيه الأرض وتحمي العرض.
وفي بعض الفترات كان صلاح الدين يعقد معاهدات مع الصليبيين ليتفرغ لتوحيد الجهة الإسلامية، ولكنهم نقضوا العهد، ذلك أن رجنلد (أنارط) أمير الكرك الصليبي نقض هذه المعاهدة، وقام الصليبيون ببعض الاستفزازات للمسلمين منها أن رجنلد هذا أعد أسطولا يعبث بشواطئ الحجاز ويهاجم الحجاج المسلمين، ودأب على مهاجمة القوافل الإسلامية.
لا مفر إذن من وقوع الحرب بين الفريقين، وتقدمت قوات صلاح الدين من دمشق، ووجهتها القدس.
موقعة حطين:
كان نصر الله المبين حيث التقت جيوش المسلمين بجيوش الصليبيين في "حطين" وكان ذلك في عام 583هـ/1187م.
لقد جمع الصليبيون عشرين ألف مقاتل جمعوهم من كل دويلات الصليبيين .
واشتبك الجيشان، وانجلت المعركة عن نصر ساحق لصلاح الدين مع تدمير تام لجيش أعدائه .لم يكن أمام جيش صلاح الدين بعد معركة حطين إلا أن يتقدم نحو القدس، وقبل أن يتقدم نحوها استسلم له حصن "طبرية"، وفتح "عكا" واستولى على "الناصرية" و"قيسارية" و"حيفا" و"صيدا" و"بيروت"، وبعدها اتجه صلاح الدين إلى القدس.
استرداد القدس:
ولكن الصليبيين تحصنوا بداخلها، فاتخذ صلاح الدين جبل الزيتون مركزًا لجيوشه، ورمى أسوار المدينة بالحجارة عن طريق المجانيق التي أمامها، ففر المدافعون، وتقدم المسلمون ينقبون الأسوار، فاستسلم الفرنجة، وطلبوا الصلح، فقبل صلاح الدين، واتفق الطرفان على أن يخرج الفرنجة سالمين من المدينة على أن يدفع الرجل عشرة دنانير، والمرأة خمسة، والصبي دينارين، ووفى المسلمون لهم بهذا الوعد، وكان ضمن من خرجوا البطريرك الأكبر يحمل أموال البِيَع(الكنائس) وذخائر المساجد التي كان الصليبيون قد غنموها في فتوحاتهم.
رحمة صلاح الدين:
وفي هذه الأثناء، قال بعض المسلمين لصلاح الدين : إن هذا البطريرك يقوى بهذا المال على حرب المسلمين! فأجاب صلاح الدين: الإسلام لا يعرف الغدر، وقد أمّنا وعلينا الوفاء. وخرج الرجل بهذه الأموال.
ويروى أن مجموعة من النبيلات والأميرات قلن لصلاح الدين وهن يغادرن بيت المقدس: "أيها السلطان! لقد مننت علينا بالحياة، ولكن كيف نعيش وأزواجنا وأولادنا في أسرك؟! وإذا كنا ندع هذه البلاد إلى الأبد فمن سيكون معنا من الرجال للحماية والسعي والمعاش؟! أيها السلطان! هَبْ لنا أزواجنا وأولادنا، فإنك إن لم تفعل أسلمتنا للعار والجوع".فتأثر صلاح الدين بذلك، فوهب لهن رجالهن، رحمك الله يا صلاح الدين، فقد كنت مثالا للرحمة والعفو وحسن الخلق، وكنت مثالا حسنًا لمبادئ الحضارة الإسلامية وعظمة الإسلام.
فليتقدم البطل الفاتح ليطهر البلاد والعباد من شراذم الصليبيين الذين دنسوا الأرض، واعتدوا على العرض.
وتقدم جيش البطل صلاح الدين بل جيش الإسلام والمسلمين؛ ليستولي على معظم مستعمرات الصليبيين ومناطقهم الهامة .
وقد ساعد على نجاح هذه الحملات أن معظم حاميات الصليبيين لقيت حتفها في حطين .
ويجيء عام 586هـ/1189م، ولم يَبْقَ في أيدي الصليبيين من كل أرض سوريا وفلسطين سوى صور وأنطاكية وطرابلس وبعض مدن وقلاع صغيرة مبعثرة هنا وهناك.
والحق أن هذه الأماكن الساحلية التي استهان المسلمون بها وتركوها في أيدي الصليبيين كانت سببًا في كثير من المتاعب للدولة الإسلامية بعد ذلك، فقد تجمع فيها الصليبيون الفارون من الأماكن الأخرى، وقاموا بمهاجمة البلاد الإسلامية المجاورة، واستولوا على بعضها وساعدوا الحملات الصليبية الثالثة التي جاءت من الغرب وكبدت المسلمين خسائر فادحة.
ملوك أوربا يقودون الحرب الصليبية:
فقد كان لهذه الانتصارات وعلى رأسها سقوط القدس صدى مؤلم في أوربا أدى إلى إثارة الحماس مرة أخري، وتصاعدت صيحات إنقاذ الأراضي المقدسة تتردد في أرجاء أوربا. واتجهت الكنيسة إلى جمع الضرائب للحروب الصليبية، وشجعت الناس على الخروج لقتال المسلمين، وأعلن البابا أن من لم يستطع أن يخرج بنفسه وتبرع بالمال غُفرت له ذنوبه، ثم تطور هذا الأمر إلى إصدار صكوك الغفران لكل من يتبرع لهذه الحرب، أو يخرج فيها. وتم تعبئة عدد من الحملات يقودها ملك إنجلترا "ريتشارد" الملقب بقلب الأسد، و"فيليب أوغسطس" ملك فرنسا، و"فريدريك بربوسا" ملك الألمان.
لقد كانت الحملة التى قادها فردريك فاشلة، وذلك لأن قائدها نفسه قد غرق في نهر بأرمينية، فعاد معظم جيشه من حيث أتي، ولم يصل منه إلى الأراضي المقدسة سوى عدد قليل. وهكذا وقع عبء الحرب على ريتشارد وفيليب.
وقبل وصول هذين الأخيرين، أخذ الصليبيون يجمعون قواتهم، ويحاولون القيام بعمل مضاد لحركات صلاح الدين.. فوجهوا قواتهم لتحاصر عكا من البر، وأساطيلهم لتحاصرها من البحر، وكان في استطاعة صلاح الدين أن يقضي على الجيش الصليبي لولا وصول ريتشارد وجيوشه في ذلك الوقت.
وقد طال الحصار البحري البري مدة عامين كاملين من سنة (586-588هـ/ 1189-1191م) ضرب فيها الفريقان أسمى أمثلة الشجاعة، وأخيرًا سقطت عكا في أيدي الصليبيين.
الصليبيون يقتلون الأسري:
وتوصل الجانبان إلى اتفاق يطلق بمقتضاه الصليبيون سراح حامية عكا، شريطة أن يدفع صلاح الدين 200 ألف قطعة ذهبية.
وقد حدث أن تأخر دفع المبلغ المتفق عليه، فأمر ريتشارد بإعدام كل أسراه، وعددهم 2700 أسير، وهذه نقطة سوداء في تاريخه، يقابلها من جانب صلاح الدين نبل عظيم في معاملة أسراه؛ حيث كان يتعامل معهم بالرحمة والتسامح.
صلح الرملة:
استمرت المناوشات البسيطة بين الفريقين، ولكن ريتشارد مَلَّ الحرب، وخاف على ملكه في أوربا، فجرت بينه وبين صلاح الدين مشاورات ومراسلات، ومن أهم ما جاء في هذه المراسلات ماكتبه ريتشارد إلى صلاح الدين يقول: إن المسلمين والفرنج قد هلكوا وخربت ديارهم، وتلفت الأموال والأرواح، وليس هناك حديث سوى القدس والصليب، والقدس مُتَعَبَّدُنا ما ننزل عنه، والصليب خشبة عندكم لا مقدار له، وهو عندنا عظيم؛ فيَمُنّ به السلطان علينا ونستريح من هذا العناء.
فأجاب صلاح الدين: القدس لنا كما هو لكم، وهو عندنا أعظم مما هو عندكم، فإنه مسرى نبينا ومجتمع الملائكة، فلا تتصور أن ننزل عنه، وأما البلاد فهي لنا واستيلاؤكم كان طارئًا عليها لضعف المسلمين، وأما الصليب فهلاكه عندنا قُربة عظيمة فلا يجوز أن نفرط فيه إلا لمصلحة أوفي منه.
وقد أدت هذه المفاوضات إلى عقد اتفاق بين الجانبين وهو صلح الرملة سنة 589هـ/1192م، وشروطه: ترك أراضي الساحل للصليبيين، ومنها صور وعكا ويافا وعسقلان، في حين أصبح داخل البلاد لصلاح الدين على أن يسمح للمسيحيين بالحج إلى بيت المقدس، وأن يتعهد بحمايتهم.
موقف أبناء صلاح الدين من الصليبيين:
ولما مات صلاح الدين سنة 589هـ/1192م، حكمت أسرته من بعده، فحكم أخوه العادل مصر ومعظم أجزاء الشام، وخلفه ابنه الكامل الذي سقطت دمياط في عهده في يد الصليبيين لما هاجموا مصر سنة 615هـ، ثم انسحبوا منها مدحورين.. بعد هزيمة فادحة أدت بهم إلى الجلاء عن مصر سنة 618هـ، بعد الصلح مع الملك الكامل، فقد قطع المصريون جسر النيل فغرقت الأرض بالمياه وأوشك الصليبيون علي الهلاك، فطلبوا الصلح.
أسر ملك فرنسا:
كما تعرضت مصر أيضا لحملة صليبية جديدة قادها ملك فرنسا لويس التاسع الذي استولى على دمياط سنة 647هـ، ولكنه وقع أسيرًا فحمل مكبلا بالسلاسل إلى المنصورة حيث سجن في دار قاضيها ابن لقمان، وكان ذلك بفضل حكمة وقيادة ركن الدين بيبرس للقوات المصرية، وافتدى نفسه بتسليم دمياط للمسلمين ودفع فدية مالية، وعادت دمياط إلى الأيوبيين سنة 648هـ .
وأمام التهديد الدائم من قبل الصليبيين للإسكندرية وغيرها من مدن الشام، لم يقف المماليك البرجية مكتوفي الأيدي؛ بل راحوا يفكرون في قطع دابر الصليبيين "بقبرص" وكان لهم ما أرادوا، حتى تمكنوا في عهد الأشرف بَرْسِباي سنة 829هـ/ 1443م، من هذا الأمل، وأسروا ملك الصليبيين الذي ظل أسيرًا بمصر حتى سنة 830هـ/1437م، ولم يفك أسره إلا بعد دفع جزية كبيرة على أن يعترف بسيادة المماليك علي قبرص!
وتظل لمصر السيادة على قبرص في عهد المماليك البرجية حتى سنة 923هـ/ 1517م، وهي السنة التي آل فيها حكم البلاد إلى العثمانيين، وسقطت دولة المماليك البرجية.
نتائج الحروب الصليبية:
وبهذا فشلت الحروب الصليبية، ولكن برغم الفشل السياسي والحربي للحملات الصليبية فإن هذه الحروب كان لها نتائج بالغة الأثر؛ منها اتساع تجارة أوربا وبخاصة "جنوا" و"البندقية" و"بيزا" مع موانئ الشام. ولم يقتصر هذا الاتساع على الفترة التي سيطر فيها الصليبيون على الأراضي المقدسة، بل استمر حتى بعد أن أجلوا عن الإقليم كله. كما ساعدت علىانتقال الحضارة الإسلامية إلى أوروبا .
والسموحة
مع مراعاة المقدمة والخاتمة وان يكون البحث لا يقل عن 10 اوراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تمثل الحملات الصليبية رد فعل أوروباالنصرانية ضد آسيا المسلمة. وقد كانت الحملات هجومية بعد بعثة محمد صلى الله عليهوسلم في القرن السابع الميلادي، وبقيت كذلك لأكثر من ألف عام، وكانت نتيجة لأسبابعديدة، بعضها باعثه سياسي، فمن ذلك مثلاً أن البابا أوربان الثاني تلقى سنة 1094ماستغاثة من الإمبراطور النيزنطي أليكسس كومانسس فجدّ في استغلال هذه الاستغاثةلتوحيد الكنيسة تحت قيادته، حيث كانت الكنيسة قد انقسمت إلى كنيسة يونانية وأخرىرومانية سنة 1054م.
الحملات الصليبية.. والتفكير والسلوكالصليبي..
ومن المعروف أنه كانت هناك حملات صليبية كثيرة في التاريخ. فالحملات الصليبية الأولى استطاعت أخيراً احتلال القدس وحكمتها لمدة ثمانين سنة. ولكن القدس استعيدت من قبل المسلمين عام 1244م. وبحلول عام 1291م سقطت باقي المدنالتي كانت تحت سيطرة الصليبيين في أيدي المماليك المسلمين.
ولكن الفصل الذيأنهى مصير هذه المدن يبدو أنه لم يُنْهِ فصل الحملات الصليبية، في التفكير والفعلالغربيين على الأقل. فلفترة طويلة بعد سقوط هذه المدن بيد المسلمين بقي الغربيونيتصرفون على طريقة الحروب الصليبية في مواجهة العرب والمسلمين عموماً.
وفيالحقيقة فإنه منذ الحملات الصليبية فإن العرب والمسلمين مترادفون فيتفكيرهم.
إن السلوك الصليبي الغربي كان واضحاً في عهد الاستكشافات الجغرافية، وكان هو الدافع الذي قاد إلى تلك الاستكشافات في عهد الاستعمار الغربي التجاريالمبكر في آسيا، كما كان واضحاً في الطريقة التي حكم بها الإسبان والبرتغاليونوالأوروبيون الآخرون والأمركيون العالم الإسلامي المحتل.
الاستعمار الأوروبيلبلاد المسلمين والروح الصليبية..
بدأ الاستعمار الأوروبي باحتلال جنوب شرقيآسيا المسلمة في القرن السادس عشر الميلادي وانتهى –إذا كان قد انتهى!- بالاستعمارالغربي للشرق الأوسط العربي في هذا القرن، وفي رأي كاتب هذا المقال تم الاحتلالالأوروبي بالروح الصليبية ضد المسلمين الكافرين [أي: غير المؤمنين بالنصرانية]،وظلال هذا النوع لا تزال تتكرر في يومنا هذا في العلاقات والتفكير والسلوك الأوروبيفي الأشياء والمشكلات التي تتعلق بالعرب والمسلمين. وحديثاً لا تتم هذه إلا بمعونةمروجي الدعاية الصهيونيين الأوروبيين الذي يستغلون بعنف الضغائن القديمة بينالنصرانية والمسلمين.
وسائل انتشار الإسلام قديماً في آسيا..
لقد بدأالاستعمار الأوروبي في الأنديز المسلمة [وهو الاسم القديم الذي يطلق على مجموعةالهند وجزر جنوب شرقي آسيا]، وحسبما يقول البروفسور هول فإن العرب تاجروا مع مالاياوالأنديز قبل زمن طويل من ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، ومع حلول القرنالعاشر الميلادي كان التجار العرب المسلمون نشيطين في تجارة الفلفل والقصدير منسومطرة والأنديز؛ ومن خلال الزواج المتبادل فقد نشروا الإسلام بين شعب المالاي. ويخبرنا البروفسور هول بأن سومطرة كانت تحكَم من قبل سلطان مسلم في نهاية القرنالثالث عشر الميلادي[2]، وقد شهد القرن الرابع عشر الميلادي غزوات للإسلام إلى داخلمالايا عندما وسع ماجاباهيت مسلم –إمبراطور جاوه- سيطرته على شبه الجزيرة، ولكننفوذ الإسلام في أعماق مالايا اكتمل خلال القرن الخامس عشر الميلادي.
وبحلولذلك الوقت كان الإسلام قد وصل أيضاً إلى الجزر الفليبينية وتغلغل حتى مانيلاشمالاً. وحسب رأي البروفسور هول فإن المولوكاس (المعروفة بجزر التوابل) أصبحت مسلمةسنة 1498م، وهي السنة التي دار فيها فاسكو دي غاما حول رأس الرجاء الصالح ووصل إلىالهند.
الحملات البرتغالية الإسبانية..
والإشارة إلى هذه هنا للتأكيدعلى أن البرتغاليين عندما وصلوا إلى مالايا والأنديز، شنوا حرباً جديدة وعنيفة،كالحملات الصليبية ضد الإسلام، كما فعلوا قبل ذلك بعدة سنوات في شبه جزيرة إيبيريا (وهي شبه جزيرة إسبانيا والبرتغال).
إن وصول الإسبان إلى الجزر الفليبينيةفي القرن السادس عشر جاء بالنتائج نفسها هناك. وخلال القرن السادس عشر وما بعدهخاضت كلا القوتين النصرانيتين عدة حروب ضد السلطان ا لمسلم الوطني وبالروح الصليبيةنفسها. وفي الحقيقة فإن الإسبان لم يجدوا فرقاً بين العرب المسلمين في إسبانياوالذين سموهم هناك »مور« وبين المسلمين الذين اكتشفوهم في جزر الأنديز، ولهذا السببفقد سموا هؤلاء المسلمين أيضاً »مور«، وهذه الكلمة تحولت فيما بعد إلى »مورو«. وحتىهذا ا ليوم فإن الأقليات المسلمة التي بقيت على قيد الحياة بصعوبة في الأجزاءالجنوبية من الفيلبين تعرف بهذا الاسم.
ولعله من المناسب أن نذكر هنا أنهعلى الرغم من أن البرتغاليين والإسبان قد شرعوا في نشر النصرانية بالقوة بين سكانجزر الأنديز فإن الإسلام قد انتشر في الجزر من قبل بطرق سلمية بشكلرئيس.[3]
محاولات اقتصادية واستراتيجية لإضعاف العالم الإسلامي..
ويجب أننتذكر أيضاً أن محاولة البرتغاليين لاكتشاف الأنديز عن طريق أفريقيا قد تمت أيضاًبروح الحملات الصليبية. فالبرتغال استقلت عن الحكم الإسلامي في القرن الرابععشر،وبإيحاء من أميرها هنري (الملاح) (1394-1360م) فقد أنشئت مدرسة للملاحة لهدفوحيد هو إيجاد طريق جديد لتوابل الأنديز، وبالتالي كسر احتكار تجارة التوابل من قبلالعرب وأهل مدينة فينيس [البندقية في إيطاليا].
وحسب رأي بريستيج فإن الدافعالعام لهنري كان متابعة الحملات الصليبية بمحاولة »الالتفاف حول دار الإسلاماستراتيجياً وتجارياً، وإقامة اتصالات مع النصارى الأثيوبيين، والإغارة معاً علىالمسلمين من الجنوب لربح تجارة التوابل والأنديز« [4]. إن المعاهدة الإسرائيليةالأمريكية الأثيوبية التي اقترحت حديثاً للالتفاف على العالم العربي تذكرنا بما وردأعلاه.
ولقد مات الأمير هنري سنة 1460 دون أن ينجز هدفه، ولكن في النهايةدار أحد أتباعه –وهو بارثولوميو دياز- حول الرأس الجنوبي لأفريقيا سنة 1488م. ثمبعد عدة سنوات وصل فاسكو دي جاما أخيراً إلى الهند وإلى الأنديز سنة 1489م، وهذاالحدث كان قمة النجاح لخميسن عاماً من جهود البرتغاليين، وفي الوقت نفسه كان قمةالنكسة لمماليك مصر.
وكانت بداية الركود التجاري والاقتصادي لمسلمي حوضالأبيض المتوسط لأكثر من ثلاثمائة وخمسين سنة، والتي استعيضت جزئياً بعد فتح قناةالسويس سنة 1869م.
وفي محاولتهم للحيلولة دون العرب وتجارة التوابل احتلالبرتغاليون الجزر العربية: هرمز وسوقطرة عام 1506م مسيطرين بذلك على مداخل الخليجالعربي والبحر الأحمر. وفي سنة 1515م احتلوا أيضاً جزيرة البحرين في الخليج العربي. وبين سنتي 1511م و1526م قاموا بحروب صليبية ناجحة ضد سلطان مالاكا المسلم، مسيطرينبذلك على مضيق مالاكا بين سومطرة ومالايا.
وعندما دخلوا تلك المدينة المسلمةالمزهرة أحرقوها فأجبر سكانها على النزوح إلى الأدغال الخلفية، ومن هناك نشرالبرتغاليون نفوذهم على جزر التوابل المعروفة باسم مولاكاس.
فرض التنصير بالقوةفي جنوب شرقي آسيا
إن تجارة البرتغاليين وجهود التنصير في الأنديز لم يكوناناجحين جداً، وسبب هذا أن المسلمين قلما يغيّروا دينهم، وكذلك بسبب فساد القادةوالموظفين البرتغاليين الذين بدأوا بتبذير الثروة الجديدة للتاجالبرتغالي[5].
وحملات التنصير الكاثوليكي اعتمدت أيضاً على القوة العسكريةوليس على العقيدة[6]، والقوة العسكرية البرتغالية في الأنديز لم تكن قوية حتى تجبرالمسلمين على تغيير دينهم كما فعلت القوة العسكرية ذات القلب المتحجر في الفيلبين. وبالتالي فإن اليسوعيين ربحوا فقط بعض المتحولين عن دينهم في جزيرة إمبوانا الصغيرةفي مولاكاس وفي أقصى شمالي جزيرة كاليبيس.
أما الحملات الصليبية الأكثرفعالية فقد حصلت ضد مسلمي جزر الفيلبين: فقد وصل الإسبان إليها سنة 1521 بقيادةماجلان، ومع ذلك فإنه بسبب شكوى البرتغاليين فقد أهمل الإسبان مكتشفهم الجديد حتىسنة 1565،وفي هذه السنة احتلوا جزيرة سيبو،وبعد بأربعة أعوام احتلت أيضاً جزيرةباناي.
وفي سنة 1570م أرسلت حملة إلى مانيلا حيث احتلت، وأصبحت منذئذ مركزالحملات الصليبية ضد مختلف سلاطين الجزر المسلمين، وبسبب كون تغلغل المسلمين فيالشمال حديث العهد فقد أدى هذا إلى سهولة تغيير الدين بالقوة في شمالي جزر الفيلبينبما في ذلك لوزون.
أما في الجنوب فإن حرباً صليبية شاملة تبعت ذلك، (صراعكالصراع من أجل امتلاك جنوب إسبانيا ضد المورو ولذا فقد سمى الإسبان معارضيهمالمسلمين الجدد باسم مورو[7])، وقد دام هذا الصراع أكثر من مائة سنة، وعندما انتهىكانت معظم الجزر –عدا جزر مينداناو وسلسلة سولو- قد تحولت إلى النصرانية بالقوة،ومن بقي من مسلمي الجنوب بقي تحت اضطهاد وإهمال دائمين من قبل الإسبان، وهذاالإهمال تابعه حكام الاستعمار الأمريكي للجزر بعد انتزاعها من الإسبان سنة 1898م.
اختلاف القوى الصليبية رحمة بالمسلمين
وفي القرن السابع عشر ورثالهولنديون جزر الأنديز من البرتغاليين، وبحلول عام 1641م كان الهولنديون قد طردواالبرتغاليين والإسبان والإنجليز، وفي تلك السنة احتلوا مدينة مالاكا الاستراتيجيةعلى مضيق مالاكا، وبالتالي أصبح الحكام المسلمون معظم منافسي الهولنديين في تجارةالتوابل والتحكم في بحار الأنديز، سواء في آشين في شمالي سومطرة أم في ماكاسار فيجنوبي جزيرة سيليبيس، ولكن الهولنديين لما يحاولوا مخلصين تغيير دين مسلمي شرقيالأنديز بالقوة أو بغيرها، فقد قاموا راغبين في استغلال ثروتها فقط.
إن بروزالقوة العثمانية في شرقي البحر الأبيض المتوسط بعد القرن الخامس عشر كان له أثرأيضاً في احتفاظ الأوروبيين بعادة التفكير بالطريقة الصليبية حتى هذا اليوم، فالروستعلقوا بأرض المسلمين في الإمبراطورية العثمانية خلال القرن التاسع عشر وبدايةالقرن العشرين. كذلك فعل البريطانيون والنمساويون والفرنسيون، ولولا المنافسةالمهلكة بين هذه القوى النصرانية لذبحوا المسلمين العثمانيين في القرن التاسع عشر،لا لسببن إلا لأنها دولة مسلمة، والغزوات ضد العثمانيين كمسلمين كانت واضحة فيتعاطف أوروبا النصرانية الذي جادت به بسخاء على ثورة اليونانيين خلال العشرينات منالقرن الماضي.
سبب الغيظ والبغض الصليبي للمسلمين..
ولعل من الأسبابالرئيسة للبغض الدائم والغيظ في عهد الاستعمار النصراني هو حقيقة أن المسلمين في كلمكان كانوا أناساً فخورين بدينهم، فخورين بتاريخهم وحضارتهم، وبالثقافة الإسلاميةالعالية التي لا يزالون يشعرون أنهم يمثلونها.
ومن وجهة نظر الاستعمارالنصراني فإن هذا غرور، ولذا فقد خضع المسلمون تحت الاستعمار الأوروبي –سواء أكانواأقليلة كما في الهند، أم أكثرية ما في مصر- إلى الجور والظلم.
ممارساتحاقدة..
في الهند –بالإضافة إلى تدفق المسلمين إليها من وسط آسيا والشرقالأوسط- فقد تحول إلى الإسلام عدد ضخم من الطبقة الدنيا من نظام الطوائف الاجتماعيةالهندوسي، وسبب هذا هو نظام المساواة في الإسلام. لقد كانوا فقراء قبل أن يتحولوا،وبقوا كذلك فقراء بعد إسلامهم.
ولقد احتفظت تخبة صغيرة من المسلمين بمناصبالجيش والإدارة المدنية والقضاء في ظل حكم المغول المسلمين، بينما قامت الطبقةالوسطى من الهندوس بأعمال التجارة والصناعة والزراعة، ومع مجيء الحكم البريطانيللهند فقد استبدل موظفون بريطانيون بالموظفين المسلمين الذي كانوا في المناصبالعالية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عمد البريطانيون إلى استبدال موظفين هندوسبالموظفين المسلمين في الوظائف الأخرى الثانوية [8]، وقد ازداد اضطهاد المسلمين بعدتمرد الجيش عام 1857م. وحسبما يقول باندي: »… لقد أصبحت الحكومة عدائية للمسلمينبلا تردد بعد سنة 1857م، واضطهدت الطبقة العليا من المسلمين التي حاولت إعادةإمبراطورية المغول« [9].
ولعل البريطانيين لم يحتقروا أحداً من رعايامستعمراتهم بطريقة منهجية كتلك الطريقة التي اتبعوها في مصر [10]، ويبدو أنه منالمنطقي الاعتقاد بأن ذلك قد يكون بسبب أن مصر بقيت كطليعة لضمير وقيادة المسلمينحتى في أحلك فترات تاريخ المسلمين.
إنه معروف جيداً في السياسة البريطانيةمنذ عهد بالمرستون والعشرينيات من القرن الماضي أن بريطانيا لن تسمح بوجود حكومةقوية في مصر. وهذا غريب لأن قناة السويس لم تشق إلا سنة 1869، وبريطانيا لم يكن لهابعد أي مستعمرات مهمة في العالم العربي، وقد بقيت رؤية بالمرستون حية في التفكيرالسياسي البريطاني بعد احتلال بريطانيا لمصر والسودان.
فلسطين.. ضحية الحقدالصليبي..
وهذا النوع من التفكير قاد بريطانيا إلى تقديم بلد عربي كامل –هوفلسطين- كقربان على طبق من فضة إلى شعب أجنبي وذلك في وضح النهار في القرن العشرين. وليس هناك شك أن قيام دولة إسرائيل كان بتخطيط بريطانيا لتكون شوكة لمصر –رائدةالدول العربية- وسكّيناً في قلب العالم العربي.
وفي الحقيقة، فإنه ليس هناكفي التاريخ الحديث ولا البعيد مثال لبلد آهِل ومتحضر مثل فلسطين قد دنّس علناً منقِبَل العالم النصراني.
إن البريطانيين في كثير من الأجزاء الأخرىلإمبراطوريتهم يحبون أن يذكروا –مع الفخر- بأنهم يحمون الضعيف والبريء ضمن حدودإمبراطوريتهم، ولكن ليس الأمر كذلك في العالم العربي.
فالفلسطينيون الضعفاءكانوا مكتوفي الأيدي والأقدام من قبل القوة البريطانية المحتلة نفسها بينما شاهدوابأعينهم اغتصاب بلدهم من قبل الصهاينة.
إن الجريمة البريطانية البشعة فيفلسطين قد ووفِق عليها من قِبَل واشنطن وغيرها من العواصم النصرانية، وإن قائمةالدول التي صوتت لبدء اغتصاب فلسطين عام 1947م قد وافقت بذلك على حرب صليبية مستمرةضد العالم العربي.
إن الدول العربية وبعض الدول الإسلامية قد صوّتت وحدها ضدالقرار الذي لا يمكن تصديقه. وبعد عام 1948م فإنه بإمكان أي إنسان أن يرى تدفقاًدائماً للحب والعاطفة تجاه إسرائيل في العالم النصراني، بينما أصبح معظم شعب فلسطينالأصلى نصف جياع، نصف عراة، معتلي الصحة في مخيمات اللاجئين.
إن كل الناس فيالعالم النصراني حتى الباب يؤكدون باستمرار تحرريتهم وحبهم وشعورهم بالإثم وما شابهذلك تجاه إسرائيل، ولكن قليلاً منهم يتذكر عرب فلسطين.
إن عالمية النصرانيةوإنسانيتها وتحررها لا تشمل –بطريقة ما- المسلمين. وكان العالم النصراني يلعب لعبة »بنو الإنسان، والعرب«. يخبرك الأمريكيون أنهم يدعمون إسرائيل لأنهم يشعرون بالتحرروالإثم. والألمان يدفعون إلى إسرائيل تعويضات ضخمة ويرسلون سراً إلى إسرائيل كمياتكبيرة من الدبابات والسلاح لأنهم رأوا النور ويشعرون بالإثم. أما بريطانيا فقدأوجدت إسرائيل لأن البريطانيين متحررون ويشعرون بالإثم، ولكن لا يشعر أحد بالإثمتجاه الفلسطينيين العرب!
ولا بد لأحدنا أن يشك أن هذا الحب ليس إنسانيةجديدة مكتشفة، ولا تسامحاً تجاه اليهود ولكنه بعض ساكن ومتكرر للمسلمينالعرب.
إنها الصليبية القديمة ولكن تحت مظاهر مختلفة، وبالتالي تقوم فرنسابتسليح إسرائيل حتى الأسنان في الخمسينات والستينات من هذا القرن؛ لأن الفرنسيينيبغضون ويحتقرون عرب الجزائر المغرورين.
»والشعور بالذنب« الألماني منذالحرب العالمية كان بيّناً في الدبابات والسلاح لإسرائيل لقتل العرب، وهذا يعطيمادة للتفكير.
أما بالمرستون البريطاني فإنه بالتأكيد لم يكن يفكر بطريقةإنجيلية عندما وضع سياسة بريطانيا الرئيسية تجاه مصر في العشرينات من القرنالماضي.
ويحب المؤرخون البريطانيون والأنجلو-ساكسونيون الإشارة إلى أنهعندما دخل الجنرال البريطاني أَلِنْبي القدسَ سنة 1918م وأخذها من المسلمين الأتراكفإن أجداده الصليبيين لو كانوا أحياءً لكانوا فخورين جداً بإنجازه النصراني العظيم،أما مروّجو الدعاية الصهيونيون –بدهائهم المعروف- منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدسعام 1967م وأخذها من المسلمين العرب- يحاولون أن يحيطوا إسرائيل بالهالة الصليبيةنفسها.
إسرائيل تلعب الدور النصراني في العقلية الغربية
وفي الحقيقةفإن إسرائيل –بغض النظر عن الدين- قد أخذت على عاتقها بذكاء الدور النصراني فيالعقلية الغربية وذلك منذ إنشائها عام 1948م. وإسرائيل لم تلعب هذا الدور في شرقيالأبيض المتوسطضد المسلمين العرب وحدهم ولكنها –مع التعاطف الغربي- تأخذ علىعاتقها الدور الصليبي أينما وجِد المسلمون، وذلك بمعارضتهم أوهزيمتهم.
فمثلاً نجد الطيارين والخبراء العسكريين الإسرائيليين في إقليمكاتانجا الانفصالي في جمهورية الكونغو في بداية الستينات من هذا القرن، وذلك لأنالمسلمين المصريين كانوا متعاطفين مع حكومة الرئيس لومومبا المركزية.
وقددعت الحكومة المصرية أرملة لومومبا وأولاده ليعيشوا في القاهرة بعد مقتله الذي كاننهاية مقامه في التاريخ الغربي، على أن تعاطف المسلمين مع لومومبا كان يفوق التصرإذ الحقيقة أن لومومبا نفسه كان نصرانياً وعندما انفصل إقليم بيافرا النصراني عننيجيريا أرعب العالم النصراني كله بوحشية الحكومة المسلمة المركزية، وقليلون فيالولايات المتحدة مثلاً يذكرون كيف أصبح لينكولن أسطورة أمريكية لأنه أصرّ على أنالانفصال كان عملاً سيئاً: حرب أهلية دامية أم لا؟
صليبية مستمرة وازدواجيةمعايير
وعندما ثارت مجموعة من الأكراد ضد الحكومة العراقية اندفع إلى العراقأفواج من المراسلين النصارى والصهيونيين واكتشفوا الأكراد، وكُتبت كتب عن الثوارالأكراد الشجعان [11]، ولم يسجل واحد من هؤلاء الجهودَ المخلصة للحكومة العراقيةللاستجابة لمطالب الأكراد.
وكل الناس سمعوا عن الفقراء النصارى في جنوبيالسودان الين يُدّعى أنهم يُقمَعون من قبل الحكومة المسلمة في الخرطوم، ولكن لميسمع أحد عن القمع الحقيقي للمسلمين الأريتريين في إثيوبيا النصرانية، هذا القمعيُجعَل أكثر فعالية بمشورة الخبراء الإسرائيليين وغيرهم من الخبراءالغربيين.
إن الصومال المسلمة تولد تعاطفاً في العالم النصراني لمشكلاتها معجيرانها النصارى، ويبدو أنه عندما تحصل أي مشلكة –صغيرة كانت أم كبيرة- في أية دولةمسلمة يحضر مروّجو الدعاية الغربيون حالاً لتكبيرها بشكل غير مناسب معحجمها.
إن تسامح المسلمين مع اليهود الذي يمثل سجلاً تاريخياً يُكنس تحتسجادة الصحافة والكتابة الغربيتين، ولكن عندما يعلق جاسوسان يهوديان في بغداد يهتزالعالم النصراني كله من جذوره للبربرية العراقية، هذا بينما تنسَف قرى عربية كاملةمن وجودها بواسطة الإسرائيليين المحتلين لفلسطين، وبينما ترفض إسرائيل بأسلوب سمجالسماح للجنة حقوق الإنسان دخول الأراضي العربية المحتلة.
وقليل من الناس فيالعالم النصراني لديهم أدنى فكرة عن حجم الدمار والصراع الإنساني الذي تم فيالجزائر في حربها من أجل الاستقلال، ويبدو أن العالم النصراني عموماً غير مهتم،وعلى أية حال فالضحايا هم من المسلمين فقط.
وبمراقبة هذه الظاهرة فإن كثيراًمن الكتّاب العرب يسمونها »ازدواجية المعايير« وغيرهم يسميها »الحملة الجديدة ضدالسامية« التي تطورت لتأخذ محل الحملة القديمة ضد اليهودية وضد السامية ولترضي عادةنصرانية متأصلة.
ولكن في تقدير كاتب هذا المقال أنها ليست ظاهرة جديدةأبداً، وإنها جزء وقطعة من الحملات الصليبية القديمة التي بدأها البابا أوربانالثاني في القرن الحادي عشر واستمرت بعزم في أشكال عديدة وفي أراض عديدة حيثما كانهناك مسلمون، إنها الصليبية المستمرة، ونهايتها ليست في المدى المنظور.
مجلةالأمة، العدد 42، جمادى الآخرة 1404هـ
م/ن
بالتوفيق
تمثل الحملات الصليبية رد فعل أوروباالنصرانية ضد آسيا المسلمة. وقد كانت الحملات هجومية بعد بعثة محمد صلى الله عليهوسلم في القرن السابع الميلادي، وبقيت كذلك لأكثر من ألف عام، وكانت نتيجة لأسبابعديدة، بعضها باعثه سياسي، فمن ذلك مثلاً أن البابا أوربان الثاني تلقى سنة 1094ماستغاثة من الإمبراطور النيزنطي أليكسس كومانسس فجدّ في استغلال هذه الاستغاثةلتوحيد الكنيسة تحت قيادته، حيث كانت الكنيسة قد انقسمت إلى كنيسة يونانية وأخرىرومانية سنة 1054م.
الحملات الصليبية.. والتفكير والسلوكالصليبي..
ومن المعروف أنه كانت هناك حملات صليبية كثيرة في التاريخ. فالحملات الصليبية الأولى استطاعت أخيراً احتلال القدس وحكمتها لمدة ثمانين سنة. ولكن القدس استعيدت من قبل المسلمين عام 1244م. وبحلول عام 1291م سقطت باقي المدنالتي كانت تحت سيطرة الصليبيين في أيدي المماليك المسلمين.
ولكن الفصل الذيأنهى مصير هذه المدن يبدو أنه لم يُنْهِ فصل الحملات الصليبية، في التفكير والفعلالغربيين على الأقل. فلفترة طويلة بعد سقوط هذه المدن بيد المسلمين بقي الغربيونيتصرفون على طريقة الحروب الصليبية في مواجهة العرب والمسلمين عموماً.
وفيالحقيقة فإنه منذ الحملات الصليبية فإن العرب والمسلمين مترادفون فيتفكيرهم.
إن السلوك الصليبي الغربي كان واضحاً في عهد الاستكشافات الجغرافية، وكان هو الدافع الذي قاد إلى تلك الاستكشافات في عهد الاستعمار الغربي التجاريالمبكر في آسيا، كما كان واضحاً في الطريقة التي حكم بها الإسبان والبرتغاليونوالأوروبيون الآخرون والأمركيون العالم الإسلامي المحتل.
الاستعمار الأوروبيلبلاد المسلمين والروح الصليبية..
بدأ الاستعمار الأوروبي باحتلال جنوب شرقيآسيا المسلمة في القرن السادس عشر الميلادي وانتهى –إذا كان قد انتهى!- بالاستعمارالغربي للشرق الأوسط العربي في هذا القرن، وفي رأي كاتب هذا المقال تم الاحتلالالأوروبي بالروح الصليبية ضد المسلمين الكافرين [أي: غير المؤمنين بالنصرانية]،وظلال هذا النوع لا تزال تتكرر في يومنا هذا في العلاقات والتفكير والسلوك الأوروبيفي الأشياء والمشكلات التي تتعلق بالعرب والمسلمين. وحديثاً لا تتم هذه إلا بمعونةمروجي الدعاية الصهيونيين الأوروبيين الذي يستغلون بعنف الضغائن القديمة بينالنصرانية والمسلمين.
وسائل انتشار الإسلام قديماً في آسيا..
لقد بدأالاستعمار الأوروبي في الأنديز المسلمة [وهو الاسم القديم الذي يطلق على مجموعةالهند وجزر جنوب شرقي آسيا]، وحسبما يقول البروفسور هول فإن العرب تاجروا مع مالاياوالأنديز قبل زمن طويل من ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، ومع حلول القرنالعاشر الميلادي كان التجار العرب المسلمون نشيطين في تجارة الفلفل والقصدير منسومطرة والأنديز؛ ومن خلال الزواج المتبادل فقد نشروا الإسلام بين شعب المالاي. ويخبرنا البروفسور هول بأن سومطرة كانت تحكَم من قبل سلطان مسلم في نهاية القرنالثالث عشر الميلادي[2]، وقد شهد القرن الرابع عشر الميلادي غزوات للإسلام إلى داخلمالايا عندما وسع ماجاباهيت مسلم –إمبراطور جاوه- سيطرته على شبه الجزيرة، ولكننفوذ الإسلام في أعماق مالايا اكتمل خلال القرن الخامس عشر الميلادي.
وبحلولذلك الوقت كان الإسلام قد وصل أيضاً إلى الجزر الفليبينية وتغلغل حتى مانيلاشمالاً. وحسب رأي البروفسور هول فإن المولوكاس (المعروفة بجزر التوابل) أصبحت مسلمةسنة 1498م، وهي السنة التي دار فيها فاسكو دي غاما حول رأس الرجاء الصالح ووصل إلىالهند.
الحملات البرتغالية الإسبانية..
والإشارة إلى هذه هنا للتأكيدعلى أن البرتغاليين عندما وصلوا إلى مالايا والأنديز، شنوا حرباً جديدة وعنيفة،كالحملات الصليبية ضد الإسلام، كما فعلوا قبل ذلك بعدة سنوات في شبه جزيرة إيبيريا (وهي شبه جزيرة إسبانيا والبرتغال).
إن وصول الإسبان إلى الجزر الفليبينيةفي القرن السادس عشر جاء بالنتائج نفسها هناك. وخلال القرن السادس عشر وما بعدهخاضت كلا القوتين النصرانيتين عدة حروب ضد السلطان ا لمسلم الوطني وبالروح الصليبيةنفسها. وفي الحقيقة فإن الإسبان لم يجدوا فرقاً بين العرب المسلمين في إسبانياوالذين سموهم هناك »مور« وبين المسلمين الذين اكتشفوهم في جزر الأنديز، ولهذا السببفقد سموا هؤلاء المسلمين أيضاً »مور«، وهذه الكلمة تحولت فيما بعد إلى »مورو«. وحتىهذا ا ليوم فإن الأقليات المسلمة التي بقيت على قيد الحياة بصعوبة في الأجزاءالجنوبية من الفيلبين تعرف بهذا الاسم.
ولعله من المناسب أن نذكر هنا أنهعلى الرغم من أن البرتغاليين والإسبان قد شرعوا في نشر النصرانية بالقوة بين سكانجزر الأنديز فإن الإسلام قد انتشر في الجزر من قبل بطرق سلمية بشكلرئيس.[3]
ويجب أننتذكر أيضاً أن محاولة البرتغاليين لاكتشاف الأنديز عن طريق أفريقيا قد تمت أيضاًبروح الحملات الصليبية. فالبرتغال استقلت عن الحكم الإسلامي في القرن الرابععشر،وبإيحاء من أميرها هنري (الملاح) (1394-1360م) فقد أنشئت مدرسة للملاحة لهدفوحيد هو إيجاد طريق جديد لتوابل الأنديز، وبالتالي كسر احتكار تجارة التوابل من قبلالعرب وأهل مدينة فينيس [البندقية في إيطاليا].
وحسب رأي بريستيج فإن الدافعالعام لهنري كان متابعة الحملات الصليبية بمحاولة »الالتفاف حول دار الإسلاماستراتيجياً وتجارياً، وإقامة اتصالات مع النصارى الأثيوبيين، والإغارة معاً علىالمسلمين من الجنوب لربح تجارة التوابل والأنديز« [4]. إن المعاهدة الإسرائيليةالأمريكية الأثيوبية التي اقترحت حديثاً للالتفاف على العالم العربي تذكرنا بما وردأعلاه.
ولقد مات الأمير هنري سنة 1460 دون أن ينجز هدفه، ولكن في النهايةدار أحد أتباعه –وهو بارثولوميو دياز- حول الرأس الجنوبي لأفريقيا سنة 1488م. ثمبعد عدة سنوات وصل فاسكو دي جاما أخيراً إلى الهند وإلى الأنديز سنة 1489م، وهذاالحدث كان قمة النجاح لخميسن عاماً من جهود البرتغاليين، وفي الوقت نفسه كان قمةالنكسة لمماليك مصر.
وكانت بداية الركود التجاري والاقتصادي لمسلمي حوضالأبيض المتوسط لأكثر من ثلاثمائة وخمسين سنة، والتي استعيضت جزئياً بعد فتح قناةالسويس سنة 1869م.
وفي محاولتهم للحيلولة دون العرب وتجارة التوابل احتلالبرتغاليون الجزر العربية: هرمز وسوقطرة عام 1506م مسيطرين بذلك على مداخل الخليجالعربي والبحر الأحمر. وفي سنة 1515م احتلوا أيضاً جزيرة البحرين في الخليج العربي. وبين سنتي 1511م و1526م قاموا بحروب صليبية ناجحة ضد سلطان مالاكا المسلم، مسيطرينبذلك على مضيق مالاكا بين سومطرة ومالايا.
وعندما دخلوا تلك المدينة المسلمةالمزهرة أحرقوها فأجبر سكانها على النزوح إلى الأدغال الخلفية، ومن هناك نشرالبرتغاليون نفوذهم على جزر التوابل المعروفة باسم مولاكاس.
إن تجارة البرتغاليين وجهود التنصير في الأنديز لم يكوناناجحين جداً، وسبب هذا أن المسلمين قلما يغيّروا دينهم، وكذلك بسبب فساد القادةوالموظفين البرتغاليين الذين بدأوا بتبذير الثروة الجديدة للتاجالبرتغالي[5].
وحملات التنصير الكاثوليكي اعتمدت أيضاً على القوة العسكريةوليس على العقيدة[6]، والقوة العسكرية البرتغالية في الأنديز لم تكن قوية حتى تجبرالمسلمين على تغيير دينهم كما فعلت القوة العسكرية ذات القلب المتحجر في الفيلبين. وبالتالي فإن اليسوعيين ربحوا فقط بعض المتحولين عن دينهم في جزيرة إمبوانا الصغيرةفي مولاكاس وفي أقصى شمالي جزيرة كاليبيس.
أما الحملات الصليبية الأكثرفعالية فقد حصلت ضد مسلمي جزر الفيلبين: فقد وصل الإسبان إليها سنة 1521 بقيادةماجلان، ومع ذلك فإنه بسبب شكوى البرتغاليين فقد أهمل الإسبان مكتشفهم الجديد حتىسنة 1565،وفي هذه السنة احتلوا جزيرة سيبو،وبعد بأربعة أعوام احتلت أيضاً جزيرةباناي.
وفي سنة 1570م أرسلت حملة إلى مانيلا حيث احتلت، وأصبحت منذئذ مركزالحملات الصليبية ضد مختلف سلاطين الجزر المسلمين، وبسبب كون تغلغل المسلمين فيالشمال حديث العهد فقد أدى هذا إلى سهولة تغيير الدين بالقوة في شمالي جزر الفيلبينبما في ذلك لوزون.
أما في الجنوب فإن حرباً صليبية شاملة تبعت ذلك، (صراعكالصراع من أجل امتلاك جنوب إسبانيا ضد المورو ولذا فقد سمى الإسبان معارضيهمالمسلمين الجدد باسم مورو[7])، وقد دام هذا الصراع أكثر من مائة سنة، وعندما انتهىكانت معظم الجزر –عدا جزر مينداناو وسلسلة سولو- قد تحولت إلى النصرانية بالقوة،ومن بقي من مسلمي الجنوب بقي تحت اضطهاد وإهمال دائمين من قبل الإسبان، وهذاالإهمال تابعه حكام الاستعمار الأمريكي للجزر بعد انتزاعها من الإسبان سنة 1898م.
وفي القرن السابع عشر ورثالهولنديون جزر الأنديز من البرتغاليين، وبحلول عام 1641م كان الهولنديون قد طردواالبرتغاليين والإسبان والإنجليز، وفي تلك السنة احتلوا مدينة مالاكا الاستراتيجيةعلى مضيق مالاكا، وبالتالي أصبح الحكام المسلمون معظم منافسي الهولنديين في تجارةالتوابل والتحكم في بحار الأنديز، سواء في آشين في شمالي سومطرة أم في ماكاسار فيجنوبي جزيرة سيليبيس، ولكن الهولنديين لما يحاولوا مخلصين تغيير دين مسلمي شرقيالأنديز بالقوة أو بغيرها، فقد قاموا راغبين في استغلال ثروتها فقط.
إن بروزالقوة العثمانية في شرقي البحر الأبيض المتوسط بعد القرن الخامس عشر كان له أثرأيضاً في احتفاظ الأوروبيين بعادة التفكير بالطريقة الصليبية حتى هذا اليوم، فالروستعلقوا بأرض المسلمين في الإمبراطورية العثمانية خلال القرن التاسع عشر وبدايةالقرن العشرين. كذلك فعل البريطانيون والنمساويون والفرنسيون، ولولا المنافسةالمهلكة بين هذه القوى النصرانية لذبحوا المسلمين العثمانيين في القرن التاسع عشر،لا لسببن إلا لأنها دولة مسلمة، والغزوات ضد العثمانيين كمسلمين كانت واضحة فيتعاطف أوروبا النصرانية الذي جادت به بسخاء على ثورة اليونانيين خلال العشرينات منالقرن الماضي.
سبب الغيظ والبغض الصليبي للمسلمين..
ولعل من الأسبابالرئيسة للبغض الدائم والغيظ في عهد الاستعمار النصراني هو حقيقة أن المسلمين في كلمكان كانوا أناساً فخورين بدينهم، فخورين بتاريخهم وحضارتهم، وبالثقافة الإسلاميةالعالية التي لا يزالون يشعرون أنهم يمثلونها.
ومن وجهة نظر الاستعمارالنصراني فإن هذا غرور، ولذا فقد خضع المسلمون تحت الاستعمار الأوروبي –سواء أكانواأقليلة كما في الهند، أم أكثرية ما في مصر- إلى الجور والظلم.
ممارساتحاقدة..
في الهند –بالإضافة إلى تدفق المسلمين إليها من وسط آسيا والشرقالأوسط- فقد تحول إلى الإسلام عدد ضخم من الطبقة الدنيا من نظام الطوائف الاجتماعيةالهندوسي، وسبب هذا هو نظام المساواة في الإسلام. لقد كانوا فقراء قبل أن يتحولوا،وبقوا كذلك فقراء بعد إسلامهم.
ولقد احتفظت تخبة صغيرة من المسلمين بمناصبالجيش والإدارة المدنية والقضاء في ظل حكم المغول المسلمين، بينما قامت الطبقةالوسطى من الهندوس بأعمال التجارة والصناعة والزراعة، ومع مجيء الحكم البريطانيللهند فقد استبدل موظفون بريطانيون بالموظفين المسلمين الذي كانوا في المناصبالعالية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عمد البريطانيون إلى استبدال موظفين هندوسبالموظفين المسلمين في الوظائف الأخرى الثانوية [8]، وقد ازداد اضطهاد المسلمين بعدتمرد الجيش عام 1857م. وحسبما يقول باندي: »… لقد أصبحت الحكومة عدائية للمسلمينبلا تردد بعد سنة 1857م، واضطهدت الطبقة العليا من المسلمين التي حاولت إعادةإمبراطورية المغول« [9].
ولعل البريطانيين لم يحتقروا أحداً من رعايامستعمراتهم بطريقة منهجية كتلك الطريقة التي اتبعوها في مصر [10]، ويبدو أنه منالمنطقي الاعتقاد بأن ذلك قد يكون بسبب أن مصر بقيت كطليعة لضمير وقيادة المسلمينحتى في أحلك فترات تاريخ المسلمين.
إنه معروف جيداً في السياسة البريطانيةمنذ عهد بالمرستون والعشرينيات من القرن الماضي أن بريطانيا لن تسمح بوجود حكومةقوية في مصر. وهذا غريب لأن قناة السويس لم تشق إلا سنة 1869، وبريطانيا لم يكن لهابعد أي مستعمرات مهمة في العالم العربي، وقد بقيت رؤية بالمرستون حية في التفكيرالسياسي البريطاني بعد احتلال بريطانيا لمصر والسودان.
فلسطين.. ضحية الحقدالصليبي..
وهذا النوع من التفكير قاد بريطانيا إلى تقديم بلد عربي كامل –هوفلسطين- كقربان على طبق من فضة إلى شعب أجنبي وذلك في وضح النهار في القرن العشرين. وليس هناك شك أن قيام دولة إسرائيل كان بتخطيط بريطانيا لتكون شوكة لمصر –رائدةالدول العربية- وسكّيناً في قلب العالم العربي.
وفي الحقيقة، فإنه ليس هناكفي التاريخ الحديث ولا البعيد مثال لبلد آهِل ومتحضر مثل فلسطين قد دنّس علناً منقِبَل العالم النصراني.
إن البريطانيين في كثير من الأجزاء الأخرىلإمبراطوريتهم يحبون أن يذكروا –مع الفخر- بأنهم يحمون الضعيف والبريء ضمن حدودإمبراطوريتهم، ولكن ليس الأمر كذلك في العالم العربي.
فالفلسطينيون الضعفاءكانوا مكتوفي الأيدي والأقدام من قبل القوة البريطانية المحتلة نفسها بينما شاهدوابأعينهم اغتصاب بلدهم من قبل الصهاينة.
إن الجريمة البريطانية البشعة فيفلسطين قد ووفِق عليها من قِبَل واشنطن وغيرها من العواصم النصرانية، وإن قائمةالدول التي صوتت لبدء اغتصاب فلسطين عام 1947م قد وافقت بذلك على حرب صليبية مستمرةضد العالم العربي.
إن الدول العربية وبعض الدول الإسلامية قد صوّتت وحدها ضدالقرار الذي لا يمكن تصديقه. وبعد عام 1948م فإنه بإمكان أي إنسان أن يرى تدفقاًدائماً للحب والعاطفة تجاه إسرائيل في العالم النصراني، بينما أصبح معظم شعب فلسطينالأصلى نصف جياع، نصف عراة، معتلي الصحة في مخيمات اللاجئين.
إن كل الناس فيالعالم النصراني حتى الباب يؤكدون باستمرار تحرريتهم وحبهم وشعورهم بالإثم وما شابهذلك تجاه إسرائيل، ولكن قليلاً منهم يتذكر عرب فلسطين.
إن عالمية النصرانيةوإنسانيتها وتحررها لا تشمل –بطريقة ما- المسلمين. وكان العالم النصراني يلعب لعبة »بنو الإنسان، والعرب«. يخبرك الأمريكيون أنهم يدعمون إسرائيل لأنهم يشعرون بالتحرروالإثم. والألمان يدفعون إلى إسرائيل تعويضات ضخمة ويرسلون سراً إلى إسرائيل كمياتكبيرة من الدبابات والسلاح لأنهم رأوا النور ويشعرون بالإثم. أما بريطانيا فقدأوجدت إسرائيل لأن البريطانيين متحررون ويشعرون بالإثم، ولكن لا يشعر أحد بالإثمتجاه الفلسطينيين العرب!
ولا بد لأحدنا أن يشك أن هذا الحب ليس إنسانيةجديدة مكتشفة، ولا تسامحاً تجاه اليهود ولكنه بعض ساكن ومتكرر للمسلمينالعرب.
إنها الصليبية القديمة ولكن تحت مظاهر مختلفة، وبالتالي تقوم فرنسابتسليح إسرائيل حتى الأسنان في الخمسينات والستينات من هذا القرن؛ لأن الفرنسيينيبغضون ويحتقرون عرب الجزائر المغرورين.
»
والشعور بالذنب« الألماني منذالحرب العالمية كان بيّناً في الدبابات والسلاح لإسرائيل لقتل العرب، وهذا يعطيمادة للتفكير.أما بالمرستون البريطاني فإنه بالتأكيد لم يكن يفكر بطريقةإنجيلية عندما وضع سياسة بريطانيا الرئيسية تجاه مصر في العشرينات من القرنالماضي.
ويحب المؤرخون البريطانيون والأنجلو-ساكسونيون الإشارة إلى أنهعندما دخل الجنرال البريطاني أَلِنْبي القدسَ سنة 1918م وأخذها من المسلمين الأتراكفإن أجداده الصليبيين لو كانوا أحياءً لكانوا فخورين جداً بإنجازه النصراني العظيم،أما مروّجو الدعاية الصهيونيون –بدهائهم المعروف- منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدسعام 1967م وأخذها من المسلمين العرب- يحاولون أن يحيطوا إسرائيل بالهالة الصليبيةنفسها.
إسرائيل تلعب الدور النصراني في العقلية الغربية
وفي الحقيقةفإن إسرائيل –بغض النظر عن الدين- قد أخذت على عاتقها بذكاء الدور النصراني فيالعقلية الغربية وذلك منذ إنشائها عام 1948م. وإسرائيل لم تلعب هذا الدور في شرقيالأبيض المتوسطضد المسلمين العرب وحدهم ولكنها –مع التعاطف الغربي- تأخذ علىعاتقها الدور الصليبي أينما وجِد المسلمون، وذلك بمعارضتهم أوهزيمتهم.
فمثلاً نجد الطيارين والخبراء العسكريين الإسرائيليين في إقليمكاتانجا الانفصالي في جمهورية الكونغو في بداية الستينات من هذا القرن، وذلك لأنالمسلمين المصريين كانوا متعاطفين مع حكومة الرئيس لومومبا المركزية.
وقددعت الحكومة المصرية أرملة لومومبا وأولاده ليعيشوا في القاهرة بعد مقتله الذي كاننهاية مقامه في التاريخ الغربي، على أن تعاطف المسلمين مع لومومبا كان يفوق التصرإذ الحقيقة أن لومومبا نفسه كان نصرانياً وعندما انفصل إقليم بيافرا النصراني عننيجيريا أرعب العالم النصراني كله بوحشية الحكومة المسلمة المركزية، وقليلون فيالولايات المتحدة مثلاً يذكرون كيف أصبح لينكولن أسطورة أمريكية لأنه أصرّ على أنالانفصال كان عملاً سيئاً: حرب أهلية دامية أم لا؟
وعندما ثارت مجموعة من الأكراد ضد الحكومة العراقية اندفع إلى العراقأفواج من المراسلين النصارى والصهيونيين واكتشفوا الأكراد، وكُتبت كتب عن الثوارالأكراد الشجعان [11]، ولم يسجل واحد من هؤلاء الجهودَ المخلصة للحكومة العراقيةللاستجابة لمطالب الأكراد.
وكل الناس سمعوا عن الفقراء النصارى في جنوبيالسودان الين يُدّعى أنهم يُقمَعون من قبل الحكومة المسلمة في الخرطوم، ولكن لميسمع أحد عن القمع الحقيقي للمسلمين الأريتريين في إثيوبيا النصرانية، هذا القمعيُجعَل أكثر فعالية بمشورة الخبراء الإسرائيليين وغيرهم من الخبراءالغربيين.
إن الصومال المسلمة تولد تعاطفاً في العالم النصراني لمشكلاتها معجيرانها النصارى، ويبدو أنه عندما تحصل أي مشلكة –صغيرة كانت أم كبيرة- في أية دولةمسلمة يحضر مروّجو الدعاية الغربيون حالاً لتكبيرها بشكل غير مناسب معحجمها.
إن تسامح المسلمين مع اليهود الذي يمثل سجلاً تاريخياً يُكنس تحتسجادة الصحافة والكتابة الغربيتين، ولكن عندما يعلق جاسوسان يهوديان في بغداد يهتزالعالم النصراني كله من جذوره للبربرية العراقية، هذا بينما تنسَف قرى عربية كاملةمن وجودها بواسطة الإسرائيليين المحتلين لفلسطين، وبينما ترفض إسرائيل بأسلوب سمجالسماح للجنة حقوق الإنسان دخول الأراضي العربية المحتلة.
وقليل من الناس فيالعالم النصراني لديهم أدنى فكرة عن حجم الدمار والصراع الإنساني الذي تم فيالجزائر في حربها من أجل الاستقلال، ويبدو أن العالم النصراني عموماً غير مهتم،وعلى أية حال فالضحايا هم من المسلمين فقط.
وبمراقبة هذه الظاهرة فإن كثيراًمن الكتّاب العرب يسمونها »ازدواجية المعايير« وغيرهم يسميها »الحملة الجديدة ضدالسامية« التي تطورت لتأخذ محل الحملة القديمة ضد اليهودية وضد السامية ولترضي عادةنصرانية متأصلة.
ولكن في تقدير كاتب هذا المقال أنها ليست ظاهرة جديدةأبداً، وإنها جزء وقطعة من الحملات الصليبية القديمة التي بدأها البابا أوربانالثاني في القرن الحادي عشر واستمرت بعزم في أشكال عديدة وفي أراض عديدة حيثما كانهناك مسلمون، إنها الصليبية المستمرة، ونهايتها ليست في المدى المنظور.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاً : في الجانب الاجتماعي والاقتصادي :
– شيوع روح العجز والفشل :
وذلك بسبب الهزائم التي حصلت للمسلمين في بدايات هذه الحروب ، حتى اقتنع بعض المسلمين بعدم إمكانية الانتصار ، واتجه بعضهم إلى اعتبار جهاد الصليبيين بالقلم واللسان قد يغني عن جهادهم بالسيف والسنان .
– ترك الجهاد كلية :
فشغل كثير من المسلمين أنفسهم بالعبادة من صلاة وصيام واعتكاف وذكر وتسبيح ، واتخذ ذلك صوراً عدة ، فمنهم من يهاجر إلى مكة والمدينة ليجاور أحد الحرمين .
ومن ذلك الدعوة إلى الزهد في الدنيا واحتقار ما فيها ، والعيش منها على الكفاف ، فمدحوا الجوع والعري والفقر، مما أصاب الناس بالكسل والتراخي ، فكان ذلك من أسباب تفوق أعدائهم عليهم .
ومنهم من اشتغل عن الجهاد بتأليف الكتب والرسائل والمقالات في يوم القيامة والدجال وظهور عيسى عليه السلام والجنة و ما فيها من النعيم والحور العين .
كما لجأ عدد من الشعراء إلى القصائد النبوية يمدحون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يستشفعون به ، أو يطلبون منه النصر على الأعداء ، وبعض هذا غير جائز شرعاً .
– استحداث مدن لم يكن لها وجود ملحوظ :
مثل مدينة قوص وثغر عيذاب على البحر الأحمر ، وذلك أن الصليبيين قد استولوا على فلسطين وثغورها فأصبح الطريق للحج لأهل الأندلس وشمال أفريقية غير مأمون ، فاتجه الحجاج إلى مصر ، ثم يسلكون طريق النيل إلى جنوبي القاهرة حيث مدينة قوص ، ومنها إلى ثغر عيذاب ، ثم يركبون البحر إلى البلاد المقدسة .
وترتب على ذلك أن عظم شان قوص وكثرت بها المدارس والمعاهد والمساجد ، وقصدها العلماء ، وبزغ منها علماء في الحديث والفقه والنحو ، وكثر بها الأدباء والشعراء ، و كذلك عيذاب .
ثانياً : في الجانب الاقتصادي :
– في الجانب الإيجابي : ترويج التجارة :
ونقل حاصلات الشرق ومنتجاته إلى أوروبا ، عن طريق جنوا والبندقية وبيزا ، وغيرها من الموانئ الأوروبية التي اشترطت للدخول في الحرب حصولها على امتيازات تجارية في ممالك الصليب بالشام .
وأصبحت مثل عكا وصيدا وصور واللاذقية مراكز تجارية هامة حملت حاصلات الشرق لأوروبا من مثل المنسوجات القطنية والحريرية والأواني الزجاجية واللآلئ والأحجار الكريمة والعاج والأخشاب والعقاقير والتوابل التي كانت ترد للشرق الإسلامي من الشرق الأقصى .
كل ذلك كان يأخذه الغربيون عن طريق العراق حيناً والشام حيناً لتستقر في الثغور التي احتلها الصليبيون في الشام ، ومنها تعبر البحر إلى أوروبا . كما استفادوا كذلك من بعض الثغور المصرية التي احتلوها كدمياط والإسكندرية .
ولا شك أن هذه الاستفادة التجارية لم تكن موضع رضا المخلصين ، بسبب أنها تجارة بين صاحب الأرض والمحتل الغاصب ، كما أن استمرار الجهاد ضد المحتلين لم يعط الفرص الكافية لاستقرار التجارة .
– الجانب السلبي : الخسائر في الأرواح والممتلكات والأموال :
وربما أدت الحروب الصليبية إلى دمار كامل لبعض المدن والثغور ، وهذا يحدث كساداً تجارياً وخللاً اقتصادياً .
وصاحب الحروب تعطيل لكثير من الصناعـات ، وتضييع لكثير من الحاصلات الزراعية ، واختلال الأمن ، وإشاعة للسلب والنهب ، أدى ولا شك إلى ارتفاع الأسعار لدرجة أعجزت الناس عن الحصول على ضرورياتهم .
ثانياً : في الجانب السياسي :
وتجلى هذا الأثر في مجالين هما :
– اتحاد المسلمين وجمع كلمتهم تحت قيادات مخلصة .
– إضعاف الدولة الرومانية الشرقية – بيزنطة – مما أدى إلى الاستيلاء عليها نهائياً ، بعد انتهاء الحروب الصليبية بزمن غير بعيد .
أما وحدة المسلمين في مواجهة الصليبيين فقد كانت الدولة العباسية عند بدء الحروب الصليبية ضعيفة مفككة الأوصال على شكل ولايات متعادية يطمع رئيس كل ولاية أن يوسع ولايته على حساب ولاية جيرانه . وكانت الدولة الفاطمية في أضعف قواها وظروفها ، وهذا قد أدى لظهور شخصيات لمعت في جمع شمل المسلمين وتوحيد صفوفهم ضد الصليبيين ، وأشهرهم عماد الدين زنكي ، وابنه نور الدين محمود ، وصلاح الدين الأيوبي الذي دانت له مصر والشام واليمن واسترجع المسجد الأقصى من أيدي الصليبيين .
أما إضعاف الدولة البيزنطية فقد كانت هذه الدولة سداً منيعاً في وجه الفتوح الإسلامية والتي منعت امتداد الإسلام إلى أوروبا ، فلما استغاثت الدولة البيزنطية بأوروبا ضد السلاجقة المسلمين قامت الحملات الصليبية بتقوية الدولة البيزنطية في البداية ولكن أطماع الأوروبيين امتدت نحو هذه الدولة فحرصوا على الاستيلاء على البلدان التي تقع تحت أيديهم من المسلمين وإن كانت في الأصل للدولة البيزنطية ، مما تحول إلى صراع بين قادة الصليبيين في الشرق الإسلامي وأباطرة الدولة البيزنطية ، حتى حول الصليبيون الأوروبيون الدولة البيزنطية إلى دولة لاتينية إقطاعية ، ثم استعادت بعض نفوذها من الأوروبيين لكن العثمانيين جاؤوها وقد ضعفت وتضعضعت فأزالوها .
ثالثاً : إذكاء العواطف الدينية :
إذ ثاب المسلمون إلى رشدهم ، وعادوا إلى مصدر عزهم وانتصارهم ، واستيقظت في نفوسهم حمية الإسلام ، وعاشت في قلوبهم آيات الجهاد وأحاديثه ، ورفعوا علم الجهاد في سبيل الله تعالى ، وظهر القادة المجاهدون المخلصون وتبعتهم الأمة ونصرتهم .
وكره المسلمون النصارى الذين كانوا يقيمون معهم في البلدان الإسلامية ، وكذلك اليهود الذين وقفوا إلى جوار الصليبيين ضد المسلمين ، فعاملهم المسلمون بالتضييق والشجب وعدم الثقة وسحبت منهم بعض الأعمال والمناصب التي كانوا يتولونها من قبل ، وظهرت كتب ومؤلفات في الرد على أهل الكتاب وتبيين التحريف في أديانهم مثل كتاب : هداية الحيارى من اليهود والنصارى لابن القيم ، وكتاب : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ، وكتب في ذكر مثالب الصليبيين ومفاسدهم ، وكتب في الثناء على الحكام المسلمين الذين قاتلوهم .
رابعاً : في التأثر ببعض العادات :
وهي مبدأ توريث الإقطاع بأن يقطع كل أمير وقائد جند في جيشه قطعة كبيرة من الأرض بحيث يتكفل بإدارة الإقطاع والإشراف عليه مالياً وإدارياً وعسكرياً ، ويؤدي من دخله ما عليه من مال للسلطان ، وأعظم سيئات هذا العمل ظهور نظام الطبقية في المجتمع وما يتبعه من مشاعر سيئة لدى الفقراء ، وظهور منافقي السلاطين ليعيشوا من أموالهم .
وكذلك رباطات الصوفيين و تكاياهم ، التي تشبه أديرة النصارى في بلدانهم ، فقد احترف بعض المسلمين الانقطاع للعبادة والقعود في رباطات بناها لهم السلاطين ، إيثاراً للعافية والدعة على حرب الصليبيين ، وأشاع الصوفيون بهذا روح التواكل حتى ترك كثير من الناس الجهاد مما جعل بعض الحكام يأتي بالجنود من أماكن بعيدة .
وأخيراً انتشار الرقيق والاتجار فيه ، فقد توسع أثرياء المسلمين في اقتناء العبيد والجواري والغلمان لتمام الزينة والرونق ، وجر هذا على المسلمين فساداً أخلاقياً عظيماً وتسربت معه عادات لا يقرها الإسلام في التحية والملابس ، وظهرت أماكن أعدت للهو والغناء وشرب الخمر وغير ذلك .
م/ن
مرحباااااااااا
لووو سمحتواا ممكن اتساعدوني
اريد نتايج الحروب الصليبيه على العالم الآوروبي والإسلامي ؟؟؟؟
سلامي لكم ^.^
الحروب العالمية
في العقد الثاني من القرن العشرين اندلعت حرب لم يشهد تاريخ البشرية من قبل مثيلا لها ، لا من حيث مساحة رقعة عملياتها، ولا من حيث نوع الأسلحة المستخدمة فيها ، ولا من حيث عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا فيها 0 لذلك أطلق عليها بحق أسم الحرب الكبرى ، أو الحرب العالمية الأولى (1914-1918)
1-الأسباب
I- التنافس الاستعماري:
عرف القرن التاسع عشر بقرن الاستعمار 0فقد سعت الدول الصناعية الكبرى خلاله إلى مزيد من المستعمرات للحصول على المواد الأولية ، والأيدي العاملة ، والأسواق الاستهلاكية لمنتجاتها 0فنشأ بينها سباق محموم الى التسلح 0
II- الصراع الفرنسي –الألماني:
بدأ هذا الصراع عندما احتلت ألمانيا مقاطعتي الألزاس واللورين الفرنسيتين سنة 1870م 0وفي بداية القرن العشرين أرادت فرنسا ضم المغرب إلى مستعمراتها في شمال أفريقيا ، فتصدت لها ألمانيا خوفا على مستعمراتها في أفريقيا الوسطى 0 وكادت الحرب أن تنشب بين الدولتين لولا تدخل بريطانيا والولايات الأمريكية المتحدة ، ومنح ألمانيا قسما من الكونغو مقابل حصول فرنسا على المغرب0
III- صراع القوميات:
في أواخر القرن التاسع عشر تحررت معظم أراضي البلقان من السيطرة العثمانية 0 غير أن الدول المستقلة التي قامت فيها على أساس قومي ، لم تستطيع منع الإمبراطوريات الكبرى المحيطة بها من التدخل في شؤونها 0 وعندما قامت النمسا بضم منطقة البوسنة –الهرسك إلى أراضيها (1908م) ،برغم أعتراض الصرب ،أنقسمت أوروبا إلى معسكرين :التحالف الثلاثي (النمسا وألمانيا وإيطاليا ) والوفاق الودي (فرنسا وبريطانيا وروسيا )0
د-السبب المباشر: في 28 يونيو 1914م إغتال طالب صربي ولي عهد النمسا فرانسوا فرديناند وزوجته في ساراييفو عاصمة البوسنة، فاندلعت الحرب0
2-مراحل الحرب:
أ-المرحلة الأولى :
اقتصرت العمليات العسكرية خلالها على الجبهة الأوروبية 0فبعدما أجتاح الألمان بلجيكا وشمال فرنسا ،تمكن الإنكليز والفرنسيون من إيقاف زحفهم في معركة المارن (1914)0
ب-المرحلة الثانية :
تميزت بالثبات في المواقع (حرب الخنادق)، وكان من أبرز الأحداث فيها دخول تركيا وبلغاريا الحرب إلى جانب ألمانيا والنمسا ، وانتصار الإنكليز والفرنسيين على الألمان في معركة فردان (1916م)، والمحاولة الفاشلة التي قام بها الأتراك لتحرير قناة السويس ومصر من قبضة الإنكليز 0
وقد برزت في هذه المرحلة أيضا ثورة الشريف حسين في الحجاز بدعم من الإنكليز0
ج- المرحلة الثالثة :
شهدت هذه المرحلة انسحابا روسيا من الحرب بعد قيام الثورة الشيوعية فيها (1917م) ، ودخول الولايات المتحدة في القتال إلى جانب الحلفاء ، مما أدى إلى هزيمة ألمانيا في معركة المارن الثانية (1918م) وانتهاء الحرب0
3-النتائج :
أسفرت الحرب العالمية الأولى عن وقوع ملايين القتلى والجرحى ،عدا الدمار الهائل الذي حل بالأراضي الزراعية والتجمعات السكنية 0 فشلت الحركة الاقتصادية في العالم كله 0 وعلى الصعيد السياسي أدت هذه الحرب إلى تغيير جذري في خريطة أوروبا السياسية 0إذ قامت فيها دول جديدة على حساب إمبراطوريات ألمانيا والنمسا وروسيا الشيوعية 0 أما الوطن العربي فتخلص من السيطرة التركية ليقع في قبضة الاستعمار الأوروبي ، أو الانتداب 0 وقد أملت الشعوب المستضعفة خيرا بإعلان مبادئ الرئيس الأميركي ولسون وبتأسيس عصبة الأمم 0 غير أن مؤتمر الصلح الذي عقد في باريس (1919م) أعطى الدول المنتصرة ، مكاسب استعمارية جديدة
م/ن