الشيخ علي الطنطاوي ولد في مدينة دمشق بسوريا في 23 جمادى الأولى 1327 هـ (12 يونيو 1909) ، حصل على البكالوريا سنة 1928م، من مكتب عنبر الثانوية في دمشق آنذاك, وسافر إلى مصر للدراسة في كلية دار العلوم التي لم يكمل الدراسة فيها، فعاد إلى دمشق والتحق بكلية الحقوق حتى نال الليسانس سنة 1933م، وعمل في سلك القضاء وتدرج لاعلى المناصب في المحاكم السورية .
حياته
الشيخ علي الطنطاوي ينتمي لأسرة علم ودين معروفة في دمشق فوالده الشيخ مصطفى الطنطاوي من اهل العلم وجده الشيخ والعالم محمد الطنطاوي عاش بين دور العلم ومنازل العلماء في الشام وتفتح وعيه وفلول الاتراك العثمانيين تغادر مدينته وسوريا, وعندما دخل الفرنسيون إلى دمشق زار قائدهم الجنرال غورو قبر صلاح الدين الايوبي وقال: (ها نحن عدنا يا صلاح الدين الان انتهت الحروب الصليبية). كانت تلك المرحلة نقطة تحول في وعي الفتى العاشق لبلده علي الطنطاوى وبعد أن أصبح الاحتلال الفرنسي واقعا في سوريا كان العلماء راس الحربة في التصدي لهذا المستعمر وتولى الشيخ بدر الدين الحسيني شيخ العلماء في سوريا قيادة ثورة العلماء وجابو البلاد يحرضون الناس ضد المستعمر، وكل تلك الاحداث كانت في عقل وفكر الشاب علي الطنطاوى وهو في قلب تلك الاحداث فزاد فوق علمه علم وخاصة في علوم الدين وعرف عنه الحكمة والعلم والفقه، وسافر لتعليم وتفقيه الناس في كل مكان وأنتقل للتدريس في الثانوية المركزية في بغداد عام 1936م, ثم الثانوية الغربية، وأنتقل إلى دار العلوم الشرعية في الأعظمية، وأنتقل بعدها إلى مدينة كركوك في شمال العراق ثم البصرة في أقصى الجنوب وبقي في العراق وألف كتابا خاصا عن بغداد ، عام 1937م، ودرس في الكلية الشرعية في بيروت.
عاد إلى دمشق وتابع عمله بالتدريس ثم عين قاضيا في المحاكم السورية حتى أصبح مستشارا لمحكمة النقض في مدينة دوما قرب دمشق وتدرج في عمله وعرف عنه العدل والحكمة ، سافر إلى السعودية وعمل مدرسا في كلية الشريعة وكلية اللغة العربية في الرياض وبعدها أنتقل للتدريس في مكة ، ثم بدأ البرنامج الإذاعي (مسائل و مشكلات) ثم برنامج (نور وهداية) في التلفزيون السعودي.
وشارك في المؤتمر الإسلامي الشعبي في القدس عام 1953م ، وقد سافر إلى باكستان و الهند و إندونيسيا من أجل التعريف بقضية فلسطين وناشرا النور والهداية بين الناس في كل مكان ذهب اليه.
وتوفي في 6/18/1999 م في جدة وصلي عليه صلاة الجنازة في الحرم المكي ودفن في مكة.
تميز بأسلوبه الجذاب والسهل الممتنع، وكان قريبا من الناس متفهما لهم، وناقش الكثير من المشكلات الإجتماعية وبعض الإعتقادات الخاطئة, وتميز بأدبه ومقالاته، ومن أعز أصدقائه الكتاب الذي كان لا يفارقه. وكان قريبا من المثقف والعامي.
موت بنان الطنطاوي
يصف الشيخ علي الطنطاوي موت ومقتل أبنته في مذكراته:
"إن كل أب يحب أولاده، ولكن ما رأيت ، لا والله ما رأيت من يحب بناته مثل حبي بناتي، ما صدقت إلى الآن وقد مر على استشهادها أربع سنوات ونصف السنة وأنا لا أصدق بعقلي الباطن أنها ماتت، إنني أغفل أحيانا فأظن إن رن جرس الهاتف، أنها ستعلمني على عادتها بأنها بخير لأطمئن عليها، تكلمني مستعجلة، ترصّف ألفاظها رصفاً، مستعجلة دائما كأنها تحس أن الردى لن يبطئ عنها، وأن هذا المجرم، هذا النذل …. هذا …….يا أسفي ، فاللغة العربية على سعتها تضيق باللفظ الذي يطلق على مثله، ولكن هذه كلها لا تصل في الهبوط إلى حيث نزل هذا الذي هدّد الجارة بالمسدس حتى طرقت عليها الباب لتطمئن فتفتح لها، ثم اقتحم عليها على امرأة وحيدة في دارها فضربها ضرب الجبان والجبان إذا ضرب أوجع، أطلق عليها خمس رصاصات تلقتها في صدرها وفي وجهها، ما هربت حتى تقع في ظهرها كأن فيها بقية من أعراق أجدادها"
أهم أنجازاته
إن من أهم ماتركه الشيخ علي الطنطاوي هو مذكراته التي جمعها من تراث القرن الماضي، ففيها الكثير من القصص التاريخية والأجتماعية والأدبية، وهو نتاج عمله، وقراءاته ومطالعاته لأكثر من نصف قرن.