التصنيفات
الصف العاشر

بحث عن التفسير بالمأثور للصف العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

الحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق أجمعين سيدنا محمد و على اله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد
المقدمة :
القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه و تعالى ولهذا فإنه مصدر التشريع الأول في الاسلام . و اهذا فقد اهتم المسلمون منذ القدم بفهم و تفسير معاني القرآن الكريم و آياته
و لهذه الأهمية الكبيرة لتفسير القرآن الكريم
كتبت هذا البحث عن أحد أنواع التفسير ألا و هو التفسير بالمأثور و قد استعنت لكتابة بحثي هذا بالعديد من المصادر و منها كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام السيوطي و عدد من المواقع الألكترونية .

تعريف التفسير بالمأثور
إنَّ مصطلح التفسير بالمأثور معروف عند العلماء السابقين ، لكنَّ تعريفه بأنه : تفسير القرآن بالقرآن ، وتفسير القرآن بالسنة ، وتفسير القرآن بأقوال الصحابة ، وتفسير القرآن بأقوال التابعين = مصطلحٌ معاصر .
وقد جُعِلَ مصطلحِ التفسير بالمأثور هذا مقابلاً للتفسير بالرأي ؛ أي أنَّ ما لم يكن من التفسير بهذه الأنواع الأربعة ، فهو من التفسير بالرأي .
ومما بُنِيَ على هذين المصطلحين من نتائج : تقسيم كتب التفسير على هذين المصطلحين .
وهناك غير ذلك مما ذكره من كتب في هذا المصطلح سيأتي ذكر بعضها أثناء الحديث عنه .
مناقشة هذا المصطلح :
أولاً : في تحديد التفسير بالمأثور في هذه الأنواع الأربعة :
1 ـ إنَّ من جعل التفسيرَ بالمأثور يشمل هذه الأنواع الأربعة ، لم يبين سبب تحديد المأثورِ بها . وهذا التحديد اجتهادٌ ، وهو قابل للأخذ والردِّ ، كما هو الحال في غيره من المصطلحات العلميَّةِ غير الشرعيَّةِ .
وأقدم من رأيته نص على كون هذه الأربعة هي التفسير بالمأثور الشيخ محمد بن عبد العظيم الزرقاني ( ت : ) ، حيث ذكر تحت موضوع (التفسير بالمأثور) ما يأتي : » هو ما جاء في القرآن أو السنة أو كلام الصحابة تبياناً لمراد الله من كتابـه « ( ) .
ثم جاء بعده الشيخ محمد حسين الذهبي ( ت : 1397) ، فذكر هذه الأنواع الأربعة تحت مصطلح (التفسير المأثور) ، فقال : » يشمل التفسير المأثور : ما جاء في القرآن نفسه من ، وما نُقلَ عن الصحابة رضوانrالبيان والتفصيل لبعض آياته ، وما نُقلَ عن الرسول الله عليهم ، وما نُقِلَ عن التابعين ، من كل ما هو بيان وتوضيح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم « ( ) .
ثمَّ تتابع بعض المعاصرين على هذا المصطلحِ بتقسيماته الأربعة . لذا فإنَّ كثرة وجوده في كتب علوم القرآن المعاصرة ، أو غيرها من كتب مناهج المفسرين ، أو مقدمات بعض المحققين لبعضِ التفاسير( ) = لا يعني صحَّته على الإطلاق ، بل هؤلاء نقلوه عن كتاب (( التفسير والمفسرون )) بلا تحرير ولا تأمُّلٍ فيه ، إلا القليل منهم .
2 ـ أن المعروف من لفظة مأثور : ما أُثرَ عن السابقين ، وتحديد زمنٍ معيَّنٍ إنما هو اصطلاحٌ . وإذا كان ذلك كذلك ؛ فكيف يكون تفسير القرآن بالقرآن مأثورًا ، وأنت ترى الله يَمُنُّ عليك بتفسير آيةٍ بآيةٍ ، فعن من أثرته ؟!
عن من أَثَرَ ابن كثيرٍ ( ت : 774 ) تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ ؟! وكذا محمد الأمين الشنقيطيُّ ( ت : 1393 ) في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ، عمَّن أَثَرَ تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ ؟!
وإذا كان ذلك واضحًا لك ، فكيف يكون اجتهاد المتأخرين والمعاصرين وأهل البدع الذين يحملون بعض الآي على بعضٍ و يفسِّرونها بها ، كيف يدخل كلُّ هذا في المأثورِ عن الصحابة والتابعين ؟!
لا شكَّ أن حمل معنى آية على آية هو من اجتهاد المفسِّر ، سواءً أكان المفسر من الصحابة ، أم كان من التابعين ، أم كان ممن جاء بعدهم ، والاجتهاد عرضة للخطأ ، ويوزن بميزانٍ علميٍّ معروفٍ ، ولا يقبل إلاَّ إذا حَفَّتْ به شرائطُ القبولِ ، كأيِّ اجتهادٍ علميٍّ آخر ( ).
ومن هنا يجب أن تُفَرِّقَ بين كون القرآن مصدرًا من مصادر التفسير ، أو أنه أحسن طرق التفسير ، وبين كون التفسير به يُعدُّ من التفسير بالمأثور ، والفرق بين هذين واضحٌ .
3 ـ أين يقع تفسير أتباع التَّابعين في هذين المصطلحين ، وما علَّةُ جعلِه مأثورًا أو غير مأثورٍ عند هؤلاء ؟
لقد عَلَّلَ محمد حسين الذهبي ( ت : 1397 ) لسبب إدخال تفسير التَّابعين في المأثور ، فقال : » وإنما أدرجنا في التفسير المأثور ما رُوي عن التابعين ـ وإن كان فيه خلاف : هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرَّأي؟ ( ) ـ لأننا وجدنا كتب rالتفسير المأثور ـ كتفسير ابن جرير وغيره ـ لم تقتصر على ما ذكر مما روي عن النبي وما روي عن الصحابة ، بل ضمَّنت ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير« ( ) .
وإذا تأمَّلت هذه العلَّة التي ذكرها ، وجدتها أنها تندرج على مفسِّري أتباع التابعين الذين ترى أقوالهم منثورةً في كتب التفسير التي تُعنى بنقل أقوال مفسري السلف ـ كتفسير الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما ـ بل قد لا يوجدُ في مقطع من مقاطع الآية إلا تفسيرُهم ، فَلِمَ لمْ يعُدَّها من التفسيرِ بالمأثورِ ؟!.
4ـ أن بيان أصل الخلطِ في هذا المصطلحِ يدلُّ على عدمِ تحريره وصحَّته ، فقد كان أصل النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية ( ت : 728 ) في حديثه عن أحسن طرق التفسير ، وهي تفسير القرآن بالقرآن ، ثم بالسنة ، ثم بأقوال الصحابة ، ثم بأقوال التابعين ( ) .
ومما يبيِّنُ أنهم اعتمدوا على ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميَّةَ ( ت : 728 ) وغيَّرُوا المصطلحَ من طرق التفسيرِ إلى التفسيرِ بالمأثور أنهم حكوا الخلاف في كونِ تفسير التابعين يُعَدُّ من التفسيرِ بالمأثورِ أو لا يُعدُّ ، قال الزرقانيُّ ( ت : ) :» وأمَّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف بين العلماء : منهم من اعتبره من المأثور ؛ لأنهم تلقوه من الصحابة غالبا ، ومنهم من قال : إنه من التفسير بالرأي «( ).
وقال محمد حسين الذهبي ( ت : 1397 ) : » وإنما أدرجنا في التفسير المأثور ما رُوي عن التابعين ـ وإن كان فيه خلاف : هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرَّأي؟( )ـ لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور ـ كتفسير ابن جرير وغيره ـ لم تقتصر على ما ذكر ، وما روي عن الصحابة ، بل ضمنت ذلك ما نقل عن التابعين فيrمما روي عن النبي التفسير« ( ).
والأصلُ الذي نقلا منه ـ وهو رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية ( ت : 728 ) ـ جاء فيه ما يأتي : » وقال شعبة بن الحجاج وغيره : أقوال التابعين في الفروع ليست حجة ، فكيف تكون حجة في التفسير ؟ يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم . وهذا صحيح . أمَّا إذا اجتمعوا علي الشَّيء فلا يُرتابُ في كونه حُجَّةً ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ، ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن والسُّنَّةِ ، أو عموم لغة العربِ ، أو أقوال الصحابةِ في ذلك « ( ).
وإذا وازنت بين هذه النُّقولِ تبيَّنَ لك أنَّهم تركوا مصطلحَ » طرق التفسير « إلى مصطلحٍ أحدثوه بدلاً عنه ، وهو مصطلح » التفسير بالمأثور « ، ونزَّلوا ما ذكرَه شيخ الإسلام في حديثه عن» طرق التفسيرِ « على هذا المصطلحِ الذي اصطلحوا عليه .
ثانيًا : علاقة المأثور بالرأي :
يُفهم ممن جعل التفسير بالرأي قسيمًا للتفسير بالمأثور ، أنَّ التفسير بالرأي ما عدا الأربعة المذكورة في التفسير بالمأثور ، وهذا فيه عدم تحرير ، وقد ظهر من ذلك نتائج ؛ منها : أنَّ التفسير المأثور أصح من التفسير بالرأي ، وأنه يجب الاعتمادُ عليه .
وهذا الكلام من حيث الجملة صحيحٌ ، إلا أنه لم يقع فيه تحديد مصطلح الرأي ، ومعرفة مستندات الرأي لكلِّ جيلٍ من العلماءِ ، وإذا تبينت هذه الأمور بانت العلاقة بينهما ،وإليك بيانُ ذلك باختصار .
أولاً : ألم يقع الاجتهاد في التفسير عن السلف ؟
إنَّ تسمية هذه الأربعة بأنها مأثور جعل بعض الباحثين الذين اعتمدوا هذا المصطلح يغفل عن وقوع الاجتهاد في التفسير عند السلف ، فإذا كان لهم اجتهاد ، فهل هو تفسير بالرأي ، أو يُعدُّ بالنسبة لهم مأثورًا ؟
فإذا كان المفسِّر المجتهد من الصحابة ، فهل يُعدُّ تفسيرُه مأثورًا بالنسبة لغيره من الصحابة ؟‍
وإذا كان المفسر المجتهد من التابعين ، فهل يُعدُّ تفسيرُه بالنسبة للصحابة مأثورًا ؟‍
لا شكَّ أنَّ الجواب : لا ، لا يُعدُّ مأثورًا .
لكنَّ تفسير الصحابةِ بالنسبة للتابعين وأتباعهم مأثورٌ .
وتفسير التابعين بالنسبة لأتباع التابعين مأثورٌ .
والمراد بالمأثور هنا مطلق المعنى اللغوي أو الاصطلاحي عند علماء مصطلح الحديث . ولا يعني وصفه بأنه مأثور مطلق القبول ، وتقديمه على غيره ؛ لأنَّ في الأمر تفصيل ليس هذا محلُّه .
ولا يُخرجُ من هذه الإشكالات إلا إن قال من اصطلح على هذا المصطلح : أنا أريد بالرأي : الرأيَ المذمومَ ، وهذا ما لم يشر إليه من درج على هذين المصطلحين .
ولبيان المسألة أكثر ، أقول : بعد أن تشكَّل تفسيرُ السلفِ ، وتحدَّد في طبقاتِه الثلاثِ ( الصحابة والتابعين وأتباع التابعين ) كما هو ظاهرٌ من نقولِ المعتنين بكتابة علم التفسيرِ من علماء أهل السُّنة ، الذين اعتمدوا النقل أو الترجيح بين الأقوالِ ، صار التفسير المأثور عن السلف مصدرًا يجب الرجوع إليه ، والاعتماد عليه ، وهذا ظاهر لا مشكلة فيه .
لكن هل يعني وصفه بأنه مأثور أنه لم يقع فيه تفسير بالرأي ؟
إنَّ التفسيرَ بالرأي كان منذ عهد الصحابةِ الكرام ، وكان لهم مستندهم في الرأي ، من القرآن والسنة واللغة وأسباب النُّزول وشيءٍ من مرويات بني إسرائيل ، وأحوال من نزل فيهم القرآن … الخ .
وجاء التابعون ، وكان جملةٌ كبيرةٌ من تفسيرِهم بالرأي ، وكان لهم اختيارٌ في التفسيرِ قد يخالفُ اختيارَ أفراد الصحابةِ ، وكانت مستندات الرأي عندهم ما كان عند الصحابةِ ، وزاد في مصادرهم تفسيرُ الصحابةِ ؛ لأنهم جاءوا بعدهم .
ثمَّ جاء أتباع التابعين ، وكان الحالُ كما كان في عهد التابعين ، وعليهم وقف النقلُ في التفسير ، كما هو ظاهر من كتب التفسير التي نقلت أقوال السلف .
وكان تفسيرُ كل طبقة بالنسبة لمن جاء بعدهم مأثورًا ، لكنه لا يحملُ صفة القبولِ المطلقِ لأنه مأثورٌ فقط ؛ لأنَّ فيه جملة من الاختلاف التي تحتاج إلى ترجيح القول الأولى = بل له أسباب أخرى مع كونه مأثورًا .
إذا تبين ما سبق ، فإنَّ التفسيرَ المأثورَ عن السلف على قسمين :
القسم rالأول : المنقول المحض الذي لا يمكن أن يرد فيه اجتهاد ، ويشمل تفسيرات النبي وأسباب النُّزول وقصص الآي والغيبيات .
والقسم الثاني : ما كان لهم فيه اجتهاد ، ويظهر فيما يرد عليه الاحتمال من التفسير .
وما دام في تفسيرهم رأي ، فما نوع الرأي الذي عندهم ، وما نوع الرأي الذي جاء بعدهم ؟
أما الرأي الوارد عنهم ، فهو من قبيل الرأي المحمود ؛ لأنهم لم يكونا يقولون في القرآن بغير علم ، كما لم يكن عندهم هوى مذهبي يجعلهم يحرفون معاني الآيات إلى ما يعتقدونه ، فلما سلِموا من هذين السببين اللذين هما من أكبر أسباب الوقوع في التحريف في التفسير ، وكانوا يفسرون كلام الله على علمٍ ، كان رأيهم محمودًا في التفسير .
ووجود قول ضعيف في تفسيرهم لا يعني أنه من الرأي المذموم ، وما ورد من تفسيرات غريبة عن بعضهم ؛ أعني بعض تفسيرات مجاهد ( ت : 104 ) لمسخ بني إسرائيل قردة وخنازير ، والميزان ، والنظر إلى وجه الله إنما هي أفراد في تفاسيرهم ، وهي نادرة لا تكاد تذكر .
وأما الرأي الذي جاء بعد تفسير السلف فهو على قسمين:
القسم الأول : رأيٌ محمودٌ ، وهو المبني على علم ، وهو نوعان :
النوع الأول : الاختيار من أقوالهم بالترجيح بينها إذا دعى إلى ذلك داعٍ ، بشرط أن يكون المرجِّح ذا علم ، ولا يختار من أقوالهم حسب هواه وميوله . ولا بدَّ أن يكون المرجِّح على علم بأنواع ما يقع من الاختلاف عنهم ، وهو قسمان :
القسم الأول : أن يكون الخلاف راجعا إلى معنى واحدٍ ، ويكون الخلاف بينهم خلاف عبارة ، ويدخل الرأي هنا في توجيه أقوالهم على كونها على قول واحد ولا خلاف حقيقي ولا معتبر فيها .
القسم الثاني : أن يكون الخلاف بينهم راجعا إلى أكثر من معنى ، فاختيار أحد هذه المعاني من المفسرين الذين جاءوا بعدهم إنما يكون برأي واجتهادٍ ، كما فعل الطبري ( ت : 310 ) .
ثانيًا : الإتيان بمعنى جديد صحيح لا يناقض تفسيرهم ، ولا يقصر معنى الآية عليه :
لا شكَّ في أن المعاني تنتهي ، ولكن هذا لا يعني أن تفسير القرآن قد توقَّف على جيل أتباع التابعين ، وأنه لا يجوز لغيرهم أن يفسِّر القرآن .
نعم لا يعني هذا ، ولكن لابدَّ من ضوابط في هذا ، وهو ما يشير إليه عنوان الفقرة من أن يكون المعنى صحيحًا واردًا في اللغة ، وأن يكون غير مناقض لقول السلف ، وأن لا يعتقد المفسر بطلان قولهم وصحة قوله فقط . فإذا حصلت هذه الضوابط = صحَّ ـ والله أعلم ـ التفسير الجديد ، وصار من التفسير بالرأي المحمود المعتمد على علمٍ ، والله أعلم

الفرق بين التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي
أولاً: التفسير بالمأثور
يُقصد بهذا المصطلح، تفسير القرآن اعتماداً على ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وما نقل عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين .

ومن أمثلة التفسير بالمأثور، تفسير قوله تعالى: { صراط الذين أنعمت عليهم } فقد فُسِّر المُنْعَمُ عليهم بقوله تعالى: { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } (النساء:69) وهذا من باب تفسير القرآن بالقرآن .

ومن الأمثلة أيضاً، تفسير قوله تعالى: { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } فقد فُسرت ( القوة ) في الآية بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي ) ثلاث مرات، والحديث رواه مسلم، وهذا من باب تفسير القرآن بالسنة .

ومن أمثلة تفسير الصحابة، تفسير ابن عباس لقوله تعالى: { إذا جاء نصر الله والفتح } حيث فسر هذه الآية باقتراب أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في صحيح " البخاري " .

وقد رُويت عن التابعين في التفسير روايات كثيرة، ولا سيما ما رُوي عن تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه، كـ مجاهد و عكرمة و عطاء وغيرهم. وكتب التفاسير غنية بأمثلة هذا النوع من التفسير .

ويلاحظ على هذا المنهج من التفسير – عموماً – أنه يعتمد على الرواية الثابتة في تفسير القرآن الكريم، سواء أكانت تلك الرواية نصاً من القرآن أو السنة، أم قولاً لصحابي أو تابعي .

ومن أشهر كتب التفسير بالمأثور نذكر الكتب التالية:
– جامع البيان في تفسير القرآن، ومؤلِّفه الإمام الطبري، وقد اشتهر هذا التفسير باسم " تفسير الطبري " .
– المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ومؤلِّفه ابن عطية، وهذا الكتاب تولت وزارة الأوقاف في قطر الإشراف على طبعه، ووضعه بين أيدي أهل العلم .
– تفسير القرآن العظيم، ومؤلِّفه ابن كثير ، وهو من التفاسير المشهورة بين الناس، والمتلقاة بالقبول عند عامة المسلمين وخاصتهم .

ثانياً: التفسير بالرأي
يُقصد بهذا المنهج، تفسير القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسر لكلام العرب وأساليبهم في القول، ثم معرفته للألفاظ العربية، ووجوه دلالتها، ومعرفته بأسباب النزول والناسخ والمنسوخ .

وللعلماء في اعتماد هذا المنهج في التفسير موقفان، الأول يرى عدم جواز تفسير القرآن بالرأي، والثاني يرى جواز التفسير بالرأي عن طريق الاجتهاد .

والمتأمل في حقيقة هذا الخلاف يرى أنه خلاف لفظي لا حقيقي، وبيان ذلك أن الرأي لا يُذم بإطلاق، فهناك رأي محمود، وهو ما استند إلى دليل معتبر، وهذا النوع من الرأي لا خلاف في قبوله بين أهل العلم. وهناك رأي مذموم، وهو ما استند إلى الهوى، ولم يكن له ما يؤيده ويسدده من العقل أو الشرع .

ولا شك أن الذين قالوا بجواز تفسير القرآن بالرأي لم يقصدوا تفسير القرآن بمطلق الرأي، وإنما قيدوه بالرأي المعتبر والمستند إلى الدليل، ولم يعتبروا أو يلتفتوا إلى الرأي المستند إلى الهوى. وبهذا يؤول الخلاف في هذه المسألة إلى خلاف لفظي ليس إلا .

ونقتصر في هذا المقام على مثال واحد لهذا النوع من التفسير، وهو ما أورده الإمام الرازي عند تفسير قوله تعالى: { من كان يرد الحياة الدنيا } (هود:15) قال: يندرج فيه المؤمن والكافر والصديق والزنديق؛ لأن كل أحد يريد التمتع بلذات الدنيا وطيباتها، والانتفاع بخيراتها وشهواتها، ثم قال: إلا أن آخر الآية يدل على أن المراد هو الكافر، لأن قوله تعالى بعدُ: { أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار } (هود:16) لا يليق إلا بالكفار، وواضح أن هذا التفسير للآية يعتمد على إعمال الرأي الذي يسنده الدليل ويسدده .

ومن أهم كتب التفسير بالرأي نذكر ما يأتي:
– البحر المحيط، ومؤلفه أبو حيان الأندلسي الغرناطي .
– روح المعاني، ومؤلَّفه الألوسي .
وبما تقدم يُعلم، أن هذا التقسيم لتفاسير القرآن الكريم، ليس تقسيمًا حديًّا وفاصلاً بين نوعي التفسير، بل هو عند التحقيق تقسيم اصطلاحي، جرى عليه أهل العلم، وخاصة المتأخرون منهم، كما قسموا مدارس الفقه، إلى مدرسة الرأي ومدرسة الحديث؛ وهم يعنون بذلك المنهجية الغالبة والسائدة في كل مدرسة من كلتا المدرستين، دون أن يعني ذلك بحال، اقتصار هذه المدرسة أو تلك على منهج الرأي فحسب أو منهج الحديث .

مثال على التفسير بالمأثور
تفسير سورة الناس
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 – 6
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال‏:‏ أنزل بالمدينة ‏{‏قل أعوذ برب الناس‏}‏‏.‏
وأخرج ابن مردويه عن الحكم بن عمير الثمالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الحذر أيها الناس، وإياكم والوسواس الخناس، فإنما يبلوكم أيكم أحسن عملا‏"‏‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال‏:‏ أول ما يبدأ الوسواس من الوضوء‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مغفل قال‏:‏ البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مرة رضي الله عنه قال‏:‏ ما وسوسة بأولع ممن يراها تعمل فيه‏.‏
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب ذم الوسوسة عن معاوية بن أبي طلحة قال‏:‏ كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم‏:‏ ‏"‏اعمر قلبي من وسواس ذكرك واطرد عني وسواس الشيطان‏"‏‏.‏
وأخرج ابن أبي داود في كتاب ذم الوسوسة عن معاوية في قوله‏:‏ ‏{‏الوسواس الخناس‏}‏ قال‏:‏ مثل الشيطان كمثل ابن عرس واضع فمه على فم القلب فيوسوس إليه فإذا ذكر الله خنس، وإن سكت عاد إليه فهو ‏{‏الوسواس الخناس‏}‏‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مكايد الشيطان وأبو يعلى وابن شاهين في الترغيب في الذكر والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس عن النبي قال‏:‏ ‏"‏إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه فذلك ‏{‏الوسواس الخناس‏}‏ ‏"‏‏.‏
وأخرج ابن شاهين عن أنس‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن للوسواس خطما كخطم الطائر فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في أذن القلب يوسوس، فإن ابن آم ذكر الله نكص وخنس فلذلك سمي ‏{‏الوسواس الخناس‏}‏ ‏"‏‏.‏
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏الوسواس الخناس‏}‏ قال‏:‏ الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإن سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي والضياء في المختارة عن ابن عباس قال‏:‏ ما من مولود يولد إلا على قلبه الوسواس فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس، فلذلك قوله‏:‏ ‏{‏الوسواس الخناس‏}‏‏.‏
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال‏:‏ الخناس الذي يوسوس مرة ويخنس مرة من الجن والإنس، وكان يقال شيطان الإنس أشد على الناس من شيطان الجن، شيطان الجن يوسوس ولا تراه وهذا يعاينك معاينة‏.‏
وأخرج ابن أبي الدنيا عن يحيى بن أبي كثير قال‏:‏ إن الوسواس له باب في صدر ابن آدم يوسوس منه‏.‏
ثمرة القلب، وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا وابن المنذر عن عروة بن رويم أن عيسى ابن مريم عليهما السلام دعا ربه أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم فجلى له فإذا رأسه مثل رأس الحية واضعا رأسه على فإذا ذكر الله خنس، وإذا لم يذكره وضع رأسه على ثمرة قلبه فحدثه‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال‏:‏ الوسواس محله على فؤاد الإنسان وفي عينه وفي ذكره ومحله من المرأة في عينها وفي فرجها إذا أقبلت، وفي دبرها إذا أدبرت هذه مجالسه‏.‏
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{‏من الجنة والناس‏}‏ قال‏:‏ هما وسواسان فوسواس من الجنة وهو الجن، ووسواس نفس الإنسان فهو قوله‏:‏ ‏{‏والناس‏}‏‏.‏
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏من الجنة والناس‏}‏ قال‏:‏ إن من الناس شياطين فنعوذ بالله من شياطين الإنس والجن‏.‏

الخاتمة :
و بعد أن رأينا أهمية تفسير القرآن الكريم و انواع التفسير و جهود علمائنا الأفاضل في هذا العلم و محاولة توصيله للناس يجب أن نتذكر أنه لا يجوز لأي شخص أن يخوض فيه بل يجب أن يكون الشخص متخصصا بالعلوم الشرعية و خاصة علوم القرآن الكريم .
المصادر و المراجع :
1- كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام السيوطي
ملاحظة تم أخذ الكتاب من موقع
http://www.al-eman.com/Islamlib/view…?BID=248&CID=6

2- كتاب تصحيح مفهوم المأثور و الرأي في التفسير للشيخ مساعد الطيار
3- موقع
http://www.islamweb.net/ver2/archive…ang=A&id=16349

الفهرس
المقدمة —————————————–1
تعريف التفسير بالمأثور —————————-2
الفرق بين التفسير بالمأثور و التفسير بالرأي ————8
مثال على التفسير بالمأثور ————————10
الخاتمة ——————————————13
المصادر —————————————–13

م/ن

بالتوفيق

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

ورقة عمل درس التفسير بالرأي للصف العاشر

ورقة عمل تربية إسلامية لدرس التفسير بالرأي للصف العاشر الفصل الدراسي الثاني ,,

تجدونهـــا بالمرفقــات وبالتوفيـــــق ..

{ منقول وتم التعديل عليها للفائدة }

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

حل درس التفسير بالرأي -تعليم الامارات

ص76
على ماذا………؟
على التفسير بالرأي

ما الفرق…………؟
الأول اجتهد و أعمل عقله في تفسير الايه
الثاني قيد مفهوم الايه

التقويم

السؤال الأول :

التفسير بالمأثور : هو تفسير القرآن الكريم بالقرآن أو بالسنة أو بأقوال الصحابة
التفسير بالرأي : هو إعمال العقل و الإجتهاد في تفسير القرآن الكريم

السؤال الثاني :

س : ماذا يجب ………………..
ج : هو إعمال العقل و الإجتهاد في تفسير القرآن الكريم

السؤال الثالث :

س : اختلف العلماء ………
ج : المذهب الثاني ، لوجود الأدلة من القرآن و فعل الصحابة

السؤال الرابع :

س : ابحث عن …………..
ج : التفكر و التمعن بآيات الله و هو المقصود بالتفسير بالرأي

س : استخرج الأحكام ………….
ج : كتاب أنزلناه ( إظهار حقيقي ) ، أنزلناه ( إخفاء حقيقي ) ، مبارك ليدبروا ( إدغام بلا غنة ) ، ليدبروا آياته ( مد جائز منفصل ) ، آياته و ليتذكروا ( مد صلة صغرى )

السؤال الخامس :

س : ما المقصود …………….
ج : تفسير القرآن الكريم

س : بم ترد ………………………….
ج : كثير من الآيات القرآنية فسرها ابن العباس حسب رأيه و كذلك فعل الصحابة

السؤال السادس :

س : ما العلوم ………………………..
ج : علوم اللغة العربية و أسباب النزول و القصص و أصول الفقه و الناسخ و المنسوخ

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

عاشر / التفسير بالرأي والعلم الحديث -تعليم الامارات


درسا معد في التفسير بالرأي والعلم الحديث

-إعداد المعلمة عزة محمد حسن – مدرسة فاطمة بنت أسد

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

بغيت تقرير عن أحد كتب التفسير بالرأي للصف العاشر

السلام عليهم عربناا

شحالهم ربهم الابخير وسهاله

بغيت تقرير عن أحد كتب التفسير بالرأي ….

والسموحه على المغثه

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بغيت بوربوينت عن التفسير الفقهي.. للصف الحادي عشر

بغيت بوربوينت عن التفسير الفقهي..اذا امكن

وبسرعة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

بحث التفسير بالرأي -التربية الاسلامية – صف العاشر -فصل2 -التعليم الاماراتي

هذا بحث بعنوان التفسير بارأي و إنشاء الله يعجبكم

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

التفسير الفقهي للصف الحادي عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الفقهي: النشأة والخصائص

المقدمة:
يعتبر المقصد التشريعي في القرآن الكريم من أهم المقاصد التي نزل من أجلها،و هو أمر أجمعت عليه الأمة فاتخذت من القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع فكان قطب الرحى الذي تدور عليه أحكام الشريعة و ينبوع ينابيعها و المأخذ الذي اشتقت منه أصولها و فروعها.وهذا المعنى تؤكده نصوص قرآنية و حديثية كثيرة.
العرض:
فمن ذلك قوله تعالى :" و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء" قال مجاهد في معنى كل شيء :كل حلال وكل حرام .وقد قال الشافعي :"فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سيبل الهدى فيها قال الله تبارك وتعالى:"كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد" ولقد عد القرطبي من وجوه الإعجاز " ما تضمنه القرآن من العلم الذي هو قوام جميع الأنام في الحلال والحرام وفي سائر الأحكام" .
و من ذلك قوله تعالى:"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" يقول الشاطبي:"أي الطريقة المستقيمة و لو لم يكمل فيه جميع معانيها (أي معاني الشريعة ) لما صح إطلاق هذا المعنى عليه حقيقة و أشباه ذلك من الآيات الدالة على أنه هدى و شفاء لما في الصدور ،و لا يكون شفاء لجميع ما في الصدور الا وفيه تبيان كل شئ "
ومن الأحاديث التي استدل بها الشاطبي في هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم :" يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " و بين وجه الاستدلال بالحديث بقوله: "وما ذاك إلا أنه أعلم بأحكام الله فالعالم بالقرآن عالم بجملة الشريعة" .
ومما يؤكد أهمية القرآن الكريم من الناحية التشريعية ما يسميه الشاطبي"التجرية" انطلاقا من واقع تعامل العلماء المسلمين مع القرآن الكريم :"وهو أنه لا أحد من العلماء لجأ إلى القرآن في مسألة إلا وجد لها فيه أصلا وعلى رأس هؤلاء أهل الظاهر ولم يثبت عنهم أنهم عجزوا عن الدليل في مسألة من المسائل وقال ابن حزم الظاهري كل أبواب الفقه ليس منها باب إلا وله أصل في الكتاب والسنة"
هذا الجانب التشريعي من القرآن الكريم هو الذي اهتم به علماء التفسير في ما يعرف بالتفسير الفقهي أو تفاسير الأحكام.
التفسير الفقهي و تنوع أحكام القرآن:
التفسير الفقهي مركب من التفسير والفقه ، أما التفسير فمن أجمع ما قيل في تعريفه أنه "علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه" وأما الفقه فأجمع تعريف له أنه" العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية" وعليه فالتفسير الفقهي هو تفسير ماله صلة بالأحكام الشرعية العملية في القرآن الكريم وهو ما يسمى تارة آيات الأحكام و تارة فقه الكتاب .
أما أحكام القرآن فتنقسم إلى أنواع ثلاثة تمثل الأحكام الفقهية أو العملية نوعا واحدا منها، أما الأنواع الثلاثة فهي على التفصيل:
أولا : الأحكام الاعتقادية التي تتعلق بما يجب على المكلف اعتقاده في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وهو ما يدرس ضمن مباحث العقيدة .
ثانيا : الأحكام الخلقية التي تتعلق بما يجب على المكلف أن يتحلى به من الفضائل ويتخلى عنه من الرذائل . وهو ما يتعلق بالجوانب التربوية من القرآن الكريم.
ثالثا: الأحكام العملية وهي التي تتعلق بما يصدر عن المكلف من أقوال و أفعال وعقود وتصرفات . وهدا النوع هو فقه القرآن وهو الذي اهتم به المفسرون ضمن ما عرف بالتفسير الفقهي وهو يتضمن نوعين أساسيين :
1. أحكام العبادات : من صلاة وصيام وزكاة وحج ونذر ويمين ونحو دلك من العبادات التي يقصد بها تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه .
2. أحكام المعاملات : من عقود وتصرفات وعقوبات وجنايات وغيرها مما يقصد به تنظيم علاقات الناس بعضهم ببعض سواء كانوا أفرادا أم جماعات .
وإذا كانت هذه الأمور من المسلمات فإن أنصار الاتجاه العلماني يبذلون جهدا استثنائيا لنفي المقصد التشريعي في القرآن إما كليا أو جزئيا ليفصل بين القرآن والحياة فلا يعطي للقرآن أكثر من أثر أخلاقي ، ومن ذلك ما يقوله أحدهم و هو يلخص دراسته للجانب التشريعي في القرآن الكريم:"إذا نظرنا إلى الحصيلة النهائية لدارستنا للأحكام القرآنية …فإن الاستنتاج الأول الذي يبرز بكل وضوح هو أن القرآن لم يشرع بالأساس للمعاملات بين الناس" وهو هنا ينفي جانب المعاملات ككل فلا يجعل التشريع للمعاملات مقصدا من مقاصد القرآن الكريم ،وفي موضع آخر يخص من ذلك الجانب السياسي فينفي وجود أي تصور سياسي في القرآن يقول :"كل هذا يدل على أن القرآن الكريم لم يأت بأي تصور سياسي … كما أن مراجعة الكتاب العزيز وخاصة آيات الأحكام منه تدل على أن القرآن الكريم لم يعتن عموما بالتنظيم السياسي" أما التبرير الذي يقدمه لما يظنه نتيجة علمية فيلخصه في قوله :"ذلك أن الإسلام والقرآن الكريم دعوة إلى قيم روحانية" وهكذا يتحول الإسلام والقرآن في نظره إلى قيم روحانية خالية من الجانب التشريعي الملزم .مما لا يمكن معه الحديث عن الشريعة الإسلامية لتحل محلها القوانين الوضعية ما دام الجانب التشريعي على حد زعمه ليس مقصدا من مقاصد القرآن!!
ومما يكشف إصرار أمثال هؤلاء على آرائهم المسبقة أن هذا الباحث اعتمد في مصادره على كتاب فجر الإسلام لأحمد أمين لكنه في هذه النقطة خالفه ، لأنه لا يدعم توجهه العلماني .أما أحمد أمين فيؤكد ما قرره العلماء من اشتمال أحكام القرآن على كل مجالات النشاط الإنساني بقوله:"تعرض القرآن في آيات الأحكام إلى جميع ما يصدر عن الإنسان من أعمال :إلى العبادات من صلاة وصوم وزكاة وحج ، إلى الأمور المدنية كبيع وإجارة وربا، إلى الأمور الجنائية من قتل وسرقة وزنا وقطع طريق ، إلى نظام الأسرة من زواج وطلاق وميراث ،إلى الشؤون الدولية كالقتال وعلاقة المسلمين بالمحاربين وما بينهم من عهود وغنائم الحرب". والذي ذكره أحمد أمين هنا هو عين ما يجحده كثير من العلمانيين فقد جهلوا أو تجاهلوا أن القرآن تعرض لكل ما يصدر عن الإنسان من أعمال .
التفسير الفقهي بين الأثر و الرأي:
يميز العلماء عادة بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي وهو تمييز يقوم على التقريب والتغليب ذلك أنه عند التحقيق لا تكاد تجد تفسيرا قام على الأثر وحده ولا تجد تفسيرا قام على الرأي وحده. و التفسير الفقهي ليس استثناء من هذه القاعدة وإن كان إلى الرأي أقرب لما فيه من إعمال للعقل وبذل للجهد لاستنباط الدلالات البعيدة والقريبة للآية على الحكم. ولعل مما يستدل به في هذا الباب استثناء ابن عطية التفسير الفقهي من التفسير بالرأي الذي ورد النهي عنه في حديث جندب ابن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " قال ابن عطية :" و ليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه و الفقهاء معانيه و يقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم و نظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه." واستثناء تفسيرالفقهاء و اللغويين والنحاة إنما كان منه لأنه يعد كل ذلك من التفسير بالرأي إلا أن التحذير الوارد في الحديث لا يشمله لأنه رأي مبني على قوانين علم ونظر.
ولقد عد محمد الطاهر ابن عاشور مشروعية التفسير الفقهي دليلا على جواز التفسير بغير المأثور قال :"وهل استنباط الأحكام التشريعية من القرآن خلال القرون الثلاثة الأولى من قرون الإسلام الا من قبيل التفسير لآيات القرآن بما لم يسبق تفسيرها قبل ذلك"
وإذا كان التفسير الفقهي من التفسير بالرأي فهناك من عده لأجل ذلك من الاجتهاد في الشريعة الإسلامية يقول :" التفسير الفقهي كما نراه يعد لونا من ألوان الاجتهاد في الشريعة الإسلامية يهدف إلى تفهم النصوص ومعرفة مراميها ودلا لتها على الأحكام في كافة حالاتها وفق قواعد وضوابط تحفظ المجتهد من الخطأ."
التفسير الفقهي من تفاسير الاختصاص:
يعد التفسير الفقهي من بين ما يمكن تسميته بتفاسير الاختصاص ، وهو التحول الذي عرفه علم التفسير بالانتقال من الإحاطة والشمول إلى الاختصاص ولقد انعكس ذلك على العناوين التي عرفت بها هذه التفاسير .وهكذا وجدت كتب معاني القرآن و إعراب القرآن وغريب القرآن وأحكام القرآن… وهي كتب اختص كل واحد منها بجانب من جوانب القرآن في مقابل الكتب الجامعة مثل جامع البيان للطبري ونحوه. و هذا التطور يشير إليه السيوطي و هو يتحدث عن اهتمام كل ذي علم من العلوم الإسلامية بالتفسير و سعيه إلى إيجاد الحجة من القرآن الكريم لما يذهب إليه يقول :"ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في علوم فكان كل منهم يقتصر في تفسيره على الفن الذي يغلب عليه: فالنحوي ليس له هم إلا الإعراب و تكثير الأوجه المحتملة فيه و نقل قواعد النحو ومسائله و فروعه وخلافياته كالزجاج و الواحدي في البسيط و أبى حيان في البحر و النهر. و الإخباري ليس له شغل إلا القصص و استيفاؤها و الإخبار عمن سلف، سواء كانت صحيحة أو باطلة كالثعلبي. والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه من باب الطهارة إلى أمهات الأولاد ،وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلق لها بالآية، والجواب على أدلة المخالفين كالقرطبي " ومع ما يلاحظ على قول السيوطي من مبالغة إلا أنه يبقى مع ذلك محددا لخاصية من خصائص التفسير الفقهي وهي تناول القرآن الكريم من زاوية فقهية محضة على غرار تناول علماء آخرين القرآن من زاوية اختصاصاتهم العلمية ضمن ما أسميناه تفاسير الاختصاص.
الاختلاف في عدد آيات الأحكام
يختص التفسير الفقهي كما تقدم بآيات الأحكام وقد اختلف العلماء في تحديد عددها ، وتأتي إشارتهم لهذا الموضوع عند الحديث عن شروط المجتهد ومن ذلك ما قاله الغزالي في المستصفى :"لا يشترط معرفة جميع الكتاب بل ما تتعلق به الأحكام منه وهو مقدار خمسمائة آية" وتابع الغزالي في هذا العدد الرازي وابن العربي .
في حين ذكر غيرهم أنها لا تتعدى المائة والخمسين أو المائتين ومن أولئك صديق بن حسن القنوجي الذي يقول :" وقد قيل إنها خمسمائة آية وما صح ذلك و إنما هي مائتا آية أو قريب من ذلك وإن عدلنا عنه وجعلنا الآية كل جملة مفيدة يصح عن أن تسمى كلاما في عرف النحاة كانت أكثر من خمسمائة آية "
وممن تعرض لعدد آيات الأحكام وحددها في مائتين أحمد أمين الذي يسميها الآيات القانونية فيقول :"هذه الآيات القانونية أو كما يسميها الفقهاء آيات الأحكام ليست كثيرة في القرآن ، ففي القرآن نحو ستة آلاف آية ليس منها مما يتعلق بالأحكام إلا نحو مائتين وحتى بعض ما عده الفقهاء آيات أحكام لا يظهر أنها كذلك "
وفي مقابل الاتجاه إلى تحديد عدد آيات الأحكام إتجه فريق آخر من العلماء إلى عدم حصرها بعدد محدد ومن هؤلاء الشوكاني الذي يقول :" ودعوى الانحصار في هذا المقدار إنما هي باعتبار الظاهر للقطع بأن في الكتاب العزيز من الآيات التي تستخرج منها الأحكام الشرعية لأضعاف أضعاف ذلك بل من له فهم صحيح وتدبر كامل يستخرج الأحكام من الآيات الواردة لمجرى القصص والأمثال ، قيل ولعلهم قصدوا بذلك الآيات الدالة على الأحكام دلالة أولية بالذات، لا بطريق التضمن والالتزام"
ويؤكد نفس المعنى العز بن عبد السلام بقوله إن معظم آي القرآن لا تخلو من أحكام مشتملة على آداب حسنة و أخلاق جليلة وان الله جلت قدرته إنما ضرب الأمثال تذكيرا ووعظا فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل ،أو على مدح أو ذم أو نحو ذلك فإنه يدل على الأحكام.
هذا ولعل السبب في الاختلاف في تعداد آيات الأحكام يرجع إلى نقطتين رئيسيتين :
الأولى :ما هو المراد بالحكم الفقهي ؟ إن كان المراد به كل شيء مأمور به أو منهي عنه يقرب من الله أو يبعد عنه فان عدد آيات الأحكام يكون كثيرا جدا مثلا قوله تعالى :"ولا تلبسوا الحق بالباطل " فمن نظر إلى التعميم في الحكم بأن جعله يشمل كل المأمورات وكل المنهيات جعل هذه الآية من آيات الأحكام . و بهذا المقياس تعتبر آيات القصص والأمثال وما يتعلق بالنفس الإنسانية وغيرها من آيات الأحكام .أما إذا استثني ما عدا ما هو صريح باشتماله على أحكام فقهية خالصة فإن عددا مهما من الآيات لا يلتفت إليها في التفسير الفقهي . فتضيق دائرة آيات الأحكام .
الثانية :اختلاف العصور وتعاقب المذاهب والنظرات المختلفة للفقه وللأصول وللأحكام جعل الأنظار تختلف والمقاييس تتعدد ، حيث إن كثيرا من الآيات التي يظن أنها مجرد قصة ربما أخذها فقيه وجعلها من آيات الأحكام . وذلك مثلا قوله تعالى في قصة شعيب مع موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام :" قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ،فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين " استدل بها الفقيه على أن المهر يمكن أن يكون منفعة .
والذي أراه راجحا في هذه المسألة قول من قال بعدم حصر آيات الأحكام بعدد معين ما دام الأمر يرجع إلى ملكة العالم وطاقته وقدرته على الاستنباط،في ارتباط مع متطلبات كل عصر وما يجد فيه من القضايا والنوازل.
وهذه المسألة وإن بدت ثانوية فإن لها أهمية خاصة ، ويتأكد ذلك كلما استحضرنا من يحاول جاهدا نفي المقصد التشريعي من القرآن الكريم معتمدا في ذلك على عدد آيات الأحكام. التي يتجه إلى التقليل منها مستعينا بكل ما يخدم غرضه ومقصده مثل توظيف الناسخ والمنسوخ لتقليل العدد ما أمكن ! وهكذا وجدنا أحدهم يقول مثلا:"يجب اعتبار منظومة الناسخ والمنسوخ فمفعولها لا يكون إلا بالتخفيض في عدد آيات الأحكام…إن الآيات التشريعية …تبلغ 200 آية فقط نسخ (ألغي ) منها حوالي مائة وعشرين آية والباقي من الآيات التشريعية السارية حتى الآن مجرد ثمانين آية" وهكذا بحسب هذا الزعم ليس في القرآن أكثر من ثمانين آية تشريعية ! وهو قول بعيد كل البعد عن الصواب.
نشأة التفسير الفقهي:
تعود نشأة التفسير الفقهي إلى بداية الفقه وهو الذي بدأ مع هذه الأمة منذ نشأتها و ظل يوجهها حتى في أحلك فترات التخلف و التردي العلمي و ذلك راجع إلى الحاجة الملحة إليه إذ هو الضابط لسير الحياة .و بداية التفسير الفقهي كانت مع نزول القرآن الكريم وفي هذا المعنى يقول الدكتور محمد قاسم المنسي:"ومما لاشك فيه أن الاتجاه إلى فهم نصوص التشريع في القرآن و التعرف على مراد الشارع من المكلفين قد وجد مع بدء نزول هذه النصوص ذاتها " .ويمكن القول بأن أول من فسر القرآن فقهيا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك من البيان الذي دل عليه قوله تعالى:" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" ثم كان عصر الصحابة رضوان الله عليهم والذين اجتهدوا في استنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم للقضايا التي جدت في عصرهم و الكتب التي تؤرخ للتشريع الإسلامي تحفظ الكثير من المسائل التي اختلف فيها الصحابة،مثال ذلك قول عمر بن الخطاب إن الحامل المتوفى عنها : عدتها وضع الحمل و قال علي تعتد بأبعد الأجلين وضع الحمل أو أربعة أشهر و عشرا .و سبب الخلاف أن الله جعل عدة المطلقة الحامل وضع الحمل و جعل عدة المتوفى عنها أربعة أشهر و عشرا من غير تفصيل ،فعلي في فتواه عمل في المتوفى عنها بالآيتين جميعا و عمر جعل آية الطلاق حكما على آية الوفاة يعني مخصصة "
والصحابة كانوا القدوة لغيرهم في بدل الجهد في استنباط الأحكام من القرآن الكريم فعن أبي عبد الرحمن السلمي وهو من كبار التابعين قال :"كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلم العشر بعدها حتى نعرف حلالها من حرامها وأمرها ونهيها "
ومع الاتساع الذي عرفته الرقعة الإسلامية و ما استجد من قضايا ونوازل ازدادت الحاجة إلى استنباط الأحكام من القرآن الكريم باعتباره أول ما يرجع إليه المجتهد في عملية البحث عن أي حكم فكثرت آيات الأحكام ولم يعد الحديث عن آية وآيتين و إنما عن آيات للأحكام جمعت في مؤلفات مستقلة تحت عنوان تفاسير الأحكام .
يغلب عنوان أحكام القرآن على المصنفات الخاصة بالأحكام الفقهية في القرآن الكريم وهذه المصنفات متأخرة بالنسبة لتدوين المذاهب الفقهية المتبعة وأول كتاب عرف في هذا الشأن هو " أحكام القرآن " لأبى النصر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث الكلبي الشيعي ت146هـ حسب ما أثبته عبد الله عبد الحميد في رسالة الماجستير (أحكام القرآن من سورة الفاتحة إلى الآية العاشرة بعد المائتين من سورة البقرة لابن فرس ) تحت إشراف الدكتور عبد العزيز الدر دير موسى .
و بالنسبة لحاجي خليفة فإن أول من وضع مؤلفا في هذا الفن هو الإمام الشافعي ،وفاته أن أحكام القرآن للإمام الشافعي إنما هو من جمع البيهقي المتوفى سنة 485هـ.وجاء في مقدمة كتاب أحكام القرآن للكيا الهراسي أن أول كتاب عرف في هذا الشأن هو (أحكام القرآن) للشيخ أبى الحسن علي ابن حجر السعدي المتوفى سنة 244هـ .وهو بهذا لاحق لأبي النصر محمد بن السائب المتوفى سنة 146هـ وليس سابقا عليه.
المؤلفات في التفسير الفقهي :
قبل الحديث عن أهم كتب التفسير الفقهي تحسن الإشارة إلى أن هذه الكتب لم تكن وحدها مهتمة بجانب الأحكام فبي القرآن بل شاركتها في ذلك كل كتب التفسير تقريبا ، فالفرق إذن بينها وبين غيرها أنها اختصت بالأحكام أساسا و شاركها فيها غيرها . وإذا أخذنا تفسير الطبري مثلا فهو لا يخلو من أحكام فقهية لذلك قال عنه خليل محيي الدين الميس:" للطبري كتاب اختلاف الفقهاء … فهو فقيه دارس للمذاهب كلها بل مجتهد صاحب مذهب اختاره لنفسه ومن البداهة أن يعرض للآراء الفقهية ويناقشها في مناسباتها من آيات الأحكام" .ومن ذلك ما قاله القنوجي عن كتابه فتح البيان ، فهو وإن كان أفرد أحكام القرآن بالتأليف في كتابه نيل المرام فقد أشار إلى انه تناولها أيضا في فتح البيان قال:" وألفت بعد ذلك تفسيرا لمقاصد القرآن المسمى فتح البيان جامعا للرواية والدراية والاستنباط والأحكام."
ومن جهة أخرى فإن كتب أحكام القرآن لم تخل من الإشارة إلى جوانب في التفسير غير الأحكام فلقد احتوت على مباحث لغوية وعقدية وغيرها وإذا أخذنا مثالا على ذلك أحكام القرآن لابن العربي المعافري فإن المسائل التي يتناولها تتجاوز الجانب الفقهي،بل في كتابه الأحكام الصغرى رغم اختصاره تناول بعض ذلك وهو مما أشار إليه محققه بقوله :"ضمنه نحوا من خمسمائة آية من آيات الأحكام ونحو ألف حديث من الأحاديث الصحيحة… فهو كتاب فقه القرآن وفقه السنة معا"
ومن ذلك أيضا ما فعله محمد علي الصابوني الذي يشير إلى عشرة وجوه يتناول بها آيات الأحكام التي فسرها لا تمثل الأحكام الشرعية إلا وجها منها يقول :"فتناولت الآيات التي كتبت عنها من عشرة وجوه على الشكل الآتي: أولا التحليل اللفظي …ثانيا المعنى الإجمالي …ثالثا سبب النزول …رابعا وجه الارتباط بين الآيات السابقة واللاحقة،خامسا البحث عن وجوه القراءات…"إلى أن يذكر الوجه الثامن وهو " الأحكام الشرعية وأدلة الفقهاء مع الترجيح بين الأدلة" وعليه فما يذكر من كتب أحكام القرآن إنما هو ما اختص بالأحكام حتى عرف بها.
وإذا كان التمييز يتم عادة بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي فإن تفاسير الأحكام تتنوع بتنوع المذاهب الفقهية المعروفة فأحكام القرآن للجصاص يعبر عن اختيار الأحناف و أحكام القرآن لابن العربي يعبر عن اختيار المالكية و أحكام القرآن للهراسي يعبر عن اختيار الشافعية …و هذا التنوع عند محمد حسين الذهبي مما طرأ على التفسير الفقهي الذي سبق المذاهب ونشأ مستقلا عنها ثم أصبح كما يقول: "يسير تبعا للمذاهب ويتنوع بتنوعها …وكل فريق من هؤلاء يجتهد في تأويل النصوص القرآنية حتى تشهد له أو لا تعارضه على الأقل مما أدى ببعضهم إلى التعسف في التأويل والخروج بالألفاظ القرآنية عن معانيها ومدلولاتها" وإذا كان التنوع مسلما فإن تعميم القول بتأويل النصوص لتشهد للمذهب فيه نظر و التسليم به يفقد كتب التفسير الفقهي علميتها والأمر تابع لشخصية المفسر وقدرته الاجتهادية ثم إن الاختلاف الفقهي كانت له مبرراته العلمية .
أما عن أهم ما كتب في التفسير الفقهي ففي ما يلي عرض لطائفة من هذه الكتب مرتبة حسب المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة:
فعلى مذهب المالكية نذكر من ذلك:
• أحكام القرآن : لأبي عبد الله محمد بن سحنون القيرواني المتوفى 255 هـ.
• أحكام القرآن : القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل المالكي المتوفى282 هـ
• أحكام القرآن : القاضي أبو بكر بن محمد بن بكير البغدادي المالكي المتوفى305 هـ
• أحكام القرآن : لأبي الحكم منذر بن سعيد بن عبد الله بن نجيح القاضي البلوطي المالكي المتوفى355 هـ
• أحكام القرآن : لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المتوفى 543 هـ
• الجامع لأحكام القرآن : لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المتوفى 671 هـ
أما على مذهب الحنفية فنذكر:
• أحكام القرآن في ألف ورقة : لأبي جعفر احمد بن محمد بن سلمة الازدي الطحاوي الحنفي المتوفى 321هـ
• أحكام القرآن : لأبي الحسن علي بن موسى بن يزداد القمي الحنفي المتوفى 350هـ
• أحكام القرآن : لأحمد بن علي الرازي ، المشهور بالجصاص الحنفي المتوفى 370هـ
• تخليص أحكام القرآن،تهذيب أحكام القرآن : جمال الدين محمود بن مسعود المعروف بابن سراج القونوي الحنفي المتوفى 770 هـ
• التفسيرات الأحمدية في بيان الآيات الشرعية : احمد بن أبى سعيد بن عبيد الله الحنفي الميهوي المعروف بملاجيون المتوفى1130 هـ
أما على مذهب الشافعية فنذكر:
• أحكام القرآن : للإمام الشافعي المتوفى204 جمعه الإمام أبو بكر احمد بن الحسن البيهقي النيسابوري المتوفى458
• أحكام القرآن : لأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الشافعي المتوفى240
• أحكام القرآن : لعماد الدين أبى الحسين علي بن محمد الطبري المعروف بالكيا الهراسي الشافعي المتوفى 504
• الإكليل في استنباط التنزيل :جلال الدين السيوطي الشافعي المتوفى المتوفى911 هـ
• أحكام الكتاب المبين : علي بن عبد الله بن محمود الشنفكي الشافعي المتوفى890 هـ
• هداية الحيران في بعض أحكام تتعلق بالقرآن عبد الله بن محمد المغربي ثم القاهري الشافعي المعروف بالطبلاوي المتوفى1027 هـ
أما على مذهب الحنابلة فنذكر :
• أحكام القرآن : لأبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي المتوفى 458هـ
• أحكام الراي في أحكام الآي : شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنبلي المتوفى776 هـ
• أزهار الفلاة في آية قصر الصلاة : مرعي بن يوسف بن ابي بكر الكرمي المقدسي الحنبلي المتوفى 1033هـ

خـــــاتمة:
إن الحاجة إلى التفسير الفقهي لا تبرز إلا بدرجة احتكامنا للقرآن الكريم ونظرا لكون أحكام الشريعة معطلة في أغلب الدول الإسلامية فإن ذلك انعكس على المباحث الفقهية ومنها التفسير الفقهي . وفي الوقت الذي يتزايد فيه إقبال الناس على ما يسمى بالتفسير العلمي وهو الذي يعنى بتتبع الآيات الكونية وتفسيرها على ضوء ما تنتجه المختبرات ومراكز البحث في العلوم الدقيقة من معارف وحقائق علمية فإن لفت الانتباه إلى الجانب التشريعي في القرآن الكريم يعتبر خطوة منهجية لا يمكن تجاوزها .خاصة وقد وجدنا من يحاول لي أعناق الآيات ليبرر مواقفه المسبقة في كثير من القضايا ومن ذلك قضية تعدد الزوجات حيث يستدل بقوله تعالى:"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم " لإثبات استحالة العدل المشروط في قوله تعالى :" وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" مع أن كتب التفسير الفقهي تبين بجلاء العدل المقصود في الآيتين مع التمييز بين العدل المأمور به الذي هو في مقدور الإنسان ويكون في المبيت والنفقة ونحوهما، و العدل المنفي الذي لا يطيقه أحد وهو العدل في المحبة القلبية. وقل نفس الشيء عن آيات الربا التي يحاول البعض التحايل عليها لتبرير واقع فاسد نشأ بعيدا عن تعاليم القرآن الكريم،والتفسير الفقهي هو المؤهل من بين اتجاهات التفسير لحسم النزاع في هذه القضايا وغيرها .

لائحة المصادر والمراجع:
1. الإتقان في علوم القرآن ، جلال الدين السيوطي ، الطبعة الثانية ، دار ابن كثير دمشق 1993م
2. الأحكام الصغرى ، أبو بكر بن العربي المعافري ، تحقيق سعيد أحمد أعراب منشورات الإيسيسكو 1412هـ 1991م
3. أحكام القرآن ، الكيا الهراسي ، الطبعة الأولى ،دار الكتب العليمة بيروت 1983م
4. أصول الفقه الإسلامي وهبة الزحيلي الطبعة الأولى دار الفكر 1986م
5. تاريخ التشريع الإسلامي ، محمد الخضري ، الطبعة التاسعة ، المكتبة التجارية مصر 1390هـ1970م
6. التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور الدار التونسية للنشر 1984م
7. تفسير القرآن العظيم ، أبو الفداء إسماعيل بن كثير ، الطبعة الأولى 1406هـ 1986م دار الكتب العلمية بيروت
8. التفسير والمفسرون لمحمد حسين الذهبي دار القلم بيروت لبنان
9. جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري دار الفكر1988م
10. الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي دار الفكر 1443ه 2022م
11. الرسالة للإمام محمد بن إدريس الشافعي تحقيق محمد أحمد شاكر ، دار الفكر
12. روائع البيان تفسير آيات الأحكام ، محمد علي الصابوني الطبعة الثالثة ، دار إحياء الترث العربي 1400هـ 1980م
13. سنن أبي داود ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت
14. سنن الترمذي و هو الجامع الصحيح لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ، الطبعة الثانية دار الفكر 1403هـ 1983م
15. صحيح البخاري ، دار الفكر 1401هـ 1981م
16. صحيح مسلم ، الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري تحقيق وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، دار الفكر 1403هـ1983م .
17. فجر الإسلام ، أحمد أمين، الطبعة السابعة مكتبة النهضة، القاهرة ،1374هـ 1955م.
18. فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت عبد العلي محمد بن نظام الدين الأنصاري مطبوع على هامش المستصفى للغزالي ، الطبعة الأولى المطبعة الأميرية ببولاق بمصر 1324هـ.
19. في التفسير الفقهي ، الدكتور محمد قاسم المنسي الطبعة الأولى مكتبة الشباب مصر 1416هـ 1996م.
20. القرآن والتشريع ( قراءة جديدة في آيات الأحكام) الصادق بلعيد ، مركز النشر الجامعي تونس 2022م.
21. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ، مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة ، مكتبة المثنى بيروت.
22. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للقاضي أبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي 546 تحقيق المجالس العلمية بالمغرب طبعة وزارة الأوقاف 1975م.
23. مدخل إلى علوم القرآن والتفسير ، الدكتور فاروق حمادة ،الطبعة الأولى ، مكتبة المعرف الرباط 1399هـ 1979م.
24. المستصفى من علم الأصول ، أبو حامد الغزالي ، الطبعة الأولى المطبعة الأميرية ببولاق بمصر 1324هـ.
25. الموافقات في أصول الشريعة لأبي إسحاق الشاطيبي المكتبة التجارية مصر.
26. نيل المرام من تفسير آيات الأحكام ، محمد صديق حسن خان ، دار المعرفة بيروت.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف العاشر

أريد تقرير عن التفسير بالراي والعلم الحديث. -تعليم اماراتي

أريد التقرير بليز ….

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

ضرورررررررري حل اول درسين (( النقد البناء والتفسير الموضوعي )) للصف الحادي عشر

التقويم صفجة 17

السؤال الأول:
1- صنف إيجابي: ينهى عن المنكر ويمارس النقد – وصنف سلبي: لا ينهى عن السوء ولا يمارس النقد – وصنف منتقَد : يفعل السوء
2- لكي يعذروا أمام الله تعالى لأن الإنسان مطالب بتغير المنكر – ورجاء أن يتقوا هؤلاء الظلمة فيرجعوا عن معاصيهم .
3- حجتهم : أن هؤلاء هالكون ولا فائدة من النقد ولا أمل يرجى منهم فهم لا يستجيبون.
4-
*- نجاة الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر.
*- وهلاك الذين ارتكبوا المعاصي وخالفوا أمر الله تعالى.
*- وسكت عن الذين سكتوا ولم يبن مصيرهم – تجاهلاً لهم واستخفافاَ بهم بسبب تركهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

السؤال الثاني:
• أساليب النقد :
– الموعظة العامة ( ما بال أقوام ……….. )
– الموعظة المباشرة ( ضمن آداب النصيحة )
– الرسالة . – القدوة الحسنة – اهداء كتاب أو شريط – كتابة مقال في جريدة أو مجلة.

السؤال الثالث : – الغرور والكبر –

السؤال الرابع:
• سبب النزول : عن أبي مسعود قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نتحامل على ظهورنا، فجاء رجل فتصدق بشيء كثير، فقالوا: مرائى. وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا. فنزلت الآية
• يلمزون : يعيبون………………… يسخرون : يستهزؤون
• هذا من النقد الهدام

• آثاره : عدم قبول الناس عن فعل الخير – تفشي المنكر – نفور الناس من الناقد
– انتشار العداوة والبغضاء – يتعرض الفرد والمجتمع لسخط الله تعالى .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده