حظيت طريقة التعلم بالاكتشاف ولا تزال، باهتمام الكثير من المربين وعلماء التربية، لما لها من أهمية في تشجيع الطلبة وتدريبهم على التفكير وعلى مهارات البحث وجمع المعلومات واتخاذ القرارات. فالتدريس بهذه الطريقة ينقل النشاط داخل الصف من المعلم إلى الطلبة، ويمنحهم فرصة ليعيشوا متعة كشف المجهول بأنفسهم.
ويُعد هذا الأسلوب في التعلم ثورة على نموذج التعليم القائم على الشرح المباشر، وعلى تزويد المتعلم بالمعلومات الجاهزة لحفظها، ومن ثم اختباره بمحتواها، بأسئلة إنشائية مباشرة تقيس المعلومات المختزنة، وليس التغير في السلوك وفي طرائق التفكير.
ويهدف التعلم بالاكتشاف إلى تشجيع المتعلم على التفكير في بنية المسألة المطروحة أمامه لاكتشاف عناصرها بنفسه، مما يترتب عليه تطوير قدراته على التصنيف وتدريبه على ممارسة مهارات التفكير الاستقرائي، ما يمكنه من إزالة تعقيداتها، ليسهل عليه فهمها.
ويعرّف المختصون التعلم بالاكتشاف، بأنه التعلم الذي يحدث نتيجة معالجة الطالب المعلومات وتركيبها وتحويلها، وصولاً إلى معلومات جديدة، تمكّن الطالب من تخمين أو تكوين فرضية ما، أو الوصول إلى حقيقة باستخدام عمليات الاستقراء أو الاستنباط أو باستخدام المشاهدة والاستكمال أو أي طريقة أخرى.
وتعتبر طريقة التعلم بالاكتشاف من أروع الطرق التي تساعد الطلبة على اكتشاف الأفكار والوصول إلى الحلول بأنفسهم، وهذا بدوره يولد عندهم شعوراً بالرضا والرغبة في مواصلة العلم والتعلم، ويفسح أمامهم المجال لاكتشاف أفكار جديدة بأنفسهم.
الطريقة السقراطية
تعود فكرة التعلم بالاكتشاف إلى العصور القديمة، فقد استخدمها سقراط مع طلبته لكي يدفعهم إلى اكتشاف ما يريد تعليمهم، من قيم ومعرفة وفضيلة، وأُطلِق عليها الطريقة السقراطية نسبة إلى سقراط. واستمرت هذه الطريقة في محاورات تلميذه أفلاطون، وكذلك استخدمها أرسطو.
أنواع الاكتشاف
هناك طرق تدريسية عدة لهذا النوع من التعلم بحسب مقدار التوجيه الذي يقدمه المعلم للطلبة، وهي:
الاكتشاف الموجّه
وفيه يُزوّد المتعلمون بتعليمات تكفي لضمان حصولهم على خبرة قيمة، وهو ما يضمن نجاحهم في استخدام قدراتهم العقلية، لاكتشاف المفاهيم والمبادئ العلمية. ويشترط أن يدرك المتعلمون الغرض من كل خطوة من خطوات الاكتشاف. وهذا الأسلوب يناسب طلبة المرحلة التأسيسية، ويمثل أسلوباً تعليمياً يسمح للطلبة بتطوير معرفتهم، من خلال خبرات عملية مباشرة .
الاكتشاف شبه الموجه
وفيه يقدم المعلم المشكلة للمتعلمين، ومعها بعض التوجيهات العامة، بحيث لا يقيّدهم ولا يحرمهم من فرص النشاط العملي والعقلي، ويعطي المتعلمين بعض التوجيهات.
الاكتشاف الحر
وهو أرقى أنواع الاكتشاف. ولا يجوز أن يخوض فيه المتعلمون إلا بعد أن يكونوا قد مارسوا النوعين السابقين. وفي هذا النوع من التعليم يواجه المتعلمون بمشكلة محددة، ثم يطلب منهم الوصول إلى حل لها، وتترك لهم حرية صياغة الفروض وتصميم التجارب وتنفيذها.
أهمية التعلم بالاكتشاف
1- يساعد الاكتشاف المتعلم في تعلم كيفية تتبع الدلائل وتسجيل النتائج،
2- يوفر للمتعلم فرصاً عديدة للتوصل إلى استدلالات، باستخدام التفكير المنطقي، سواء الاستقرائي أو الاستنباطي.
3- يشجع الاكتشاف التفكير الناقد ويعمل على المستويات العقلية العليا، كالتحليل والتركيب والتقويم.
4- يعوّد المتعلم على التخلص من التسليم للغير والتبعية التقليدية.
5- يحقق نشاط المتعلم وإيجابيته في اكتشاف المعلومات، ما يساعده على الاحتفاظ بالتعلم.
6- يساعد على تنمية الإبداع والابتكار.
7- يزيد من دافعية الطالب نحو التعلم، بما يوفره من تشويق وإثارة يشعر بها المتعلم أثناء اكتشافه المعلومات بنفسه.
دور المعلم
1- تحديد المفاهيم العلمية والمبادئ التي سيتم تعلمها، وطرحها في صورة تساؤل أو مشكلة.
2- إعداد المواد التعليمية اللازمة لتنفيذ الدرس.
3- صياغة المشكلة على هيئة أسئلة فرعية، بحيث تنمي مهارة فرض الفروض لدى المتعلمين.