التصنيفات
الصف الثاني عشر

بحث عن الطهطاوي للصف الثاني عشر

السسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

رفاعة رافع الطهطاوي
أمير النهضة

المقدمة:

النجاح شيء جميل – ولكن الأجمل أن يتفوق الإنسان. أما الشيء الذي لاتحده الأوصاف فهو أن يصبح الإنسان (رقم واحد) أي يتبوأ مكانته (الألفة) ويتقدم الصفوف في أي إنجاز يخدم البشرية ويضيف جديدا إلى معارفها، فكل العلماء والمصلحين والمكتشفين يعيشون (لذة الكشف) التي تسمو على أية لذة أخرى.. ويسكنهم (شبق) غريب يدفعهم إلى مواصلة الكشف والبناء وتقدم الصفوف. وهكذا عاش شيخ مشايخ المعارف المصرية رفاعة رافع الطهطاوي يتقدم الصفوف ويقود أمته – ليس في مجال واحد – ولكن في كثيرة جاهد فيها بعقله النهم الذي لا يعرف الشبع من كل المعارف – حتى لانت له واستكانت بين يديه واجتمعت لتقيل أمة العرب من عثرتها وتصنع نهضتها الفكرية والثقافية وتدفعها إلى التحليق في فضاء المعارف والثقافة بعد أن عاشت مكبلة بقيود الجهل والاستبداد في سجن الدولة العثمانية التي علمت طويلا على تجريف العقل العربي بالسطو على علمائه وفنانيه وحرفييه.

وسنتطـرق في هـذا التقرير إلى :

1. سيرته ومولـده :
2. فضل الطهطاوي على الصحافة العربية :
3. انجازاته في الأدب :
4. مؤلفاته:

وسنعرف المزيد من التفاصيل فيا يلي :

الموضوع :
ورغم أن البدايات لم تكن تنبئ أبدا بأن يسير الشيخ في الطرق التي سار فيها أو يحقق الإنجازات التي حققها إلا أن الطهطاوي قد استثمر مواهبه وقدراته – وفى مقدمتها الإصرار – أفضل استثمار كما وضعته أقداره في معادلة مثلثة الأضلاع تتكون من فرنسا ومحمد على باشا ورفاعة نفسه الذي ارتبط منذ مولده بحبل سري غريب مع كل من فرنسا ومحمد على فقد ولد رفاعة لأسرة متوسطة الحال في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج ورغم رقة حال الأسرة إلا أنها (منسبة) حيث يتصل نسب رفاعة من جهة الأب بالحسين عليه السلام ومن جهة الأم بالخزرج أنصار رسول الله..

سيرته ومولـده :
هو رفاعة رافع بن بدوي الطهطاوي ولد في 5 أكتوبر 1801 وهو العام الذي جاء فيه محمد على إلى مصر على رأس ألف جندي عثماني للمشاركة في مقاومة الحملة الفرنسية على مصر – كما تصادف أن يولد رفاعة في يوم رحيل جنود الحملة الفرنسية عن مصر.. وهكذا ومنذ البداية ارتبط هذا المثلث الذي ستدور بين أضلاعه قصة الطهطاوي وتنطلق من خلاله نهضة الأمة.
وتعلم في طهطا ( مسقط رأسه ) مبادئ القراءة و الكتابة وظهرت عليه منذ صغره علامات النبوغ .وحضر إلى القاهر سنة1807 وهو بعد طفل صغير ومكث فيها خمس سنوات فالتحق بالجامع الأزهر وهو في الحادية والعشرين من عمره. وفى القاهرة تلقفه أخواله طلاب الأزهر (فراج ومحمد وأبو الحسن الأنصاري) وفى الأزهر تتلمذ على يد مجموعة من الشيوخ الأجلاء (الفضالي – القويسني – البخاري – البنا – الدمنهوري – حبيش – البيجوري – الدمهوجي ) وكان أبرز أساتذته الشيخ حسن العطار شيخ الجامع الأزهر الذي تولى الفتى بالرعاية والتهذيب كما حبب إليه الأدب والقراءة في مختلف الفنون والآداب وحدثه كثيرا عن شئون الوطن فأخرجه من شرنقة التقليد إلى رحابة التجديد، ولم يتوقف دور الشيخ العطار عند حدود تعليم الفتى ولكنه عمل على أن يؤمن له سبل العيش الكريم فأوجد له العديد من الفرص لإعطاء دروس في اللغة والفقه لبعض الأثرياء. وقد سبق للشيخ العطار نفسه أن قام بتدريس اللغة العربية لبعض علماء الحملة الفرنسية.
وبعد ست سنوات من الدراسة في الأزهر تخرج الطهطاوي عام 1822 ليعمل مدرسا لمدة عامين ثم استطاع شيخه العطار أن يقنع محمد على بتعيينه إماما في الجيش ذلك الجيش الذي سعى محمد إلى تقويته خاصة بعد أن قويت شوكته من خلال مذبحة القلعة عام 1811 التي قضى فيها على كل المماليك المناوئين له ولكي يحصل الوالي على هذا الجيش القوى فقد عمد إلى تطوير وتحديث كل مجالات الحياة في مصر فاستقدم الخبراء من فرنسا وايطاليا وأرسل أيضا البعثات إلى هاتين الدولتين. فأرسل أولا بعثة إلى إيطاليا عام 1813 لدراسة فنون الطباعة بعد أن عرفت مصر المطبعة لأول مرة مع الحملة الفرنسية. ثم أرسل في عام 1818 بعثة إلى فرنسا لدراسة الفنون البحرية والحربية، وفى عام 1826 قرر محمد على أن يرسل بعثة كبيرة قوامها 40 دارسا إلى فرنسا لدراسة مختلف العلوم والفنون واستطاع الشيخ العطار أن يقنع الوالي بإرسال رفاعة الطهطاوي ليعمل واعظـًا دينيـًا وإمامـًا لأفراد البعثة، أي أنه لم يكن عضوًا أساسياً في البعثة ومع ذلك فسوف يطفئ أسمه على كل الأسماء فيها ومن حسن الحظ أنه سافر إلى فرنسا عن طريق ميناء الإسكندرية حيث كانت (عروس البحر) بروفة رائعة للتعرف على أجواء أوروبا وذلك بما تحتويه من جاليات أجنبية وسواحل ومعمار يشبه كثيرا الموجود في أوروبا ولذلك لم يصدم الطهطاوي عندما رست به السفينة في ميناء مارسيليا الفرنسي ولكنه تذكر نصيحة شيخه العطار بأن يسجل كل ما يراه أو يقرأه وعلى الفور بدأ تنفيذ النصيحة وبدأ أيضا في تعلم اللغة الفرنسية، وفى باريس تحول الطهطاوي إلى عين صقر وذاكرة فوتوغرافية وعقل نهم لا يشبع من تحصيل المعارف فراح يقرأ وينظر فيما حوله حتى تعرف على كل مجالات الحياة في باريس وقد كان أسرع أعضاء البعثة إجادة للغة الفرنسية وقد أهداه أحد أساتذته كتاب (رحلة إنسيس في بلاد اليونان) مكافأة على حسن تحصيله وعندما رأى الأساتذة على البعثة مدى نهم الطهطاوي لتحصيل كل المعارف أرسلوا إلى مصر لضمه بشكل رسمي إلى البعثة وقد تم ذلك وتخصص في الترجمة من الفرنسية إلى العربية و قد كان من حظ هذه البعثة أن المشرفين عليها من كبار العلماء الفرنسيين ومنهم (جومار- سلفستر دى ساس – كوسان دى برسفال – الخ) وخاصة العلامة جومار الذي كان أحد علماء الحملة الفرنسية على مصر والمسئول الأول عن إصدار الكتاب الموسوعة وصف مصر.

وإذا توقفنا بداية عند الطهطاوي كرائد للفكر الاجتماعي فإنه.. يأتي الطهطاوي في مقدمة ثلاث قمم أثروا القرن التاسع عشر حيث كان معه عبد الرحمن الكواكبي وخير الدين التونسي.. ويتسم الطهطاوي بثلاث سمات هي شمولية النظرة والإحاطة بالظواهر الاجتماعية والسياسية من مختلف جوانبها. ثم الجمع ما بين النظر والعمل والفكر والخبرة الواقعية مما جعل فكره شديد الارتباط بالواقع ثم المزج ما بين أرضية التراث الإسلامي والتعرف على العلوم العصرية الحديثة.. وقد انطلق الطهطاوي في تفكيره الاجتماعي والسياسي من احترام العقل كأداة لحل كل مشاكل المجتمع وذلك بالكشف عن أسبابها وبواعثها.

فضل الطهطاوي على الصحافة العربية :

أما عن فضل الطهطاوي على الصحافة في مصر والعالم العربي فكبير وعميق جدا خاصة وأنه لم يعرف ماهى الصحافة قبل أن يرحل إلى فرنسا وذلك لأن مصر كلها لم تكن تعرف الصحافة برغم أن نابليون بونابرت قد أتى بالمطبعة إلى مصر عندما جاء على رأس الحملة الفرنسية إلا أنه لم يصدر إلا صحيفتين باللغة الفرنسية وكان توزيعهما محدوداً ومقصورا على جنود الحملة – وقد فشل مشروع الجنرال مينو لإصدار صحيفة (التنبيه) برئاسة تحرير إسماعيل الخشاب،ظهرت الوقائع المصرية لأول مرة في عام 1828 أثناء وجود الطهطاوي في باريس وكانت تصدر باللغة التركية مع ترجمة ركيكة بالعربية، ولذلك انبهر الطهطاوي عندما رأى وطالع الصحف في باريس فعكف علي قراءتها ولاحظ أنها تتمتع بحرية كاملة في كل ما تكتبه ,ولقد دفعته هذه الصحف إلى أن يقف أمام مصادر القوة ومظاهرها في هذا المجتمع ولم يكن مبهورا بكل ما يراه ولكنه يقارن ما بين فوائد وأضرار كل شيء كما شجعته هذه الصحف على أن يقرأ في كل شيء حتى تعبت عينه اليسرى وطالب المشرفون على البعثة زيادة راتبه لعلاج عينه ومنعوه من القراءة ليلاً إلا أنه لم يستمع لنصائحهم وواصل قراءاته وإعجابه بتلك (الكازطات) أي الصحف التي تكتب في أي شيء وكل شيء.

وعندما عاد إلى مصر عام 1831 أحس بمدى أهمية الصحافة ولكنه كان يفتقد الوسيلة التي تدفعه إلى إحداث النهضة الصحفية حيث أن الجريدة الوحيدة وهى الوقائع المصرية تقع تحت يد مجموعة من الأتراك متحجري العقول وعندما واتته الفرصة أحدث ثورة حقيقية وذلك بعد تعيينه رئيسا لتحرير الوقائع المصرية عام 1842 فبث فيها الروح الصحفية الحقيقية وعمد على بلورة رأي عام مثقف ومناهض وذلك بعد أن أصدر الوقائع باللغة العربية وبعد أن خلص كتاباتها من المحسنات البديعية والسجع والجناس وجعل لغتها سهلة بسيطة لتخاطب أكبر عدد من القراء وقد نبعت كل تطويراته في الوقائع من إعجابه الشديد بالصحافة الفرنسية وقد أثارت هذه التطويرات مجموعة الأتراك فقاموا بثورة مضادة أقالت الطهطاوي وأعادت الوقائع كما كانت,وكان على الشيخ أن ينتظر طويلا حتى رأس تحرير مجلة (روضة المدارس) والتي صدر عددها الأول في 17 أبريل 1870 وكانت نصف شهرية.. وقد اهتم في هذه المجلة بشئون المرأة، ودعا القراء إلى المشاركة في تحريرها وبذلك يصبح الطهطاوي (أبو الصحافة) الإعلامية والثقافية.

انجازاته في الأدب :

أما عن الدور الكبير الذي قام به الطهطاوي في تطوير الأدب العربي مؤثر إلى أبعد حد حيث أخرج اللغة العربية من عزلتها الثقافية المزمنة وأوصلها بتيار الفكر الغربي من خلال ترجمة ما يقرب من ألفى كتاب نقل فيها هو وتلاميذه خلاصة المعارف والعلوم الحديثة فأصبح للغة قدرتها على التعبير عن مقتضيات حياة العصر وقاد رفاعة من خلال الترجمة ثورة حقيقية في تطوير النثر العربي حيث بدأ عهد البساطة والسلاسة والتحرر من قيود المحسنات البديعية.
ورغم أن الطهطاوي كان يكتب الشعر إلا أنه كان ذواقا للشعر أكثر منه منشداً حيث كان شاعراً أقل من المتوسط، ومع ذلك فقد كان له دور كبير في تطوير الشعر العربي ويتضح ذلك من بعض أشعاره وترجماته، حيث كان يتعلم الفرنسية على يد شاب مصري مهاجر يكتب الشعر اسمه يوسف أجوب فترجم له رفاعة إحدى منظوماته بعنوان (نظم العقود في كسر العود) وفيها تخلص من الالتزام بوحدة البحر والقافية وعمد إلى تنويع البحور والقوافي على طريقة الموشحات الأندلسية وكان ذلك بعد اطلاعه على الشعر الرومانتيكى في فرنسا.

أما في مجال القصة فمن السهل أن نلمح تأثير الطهطاوي على كثير من الأدباء مثل يحيى حقي في (قنديل أم هاشم) وعند الحكيم في (عصفور من الشرق) وعند طه حسين في (أديب) بل إننا نلمح تجربة الطهطاوي في الجزء الثاني من كتاب المويلحي (حديث عيسى بن هشام) فكل هذه الكتب تنويعات على اللحن الأصلي لرحلة الطهطاوي إلى باريس وتجربته الفذة في (تخليص الإبريز في تلخيص باريز).
أما في عالم المسرح فقد ترجم الطهطاوي ثلاث مسرحيات للكاتب الفرنسي (راسين) تحت عنوان (الروايات المفيدة في علم التراجيدة) وهذه المسرحيات هي (إستير – الإسكندر الأكبر – أفغانية) كما ترجم أربعا من كوميديات موليير ونشرها في مجموعة (الأربع روايات من نخب التياترات)

أما في عالم المسرح فقد ترجم الطهطاوي ثلاث مسرحيات للكاتب الفرنسي (راسين) تحت عنوان (الروايات المفيدة في علم التراجيدة) وهذه المسرحيات هي (إستير – الإسكندر الأكبر – أفغانية) كما ترجم أربعا من كوميديات موليير ونشرها في مجموعة (الأربع روايات من نخب التياترات)
وهناك جانب مهم قد لا يعرفه الكثيرون عن الطهطاوي وهو ابتكاره لفن الأناشيد الوطنية بعد أن أعجب في فرنسا بنشيد (المارسيليز) وترجمه إلى العربية وقد سار على نفس الدرب وكتب العديد من الأناشيد أطلق عليها اسم (الوطنيات) وكانت لونا جديدا في النظم العربي وكان الطهطاوي أول من ابتكر هذه المنظومات في الأدب العربي ومن منظوماته (يا صاح حب الوطن.. حلية كل فطن) و (ننظم جندنا نظما.. عجيبا يعجز ألفهما).. وقد سار تلميذه صالح مجدي على دربه فألف 15 نشيدا قدمها للوالي سعيد وتم تلحينها على الموسيقات العسكرية ومن خلال هذه الأناشيد كان الطهطاوي رائدا في ميدان البعث الوطني القومى بما أبدع من هذه الأناشيد وبما نظم من قصائد سجلت انتصارات الجيش الوطنى ضد الأتراك والأوروبيين.

مؤلفاته:

كتب رفاعة بنفسه وصفا لرحلته إلى فرنسا وما شاهده فيها وذلك في كتابه " تخليص الابريز في تلخيص باريز " , وكتب كذلك قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل و الأواخر " ثم " مباهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية " و "المعادن النافعة" و مبادئ الهندسة " وغيرها الكثير.

الخاتمة :
ويتبين لنا مما عرفناه عن رفاعة الطهطاوي أن العلم والنبوغ يبدأ عند بعضهـم من الصغر ويختلف باختلاف الأشخاص فمنهم من ينميه مثل الطهطاوي ومنهم من لا يلقي له بالا ً ويتبين أن العلم من الصغر كالنقش على الحجر فنرى الطهطاوي أكبر مثال حيث أنه تعلم منذ صغره ع يد أخواله وشيوخ أفاضل في جامعة الأزهر وتلقى على أيديهم العلوم المختلفة مما نمى فيه حب الإطلاع والمعرفة فسافر الى فرنسا وتعلم من هناك الكثير ودمجه مع علمه السابق متمسكا بأصالة مندمجة مع المعاصرة التي يتطلبها الزمان والمكان من أجل التطور والنهضة والرقي .
وفى النهاية نؤكد على أن الطهطاوي سوف يظل الرائد الأعظم في حركة النهضة العربية الفكرية والثقافية خلال العصر الحديث ويكفى أنه أول من زاوج ما بين (الأصالة والمعاصرة) من خلال إحياء كتب التراث وترجمة كتب الغرب.

ومن النتائج و أهم الدروس التي نتعلمها من سيرة الطهطاوي فتكمن في أن استنارة المثقف والأديب لا يمكن أن تزدهر إلا في ظل (حاكم مستنير).وكم أتمنى أن يقتدي الشباب بمثل هؤلاء العلماء العظماء ويعلموا منهم الإصرار والحماس وحب العلم.

موفقين

=)

الملفات المرفقة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *