التصنيفات
الصف الحادي عشر

قصة قصيرة:قلم رصاص و محاية -التعليم الاماراتي

قلم رصاص و محاية

جذب اللحاف بيده بعد أن حل الظلام و غطى رأسه الصغير . شريط صور قصير مر من أمامه في لمح البصر, أستذكر فيه يومه كاملاً منذ أستيقظ في الصباح ثم ذهابه للمدرسة و لقاءه الاضطراري مع مدرس اللغة العربية و العلقة الساخنة التي تلقاها على يديه السميكتين و انتهاء بصحن العدس الذي التهمه مضطراً عن آخره. الأمران لصقا بذهنه : علقة مدرس العربي و صحن العدس و هو لا يطيقهما أبدا.

راح في نوم عميق لم يقطعه سوى حلم جميل يكاد أن يتذكره بكل تفاصيله.

شخص زار المخيم في صورة و هيئة مدرس اللغة العربية, سمين يتدلى كرشه العظيم في قميصه ناصع البياض و تكاد أزراره أن تتفتق كمداً و غيظاً.

وجهه الأحمر المكتنز بالشحم و الحمرة لا شارب فيه و لا حتى أثر لحية و قد غابت عن الحضور صلعته الملساء تحت طربوش أحمر تدلى من تحت مقدمته منديل قماش مخطط يحجب الشمس عن عينيه الغائرتين المختفية خلف نظارة سميكة سوداء.

إنه مفتش المخيم جاء في جولة سريعة كما و صفها شيخ المخيم. يدحرج جثته الضخمة في أزقة المخيم الضيقة و يتجاذب بين الفينة و الفينة حديثاً قصيراً مع من يلحظه من أهله.

يعدهم بمشروع تحسين سكنهم و بيوت بها ماء و كهرباء و دورات مياه كالتي في عيادة الوكالة اليتيمة بالمخيم. ومطابخ من رخام خليلي و أبواب تفتح بالكهرباء.

"محمود" يجري وراء المفتش مع سرب من الأطفال يلاحقونه من زقاق إلى زقاق.

تنبه الصغار و منهم محمود إلى دفتر يحمله المفتش بين يديه في حجم فلسكاب بغلاف ملون بالأوان زاهية.

و قلمه و ما أدراك ما قلمه: قلم رصاص طويل و مضلع و ملون بألوان سوداء و صفراء و في نهايته ممحاة اتصلت به بقطعة من صفيح مذهب. أما مقدمته فهي مبرية كالرمح . ينقله من يد إلى أخرى ليريحه أخيراً خلف أذنه في منظر بهي لا يكاد يسقط بعد أن حشره بقوة بين صدغه و أذنه التي تكاد أن تلتصق بوجهه التصاقا.

في المرات القليلة التي كتب فيها في دفتره كان القلم ينزلق على الورق المصقول بسهوله و يسر لتمتد أعناق الصغار و عيونهم تحاول أن تقرا ما كتب بفضول ظاهر , لكن دون جدوى فهو يكتب انجليزي مشبك. دخيل الله لماذا لا يكتب انجليزي عادي كان فهم الأطفال منه شيئاً, ربما يكتب أسراراً و لا يريد لأهل المخيم لأن يفقهوا من كتابته شيئاً

محمود لا يعنيه ما يكتب مثل بقية الصغار فهو مهتم بقلمه. قلمه و حسب. يتسلسل بين الجموع حتى يصبح أقربهم إليه و إلى قلمه. يخطفه من بين أصابعه قبل أن يستقر في قراره المكين خلف أذنه و يولي هارباً.

الأطفال ينتشرون لجراد خلفه في أزقة المخيم ليختفي بينهم و يختفوا خلفه. الرجال يعتذرون للمفتش الذي لا يدري عما يتحدث القوم و يكمل مسيره بين الأزقة

محمود راقداً في فراشة و يطبق على القلم بكل ما أوتي من قوة يستيقظ لاهثاً ليتفقد قلمه الرصاص فلا يجد بين أصابعه شيئاً.

يبكي و يعود للنوم.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *