التصنيفات
الصف التاسع

تقرير عن البحرين -للتعليم الاماراتي

بحث عن البحرين ..حكم آل خليفة في البحرين ..البحرين والدولة السعودية ..البحرين وبريطانيا ..الحركة الوطنية في البحرين


حكم آل خليفة في البحرين

البحرين والدولة السعودية

البحرين وبريطانيا

الحركة الوطنية في البحرين

استقلال البحرين

الأسئلة

——————————————————————————–

البحرين، تاريخ. تقع البحرين بين دولتي قطر والمملكة العربية السعودية. وهي مجموعة جزر في الخليج العربي على شكل مستطيل، وكانت في الأصل جُزُرًا متصلة بالجزيرة العربية، وقد انفصلت عنها بسبب حركة القشرة الأرضية في العصور الجيولوجية المختلفة. والبحرين قريبة جدًا من الدمام، الميناء السعودي في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وقريبة أيضًا من قطر، إذ تبعد عن البلدين مسافة لا تزيد عن 20كم تقريبًا.

وتتكون البحرين من جزر عدة، أكبرها البحرين والمحرق ويربطهما جسر، وجزر أخرى صغيرة وتبلغ مساحة البحرين حوالي 27,707كم² تقريبًا، ويصل عدد سكانها في الوقت الحاضر إلى حوالي نصف مليون نسمة، معظمهم من العرب يرجعون في أصولهم وأنسابهم إلى القبائل العربية الأصيلة التي تغطي مناطق الجزيرة العربية، وقد ارتحلت إليها في مناسبات وظروف مختلفة، وأكبر عشائر البحرين العتوب، ثم الدواسر وغيرهم ممن يقطنون البحرين. وتوجد في البحرين جاليات من أصول فارسية ومن هنود وباكستانيين وأوروبيين من دول متعددة مثل: البريطانيين، والفرنسيين، والهولنديين، والألمان، والأمريكيين وغيرهم.

وموقع البحرين مهم جدًا في منطقة الخليج العربي، ومهم أيضًا بالنسبة لمناطق الشرق: الآسيوية والإفريقية. فموقع البحرين يسيطر على الطرق البحرية المهمة الفاصلة بين العراق والهند، وهو يتوسط الخليج العربيّ، ولا يبعد كثيرًا عن السعودية، وقد رُبطَ البلدان بريًا عن طريق جسر يوصل بينهما عبر مياه الخليج العربي جسر الملك فهد، الذي يمتد من شاطئ العزيزية بمدينة الخُبر السعودية إلى شاطئ الجسرة في البحرين، ويبلغ طول هذا الجسر حوالي 25كم، مما يعمل على تسهيل حركات النقل والتنقل، ويعمل أيضًا على تسهيل الحركة التجارية بين البلدين، ويدعم العلاقات السياسية بينهما، ويقوي الصلات الاجتماعية بين شعبي الدولتين. وموقع البحرين مهم بالنسبة للتجارة والملاحة الدولية في مياه الخليج العربي، ومياه البحار الشرقية الدافئة الموصلة إلى مناطق الشرق الآسيوية، وهو أمر جعل من البحرين محط رجال الأعمال، وظلت قديمًا معرضة للدول الطامعة بالسيادة المطلقة على الخليج العربي.

يتميز سطح البحرين بأنه سطح مستو لا جبال فيه ولا أنهار، وتتخلله مجموعة صغيرة من العيون المائية التي تقوم عليها الزراعة في البحرين، خاصة زراعة النخيل، وهي قليلة نسبيًا إذا ما قيست بزراعة النخيل في مناطق الجزيرة العربية الأخرى.

ومناخ البحرين بوجه عام حار في الصيف مع رطوبة شديدة، وفي الشتاء دافئ نسبيًا، وأمطاره قليلة. والبحرين قليلة المياه العذبة، وقليلة الأرض الزراعية، ولذلك فهي بلد محدود الإمكانات والطاقات الاقتصادية، غير أنَّ لها موقعًا إستراتيجيًا لفت إليه انتباه دول العالم ذات الصلة بمنطقة الخليج العربي.

حكم آل خليفة في البحرين
نزح آل خليفة وآل صباح والجلاهمة وغيرهم من موطنهم الأصلي في الهدار في منطقة الأفلاج في جنوبي نجد وتوجهوا صوب مناطق الخليج العربي الساحلية مثل قطر فالكويت والبحرين. وكان آل خليفة بزعامة شيخهم محمد آل خليفة قد غادروا الكويت بعد خلاف نشب بينهم وبين أبناء عمومتهم آل صباح، واتجهوا صوب جزر البحرين في الخليج، لكن حكام جزر البحرين وقتذاك وهم من آل مذكور من قبيلة المطاريش لم يسمحوا لآل خليفة بالنزول في البحرين والاستقرار فيها، مما اضطرهم إلى التوجه صوب موقع بلدة الزبارة في قطر، فنزلوا فيها عام 1179هـ، 1765م تحت قيادة شيخهم محمد بن خليفة الذي أسس الزبارة وكان يتصف بالورع والتقوى ورجاحة العقل؛ مما أعجب أهالي الزبارة في قطر فأمّروه عليهم، فأحسن معاملة الجميع، وأكرم العلماء، وأنشأ بعض المدارس وهي أشبه بالكتاتيب، وبنى عددًا من المساجد.

وقد حصن آل خليفة مدينة الزبارة مركز استقرارهم الجديد. وعملوا في صيد اللؤلؤ والتجارة، وأصبحت التجارة في عهدهم مزدهرة، وجذبت مدينتهم الزبارة عددًا من العاملين في التجارة وصيد اللؤلؤ خاصة من أبناء عمومتهم العتوب، الذين بدأوا يتوافدون إلى الزبارة للإقامة فيها والعمل في البحر والتجارة وغير ذلك من الأْعمال الأخرى خاصة وأن التجارة حرة فلا ضرائب مع البضائع مما أدى إلى نشاط التجارة.

توفي الشيخ محمد آل خليفة مؤسس مشيخة البحرين عام 1186هـ، 1772م، وخلفه ابنه خليفة بن محمد آل خليفة. وتمكن آل خليفة، بزعامة أحمد بن محمد آل خليفة بمساعدة أقربائهم الجلاهمة وقبائل قطر والأحساء، من طرد الإيرانيين من البحرين بعد وفاة كريم خان ونشوب الخلافات في إيران. وبناء عليه بدأ حكم آل خليفة على البحرين كما انتهى حكم إيران لها. وكذلك فإنَّ الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة لم يبق في البحرين بعد ضمها لسيادته، وإنما عاد إلى الزبارة في قطر، وأرسل من ينوب عنه لحكم البحرين، وظل يتنقل من حين لآخر بين كل من البحرين وقطر، وظل الأمر كذلك حتى وفاته عام 1209هـ، 1794م، فخلفه في الحكم ابنه سلمان آل خليفة الذي نقل حكم آل خليفة إلى البحرين، واتخذ من مدينة الرفاع في البحرين عاصمة له. وبدأ الشيخ سلمان آل خليفة ينظم شؤون مشيخته الجديدة في البحرين عوضًا عن الزبارة في قطر لتكون إمارتهم ومركز إقامتهم. وبدأ آل خليفة مرحلة من البناء الجاد في البحرين، خاصة في مجال الإدارة والعمران.

البحرين والدولة السعودية
غزت الدولة السعودية الأولى قطر عام 1208هـ، 1793م، وتمكنت قواتها بقيادة إبراهيم بن عفيصان من دخولها. وثبتت الدولة السعودية الأولى وجودها في قطر خاصة في بلدان: اليوسفية، وفريحة والرويضة والحويلة. وبعدها حاصر إبراهيم بن عفيصان آل خليفة في مدينة الزبارة مركز قطر بعد أن أخذ الإذن بذلك من الإمام السعودي عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ثاني أئمة الدولة السعودية الأولى. وشدد إبراهيم بن عفيصان من حصاره للعتوب من آل خليفة، فاضطروا إلى الجلاء عن الزبارة وتوجهوا صوب البحرين وسكنوا بلدة جو. ولم تتم إقامة آل خليفة في البحرين لأنها خضعت لحكم السيد سلطان بن أحمد حاكم مسقط عام 1215هـ، 1800م، فعادوا من جديد إلى الزبارة في قطر بعد أن أعطاهم آل سعود الأمان.

تعاون آل سعود في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز مع آل خليفة في استرجاع البحرين من حاكم مسقط، إلا أن إبراهيم بن عفيصان قائد الحملة السعودية وأميرها لم يسلِّم حكم البحرين إلى آل خليفة، بل أعلن عن ضم البحرين إلى الدولة السعودية الأولى. وحاول آل خليفة إجلاء القوات السعودية عن البحرين لكنهم لم يوفقوا. ولم يكتف إبراهيم بن عفيصان بذلك وإنما أرسل رؤساء آل خليفة إلى الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى. وصدرت الأوامر الرسمية بتعيين إبراهيم بن عفيصان أميرًا على البحرين، وفهد بن سليمان بن عفيصان قائدًا عامًا لحاميتها السعودية.

ولم يدم هذا الوضع طويلاً لأن آل خليفة استعانوا بحاكم مسقط، ودولة الفرس، وأقاربهم من العتوب وهاجم الجميع الحامية السعودية في البحرين وأجلوها عن البلاد بالقوة، وأسروا قائد الحامية فهد بن سليمان بن عفيصان ومعه ستة عشر رجلاً، واتخذوا منهم رهائن حتى تطلق الدرعية سراح آل خليفة فيها. وعلى الرغم من محاولة إبراهيم بن عفيصان، يساعده في ذلك رحمة بن جابر الجلاهمة، استرداد البحرين من القوة المتحالفة، إلا أنه لم يفلح، وبالتالي فقد أسدل السعوديون الستار على الأمر، لأنهم انشغلوا في مسألة أكثر أهمية وهي دخولهم في مواجهة حملات محمد علي باشا التي وجهت بأمر الدولة العثمانية للقضاء على الدولة السعودية الأولى. وبناءً عليه، فإن الحكم السعودي في البحرين لم يكن حكمًا مستقرًا، ولم تكن قبضة الدولة السعودية الأولى على البحرين مثل قبضتها على قطر. ولا شك في أن موقع البحرين ساهم إلى حد كبير في عدم تركيز نفوذ أو سلطة الدول المجاورة في البحرين، لأن البحرين تحتمي بخط دفاعي طبيعي هو مياه الخليج العربي.

في تلك الحقبة حدثت خلافات أسرية بين آل خليفة اضطرت الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة إلى الاستنجاد بالإمام السعودي عبدالله بن ثنيان الموجود وقتذاك في معسكره في الرمحية عام 1258هـ، 1842م، لكن عبدالله بن ثنيان لم ينجده لأنه كان مشغولاً في تثبيت حكمه.

قرر الإمام السعودي فيصل بن تركي الذي تغلب على عبدالله بن ثنيان واستلم حكم الدولة السعودية الثانية غزو البحرين وضمها إلى الدولة السعودية أو على الأقل إجبار شيوخها على دفع الزكاة للسعوديين أصحاب النفوذ القوي في منطقة الخليج العربي.

ولم ينجح مشروع الإمام فيصل بن تركي الرامي إلى ضم البحرين لسببين هما: أ- هجوم الشريف محمد بن عون شريف مكة المكرمة على القصيم ومعه خالد بن سعود الذي كان قد حكم نجدًا في ظل سيادة محمد علي باشا المستقل عن العثمانيين. ب- الرفض البريطاني للزحف السعودي. حيث كانت بريطانيا تفكر جديًا آنذاك في وضع البحرين تحت سيادتها وحمايتها، انسجامًا مع السياسة التي رسمها بالمرستون وزير خارجية بريطانيا الذي تبنى استراتيجية التوسع الاستعماري البريطاني ليس في منطقة الخليج فحسب، بل في كل الجهات والمواقع ذات الأهمية الاستراتيجية في المحافظة على خط مواصلات الإمبراطورية البريطانية في الشرق مما تناقض بشكل صارخ مع سياسة الأمير السعودي الإمام فيصل بن تركي.

ومع أن الإمام فيصل بن تركي لم يوفق في ضم البحرين إلى دولته بسبب التعنت البريطاني، فقد أشار تقرير لويس بلي المعتمد البريطاني في الخليج الذي زار الرياض وقابل الإمام فيصل بن تركي عام 1282هـ، 1865م إلى أن دولة الإمام فيصل بن تركي أخذت الزكاة العينية أو النقدية من شيوخ البحرين وأبوظبي ودبي وأم القيوين وعجمان والشارقة وسلطنة مسقط.

ومن جهة أخرى شكل الإيرانيون خطرًا على البحرين، وكانوا دائمًا يشجعون الخلاف الأسري فيها. وحاول الإيرانيون في وقت ما التقارب مع بريطانيا ضد المشيخات العربية في ساحل الخليج الشرقي، ولكن ظل الموقف البريطاني مترددًا وفاترًا تجاه هذا الطلب الإيراني، وظلت بريطانيا تحاول إبعاد البحرين عن النفوذين الإيراني والعماني، ولما شعر آل خليفة بما يحيط بهم من أخطار طلبوا من بريطانيا أن يضعوا علمها على سفنهم، كانتماء للوجود البريطاني في المنطقة، وللمحافظة علي عدم خضوعهم للقوى المحلية المجاورة التي تحيط ببلادهم البحرين. علمًا بأن بريطانيا كانت دائمًا تحاول الإفادة من الظروف الدولية والمحلية في تطبيق سياستها في منطقة الخليج العربي.

وهكذا نلحظ أن تاريخ البحرين الحديث ظل يمر بأزمات داخلية بسبب الخلاف والحروب التي اندلعت بين أفراد أسرة آل خليفة، مما أضعف البحرين في تلك الحقبة واستنفد مواردها الطبيعية. وأثر على الحياة الاجتماعية فيها بسبب ما انتاب البحرين من حروب وثورات وفتن داخلية.

البحرين وبريطانيا
أجمع آل خليفة ووجهاء البحرين وبتأييد من بريطانيا على إسناد الحكم إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة الذي كان يعيش في الزبارة في قطر بعيدًا عن الخلافات الأسرية والاضطرابات التي تسود البحرين. فانتقل الشيخ عيسى من الزبارة إلى البحرين عام 1286هـ، 1869م. وبعد أن وطد الحكم وسيطر على الأمور الداخلية في البلاد فكر أن يستعين ببريطانيا صاحبة النفوذ الأول في الخليج من أجل حمايته ومساعدته ضد أطماع الدول المحلية المجاورة وقتذاك، ويأتي على رأسها دولة فارس وسلطنة مسقط. فوقع مع بريطانيا معاهدة عام 1297هـ، 1880م، وجددت تلك الاتفاقية عام 1310هـ، 1892م، وقد تم بموجبها الآتي: 1- لا يحق لشيخ البحرين أن يتنازل عن أي جزء من أرضه إلى أي جهة سوى بريطانيا. 2- لا يحق لشيخ البحرين أن يعقد أي اتفاق أو يقيم أي علاقة مع أي دولة أخرى دون علم بريطانيا.

ومما يلاحظ على هذه الاتفاقية أن الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ألزم نفسه وألزم كذلك من يخلفه من شيوخ البحرين بالامتناع عن الدخول في مفاوضات أو إبرام معاهدات من أي نوع ومع أي دولة غير دولة بريطانيا. وتعهد الشيخ كذلك بمنع أي حكومة غير الحكومة البريطانية بإنشاء أية مشاريع أو استئجار أي جزء في البحرين بغير موافقة بريطانيا.

وألحقت بمعاهدتي عام 1297هـ، 1880م و1310هـ، و1892م معاهدة ثالثة عام 1311هـ، 1893م التزم فيها الشيخ بتحريم توريد السلاح مهما كان نوعه إلى مشيخة الكويت. وأنشأت بريطانيا وكالة سياسية لها في البحرين عام 1318هـ، 10 فبراير 1900م، وهو أمر يمتد بجذوره إلى الاتفاقيات المعقودة بين البحرين والحكومة البريطانية، وأصبحت تلك الوكالة السياسية البريطانية تابعة للمقيم البريطاني العام في الخليج العربي.

وأبعد من ذلك فقد التزم الشيخ عيسى بتعهد للحكومة البريطانية يتم بمقتضاه أن يؤكد شيخ البحرين ويلتزم بأنه في حال احتمال وجود النفط في بلاده البحرين فإنه لن يستثمره بنفسه، وليس له الحق أن يفاتح أحدًا بخصوصه بدون استشارة المستشار البريطاني في البحرين، وبعد الحصول على موافقة الحكومة البريطانية السامية ـ وهو أمر ثقيل جدًا على الشيخ عيسى نفسه وعلى حكام البحرين من بعده. ومثل هذه الاتفاقيات تبين لنا بوضوح كيف كبلت بريطانيا مشيخة البحرين، وتمكنت منها وسيطرت عليها سيطرة أكيدة.

وجدير بالذكر هنا أن بريطانيا كانت قد تدخلت في شؤون الفتنة الأهلية التي انتابت الحكم. ففرضت على حاكم البحرين الشيخ عيسى كل ما تريده. وفي المراحل الأخيرة من حياته طلب من بريطانيا أن يكون ابنه وولي عهده الشيخ حمد معاونًا ومساعدًا له في الأمور التي تنوب الحكومة لأن فيه الكفاية والسداد وقد طال حكم الشيخ عيسى بن علي كثيرًا ليصل إلى أكثر من نصف قرن حافلة بالحوادث الداخلية والخارجية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن جذور الحماية البريطانية في البحرين يمتد إلى أبعد من عام 1297هـ، 1880م، العام الذي وقعت فيه بريطانيا مع البحرين معاهدة عام 1297هـ، 1880م، إذ بدأ التدخل البريطاني الفعلي في البحرين عام 1236هـ، 1820م حينما عقدوا مع شيخ البحرين سلمان بن أحمد آل خليفة اتفاقية لمنع القرصنة في الخليج عامة والبحرين خاصة. وأرغم الإنجليز الشيخ عبدالله بن أحمد بن محمد رفض مبدأ خضوع البحرين للسيادة العثمانية ممثلة بسيادة محمد علي باشا الذي فكر في السيطرة على البحرين بعد نجاحه في القضاء على الدولة السعودية الأولى عام 1234هـ، 1818م. ووقعت بريطانيا مع الشيخ محمد بن خليفة معاهدة اتفق بموجبها أن تعمل البحرين وبريطانيا معًا على منع الاتجار بالرقيق ومحاربة أعمال القرصنة، وعرض الخلافات القائمة بينه وبين جيرانه على الحكومة البريطانية التي تعهدت بحمايته مقابل ذلك. واعترف أيضًا بحق المقيم السياسي البريطاني في الخليج بمحاكمة الرعايا البريطانيين المقيمين في البحرين. وتدخل الإنجليز في حل الخلاف الذي نشب بين شيخ البحرين وقطر عام 1284هـ، 1867م. وهي التي خلعت الشيخ محمد بن خليفة بعد النزاع البحريني القطري، ونصبت الشيخ عيسى بعدما شعرت الحكومة البريطانية أن الوجود العثماني في الخليج أصبح كبيرًا وواسعًا في أعقاب حملة مدحت باشا على الأحساء، وتركيز النفوذ العثماني فيها، وشعرت بريطانيا أيضًا أن الدولة العثمانية تحاول جادة توسيع دائرة نفوذها السياسي في مناطق الخليج العربي بعد أن احتلت قطر عقب احتلالها منطقة الأحساء من الدولة السعودية الثانية.

وبعد اعتزال الشيخ عيسى عن حكم البحرين عين ولي عهده ونائبه الشيخ حمد بن عيسى على البحرين خلفًا لوالده الشيخ عيسى، وكان ذلك عام 1342هـ، 1923م، وبقى في الحكم إلى أن توفي عام 1361هـ، 1942م. وفي عهد الشيخ حمد ابن عيسى آل خليفة ألغت الحكومة البريطانية جميع المحاكم الوطنية في البحرين، وأقامت ديوانًا خاصًا للفصل في القضايا يتألف من الشيخ والمقيم البريطاني وتولى مديرون إنجليز شؤون الجمارك والزراعة والمواصلات والصحة والأشغال في مشيخة البحرين. وبعد وفاة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة تولى الحكم من بعده ابنه الشيخ سلمان ابن حمد بن عيسى آل خليفة. وظلت علاقة هذا الشيخ جيدة ببريطانيا، واستمر في الحكم إلى أن توفي عام 1381هـ، 1961م، وخلفه في حكم البحرين ابنه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة.

وفي عام 1377هـ، 1957م، غادر المستشار البريطاني البحرين إلى بلاده بعد أن تنامت في البلاد حركة وطنية ضد الاستعمار البريطاني، وبدأت البحرين تشق طريقها نحو الاستقلال الذي تم رسميًا في عهد الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، أمير دولة البحرين.

الحركة الوطنية في البحرين
يعدُّ المجتمع في البحرين أقرب مجتمعات المشيخات الخليجية إلى النظام الحضري، وأكثر بعدًا عن نظام البادية أو المجتمع القبلي. وأكثر فئاته الاجتماعية تعيش على عدد من الوظائف الاقتصادية ذات الطابع الاستقراري الحضري مثل الزراعة وصيد اللؤلؤ والأسماك والتجارة والحرف الصناعية، وكلها أعمال تحتاج إلى استقرار، وأن نظام الرعي في البحرين نظام ضعيف ويكاد يكون غير موجود حتى إن الولاء للقبيلة ذاب في مرحلة انتماء الفرد البحريني للمواطنة وطاعة النظام.

أخذ الشعور الوطني في البحرين ينمو بشكل تدريجي، خاصة بعد فتح المدارس العصرية الحديثة في البحرين، والتي يعود إنشاؤها إلى عام 1337هـ، 1919م، فظهرت في البحرين طبقة متعلمة مثقفة بين أهالي البحرين، وكان أكثر أفرادها من أبناء التجار والأغنياء في البلاد الذين يرتادون بلاد الدنيا من خلال رحلاتهم التجارية وغيرها. وبناءً عليه ظهر نوع من التذمر ضد السيادة الأجنبية في البحرين، ممثلة في السيطرة البريطانية على كل أمور البلاد، خاصة الناحية الاقتصادية فيها. وقد تعمق هذا المفهوم بعد اكتشاف النفط في البحرين في عهد الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة. وصدرت مجلة صوت البحرين وأصدر علي سيار صحيفة القافلة. ثم تأسست في البحرين النوادي الأدبية وغير الأدبية، وأصبحت ملتقى الأدباء والمثقفين والمفكرين البحرينيين، وبرزت في البحرين طبقة مثقفة ساهمت إلى حد كبير في الحركة الوطنية في البحرين منذ عام 1374هـ، 1954م. وقد عمل الجميع على مناهضة الاستعمار البريطاني والحد من تصرفاته في البحرين. وقد ساهمت الأحداث التي دارت في الوطن العربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية في نمو الحركة الوطنية في البحرين، مثل قيام جامعة الدول العربية، وتوقيع ميثاق الدفاع العربي المشترك ضد إسرائيل ومشروعاتها التوسعية في أعقاب الحرب الفلسطينية ـ اليهودية عام 1368هـ، 1948م، وتأميم قناة السويس، والعدوان الثلاثي على مصر وغير ذلك من حوادث جسدت مرحلة النهوض القومي العربي.

وقد أدى تصاعد المد الوطني إلى قبول البريطانيين بمبدأ تجزئة الدوائر الحكومية عوضًا عن إدارتها من قِبَل أفراد بريطانيين. كما اضطرت السلطات البريطانية إلى القبول بمبدأ نقل السلطات في البلاد إلى الأهالي بشكل تدريجي، وقد ساهم ذلك في إنهاء الحكم البريطاني المباشر للبحرين.

استقلال البحرين
ومن جهة أخرى، فقد كان على الشعب العربي في البحرين أن يواجه الادعاءات الإيرانية في البحرين، تلك الإدعاءات التي برزت بشكل خاص إثر قيام الدكتور محمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني بتأميم النفط عام 1951م، حيث أعلن آنذاك أن لإيران حقوقًا في البحرين، وأن تلك الحقوق تقتضي أن يشمل التأميم شركة نفط البحرين. وهو أمر رفضه سكان البحرين، ورفضه الشعب العربي عامة وتصدوا له لإقتناعهم بزيف تلك الادعاءات وإيمانهم العميق بعروبة شعب البحرين وبحقه في السيادة على أراضيه.

وقد استمرت الحكومة الإيرانية في مطالبة البحرين إلى أن جوبهت بضغوط دولية شاركت فيها المملكة العربية السعودية، والحكومات العربية الأخرى. كما شاركت فيها العديد من المؤسسات والهيئات الدولية، وقد استجابت حكومة الشاه في إيران أخيرًا لتلك الضغوط فقبلت بمبدأ حق الشعب العربي في البحرين في تقرير مصيره.

أعلن الشاه في مؤتمر صحفي في مدينة دلهي بالهند عام 1389هـ، 1969م قبوله بحق شعب البحرين في تقرير مصيره، إما الاستقلال أو الانضمام إلى إيران أو الاتحاد معها، أو الاتحاد مع غيرها من مشيخات الخليج العربي، مقترحًا أن يجرى استفتاء عام في البحرين تحت إشراف الأمم المتحدة لتحديد خيارات الشعب البحريني.

رفض العرب في جامعة الدول العربية أن يجرى استفتاء رسمي في البحرين تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة لأن البحرين بلد عربي، وأن مثل هذه الظاهرة تعدُّ تدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية للبحرين. واستقر الرأي أن يقوم الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة وكان وقتذاك يوثانت بإرسال موفد عنه يجمع المعلومات من البحرين من كل فئات سكانه عن الخيار الذي يريدونه حول المصير السياسي لبلادهم. فأرسل أوثانت مساعده الإيطالي جوشياردي لتقصي الحقائق. واتصل مبعوث الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة بكل فئات السكان والعلماء ورؤساء المذاهب الدينية، والفئات غير العربية القاطنة في البحرين، فرأى إجماعًا على الاستقلال التام، حتى أن الفئات السكانية ذات الأصول الإيرانية أيدت الاستقلال التام البعيد كل البعد عن سيادة الآخرين على البحرين. وبناءً على ما جمعه مبعوث الأمين العام من معلومات، فقد قدم تقريرًا مفصلاًَ للأمين العام بيّن فيه رغبة سكان البحرين في الاستقلال التام غير المنقوص. فأعلن سكان البحرين وحكومتهم الاستقلال في 1391هـ، 14 أغسطس عام 1971م واعترف به من قبل مجلس الأمن في حال جلاء القوات البريطانية عن أرض البحرين.

وقد جلت قوات بريطانيا عن البحرين لكن هذا الجلاء اقترن بمعاهدة صداقة بين البحرين وبريطانيا تنص على التشاور بين الدولتين في حال دخول أحد الطرفين في حرب. وقد أخلى البريطانيون قاعدة الجفير عام 1391هـ، ديسمبر 1971م. ولكن تبيّن فيما بعد أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد استأجرت جزءًا من هذه القاعدة. وبهذا تكون البحرين أولى الأمارات الخليجية التي أعلنت استقلالها عن بريطانيا.

وبعد الاستقلال انضمت البحرين إلى عضوية هيئة الأمم المتحدة، وإلى جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وإلى جميع المؤسسات والهيئات الدولية. وهي اليوم عضو في مجلس التعاون الخليجي مع كل من المملكة العربية السعودية، وقطر والكويت ودولة الإمارات العربية وعمان. ولها دور مهم في مجال السياسة الدولية بحكم موقع جزرها في وسط الخليج العربي.

ومما لا شك فيه أن البحرين تتمتع بنهضة حديثة عصرية بفضل ما منحها الله من موارد طبيعية في باطن أرضها وكنوز طبيعية كبيرة، بالإضافة إلى موقع جزرها الاستراتيجي في مجال السياسة الدولية خاصة في الخليج، وفي مجال الملاحة والتجارة الدولية. ويؤلف النفط مصدرًا من مصادر دخل البلاد المهمة، وقد ساهم في قيام نهضة عمرانية كبيرة، وتقدم في مجالات التعليم والصحة والمواصلات، وفي مجالات التجارة والصناعة والزراعة.

وقد تحققت هذه النهضة في عهد الأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة الذى أرسى دعائم التقدم الكبير الذي شهدته البحرين في القرن العشرين الميلادي. وكان لسياسته الخارجية الواقعية أثرها في تقوية صلاته بدول الخليج خاصة والدول العربية عامة. وبعد وفاة سمو الشيخ عيسى عام 1999م، تسلم صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة مقاليد الحكم في البحرين وسار على السياسة السابقة نفسها خاصة وأنه ظل وليًا للعهد منذ يونيو 1964م، وكان عضد الأمير عيسى الأول.

وفي فبراير 2022م، وافق الشعب البحريني في استفتاء عام على ميثاق العمل الوطني بنسبة 98,4%، وبموجب هذا الميثاق تم إعلان البحرين مملكة دستورية، وتم إعادة الحياة النيابية إليها بإقامة نظام المجلسين في ظل الدستور.

وفي 16 مارس 2022م، انتهى النزاع الحدودي بين البحرين وقطر بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارها بتبعية جزر حوار وقطعة جرادة لدولة البحرين، وسيادة فشت الديبل والزبارة وجنان لدولة قطر.

وسلامتكم

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *