نبيطة تستخدم الطاقة الكهربائية لإنتاج ضوء مرئي. وإلى أن أصبح الضوء الكهربائي شائعًا في بدايات القرن العشرين كان الناس يرون في الليل بالاعتماد على أضواء الشموع والنار ومصابيح الغاز أو مصابيح الزيت.
وتدل كلمة مصباح إما على مصدر ضوءٍ كهربائي وإما على الهيكل الذي يحوي المصدر. وتبحث هذه المقالة في مصادر الضوء الكهربائي وتستخدم كلمة مصباح لتدل على مصدر ضوئي. وهناك نوعان رئيسيان من المصابيح 1ـ مصابيح متوهجة 2ـ مصابيح التفريغ الغازي.
المصابيـــــــح المتوهجة
تُعَدُّ المصابيح المتوهجة أكثر مصادر الضوء الكهربائي شيوعًا، وتوجد في كل بيت تقريبًا. كذلك فإن أضواء السيارة، ومصابيح اليد الكهربائية، هي أيضاً أنواع من المصابيح المتوهجة.
وتعتمد كمية الإضاءة المنبعثة من مصباح متوهج على كمية الكهرباء التي يستهلكها. ومعظم المصابيح المستخدمة في البيوت تتراوح قدرتها بين 40 و150 واطًا من القدرة. ويقيس مهندسو الإضاءة كمية الضوء المنبعثة من مصباح ما بوحدة تُدعى لومن. فمصباح عادي قدرته 100 واط يُعطي نحو 1,750 لومن. وتُطبع كمية القدرة التي يستهلكها مصباح ما بالواط على المصباح نفسه.
يتكوّن كل مصباح متوهج من ثلاثة أجزاء أساسية 1ـ الفتيلة 2ـ الزجاجة 3ـ القاعدة. وتُصدر الفتيلة الضوء، أما الزجاجة والقاعدة فتساعدان في القيام بهذا العمل.
الفتيلة (خيط المئبر)
سلك رفيع ملولب. تسري الكهرباء في السلك عند إشعال المصباح. لكن على هذه الكهرباء التغلب على مقاومة الفتيلة. وفي سبيل ذلك تُسخن الكهرباء الفتيلة إلى أكثر من 2,500°م. ودرجة الحرارة العالية هذه تجعل الفتيلة تبعث الضوء.
يستخدم صانعو المصابيح فلز التنجستن في صنع الفتائل؛ لأن قوة هذا الفلز تجعله يصمد أمام درجات حرارة عالية دون أن ينصهر. ويتألف الضوء المنبعث من فتيلة تنجستن من خليط من كل ألوان الضوء المنبعث من الشمس.
تتألف بعض المصابيح من أكثر من فتيلة واحدة. ويمكن إشعال هذه الفتائل فرديًا، حتى يمكن للمصابيح إنتاج كميات مختلفة من الضوء. فمثلاً يمكن أن يحتوي مصباح ما على فتيلة قدرتها 50 واطًا وأخرى قدرتها 100 واط. وتبعًا لطريقة إشعال الفتيلتين منفردتين أو معًا يمكن الحصول على ضوء يقابل 50 واطًا أو 100 واط أو 150 واطًا.
الزجاجــــــــــــة
تعمل على إبعاد الهواء عن الفتيلة فتحفظها من الاحتراق. وتحتوي معظم المصابيح على خليط من الغازات غالبها من غازي الأرجون والنيتروجين، وذلك بدلاً من الهواء. وتساعد هذه الغازات في إطالة عمر الفتيلة وتمنع الكهرباء من الانتشار داخل الزجاجة.
ُتغطَى زجاجة المصباح عادة بطبقة من طلاء يساعد في بعثرة الضوء من الفتيلة، ويقلل من بهره للعين. وتستخدم لذلك مادة السليكا، أو يمكن حفر الزجاجة بحمض ما. أما المصابيح الملونة، فتُطلى بلون يحجب كل الألوان إلا لون الطلاء. وتنتج المصابيح في أشكال عدة بما في ذلك أشكال كشعلة النار، وأشكال كمثرية، وأخرى مستديرة أو أنبوبية.
وعندما تحترق المصابيح المتوهجة يكون السبب غالبًا التبخر التدريجي للفتيلة، وفي النهاية انقطاعها. وقبل أن يحدث ذلك، فإن تيارات من الغاز داخل الزجاجة تقوم بنشر التنجستن المتبخر على السطح الداخلي للزجاجة. ويتسبب التنجستن المتبخر في ترسيب طبقة سوداء على السطح تدعى اسوداد جدار الزجاجة. وهذا الترسب يحجب بعضًا من الضوء وبالتالي يقلل من كفاءة المصباح.
وفي أحد أنواع المصابيح ويُدعى مصباح التنجستن ـ الهالوجين يمكن تجنب عملية الاسوداد المذكورة آنفًا. ويحتوي مثل هذا المصباح على زجاجة كوارتزية تحتوي على كمية قليلة من عائلة الهالوجين مثل البروم أو اليود. ويتحد الهالوجين داخل الزجاجة مع بخار التنجستن ويكوِّن غازًا. ويتحرك هذا الغاز حتى يلامس الفتيلة لكن حرارة الفتيلة العالية تعمل على حل الغاز. وبذا يعاد ترسيب التنجستن المتبخّر على الفتيلة وينطلق الهالوجين ليتحد مرة أخرى مع التنجستن المتبخر من الفتيلة.
القـــــــــــاعــــــــــدة
تحمل المصباح قائمًا وتثبته وتقوم بوصل المصباح بالدائرة الكهربائية.
مصابيح التفريغ الغازي
تقوم مصابيح التفريغ الغازية بإنتاج الضوء عن طريق مرور الكهرباء خلال غاز تحت الضغط، بدلاً من توهج الفتيلة . ومثل هذه العملية تدعى تفريغًا كهربائيًا. وتُسمى مثل هذه المصابيح أحيانًا مصابيح تفريغ كهربائي. وتضم هذه العائلة من المصابيح: المصابيح الفلورية ومصابيح النيون ومصابيح الصوديوم منخفضة الضغط ومصابيح بخار الزئبق ومصابيح الهاليد المعدنية ومصابيح الصوديوم عالية الضغط. ويُعَدُّ ضوء القوس الكهربائي نوعًا من مصابيح التفريغ الغازي. ولكن التفريغ في هذه الحالة لا يتم داخل زجاجة.
لا تُستخدم المصابيح الفلورية كثيرًا في المنازل، لكنها كثيرة الاستخدام في المكاتب والمدارس والمحلات التجارية. ويقوم مهندسو الإضاءة بتركيب أنواع أخرى من مصابيح التفريغ الغازي في المساحات الداخلية و الخارجية الواسعة، وتشمل مثل هذه المساحات المصانع والطرق ومواقف السيارات ومراكز التسويق والملاعب المدرَّجة. وتستخدم معظم مصابيح النيون في الإعلانات التجارية.
وباستثناء المصابيح الفلورية فإن مصابيح التفريغ الغازي لا تستخدم في المنازل. فلون الأشياء يبدو مختلفًا عند إضاءة هذه المصابيح، كذلك تزيد تكلفة هذه المصابيح على مثيلتها من المصابيح المتوهجة، لكنها تُعَمِّر أطول وتعطي ضوءًا أشد مقابل كل واط من القدرة. ولذا فإن حسابًا جامعًا لكل هذا قد يجعلها أرخص من المصابيح المتوهجة.
مصابيح التفريغ الغازي المنخفضة الضغط
تستخدم غازات الأرجون أو النيون أو غازات أخرى تحت ضغط منخفض لتقوم بإنتاج الضوء. وتضم هذه العائلة المصابيح الفلورية ومصابيح النيون ومصابيح الصوديوم منخفضة الضغط.
المصابيح الفلورية
يتكوّن المصباح الفلوري من أنبوب زجاجي يحتوي على غاز الزئبق وغاز الأرجون تحت ضغط منخفض. وتُسبب الكهرباء التي تسري في الأنبوب انبعاث الطاقة فوق البنفسجية من الزئبق المتبخر. والعين لا ترى طاقة الأشعة فوق البنفسجية في صورة ضوء. كما أن السطح الداخلي للأنبوب مغطى بمادة مفسفرة تبعث ضوءًا مرئيًّا عندما تصيبها طاقة الأشعة فوق البنفسجية.
مصابيــــــــح النيـــــــــــون
أنابيب مملوءة بالغاز، تتوهج عندما تحدث عملية تفريغ كهربائية داخلها. فغاز نيون نقي في أنبوب صاف يُعطي ضوءًا أحمر اللون. ويمكن إنتاج الضوء في ألوان أخرى بمزج غاز النيون بغازات أخرى، أو استخدام أنابيب ملونة أو مزيج من هاتين الطريقتين.
مصابيح الصوديوم المنخفضة الضغط
تتألف مثل هذه المصابيح من أنبوبين زجاجيين واحد منهما داخل الآخر. يحتوي الأنبوب الداخلي على صوديوم صلب ومزيج من غازي النيون والأرجون. وعند إشعال المصباح في البداية فإنه يبعث ضوءًا برتقاليًّا مائلاً إلى الاحمرار متطابقًا مع خصائص غاز النيون. ولكن كلما سخن الصوديوم، فإنه يتبخر ويصبح الضوء بعد ذلك أصفر اللون.
مصابيح التفريغ الغازي عالية الضغط
تستخدم مثل هذه المصابيح الزئبق، أو مركبات معدنية أو مركبات كيماوية أخرى تحت ضغطٍ عالٍ من أجل إنتاج الضوء. وتُسمَّى هذه المصابيح أيضًا مصابيح التفريغ عالية الشدة وتضم مصابيح بخار الزئبق ومصابيح الهاليد الفلزية ومصابيح الصوديوم العالية الضغط.
مصابيح بخار الزئبق
ولها زجاجتان إحداهما داخل الأخرى. وتُسمى الزجاجة الداخلية ـ وهي مصنوعة من الكوارتز ـ الأنبوب القوسي، أما الزجاجة الخارجية فتقوم بحماية الأنبوب القوسي. ويحتوي الأنبوب القوسي على بخار زئبقي تحت ضغط أعلى مما يوجد في المصباح الفلوري؛ وبذا فإن المصباح البخاري هذا يستطيع إنتاج الضوء دون الحاجة إلى طلائه بمادة فوسفورية. وينبعث من البخار الزئبقي ضوء أزرق اللون مائل إلى الاخضرار إضافة إلى الأشعة فوق البنفسجية. وإذا كان مصباح بخار الزئبق مصنوعًا من زجاجٍ صافٍ فإنه لا ينتج ضوءًا أحمر، وبذا فإن الأجسام الحمراء تبدو معه بنية اللون، أو رمادية، أو سوداء. أما مصابيح بخار الزئبق التي يُُغَطَّى فيها سطح الزجاجة الخارجية بمادة فوسفورية فإنها تقوم بإنتاج ضوء ذي عدة ألوان؛ إذ إن مادة الفوسفور تبعث ضوءًا أحمر عندما تقع عليها الأشعة فوق البنفسجية. وتُعمّر مصابيح بخار الزئبق أكثر من غيرها من المصابيح ذات القدرة المماثلة، ولكن هذه المصابيح تتطلب زمناً يبلغ نحو خمس إلى سبع دقائق لبناء ضغط البخار الزئبقي والوصول إلى سطوعٍ كاملٍ للضوء.
مصابيح الهاليد الفلزية
تحتوي هذه المصابيح على مركبات كيماوية من أي فلز مع الهالوجين. وتعمل مثل هذه المركبات على إنتاج ضوء متوازن من ألوان الضوء الطبيعي أكثر مما يتوافر في حالة مصابيح بخار الزئبق، ودون الحاجة إلى استخدام مادة فوسفورية. كذلك فإن هذه المصابيح تتمتع بحياة طويلة، وإنتاج ضوء عال، مقابل كل واط من القدرة. وتُعدُّ هذه المصابيح مثالية للاستعمال الخارجي وأحيانًا داخل المنازل.
مصابيح الصوديوم عالية الضغط
تشبه هذه المصابيح مصابيح بخار الزئبق، لكن أنبوبها القوسي مصنوع من أكسيد الألومنيوم بدلاً من الزجاج أو الكوارتز. وتحتوي على مزيجٍ صلبٍ من الصوديوم والزئبق إضافة إلى غاز نادر. وينبعث من المصباح ضوءٌ برتقالي أبيض يعمل على إكساب الألوان الزرقاء والخضراء نوعاً من الدُّكنة، كما أنه يحوِّل اللون الأحمر إلى لون برتقالي. ولهذا المصباح حياة طويلة وكفاءة ضوئية عالية.
مصادر أخرى للضوء الكهربائي
هناك مصدرا ضوء كهربائي ينبعث منهما ضوء خافت نتيجة استخدام الطاقة الكهربائية، وهما الصمام الثنائي مشع الضوء، واللوحات الكهروضوئية. ولا تتطلب هذه المصابيح زجاجةً أو تفريغًا أو فتيلةً لكن ضوءَها لا يكفي لإضاءة غرفة.
الصمَّامات الثنائية المشعة للضوء
وهي شرائح صغيرة من مادة زرنيخيد الجاليوم ـ أو أي مادة شبه موصلة أخرى صلبة. وتعطي هذه الصمامات ضوءًا أحمر أو أصفر أو أخضر اللون عندما تُهَيج ذراتها بطاقة كهربائية انظر: الضوء. وتستهلك هذه الصمامات طاقة قليلة، كما أنها تدوم طويلاً جدًا. وتستخدم مجموعات من هذه الصمامات في الحواسيب وحاسبات الجيب والساعات الرقمية لتكون أرقاماً أو حروفًا. يتألف إظهار نمطي مبني على هذه الصمامات من عدد من صمامات صغيرة يتم التحكم فيها فرديًّا بدوائر حاسوبية. وتعمل هذه الدوائر على إشعال نموذج معين من هذه الصمامات لتشكل حرفًا أو رقمًا.
ويعتمد العديد من الحواسيب الحديثة والساعات الرقمية على مُظْهِرَات بلُّورية سائلة. وتستهلك هذه المُظهِرَات الأخيرة قدرة أقل من الصمامات الثنائية المذكورة، لكنها لا تُرى إلا في وجود ضوء مباشرٍ؛ نظرًا لأنها لا تبعث الضوء من نفسها.
اللوحات الكهروضوئية
تتألف من طبقات من مواد فسفورية تحشر بين صفيحةٍ معدنيةٍ وطلاءٍ شفافٍ يوصل الكهرباء. وعندما تسري الكهرباء خلال الصفيحة ومادة الطلاء فإن المواد الفوسفورية تنتج سطوعًا ذا لونٍ أخضر مائل إلى الزرقة. وتستهلك هذه اللوحات طاقةً قليلة. ولكن لوحةً عالية السطوع لا تنتج ضوءًا أكثر مما ينتجه أصغر مصباح عادي. وتستخدم مثل هذه اللوحات أضواء ليلية وفي لوحات القياس والأجهزة في بعض الطائرات والسيارات.
نبــذة تـــــــــــاريخيـــــــــة
خلال منتصف القرن التاسع عشر الميلادي قام عدد من المخترعين بمحاولة إنتاج الضوء من الكهرباء. فتمكن العديد من الرواد من تطوير مصابيح متوهجة. وكانت مثل هذه المصابيح تعمل في البداية على البطاريات لكنها كانت سريعًا ما تحترق.
لم يتطلب الاستخدام الشائع للضوء الكهربائي مجرد توافر مصباح، وإنما تطلّب أيضًا طريقة رخيصة لتوزيع الكهرباء على أصحاب المصابيح. لذا طوّر المخترع الأمريكي توماس أديسون طريقة كهذه. وأصبح بالتالي مكتشف الضوء الكهربائي. ففي عام 1879م، اخترع إديسون مصباحه المتوهج وكان من مكوناته الرئيسية فتيلة مكوّنة من خليط كربوني. وخلال السنوات الأولى من القرن التاسع عشرالميلادي طور أديسون أول محطة كهربائية تقوم بتوليد الكهرباء وتوزيعها. وكانت هذه المحطة تقع في شارع بيرل بمدينة نيويورك. وبدأت عملها عام 1882م.
وبعد ذلك، وفي أوائل سني القرن العشرين، بدأ المهندسون يُجْرُون التجارب لتطوير مناحي الإضاءة الكهربائية، باستخدام مصابيح التفريغ الغازي. وقد أدّى عملهم هذا إلى تطوير المصابيح الفلورية ومصابيح بخار الزئبق في الثلاثينيات من القرن العشرين.
وقد تم اكتشاف الإضاءة الكهربائية في عام 1936م. أما المُظهِرَات البلّورية السائلة والصمامات الثنائية المشعة الضوء، فقد تم تطويرها نتيجة للأبحاث التي أُجريت باستخدام نبائط شبه موصلة في الستينيات من القرن العشرين. أما في السبعينيات من القرن العشرين فقد تمكن الباحثون من تطوير مصادر ضوء فعالة مثل، مصابيح الهاليد المعدنية ومصابيح تفريغ الصوديوم العالية الضغط.