بحث , تقرير الاسرة كامل الامارات
المقدمة:
إن الأسرة إحدى العوامل الأساسية في بناء الكيان التربوي وإيجاد عملية التطبيع الاجتماعي، وتشكيل شخصية الطفل، وإكسابه العادات التي تبقى ملازمة له طول حياته، فهي البذرة الأولى في تكوين النمو الفردي وبناء الشخصية، فإن الطفل في أغلب أحواله مقلّد لأبويه في عاداتهم وسلوكهم فهي أوضح قصداً، وأدق تنظيماً، وأكثر إحكاماً من سائر العوامل التربوية ونعرض فيما يلي لأهميتها، وبعض وظائفها، وواجباتها وعمّا أثر عن الإسلام فيها، كما نعرض لما منيت به الأسرة في هذه العصور من الانحراف وعدم القيام بمسؤولياتها. فالأسرة في علم الاجتماع رابطة اجتماعية تتكون من زوج زوجة وأطفالهما، وتشمل الجدود والأحفاد، وبعض الأقارب .
تعريف الأسرة عند العلماء
( الأسرة )هي التي تمتص كل ما بنا من خوف وقلق وتعب وتوتر , تنعشنا وتمدنا وتحفزنا وتعطينا كل ما نفتقده في عالمنا الخارجي من الألفة والحب والاستقرار والانتماء , نسيج جميل من العلاقات حاجات يتم بعضها بعضا تتدفق بمسارات متوازية وعلاقات تبادلية خالقة إحساسا بالقوة والانتماء .
هذه الكلمة الصغيرة تعني لنا الكثير كونها المؤسسة التي يرتكز عليها بناء المجتمع السليم المتكامل , و المسئولة تماما عن بناء شخصية الطفل فهي بمثابة القلب في الجسد ؛ فان صلحت صلح المجتمع كله , وان فسدت فسد المجتمع كله . ولكن الصعوبة تظهر في إيجاد صياغة تعريفية لها .. فأرسطو يرى أن (( الأسرة تنظيم طبيعي تدعو إليه الطبيعة )) , و أوجست كونت يعرفها بأنها (( الخلية الأولى في جسم المجتمع , وهي النقطة التي يبدأ منها التطور )) , ويعرفها جون لوك بأنها ((مجموعة من الأشخاص ارتبطوا بروابط الزواج و الدم والاصطفاء أو التبني مكونين حياة معيشية مستقلة ومتفاعلة , يتقاسمون عبء الحياة , وينعمون بعطائها )) , ويرى نيمكوف أن الأسرة رابطة اجتماعية من زوج وزوجة وأطفالهما , أو من زوج بمفرده مع أطفاله , أو زوجة بمفردها مع أطفالها .
أهمية الأسرة
وليس من شك أن الأسرة لها الأثر الذاتي والتكوين النفسي في تقويم السلوك الفردي، وبعث الحياة، والطمأنينة في نفس الطفل، فمنها يتعلم اللغة ويكتسب بعض القيم، والاتجاهات، وقد ساهمت الأسرة بطريق مباشر في بناء الحضارة الإنسانية، وإقامة العلاقات التعاونية بين الناس، ولها يرجع الفضل في تعلّم الإنسان لأصول الاجتماع، وقواعد الآداب
والأخلاق، كما أنها السبب في حفظ كثير من الحِرف والصناعات
واجبات الأسرة
إن الأسرة مسئولة عن نشأة أطفالها نشأة سليمة متسمة بالاتزان، والبعد عن الانحراف، وعليها واجبات، ملزمة برعايتها، وهي:
– أولاً: أن تشيع في البيت الاستقرار، والودّ والطمأنينة، وإن تُبعد عنه جميع ألوان العنف والكراهية، والبغض، فإن أغلب الأطفال المنحرفين والذين تعودوا على الإجرام في كبرهم، كان ناشئاً ذلك على الأكثر من عدم الاستقرار العائلي الذي منيت به الأسرة، يقول بعض المربين: ونحن لو عدنا إلى مجتمعنا الذي نعيش فيه فزرنا السجون، ودور البغاء ومستشفيات الأمراض العقلية، ثم دخلنا المدارس، وأحصينا الراسبين من الطلاب والمشاكسين منهم والمتطرفين في السياسة، والذاهبين بها إلى أبعد الحدود، ثم درسنا من نعرفهم من هؤلاء لوجدنا أن معظمهم حرموا من الاستقرار العائلي، ولم يجد معظمهم بيتاً هادئاً فيه أب يحدب عليهم، وأم تدرك معنى الشفقة، فلا تفرط في الدلال، ولا تفرط في القسوة، وفساد البيت أوجد هذه الحالة من الفوضى الاجتماعية، وأوجد هذا الجيل الجديد الحائر الذي لا يعرف هدفاً، ولا يعرف له مستقراً. إن إشاعة الود والعطف بين الأبناء له أثره البالغ في تكوينهم تكويناً سليماً، فإذا لم يرع الآباء ذلك فإن أطفالهم يصابون بعقد نفسية تسبب لهم كثيراً من المشاكل في حياتهم ولا تثمر وسائل النصح والإرشاد التي يسدونها لأبنائهم ما لم تكن هناك مودة صادقة بين أفراد الأسرة، وقد ثبت في علم النفس أن أشد العقد خطورة، وأكثرها تمهيداً للاضطرابات الشخصية هي التي تكون في مرحلة الطفولة الباكرة خاصة من صلة الطفل بأبويه، كما أن تفاهم الأسرة وشيوع المودة فيما بينهما مما يساعد على نموه الفكري، وازدهار شخصيته. يقول الدكتور (إجلاس ثوم): ومهما تبلغ مسؤولية الوالدين في إرشاد الطفل، وتدريبه، وتوجيهه من أهمية فإنها لا ينبغي أن تطغى على موقف أساسي آخر ينبغي أن يتخذوه ذلك هو أن يخلقوا من البيت جواً من المحبة تسوده الرعاية، ويشيع فيه العطف والعدالة، فإذا عجز الآباء عن خلق هذا الجو الذي يضيء فيه سنن التكوين التي تقيم حياته، حرموه بذلك من عنصر لا يمكن تعويضه على أي وجه من الوجوه فيما بعد، فمع أن للدين والمجتمع والمدرسة أثرها في تدريب الطفل وتهذيبه إلا أن أحداً منها لا يعنى بتلك العواطف الرقيقة الرائعة التي لا يمكن أن تقوم إلا في الدار، ولا ينتشر عبيرها إلا بين أحضان الأسرة.
إن السعادة العائلية تبعث الطمأنينة في نفس الطفل، وتساعده على تحمل المشاق، وصعوبات الحياة، يقول سلامة موسى: (إن السعادة العائلية للأطفال تبعث الطمأنينة، في نفوسهم بعد ذلك حتى إذا مات أبوهم بقيت هذه الطمأنينة، وقد وجد عند إجلاء الأطفال من لندن مدة الغارات في الحروب الأخيرة أن الذين سعدوا منهم بوسط عائلي حسن تحملوا الغربة أكثر مما تحمّلها الذين لم يسعدوا بمثل هذا الوسط، ذلك لأن الوسط العائلي الحسن بعث الطمأنينة في الأطفال، فواجهوا الغربة مطمئنين، ولكن الوسط العائلي القلق الذي نشئوا فيه يزداد بالغربة. وإذا أعطينا الطفل ـ مدة طفولته في العائلة ـ الحب والطمأنينة أعطى هو مثل ذلك.
– ثانياً: أن تشرف الأسرة على تربية أطفالها، وقد نصّ علماء الاجتماع على ضرورة ذلك وأكدوا أن الأسرة مسئولة عن عمليات التنشئة الاجتماعية التي يتعلم الطفل من خلالها خبرات الثقافة، وقواعدها في صورة تؤهله فيما بعد لمزيد من الاكتساب، وتمكّنه من المشاركة التفاعلية مع غيره من أعضاء المجتمع. كما أكد علماء التربية على أهمية تعاهد الآباء لأبنائهم بالعطف والحنان، والحدب عليهم، والرأفة بهم حفظاً وصيانةً لهم من الكآبة والقلق، وقد ذكرت مؤسسة اليونسكو في هيئة الأمم المتحدة تقريراً مهماً عن المؤثرات التي تحدث للطفل من حرمانه من عطف أبيه وقد جاء فيه:
(إن حرمان الطفل من أبيه ـ وقتياً كان أم دائما ـ يثير فيه كآبة وقلقاً مقرونين بشعور الإثم والضغينة، ومزاجاً عاتياً متمرداً، وخوراً في النفس، وفقداناً لحس العطف العائلي، فالأطفال المنكوبون بحرمانهم من آبائهم ينزعون إلى البحث في عالم الخيال عن شيء يستعيضون به عما فقدوه في عالم الحقيقة، وكثيراً ما يكوّنون في مخيّلتهم صورة الأب مغواراً أو الأم من الحور… وقد لوحظ في (معاهد الأطفال) أنه إذا كانت صحة الطفل البدنية، ونموه العضلي، وضبط دوافعه الإرادية تتفتح، وتزدهر بصورة متناسقة في تلك المعاهد، فإن انفصاله عن والديه قد يؤدي من جهة أخرى إلى ظهور بعض المعايب كصعوبة النطق، وتمكن العادات السيئة منه وصعوبة نمو حسه العاطفي). إن أفضل طريق لحفظ الأبناء مصاحبتهم، ورقابتهم، ويرى المربون المحدثون (أن أفضل ميراث يتركه الأب لأطفاله هو بضع دقائق من وقته كل يوم).
ويرى بعض علماء الاجتماع والباحثون في إجرام الأحداث (أن أفضل السبل للقضاء على انحراف الأحداث هو أن نلقط الآباء من الشوارع ليلا وإذا قام الأب بواجبه من مراقبة أبنائه، ومصاحبتهم فإنه من دون شك يجد ابنه صورة جديدة منه فيها كل خصائصه، ومميزاته، وانطباعاته وعلى الآباء أن يتركوا مجالس اللهو ويعكفوا على مراقبة أبنائهم حتى لا يدب فيهم التسيب، والانحلال
– ثالثاً: يرى بعض المربين أن من واجبات الآباء والأمهات تجاه أطفالهم هو تطبيق ما يلي:
1ـ ينبغي أن يتفق الأب والأم على معايير السلوك، وإن يؤيد كل منهما الآخر فيما يتخذاه من قرارات نحو أولادهما.
2ـ ينبغي أن يكون وجود الطفل مع الأب بعد عودته من عمله جزءاً من نظام حياته اليومي، فحتى صغار الأطفال يكونون في حاجة إلى الشعور بالانتماء، وهم يكسبون هذا الشعور من مساهمتهم في حياة الأسرة.
3ـ ينبغي أن يعلم الأطفال أن الأب يحتاج إلى بعض الوقت يخلو منه إلى نفسه كي يقرأ أو يستريح، أو يمارس هوايته.
4ـ تحتاج البنت إلى أب يجعلها تشعر بأنوثتها، وأنها من الخير أن تكون امرأة تتمتع بالفضيلة والعفاف والاستقامة.
5ـ يحتاج الولد إلى أب ذي رجولة وقوة على أن يكون في الوقت نفسه عطوفاً، حسن الإدراك، فالأب المسرف في الصلابة والتزمت قد يدفع ابنه إلى الارتماء في أحضان أمه ناشداً الحماية وإلى تقليد أساليبها النسائية.
هذه بعض الأمور التي يجب رعايتها، والاهتمام بها فإن وفق الآباء إلى القيام بها تحققت التربية لصالحة التي تنتج أطفالاً يكونون في مستقبلهم ذخيرة للأمة وعزاءً لآبائهم.
إن للطفل خصائصه الذاتية من الصفاء والبراءة، وسلامة العاطفة وبساطة الفكر فعلى الأبوين أن يفتحا عينيه على الفضائل وإن يغرسا في نفسه النزعات الخيّرة ليكن لهما قرة عين في حياتهما.
أنواع وظائف الأسرة
الوظيفة البيولوجية
الوظيفة النفسية
الوظيفة التربوية
الوظيفة الاجتماعية
الوظيفة الاقتصادية
وظائف الأسرة
وللأسرة وظائف حيوية مسئولة عن رعايتها، والقيام بها، وهذه بعضها:
1ـ إنها تنتج الأطفال، وتمدّهم بالبيئة الصالحة لتحقق حاجاتهم البيولوجية والاجتماعية.
2ـ إنها تعدّهم للمشاركة في حياة المجتمع، والتعرف على قيمة وعاداته.
3ـ إنها تمدّهم بالوسائل التي تهيئ لهم تكوين وذاتهم داخل المجتمع.
4ـ مسؤوليتها عن توفير الاستقرار والأمن والحماية والحنو على الأطفال مدة طفولتهم فإنها أقدر الهيئات في المجتمع على القيام بذلك لأنها تتلقى الطفل في حال صغره، ولا تستطيع أية مؤسسة عامة أن تسد مسد الأسرة في هذه الشؤون.
5ـ على الأسرة يقع قسط كبير من واجب التربية الخلقية والوجدانية والدينية في جميع مراحل الطفولة
إن فترة الطفولة تحتاج إلى مزيد من العناية والإمداد بجميع الوسائل التي تؤدي إلى نموه الجسمي والنفسي، وإن من أوهى الآراء القول بأن الوظيفة الوحيدة للأسرة إمدادها للأبناء بالمال اللازم لهم، فإن هذا القول قد تجاهل العوامل النفسية المختلفة التي لابدّ منها لتكوين الفرد الإنساني كالحنان والعطف، والأمن والطمأنينة فإنها لازمة لنمو الطفل النفسي، ويجب أن تتوفر له قبل كل شيء
لقد أكد علماء النفس والتربية أن للأسرة أكبر الأثر في تشكيل شخصية الطفل، وتتضح أهميتها إذا ما تذكرنا المبدأ البيولوجي الذي ينص على ازدياد القابلية للتشكيل أو ازدياد المطاوعة كلما كان الكائن صغيراً. بل يمكن تعميم هذا المبدأ على القدرات السيكولوجية في المستويات المتطورة المختلفة.
إنا ما يواجهه الطفل من مؤثرات في سنّه المبكر يستند إلى الأسرة فإنها العامل الرئيسي لحياته، والمصدر الأول لخبراته، كما أنها المظهر الأصيل لاستقراره، وعلى هذا فاستقرار شخصية الطفل وارتقائه يعتمد كل الاعتماد على ما يسود للأسرة من علاقات مختلفة كماً ونوعا
الخاتمة
كانت الأسرة فيما مضى تعيش حياة بسيطة هادئة , يسودها جو مفعم بالمودة والمحبة والتعاون , تقوى فيه أواصر القرابة والروابط الأسرية وتشتد , يخدم الصغير فيها الكبير , ويحنو الكبير فيها على الصغير … أما الآن فقد تعقدت الحياة وكثرت التزاماتها وقد تضطر الظروف البعض للابتعاد عن أسرهم فترة من الزمن , حتى أصبحت أعباء الحياة في أيامنا هذه تثقل كاهل الأبوين خاصة في الطبقات الفقيرة والمتوسطة فضلاً عن القلق الذي يساور الآباء على مستقبل أولادهم في عصر سريع التغير ملئ بالمفاجآت .
فكثير من المشاكل الأمنية التي تواجهها أمتنا حاليا منبعها الأسرة. سلاسل من السلبيات والعيوب التي كان بالإمكان تلافيها ومعالجتها في مهدها لو كانت الأسر متماسكة ومستقرة وتؤمن إيمان مطلق بأن حل قضايا المجتمع تنبع من اللبنة الأولى بها وهم الأبناء. وما علينا في هذا الواقع إلا أن خوض بحر الحياة المتلاطم الذي يحتم علينا أن نركز على أسرنا ونحافظ عليها من المؤثرات الخارجية .
المراجع:
كتاب (أثر الأسرة والمجتمع في الأحداث الذين هم دون الثالثة عشر: ص37)
(مجلة المختار عدد أبريل لسنة 1956 تحت عنوان أقوال مأثورة)
كتاب ( كيف تكون أباً ناجحاً، ص39، و67، 85)
مجلد : (كيف تساعد أبناءك في المدرسة: ص193)
الفهرس
المقدمة……………………………………. …………صـــــ2
مفهوم الأسرة عند العلماء+ أهمية الأسرة ………………….صـــــــ3
واجبات الأسرة ………………………..صــــــــــ4 + 5 +6 +7+8
أنواع وظائف الأسرة …………………..صـــــــــ9
وظائف الأسرة …………………………..صـــــــــــــــــ ـ10+11
الخاتمة +المراجع …………………..ًصـــــــــــــــــــــــــ ـ11
الهفرس………………………………….ًصــ ــــــــــــــــــ12