السيد: "الدليل" نقلة نوعية في عالم لغة الإشارة العربية الموحدة
البنعلي: شح المكتبة العربية بمراجع لغة الإشارة أهم الصعوبات التي اعترضتنا
سمرين: الكتاب يشتمل على أربعة فصول ويتخللها تدريبات عملية
المنصوري: تعميم المنهج على المدارس.. مشروع تحت الدراسة
في خطوة غير مسبوقة.. يستعد المجلس الأعلى لشؤون الأسرة لتدشين أول دليل حول "قواعد لغة الإشارة القطرية العربية الموحدة" في مارس المقبل بعد عمل متواصل استغرق العامين، حيث يعتبر الدليل نقلة نوعية في عالم لغة الإشارة القطرية العربية الموحدة، كما سيكون أول مرجع متخصص متكامل موجه بالدرجة الأولى لكافة المدرسين الذين عليهم مهمة فهم تفكير الأصم وكيفية تركيب اللغة الإشارية، لاسيما أنَّ الأصم له ثقافته ولغته.
وفي هذا الإطار قام المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بتنظيم الملتقى التعريفي بكتاب قواعد لغة الإشارة القطرية العربية الموحدة، بمشاركة عدد من الخبراء والمختصين، والمهتمين بمجال الصم في قطر، حيث يهدف الملتقى الذي ينظم على مدار ثلاثة أيام إلى استعراض الكتاب أو الدليل على المختصين وإدراج الملاحظات القيمة فيه لتتم صياغته وطباعته بالصورة النهائية ليتم بالتالي توزيعه عن طريق إحدى المكتبات المحلية على باقي الدول.
واستهل الملتقى بكلمة للسيد محمد عبدالرحمن السيد – مدير إدارة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة – مؤكداً إنَّ كتاب دليل قواعد لغة الإشارة القطرية العربية الموحدة هو نقلة نوعية في عالم لغة الإشارة العربية الموحدة، متمنياً أن يكون مرجعاً يضاف إلى المكتبة العربية للنقص الحاد في هذا المجال.
وأوضح السيد قائلاً "إنه من خلال هذا الدليل نسعى في المجلس الأعلى إلى التطوير من لغة الإشارة لتصل إلى مصاف اللغات العالمية بهدف ترسيخ لغة الإشارة في ظل سعي المجلس الدؤوب إلى ردم الهوة الثقافية بين الصم والسامعين بسبب الحاجز اللغوي بين الطرفين، لذلك كان لزاماً على المعنيين بإدارة ذوي الاحتياجات الخاصة العمل على تطوير أساليب التواصل ومن ضمنها لغة الإشارة، الأمر الذي أسهم في بلورة فكرة إصدار القاموس الإشاري الثاني، الذي شاركت فيه (18) دولة عربية وأكثر من (132) خبيراً الذين صوتوا واجمعوا على إصدار القاموس الإشاري الثاني الذي رعته جامعة الدول العربية والمنظمة العربية للثقافة والعلوم والاتحاد العربي للصم".
مرجع متخصص
ومن جانبه أوضح السيد سمير سمرين – خبير لغة الإشارة بالعربية – إنَّ تأليف كتاب عن قواعد لغة الإشارة هو قيد الطباعة، ويتضمن القواعد الخاصة بلغة الإشارة مقارنة باللغة العربية المحكية، ويتطرق الكتاب إلى بنية الجملة الإشارية، والتعبير المصاحب كبديل عن الوقفات والفواصل وأدوات الشرط، مشيراً إلى أنَّ دولة قطر بهذا المرجع تكون قد أنجزت أول مرجع متخصص متكامل موجه بالدرجة الأولى لكافة المدرسين الذين عليهم مهمة فهم تفكير الأصم وكيفية تركيب اللغة الإشارية، لاسيما أنَّ الأصم له ثقافته ولغته الخاصة، كما السامعين فلديهم لغتهم المنطوقة لذلك علينا أن نفهم لغة المصابين بالصمم وثقافتهم لجسر الهوة التواصلية في ما بيننا.
وحول الفصول المتضمنة الكتاب أوضح قائلاً "إنَّ الكتاب يشتمل على أربعة فصول، الفصل الأول يتحدث عن التواصل الإنساني "لغة وفكر"، والفصل الثاني يتناول "تحليل لغة الإشارة"، والفصل الثالث يتحدث عن "قواعد لغة الإشارة القطرية العربية الموحدة ومكوناتها"، والفصل الرابع يتناول" الترجمة والمترجم في لغة الإشارة"، لافتاً إلى أنَّ الكتاب استغرق عامين لتأليفه، مشيراً إلى أنَّ الكتاب بصورته المبدئية قد لاقى استحسان المعنيين في هذه اللغة الذين أشادوا بالكتاب وبأسلوب عرضه لأنه لا يشتمل بحسب على معلومات نظرية بل يتخلله تدريبات عملية وتطبيقات على كيفية توظيف لغة الإشارة ومواءمتها مع اللغات المحكية حيث تمت الاستعانة بمراجع دولية في هذا المجال، كما تم الاسترشاد بآراء عدد من الخبراء المهتمين والمتبحرين في هذا المجال".
واثنى السيد سمرين في ختام حديثه على الدعم اللا محدود الذي لقيه الكتاب من المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، الأمر الذي يسجل للمجلس والرامي بدون أدنى شك ليكون سباقاً في مجال خدمة ذوي الإعاقات على كافة الأصعدة،لاسيما أنَّ لغة الإشارة العربية الموحدة هي لغة الصم في قطر، لهذا تولدت الحاجة الملحة لوضع قواعد ممنهجة وفق معايير وضوابط علمية.
صعوبات
وعن سر اختيار عنوان "الاشارات القطرية العربية الموحدة"، قال السيد محمد البنعلي – أمين سر المركز القطري الثقافي الاجتماعي للصم – ومذيع لغة الإشارة بقناة الجزيرة – "بداية، قلنا الإشارات "القطرية" لأن الصم في قطر بصراحة هم أولى من غيرهم، مع احترامي للجميع، و"العربية" لأننا لاحظنا من خلال المؤتمرات والندوات وتعاطينا في دول عدة مع الصم أن قواعدهم متشابهة كثيراً، وإن اختلفت في رموز الإشارة، وأعني ماهية الإشارة، وكيف تؤدى هذه الإشارة، فالقواعد هي واحدة، وسيتم شرحها في مضمون الكتاب".
وحول الصعوبات التي اعترضت المؤلفين أثناء مرحلة البحث، قال: "لا نخفي صعوبات جعلتنا نستغرق سنتين من البحث بسبب اللغة أساسا، فالمكتبة العربية شحيحة جدا، وكل المراجع باللغة الفرنسية والانجليزية، واحتجنا لترجمة دقيقة جدا، كما أن البحث كان بهدف التعلم، وليس لإعداد كتاب"، مشيراً إلى إننا استطعنا الخروج بمسودة كتاب سترى النور عما قريب، لكننا آثارنا الاجتماع بفئة الصم اليوم للاستئناس بآرائهم وملاحظاتهم، التي لا شك أنه سيكون لها الأثر الكبير، والكتاب قابل للتعديل والتغيير".
وعن محتوى الكتاب، قال المتحدث: "الكتاب احتوى تقريبا على أربعة فصول، الفصلان الأولان لهما نصيب الأسد حول الجانب النظري، حيث تطرقنا لجوانب لم يتطرق لها من مراجع كثيرة، واستطعنا أن نوائم بين لغة الإشارة والقرآن الكريم، أما الفصلين الآخران، فهما لب العمل، وكانا حول ماهية لغة الإشارة، وقواعد وتراكيب الجمل الإشارية، فكان في هذا الفصلان عمل كثير، تواءم معه الخبرة والعلم، وركزنا على الخبرة، وتطرقنا في جمل تفصيلية للكثير من الأمور التي قد نقوم بها، من دون أن ندرك، فقد سمعنا أسئلة كثيرة حول: لماذا الأصم مثلا يتكلم بهذه الطريقة؟ ولماذا مستواه التعليمي ضعيف؟ ولماذا الجملة وردت بهذه الطريقة؟ وهل اللغة المحكية هي المرجع، ولكن إن شاء الله الكتاب سيرد على الكثير من هذه الاستفسارات، سواء لمن يعملون مع الصم، أو الذين لا يعملون معهم. والفصل الرابع أسهبنا فيه بالحديث عن الترجمة للصم، وقواعد الترجمة، وهل كل من يعرف المؤشر يستطيع أن يترجم؟ وهل كل مترجم يجب أن يكون من الصم؟ وغيرها من الأسئلة التي يجيب عليها الكتاب، مع أمثلة وتحاليل إجرائية، مثلا لماذا الأصم بدأ بهذه الجملة دون تلك".
واقع الترجمة
وتحدث محمد البنعلي عن واقع الترجمة ومترجمي لغة الصم في قطر قائلا "إنَّ المشكلة ليست في الترجمة، فلدينا عدد كبير من المترجمين، على مستوى عال من الكفاءة، سواء في المركز، أو قناة الجزيرة مثلا، أو أقطار الدول العربية كلها، ولكن الأسئلة المطروحة اليوم فعلا تخص التقعيد، هل هذه الإشارة قواعد، أم مجرد إيماءات وحركات؟ هل هي لغة أم لا؟ وقد توصلنا إلى أنها لغة لها محتويات مثل اللغة المنطوقة، لكن تختلف عن كلامنا العادي".
وعن سؤال حول الاهتمام الذي يحظى به الصم في وسائل الإعلام، من خلال تجربته مديرا للغة الإشارة بقناة الجزيرة، قال محمد البنعلي: "لأكون منطقيا، الصم لم يعطوا قدرهم حتى الآن، فلا تزال هناك طموحات كثيرة، لكن الوضع أفضل مما كان عليه، فقناة الجزيرة تعطي ساعة يوميا حاليا في ظل عدوان غزة، ونصف ساعة يوميا خلال الأيام العادية، لكننا لا نجد ذلك في فضائيات عربية أخرى!".
وحول المدة التي استغرقتها صياغة الكتاب تابع قائلاً "إنَّ صياغة الكتاب تطلبت عامين للبحث في قواعد الإشارة، كون المكتبة الوطنية العربية شحيحة في هذا المجال، حيث لم نعثر سوى على مرجعين، خلافاً للمكتبة الأجنبية، خاصة الأمريكية التي كتبت بإسهاب في هذا المجال، لاسيما في لغة الإشارة الأمريكية، وكنا طيلة هذه المدة نجمع المادة لأجل التعلم فقط، ومعرفة ماهية قواعد الإشارة وقواعدها، حتى جاءنا إيعاز ممن يلزم من المجلس الأعلى لشؤون الأسرة حيث كلفت رفقة الأستاذ سمير سمرين بإعداد كتاب حول قواعد الإشارة القطرية العربية الموحدة، وتم بعدها القيام بتدقيق وتحليل المعلومات التي جمعناها خلال السنتين" مضيفا "ومن ثم، انطلقنا نحو التدقيق والملاحظة الدقيقة للصم، وكيفية إبداء جملة الإشارية، من الاستفهام والضمير غير ذلك، ورغم تمكننا من الموضوع مسبقا، فإننا تعمدنا التدقيق، وأخضعنا الصم للملاحظة، من دون أن يشعروا بذلك، تفاديا لإحراجهم، وتوصلنا في الأخير لمحصلة عملية جيدة، سنوجزها في كتاب يصدر قريبا".
وأضاف: "صحيح ذلك يبقى غير كاف، على الأقل بالنسبة للتوقيت الذي قد يلائم الأصم في المشرق العربي، ولا يوائم القاطنين في المغرب العربي مثلا، لكن نحن في طور التطوير. والتلفزيونات في دول عربية كثيرة تعطي فترة للصم، مثل الكويت، والشارقة، ودبي، وعمان قريبا، والأردن وسوريا وغيرها، وهذا يمنح للأصم فرصة الاطلاع على الأخبار في فترات مختلفة".
وعن تدريس لغة الإشارة، قال: "كل مدارس التربية السمعية تعلم لغة الإشارة في الدول العربية". في حين اعترف بعدم وجود مدارس لتدريس الترجمة للصم عربيا، قائلا: "في الوطن العربي لا توجد هذه المدارس المتخصصة في الترجمة للصم، والمترجمون يتعلمون من داخل الأسر أو الاحتكاك مع الصم بطريقة عصامية. لكن في أوروبا، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية توجد مثل هذه المدارس، حيث تدرس لغة الإشارة في المقررات الدراسية كخيار ثان" مضيفا "المفروض أن يكون هناك تخصص لتعليم الترجمة للصم، وتكون هناك جمعية للمترجمين تناط بها مسؤولية الترخيص للمترجمين، وترتيبهم، وتصنيفهم، من مترجم مبتدئ، إلى مترجم متمرس".
وختم يقول: "نحن نتمنى أن تأخذ قطر على عاقتها هذا الدور، ونحن في المركز اخذنا على عاتقنا هذا الدور، وقمنا بدورات كثيرة للمجتمع، وحتى الدورات المتخصصة قمنا بها للشرطة والمستشفى ووزارات عدة، ولكن لا يزال في الجعبة الكثير مما يمكن القيام به".
(300) صفحة
ومن جانبها أوضحت السيدة نور محمد المنصوري – إخصائية البرامج في إدارة ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة – قائلةً "إنَّ هناك نية في أن يعمم الدليل كمنهج على مدرسي التربية الخاصة في بعض مدارس الدولة، كما أنَّ هناك نية لإصدار نسخة (dvd) للدليل ليتسع انتشاره بالصورة التي تجب ولكي تعم الفائدة على رقعة أوسع من الصم في الوطن العربي".
وأشارت إخصائية البرامج المنصوري إلى أنَّ الدليل يتضمن ما بين (300-350) صفحة تناقش وتوضح قواعد لغة الإشارة، حيث إنَّ الهدف من هذا الدليل هو وضع قواعد ومعايير تحتكم إليها لغة الإشارة القطرية العربية واعتمادها كأساس علمي تربوي، إلى جانب تحقيق السبق والريادة على مستوى العالم العربي على اعتباره العمل الأول من نوعه، وتعتبر استكمالاً لمشاريع قام المجلس بتنفيذها في مجال الإعاقة السمعية، فضلاً عن المساهمة في وضع قواعد وضوابط تحتكم لها لغة الإشارة في العملية التعليمية التربوية، كما أنَّ الدليل يتماشى مع سياسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة الرامية إلى وضع خطط وبرامج لتطويع الخدمات والحياة لتتناسب وذوي الإعاقات على اختلافها..