الزكاة في الإسلام
تعريف الزكاة
الزكاة لغة هي
البركة والطهارة والنماء والصلاح. وسميت الزكاة لأنها تزيد في المال الذي أخرجت منه, وتقيه الآفات, كما قال ابن تيمية: نفس المتصدق تزكو, وماله يزكو, يَطْهُر ويزيد في المعنى.
والزكاة شرعا هي
حصة مقدرة من المال فرضها الله عز وجل للمستحقين الذين سماهم في كتابه الكريم, أو هي مقدار مخصوص في مال مخصوص لطائفة مخصوصة, ويطلق لفظ الزكاة على نفس الحصة المخرجة من المال المزكى. والزكاة الشرعية قد تسمى في لغة القرآن والسنة صدقة كما قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم) (التوبة 103) وفي الحديث الصحيح قال صلى اللّه عليه وسلم لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: (أعْلِمْهُم أن اللّه افترض عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم.) أخرجه الجماعة.
حكم الزكاة
هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة, وعمود من أعمدة الدين التي لا يقوم إلا بها, يُقاتَلُ مانعها, ويكفر جاحدها, فرضت في العام الثاني من الهجرة, ولقد وردت في كتاب الله عز وجل في مواطن مختلفة منها قوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) (البقرة 43) وقوله تعالى: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) (المعارج 24/25).
حكمة مشروعيتها
أنها تُصلح أحوال المجتمع ماديًا ومعنويًا فيصبح جسدًا واحدًا, وتطهر النفوس من الشح والبخل, وهي صمام أمان في النظام الاقتصادي الإسلامي ومدعاة لاستقراره واستمراره, وهي عبادة مالية, وهي أيضا سبب لنيل رحمة الله تعالى, قال تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة) (الأعراف 165), وشرط لاستحقاق نصره سبحانه, قال تعالى: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز, الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة) (الحج 40, 41), وشرط لأخوة الدين, قال تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين) (التوبة 11), وهي صفة من صفات المجتمع المؤمن, قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم) (التوبة 71), وهي من صفات عُمّار بيوت الله, قال تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله) (التوبة 18), وصفة من صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس, قال تعالى: (والذين هم للزكاة فاعلون) (المؤمنون 4).
مكانة الزكاة
وبينت السنة مكانة الزكاة فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله, وأنّ محمدًا رسول الله, ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.) أخرجه البخاري ومسلم, وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: (بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, والنصح لكل مسلم.) أخرجه البخاري ومسلم, وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله, وأن محمدًا رسول الله , وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا, وصوم رمضان.) أخرجه البخاري ومسلم.
حكم منع الزكاة والترهيب من منعها
من أنكر وجوب الزكاة خرج عن الإسلام ويستتاب, فإن لم يتب قتل كفرا, إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام, فإنه يعذر لجهله بأحكامه ويبين له حكم الزكاة حتى يلتزمه, أما من امتنع عن أدائها مع اعتقاده وجوبها فإنه يأثم بامتناعه دون أن يخرجه ذلك عن الإسلام, وعلى الحاكم أن يأخذها منه قهرا ويعزره ولو امتنع قوم عن أدائها مع اعتقادهم وجوبها وكانت لهم قوة ومنعة فإنهم يقاتلون عليها حتى يعطوها .
ودليل ذلك ما رواه الجماعة عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكان أبو بكر, وكفر من كفر من العرب, فقال عمر: (كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله, فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله تعالى؟ فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة, فإن الزكاة حق المال, والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَت له صفائح من نار, فأُحْميَ عليها في نار جهنم, فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره, كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقْضَى بين العباد, فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مُثِّلَ له يوم القيامة شُجاعا أَقْرع حتى يُطَوّقَ به عنقه.) ثم قرأ علينا النبي صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) (آل عمران 180), حديث صحيح, رواه النسائي وابن خزيمة وابن ماجة واللفظ له.
وعن علي رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا وموكلَه, وشاهدَه, وكاتبَه, والواشمةَ, والمستوشمةَ, ومانع الصدقة, والمُحَلِّلَ, والمُحَلَّلَ له.) حديث حسن رواه أحمد والنسائي.
شروط الزكاة
فرضت الزكاة في المال ووضعت لها شروط بتوافرها يكون المال محلا لوجوب الزكاة, وهذه الشروط شرعت للتيسير على صاحب المال, فيخرج المزكي زكاة ماله طيبة بها نفسه, فتتحقق الأهداف السامية التي ترمي إليها فريضة الزكاة, وهذه الشروط هي:
الملك التام
النماء حقيقة أو تقديرا
بلوغ النصاب
الزيادة عن الحاجات الأصلية
حولان الحول
منع الثِّنَى في الزكاة
الملك التام
هو قدرة المالك على التصرف بما يملك تصرفا تاما دون استحقاق للغير, لأن الزكاة فيها معنى التمليك والإعطاء لمستحقيها فلا يتحقق ذلك إلا من المالك القادر على التصرف, فلا زكاة في مال الضمار وهو ما غاب عن صاحبه ولم يعرف مكانه, أو لم يقدر على الوصول إليه.
وقد روي عن عدد من الصحابة: لا زكاة في مال الضمار, ولا في مؤخر الصداق لأنه لا يمكن للمرأة التصرف فيه, ولا زكاة في الدين على معسر, لكن إذا قبض شيئا من ذلك زكاه عن سنة واحدة فقط ولو أقام غائبا عن صاحبه سنين, أو بقي الصداق في ذمة الزوج أو الدين على المعسر سنين.
النماء حقيقة أو تقديرا
بمعنى أن يكون المال ناميا حقيقة أو تقديرا, ويقصد بالنماء الحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارة, ويقصد بالتقديري قابلية المال للزيادة, وذلك في الذهب والفضة والعملات, فإنها قابلة للنماء بالمتاجرة بها فتزكى مطلقا, أما عروض القنية فلا تزكى لعدم النماء لا حقيقة ولا تقديرا.
بلوغ النصاب
النصاب مقدار من المال معين شرعا لا تجب الزكاة في أقل منه, وإن من الشروط الواجب توافرها في الأموال الخاضعة للزكاة بلوغ النصاب, وينطبق على النقود والذهب والفضة وعروض التجارة والأنعام, وفي ذلك ورد في الحديث النبوي: (أن الذهب لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ عشرين دينارا فإذا بلغ عشرين دينارا ففيها نصف دينار, والورِق – أي الفضة – لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم).
ونصاب الذهب عشرون مثقالا وتساوي (85) جراما من الذهب الخالص, ونصاب الفضة مائتا درهم وتساوي (595) جراما من الفضة الخالصة, والنصاب في زكاة عروض التجارة هو ما قيمته (85) جراما من الذهب الخالص, وللأموال الزكوية الأخرى أنصبتها, ويخضع للزكاة مقدار النصاب وما زاد عنه, أما ما دون النصاب فليس وعاءً للزكاة وهو معفو عنه, ويكفي أن يكتمل النصاب في طرفي الحول, ولا يضر نقصانه أو انعدامه خلال الحول, ويضم المستفاد من المال خلال الحول إليه عند الحنفية والمالكية وهو أيسر في التطبيق وأبعد عن التعقيد ولقد أخذ به جمهور الفقهاء.
أثر الخلطة في النصاب والقدر الواجب إخراجه
الخلطة هي أن يعامل المال المملوك لاثنين أو أكثر معاملة المال الواحد بسبب الاتحاد في الأوصاف والظروف, كوحدة المرعى والسقي والإيواء في الغنم, ووحدة الأعباء والإجراءات والتصرف في أموال الشركات, وقد ثبت مبدأ الخلطة في زكاة الأنعام, وأخذت به بعض المذاهب في غير الأنعام كالزروع والثمار, والنقود, فينظر حينئذ إلى أموال الشركاء كأنها مال واحد من حيث توافر النصاب وحساب القدر الواجب إخراجه من الزكاة ففي النصاب مثلا: يتحقق النصاب في أغنام مملوكة لثلاثة, لكل منهم 15 شاة, لأن المجموع 45 شاة وهو أكثر من النصاب الذي هو (40) شاة, فيجب إخراج شاة واحدة, ولو نظر إلى مال كل منهم على حدة لما اكتمل النصاب ولما أخذت منهم زكاة.
الزيادة عن الحاجات الأصلية
العروض المقتناة للحاجات الأصلية مثل دور السكنى وأدوات الحرفة وآلات الصناعة ووسائل المواصلات والانتقالات – كالسيارة – وأثاث المنزل, لا زكاة فيها, وكذلك المال المرصد لسداد الدين على تفصيل يأتي في موضعه, فإن المدين محتاج إلى المال الذي في يده ليدفع عن نفسه الحبس والذل, ولذلك فلا زكاة في الأموال المرصدة للحاجات الأصلية.
حولان الحول
هو أن ينقضي على بلوغ المال نصابا اثنا عشر شهرا بحساب الأشهر القمرية, وإذا تعسر مراعاة الحول القمري – بسبب ربط الميزانية بالسنة الشمسية- فإنه يجوز مراعاة السنة الشمسية على أن تزاد النسبة المئوية الواجب إخراجها وهي:2.5% لتصبح 2.577 مراعاة نسبة عدد الأيام التي تزيد بها السنة الشمسية عن السنة القمرية
ولا يشترط الحول في زكاة الزروع والثمار لقوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) (الأنعام 141) كما لا يشترط كذلك الحول في زكاة المعادن والركاز باتفاق الفقهاء
منع الثِّنَى في الزكاة
إذا زكى المال ثم تحول إلى صورة أخرى مغايرة له, كالمحصول الزراعي إذا زكى ثم بيع بثمن, أو الماشية التي زكيت ثم بيعت بثمن فالثمن الناشئ من بيع مال يزكى إذا حصل خلال الحول لا يزكى عند حولانه لأن ذلك يؤدي إلى تكرار الزكاة خلال حول واحد للمال نفسه في الواقع وهو منفي بالحديث الشريف (لا ثِنَى في الصدقة) متفق عليه.
الأموال العامة والموقوفة والخيرية
لا تجب الزكاة في المال العام, لأنه مملوك لعامة الناس والأمة ومنهم الفقراء, فلا يختص به مالك معين, ولا جدوى من أخذ الدولة الزكاة من نفسها لتعطي نفسها وكذلك لا تجب الزكاة في المال الموقوف على جهات عامة كالفقراء أو المساجد أو اليتامى وغير ذلك من أبواب الخير والبر العام, وذلك لحين تعين مالك الأموال الموقوفة أي عدم حصر ملكيتها في مالك معين, ولا زكاة أيضًا في أموال الجمعيات والصناديق الخيرية لأنها لجماعة الفقراء, ومصارفها من أصحاب الحاجة, ومالكها ليس محصورًا أو متعينًا.
ما تجب فيه الزكاة :
زكاة النقود ( الذهب و الفضة و العملات ) و الحلي و ما في حكمها
عروض التجارة و الصناعة
الزروع و الثمار
الأنعام و الثروة الحيزانية
الثروة المعدنية
زكاة النقود (الذهب والفضة والعملات)
تعريف النقود:
المراد بالنقود جميع العملات الورقية والمعدنية سواء كانت عملة بلد المزكّي أم عملة بلد آخر.
وجوب الزكاة في النقود:
وجوب الزكاة في النقود ثابت بالكتاب والسنة والإجماع, أما الكتاب فقوله تبارك وتعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا يُنفقونها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فبشّرهم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ, يوم يُحْمَى عليها في نار جهنم فتُكوَى بها جباهُهم وجنوبُهم وظُهُورُهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)(التوبة 34- 35)
وأمَّا السنة فقوله صلى اللّه عليه وسلم: (ما أُدّيت زكاتُه فليس بكنز) أخرجه الحاكم وصححه الذهبي, وكذلك قوله صلى اللّه عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها, إلا إذا كان يوم القيامة صُفّحت له صفائح من نار, فأحمي عليها في نار جهنم فيُكوى بها جنبه وجبينه وظهره) رواه مسلم.
وأجمع المسلمون في كل العصور على وجوب الزكاة في النقدين (الذهب والفضة) وقيس على ذلك سائر العملات, لأنها ثبتت لها أحكام الذهب والفضة, وقد جاء في ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم 9 دورة 3 ونصه: (العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة, ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما)
نصاب زكاة النقود
بلوغ المال النصاب وهو المقدار الأدنى الذي حدده الشرع, بحيث لا تجب الزكاة في المال إذا قل عنه, فإذا بلغه المال وجبت فيه الزكاة.
ونصاب الذهب والعملات الذهبية هو (20) عشرون مثقالا وتعادل (85) جراما من الذهب الخالص (والمثقال يعادل 4.25 جراما)
ونصاب الفضة والعملات الفضية (200) مائتا درهم, وتعادل (595) جراما من الفضة الخالصة (والدرهم يعادل 2.975 جراما)
وقد نص قرار مجمع البحوث الإسلامية (المؤتمر الثاني) على أنه: يكون تقويم نصاب الزكاة في نقود التعامل المعدنية وأوراق النقد والأوراق النقدية, وعروض التجارة, على أساس قيمتها ذهبًا فما بلغت قيمته من أحدها عشرين مثقالا ذهبيا وجبت فيه الزكاة, وذلك لأن الذهب أقرب إلى الثبات من غيره.
ويرجع في معرفة قيمة مثقال الذهب بالنسبة إلى النقد الحاضر إلى ما يقرره الخبراء.
ولبعض الباحثين تعليل آخر لاختيار نصاب الذهب لتقويم النقود, وهو أن الذهب هو المعدن النفيس الذي يتخذ رصيدا وغطاء – ولو بصفة جزئية – لأوراق النقد التي تصدرها أي دولة, وهو الذي تُقَوّم على أساسه قيمة النقود الورقية, وهو بمثابة العملة الدولية والمعيار الذي تقاس به نقود العالم وتنسب قيمتها إليه, وإن كان ذلك لا يمنع من تغير قيمته بين زمن وآخر تبعًا لتغير الأسواق.
ويضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب, ويكون ذلك بالقيمة – طبقا لمذهب الحنفية – وليس بالأجزاء, فتنظر قيمة الموجود من الذهب ونسبة ذلك إلى كامل النصاب, ثم قيمة الموجود من الفضة, فإذا اكتمل النصاب وجبت الزكاة, لأن الغنى يتحقق بملكية قيمة النصاب, كما تُضَمّ قيمة عروض التجارة أيضا إلى الذهب والفضة في تكميل النصاب. ويقدر النصاب في النقود والعملات الورقية والمعدنية الأخرى بالذهب بما يساوي قيمة (85) جراما ذهبا خالصا – والذهب الخالص هو السبائك الذهبية (999) – بحساب سعر يوم الوجوب في بلد المال المزكى.
أما غير الخالص من الذهب فيسقط من وزنه مقدار ما يخالطه من غير الذهب.
ففي الذهب عيار (18) قيراطا مثلا يسقط مقدار الربع ويمثل ستة من أربعة وعشرين ويزكي الباقي.
ومن الذهب عيار (21) قيراطا مثلا يسقط مقدار الثمن ويمثل ثلاثة من أربعة وعشرين ويزكي الباقي.
وكذلك في الفضة غير الخالصة.
شروط وجوب الزكاة في الذهب والفضة والعملات:
تجب الزكاة في النقود والذهب والفضة إذا ما توافرت فيها شروط وجوب الزكاة المبينة سابقا
مقدار الواجب في زكاة الذهب والفضة والعملات:
المقدار الواجب إخراجه في ذلك هو ربع العشر (2.5%)
كيفية معرفة مقدار زكاة الذهب والفضة بالعملة النقدية:
إذا لم يرغب المزكي في إخراج عين القدر الواجب عليه ذهبا أو فضة, فبعد حساب الزكاة على كل من الذهب والفضة, يؤخذ الناتج وهو مثلا (25) جراما (في الذهب) ويضرب في سعر الجرام, وليكن سعره (4 دنانير) فيكون الناتج هو مبلغ الزكاة بالعملة النقدية, هكذا: مقدار الزكاة= 25 جراما من الذهب *4 دنانير (سعر الجرام)= 100 دينار.
زكاة الحلي والمقتنيات الذهبية والفضة
حلي المرأة المعدّ للاستعمال الشخصي لا زكاة فيه إذا لم يزد عن القدر المعتاد للبس المرأة بين مثيلاتها في المستوى الاجتماعي لها, أما ما زاد عن القدر المعتاد لبسه فيجب تزكيته لأنه صار فيه معنى الاكتناز والادخار, وكذلك تزكي المرأة كل ما عزفت عن لبسه من الحلي لقدم طرازه أو نحو ذلك من الأسباب.
وتحسب الزكاة في كلا النوعين حسب وزن الذهب والفضة الخالصين, ولا اعتبار بالقيمة, ولا بزيادتها بسبب الصياغة والصناعة, ولا بقيمة ما فيها من الأحجار الكريمة, والقطع المضافة من غير الذهب والفضة.
وهذا بخلاف الذهب والفضة الموجودين لدى التجار فإن العبرة في تزكيته بالقيمة الشاملة للصناعة ولما في المصوغات من الأحجار الكريمة.
ما حرم استعماله من حُلي الذهب والفضة تجب الزكاة فيه
من ذلك ما اتخذه الرجل لزينته من الذهب المحرم فعليه زكاته, كسوار ذهبي أو ساعة ذهبية, بخلاف ما لو اتخذ خاتما من فضة فلا زكاة فيه لأنه حلال له, وكذا ما تتخذه المرأة من حلي الرجال لزينتها فهو حرام عليها وفيه الزكاة.
وجملة ذلك أن كل ما حرم استعماله من حلي الذهب والفضة فيه زكاة, إذا بلغ نصابا بنفسه, أو بلغ بضمه إلى ما عنده نصابا, وقد سبق بيان نصاب الذهب والفضة, وتضم النقود إلى الذهب والفضة في حساب النصاب, وكذلك عروض التجارة بعضها إلى بعض.
والقدر الواجب إخراجه زكاة في كل من حلي الذهب والفضة هو 2.5% أيضا.
زكاة السندات
الحكم الشرعي في التعامل بالسندات:
السند يمثل جزءا من قرض على الشركة أو الجهة المصدرة له, وتعطي الشركة عليه فائدة محددة عند إصداره, وهذه الفائدة غير مرتبطة بربح الشركة أو خسارتها, والشركة ملزمة بالسداد في الوقت المحدد, وللسند قيمة اسمية هي قيمته الأصلية عند إصداره أول مرة, وقيمة سوقية تتحدد على أساس العرض والطلب.
والتعامل بهذه السندات حرام شرعًا لاشتمالها على الفائدة الربوية المحرمة, ولأن تداولها بالبيع والشراء من قبيل بيع الدين لغير من هو عليه, وهو غير جائز.
كيفية تزكية السندات:
يحرم التعامل بالسندات لاشتمالها على الفوائد الربوية المحرمة, ومع ذلك تجب على المالك تزكية الأصل – القيمة الاسمية للسندات – كل عام بضم قيمة رأس مال السندات إلى مالِهِ في النصاب والحول, ويزكي الجميع بنسبة ربع العشر دون الفوائد الربوية المترتبة له, فإن الفوائد محرمة عليه ويجب صرفها في وجوه البر والمصلحة العامة ما عدا بناء المساجد وطبع المصاحف ونحوها.
وهذا الصرف للتخلص من الحرام, ولا يحتسب ذلك من الزكاة, ولا ينفق منه على نفسه أو عياله, والأولى صرفه للمضطرين من الواقعين في المجاعات والمصائب والكوارث ونحوها.
زكاة الأسهم
الحكم الشرعي في التعامل بالأسهم:
السهم عبارة عن جزء من رأس مال الشركة, وهو معرض للربح والخسارة تبعًا لربح الشركة أو خسارتها, وصاحب السهم يُعدّ شريكًا في الشركة, أي مالكًا لجزء من أموالها بنسبة عدد أسهمه إلى مجموع أسهم الشركة, ويستطيع مالك السهم أن يبيعه متى شاء
وللسهم قيمة اسمية تتحدد عند إصداره أول مرة, وله أيضًا قيمة سوقية تتحدد على أساس العرض والطلب في سوق الأوراق المالية التي تتداول فيها الأسهم
ويُحكم على الأسهم من حيث الحِلّ والحرمة تبعًا لنشاط الشركة المساهمة فيها, فتحرم المساهمة في الشركة ويحرم تملك أسهمها إذا كان الغرض الأساسي من الشركة محرمًا كالربا وصناعة الخمور والتجارة فيها مثلا, أو كان التعامل بطريقة محرمة كبيوع العينة, وبيوع الغرر
كيفية تزكية الأسهم:
– إذا قامت الشركة بتزكية أسهمها على النحو المبين في زكاة الشركات فلا يجب على المساهم إخراج زكاة عن أسهمه, منعًا للازدواج
– أما إذا لم تقم الشركة بإخراج الزكاة فإنه يجب على مالك الأسهم تزكيتها على النحو التالي:
إذا اتخذ أسهمه للمتاجرة بها بيعًا وشراء فالزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر (2.5%) من القيمة السوقية يوم وجوب الزكاة, كسائر عروض التجارة
أما إذا اتخذ أسهمه للاستفادة من ريعها السنوي فزكاتها كما يلي:
أ – إذا أمكنه أن يعرف – عن طريق الشركة أو غيرها – مقدار ما يخص كل سهم من الموجودات الزكوية للشركة فإنه يخرج زكاة ذلك المقدار بنسبة ربع العشر (2.5%)
ب – وإن لم يعرف, فعليه أن يضم ريعه إلى سائر أمواله من حيث الحول والنصاب ويخرج منها ربع العشر (2.5%) وتبرأ ذمته بذلك
زكاة الدين
الدين هو مبلغ في الذمة على الغير, وتجب فيه الزكاة متى كان مرجوا, ويضم الدين الجديد إلى بقية الأموال النقدية في حساب النصاب أما الديون المستحقة على المزكى للغير فإنها تسقط من الوعاء الزكوي على النحو التالي:
أ- يمنع الدين وجوب الزكاة على من عليه الدين بمقدار دينه إذا استقر الدين في ذمته قبل وجوب الزكاة وإذا لم يجد المزكي مالا غير زكوي فائضًا عن حاجاته الأساسية يقضي منه الدين.
ب- إذا كان للمدين المزكي أكثر من مال زكوي من أجناس مختلفة فإنه يجعل أحدها في مقابل الدين ويزكي الباقي مما هو أحظ لمستحقي الزكاة.
ج- الديون الإسكانية المؤجلة وما شابهها من الديون التي تمول أصلا ثابتا لا يخضع للزكاة ويُسدّد عادة على أقساط طويلة الأجل يسقط من وعاء الزكاة ما يقابل القسط السنوي المطلوب دفعه فقط, ويزكي المدين ما تبقى من أموال بيده إذا كانت نصابا فأكثر.
د- يحسم من الموجودات الزكوية جميع الديون التي تمول عملا تجاريا إذا لم يكن عند المدين عروض قنية (أصول ثابتة) زائدة عن حاجاته الأساسية.
هـ- يحسم من الموجودات الزكوية الديون الاستثمارية التي تمول مشروعات صناعية (مستغلات) إذا لم توجد لدى المدين عروض قنية (أصول ثابتة) زائدة عن حاجاته الأصلية بحيث يمكن جعلها في مقابل تلك الديون, فإن وجدت جعلت في مقابل الدين إذا كانت تفي به وحينئذ لا يحسم الدين من الموجودات الزكوية.
وإن لم تف تلك العروض بالدين يحسم من الموجودات الزكوية ما تبقى منه وإذا كانت الديون الاستثمارية مؤجلة يحسم من الموجودات الزكوية القسط السنوي المطالب به (الحالّ) فقط.
عروض التجارة و الصناعة
عروض التجارة
زكاة الصناعة
الشركات التجارية و الصناعية
تعريف عروض التجارة
يقصد بعروض التجارة جميع الأموال التي اشتريت بنية المتاجرة بها, سواء بالاستيراد الخارجي أم الشراء من السوق المحلية, وسواء كانت عقارًا أم مواد غذائية أم زراعية أم مواشي أم غيرها, وقد تكون بضائع في محل تجاري لفرد أو لمجموعة من الأفراد, وهذه الأموال يطلق عليها عروض التجارة
الفرق بين عروض القُنْيَة وعروض التجارة
يُقصد بعروض القنية تلك العروض المعدة للاقتناء والاستعمال الشخصي, لا للبيع والتجارة, وتعرف في المحاسبة بالأصول الثابتة, وهي التي ينوي التاجر أو الصانع أو غيرهم عند شرائها الاحتفاظ بها لأنها أدوات إنتاج, مثل الآلات والمباني, والسيارات, والمعدات, والأراضي التي ليس الغرض منها بيعها والمتاجرة بها, وكذلك الأواني, والخزائن, والرفوف التي تعرض فيها البضاعة, وكذلك المكاتب والأثاث إلخ, فجميع هذه الموجودات الثابتة لا زكاة عليها, ولا تدخل في وعاء الزكاة
وأما عروض التجارة, وهي العروض المعدة للبيع, وتعرف في المحاسبة بالأصول أو الموجودات المتداولة, وهي التي ينوي التاجر أو الصانع عند شرائها المتاجرة بها, مثل: البضائع, والسلع, والآلات, والسيارات, والأراضي التي تُشترى بنية المتاجرة بها, فإنها تجب فيها الزكاة إذا ما استوفت شروط وجوب الزكاة
شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة
يشترط لوجوب زكاة مال التجارة ما يشترط في المال النقدي من الشروط بالإضافة إلى أمرين اثنين لا بد من اعتبارهما في المال ليصبح من مال التجارة الذي تجب زكاته, وهذان الأمران هما العمل والنية:
1- العمل بأن تملك العروض بمعاوضة:
وذلك عن طريق الشراء بنقد أو عرض آخر (مقايضة) أو بدين حالّ أو مؤجل, ومثله ما لو حصلت المرأة على السلعة بقبولها مهرا أو عوض خلع
أما لو ملك العرض بإرث أو هبة أو استرداد بعيب أو باستغلال الأرض المملوكة له بالزراعة فلا يزكى زكاة عروض التجارة ويخضع لزكاة المال المستفاد, وذلك لعدم حصول التملك ببذل عوض
2- النية بأن يقصد عند تملك العروض التجارة بها:
والتجارة هي بيع ما اشتراه لتحصيل الربح, والنية المعتبرة هي المقارنة لدخول عرض التجارة في الملك, فإذا اشترى فرد سيارة مثلًا ناويًا أنها للقنية أي للاستعمال الشخصي, وفي نيته إن وجد ربحا باعها, فلا تُعدّ من مال التجارة الذي تجب فيه الزكاة, بخلاف ما لو اشترى مجموعة من السيارات بنية التجارة والربح واستعمل واحدة منها, فتعدّ من أموال التجارة التي تجب فيه الزكاة, إذ العبرة بنية الأصل – النية الغالبة عند الشراء – فما كان الأصل فيه هو الاقتناء والاستعمال الشخصي لا يُعدّ من التجارة بمجرد رغبته في البيع إذا وجد الربح المناسب. وما كان الأصل فيه التجارة والبيع لا يخرجه من مال التجارة الاستعمال الشخصي الطارئ عليه
ثم إنه إذا اشترى عرضًا معينًا بنية المتاجرة فيه ثم قَبْلَ أن يبيعه – غيّر نيته فيه إلى الاستعمال الشخصي فتكفي النية هنا لإخراجه من مال التجارة إلى المقتنيات الشخصية فلا تجب فيه زكاة, وكذلك إن اشترى عرضًا للقنية ثم غيَّر نيته إلى البيع فلا يكون فيه زكاة
كذلك يدخل في نطاق زكاة عروض التجارة الأنشطة التالية:
أ – عمليات الشراء والبيع لغرض الكسب, وتشمل المشروعات التجارية, سواء أكانت في شكل منشآت فردية أم شركات مضاربة أم شركات أشخاص أو شركات مساهمة أم غير ذلك
ب – عمليات الوساطة بين التجار, مثل الدلالين والجلّابين (الذين يُسوِّقون البضائع بعمولة)
ج – أعمال الصيارفة والاستثمار على اختلاف أنواعها
كيف تُزكى الثروة التجارية؟
إذا حلّ موعد الزكاة ينبغي للتاجر المسلم – أو الشركة التجارية – أن يَقُوم بجرد موجوداته التجارية مثل البضاعة الموجودة ويضمها إلى ما لديه من نقود – سواء استغلها في التجارة أم لم يستغلها – ويضيف إليها ما له من ديون مرجوة السداد, ثم يطرح منها الديون التي عليه لأشخاص أو جهات أخرى, ثم يزكي الباقي بنسبة ربع العشر (2.5% راجع شرط حولان الحول من شروط وجوب الزكاة
وقد عبر عن ذلك ميمون بن مهران فيما رواه الإمام أبو عبيد عنه بقوله: (إذا حلّت عليك الزكاة فانظر ما كان عندك من نقد أو عرض فقوّمه قيمة النقد, وما كان من دين في ملاءة فاحسبه, ثم اطرح منه ما كان عليك من الدين ثم زكّ ما بقي)
بأيّ سعر يُقَوّم التاجر موجوداته التجارية عند إخراج الزكاة؟
يُقَوّمُ التاجر ثروته التجارية بسعر السوق الحالي, سواء كان سعر السوق الحالي منخفضًا عن سعر الشراء أو مرتفعًا, فالعبرة بسعر السوق الحالي والمراد بسعر السوق سعر بيعها وقت وجوب الزكاة ولا يطبق هنا المبدأ المحاسبي التقليدي في الأخذ بالتكلفة أو سعر السوق أيهما أقل, لأن ذلك في المشاركات, وهي حقوق للشركاء لهم أن يختاروا في المحاسبة استقصاء الربح لتوزيعه أو إبقاء قسم منه من خلال اختيار الأقل من التكلفة أو القيمة السوقية, أما في الزكاة فهي حق لغير المزكي وهم المستحقون من المصارف الثمانية فيجب التأكد من إخراج هذا الحق المعلوم باعتبار القيمة السوقية التي تمثل التكلفة والربح الكامن غالبًا
وإذا هبطت القيمة السوقية عن التكلفة فإن اعتبارها يدفع الضرر عن المزكي ويكون تقويم عروض التجارة بسعر الجملة سواء بيعت جملة أم تجزئة (قطاعي), وهذا الرأي هو ما أَخذ به مجمع الفقه في مكة
إخراج الزكاة من عين البضاعة أو قيمتها
الأصل أن تخرج زكاة عروض التجارة نقدًا بحسب قيمة العروض يوم وجوب الزكاة كما تقدم, وليس من أعيان البضائع نفسها, وذلك لما في الرواية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لحماس: (أدّ زكاة مالك, قال: ما لي إلا جِعاب أَدم, قال: قومها ثم أدّ زكاتها), لأن ذلك أصلح للفقير حيث يسد بها حاجاته مهما تنوعت
ويجوز إخراج الزكاة من أعيان البضائع تسهيلًا وتيسيرًا على الناس إذا كان ذلك يدفع الحرج عن المزكي في حالة الكساد وقلة النقد لدى التاجر ويحقق مصلحة الفقير في أخذ الزكاة أعيانا يمكنه الانتفاع بها
الديون التي للتاجر على الآخرين
تنقسم هذه الديون إلى قسمين:
دين مرجو الأداء:
وهو ما كان على مُقرّ بالدين قادر على أدائه – أو جاحد للدين لكن عليه بينة ودليل بحيث لو رفع الأمر إلى القضاء لاستطاع التاجر استرداده, وهي ما تعرف بالديون الجيدة, ففي هذه الحالة على التاجر – أو الشركة التجارية – تزكية مبلغ الدين مع زكاتها كل عام
دين غير مرجو الأداء:
وهو ما كان على جاحد ومنكر للدين ولا بينة عليه, أو ما كان على مقرّ بالدين لكن كان مماطلًا أو معسرًا لا يقدر على السداد, وهي ما تعرف بالديون المشكوك في تحصيلها, فليس على التاجر – أو الشركة التجارية – زكاة في هذا الدين إلا بعد أن يقبضه فعلًا, فيزكيه عن سنة واحدة فقط وإن بقي عند المدين سنين
زكاة الصناعة
النشاط الصناعي أقرب إلى النشاط التجاري من أي نشاط آخر والصناعة لا تنفصل عن قصد التجارة, كما أنها لا تخلو عن شراء مواد بقصد المتاجرة بها, ولذا تطبّق عليها أحكام زكاة عروض التجارة, أما المؤسسات التي يقتصر عملها على الصناعة للآخرين, فلا تُعَدّ أدواتها التي تستعملها من عروض التجارة.
كما هو الحال في الشركات التي تتخصص في أعمال المقاولات لصالح الغير, فمثل هذه الشركات تُعَدّ صناعية وإن لم يُؤْلف إطلاق هذه الكلمة عليها, فكل شركة تعمل في الصناعة للآخرين مثل شركات الحديد والصلب تُعَدّ شركات صناعية ومثلها محل الحدادة والنجارة, ولكن لو اشترت هذه الشركات الصناعية بضائع ومواد بقصد بيعها بعد تصنيعها فإن هذه المواد تعتبر عروضًا تجارية, وتزكى قيمتها خالية من الصناعة
وتنقسم أنشطة الصناعة إلى قسمين
القسم الأول:
البضاعة التي تشترى مصنوعة بقصد المتاجرة بها, فهذه البضاعة تقوم بنية البيع بالقيمة السوقية, ويضاف إليها النقد الذي لدى المزكي, والديون الجيدة المستحقة له على الغير, ويسقط ما عليه من الديون ثم يزكي الباقي
القسم الثاني:
البضاعة التي تصنع من قبل المزكي بغرض البيع, أي يدخل عليها بمجهوده على المادة المشتراة صنعة لها قيمة, فهذا القسم من البضائع تكون الزكاة على المادة الخام فقط والمواد المضافة التي تبقى عينها, أي على الحال التي اشتريت عليها, ويؤخذ في الاعتبار أن المواد الخام المستخدمة في الصناعة إذا حال عليها الحول أو ضُمّت إلى حول نصاب مشابه, كالنقود أو عروض التجارة – كأقمشة خام لدى مصنع ملابس مضى عليها ستة أشهر مثلا ثم صنعت ملابس – فإنها تزكى بالحول السابق ولا يبدأ حساب حول جديد, والقدر الواجب إخراجه من الوعاء الخاضع للزكاة في كل من القسمين هو (2.5%)
زكاة الشركات التجارية والصناعية
1 – تُربط الزكاة على الشركات الصناعية والتجارية لكونها شخصًا اعتباريًا, وذلك في كل من الحالات التالية:
أ – صدور نص قانوني ملزم بتزكية أموالها.
ب – أن يتضمن النظام الأساسي ذلك.
ج – صدور قرار الجمعية العمومية للشركة بذلك.
د – رضا المساهمين شخصيًا (أي بتوكيل المساهمين لإدارةالشركة في إخراج زكاتها).ومستند هذا الاتجاه الأخذ بمبدأ الخُلطة الوارد في السنة النبوية الشريفة بشأن زكاة الأنعام, والذي رأت تعميمه في غيرها بعض المذاهب الفقهية المعتبرة, وأخذ بذلك مؤتمر الزكاة الأول والطريق الأفضل أن تقوم الشركة بإخراج الزكاة ضمن الحالات الأربع المذكورة, فإن لم تفعل فينبغي للشركة أن تحسب زكاة أموالها ثم تُلحق بميزانيتها السنوية بيانا بما يجب في حصة السهم الواحد من الزكاة, تسهيلا على من أراد من المساهمين معرفة مقدار زكاة أسهمه.
2 – تحسب الشركة زكاة أموالها بنفس الطريقة التي يحسبها بها الشخص الطبيعي.
فتخرج زكاتها بمقاديرها الشرعية بحسب طبيعة أموالها ونوعيتها سواء أكانت نقودًا, أم أنعامًا (مواشي) أم زروعًا, أم عروضا تجارية, أم غير ذلك.
فقه زكاة الزروع والثمار
ما تجب فيه الزكاة من الزروع والثمار
زكاة منتجات الثروة النباتية
نصاب زكاة الزروع والثمار
وقت وجوب زكاة الزروع والثمار
مقدار الواجب في زكاة الزروع والثمار
الخرص في زكاة الزروع والثمار
ما يباح لصاحب الزروع والثمار
زكاة زروع وثمار الأرض المؤجرة
مبادئ عامة في زكاة الزروع والثمار
هذا ولا زكاة في الأسهم التي تخص مال الدولة (الخزانة العامة), أو الأوقاف الخيرية, أو مؤسسات الزكاة, أو الجمعيات الخيرية.
ما تجب فيه الزكاة من الزروع والثمار
تجب الزكاة في كل ما يستنبت من الأرض, أي في جميع الزروع والثمار التي يقصد بزراعتها استثمار الأرض ونماؤها طبقًا لمذهب أبي حنيفة وغيره من الفقهاء الذين أخذوا بعموم النصوص في ذلك من القرآن كقوله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) (البقرة 267) ومن السنة كقوله صلى الله عليه وسلم: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَريّا (يشرب بعروقه) العشر, وفيما سقي بالنضح نصف العشر) أخرجه ابن ماجة والترمذي.
ولا تجب الزكاة فيما نبت دون فعل, كالحطب والحشيش والقصب المجوف (غير قصب السكر) ونحو ذلك, إلا إذا قصد به التجارة, فيزكى زكاة عروض التجارة
زكاة منتجات الثروة النباتية
لا تجب الزكاة في أعيان منتجات الثروة النباتية ولكن إذا قصد بها التجارة فإنها تزكى زكاة عروض التجارة
نصاب زكاة الزروع والثمار
جاء في الحديث الصحيح: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) أخرجه الجماعة, والخمسة أوسق تعادل ما وزنه 653 كيلو جراما من القمح ونحوه, وتراعى فروق الكثافة في المواد الأخرى, وفي الحب والثمر الذي من شأنه التجفيف, يعتبر التقدير السابق بعد الجفاف لا قبله
وقت وجوب زكاة الزروع والثمار
لا يراعى الحول في زكاة الزروع والثمار, بل يراعى الموسم والمحصول لقوله تبارك وتعالى (وآتوا حقه يوم حصاده) (الأنعام 141)
وعليه لو أخرجت الأرض أكثر من محصول واحد في السنة وجب على صاحبها إخراج الزكاة عن كل محصول
وتجب زكاة الثمار إذا بدا صلاحها, وتجب زكاة الزروع إذا اشتد الحب أي بدا نضجه, ولا يستقر الوجوب حتى تصير الثمار أو الحبوب في الجرين (البيدر) فلو تلف شيء قبل ذلك بغير تعدّ ولا تفريط فلا زكاة فيه وتجب الزكاة على من باع أو وهب أو توفي عن زرعه بعد بدوّ صلاحه, أما إن وقع ذلك قبل بدوّ الصلاح, فالزكاة على المشتري أو الموهوب له أو الوارث
مقدار الواجب في زكاة الزروع والثمار
يختلف مقدار الواجب في زكاة الزروع والثمار بحسب الجهد المبذول في الري على النحو التالي:
- في حالة الري دون كلفة يكون الواجب هو العشر (10%)
- في حالة الري بوسيلة فيها كلفة, كأن يحفر بئرًا ويخرج الماء منها بآلة, أو يشتري الماء ونحوه, يكون مقدار الواجب نصف العشر (5%)
- في حالة الري المشترك بين النوعين يكون الحكم للغالب, وعند التساوي يكون الواجب ثلاثة أرباع العشر (7.5%)
- وعند الجهل يكون الواجب هو العشر
الخرص في زكاة الزروع والثمار
يمكن خرص الزكاة الواجبة في الزروع والثمار, وذلك بتقدير الوعاء الزكوي تخمينا من ذوي الخبرة في الزروع والثمار, وحساب مقدار الزكاة لأخذه فيما بعد وإتاحة التصرف لصاحب الزرع بعدما أمكن معرفة حق الفقراء بالحزر والتخمين, ويجوز ذلك في جميع أنواع الثمار والزروع – طبقًا لمذهب الأوزاعي والليث وغيرهما – ويكون الخرص عند طيب الثمار واشتداد الحب, ولكن مقدار الزكاة (حسب الخرص) يؤخذ بعد التجفيف والتصفية ويترك الخارص لصاحب الزرع الربع أو الثلث, حسبما تبدو له حاجة أصحاب الزرع, فلا يحسبه في وعاء الزكاة
ما يباح لصاحب الزروع والثمار
لا يجب على صاحب الزروع والثمار إخراج الزكاة عما يلي:
أ – ما أكل هو وأهله من الزرع أو الثمر وهو أخضر صغير
ب – ما أكلته البهائم المستخدمة في حرث الأرض ونحوه
ج – ما أكلته (السابلة) وهم عابرو السبيل ويسمون أيضا الوطيئة لوطئهم الزرع
د – ما وهبه صاحب الزرع على سبيل الصدقة بأن يعطي ثمر شجرة لفقير طيلة السنة وهي (العرية)
زكاة زروع وثمار الأرض المؤجرة
إذا كان الزرع أو الثمر ناتجا من أرض مؤجرة, أي أن مالك الزروع والثمار (المستأجر) فإن الزكاة تجب عليه, لأن الزكاة واجبة في الزرع فكانت على مالكه أما مالك الأرض المؤجرة فإنه يضم صافي القيمة الإيجارية إلى أمواله النقدية ويزكيه معها في حوله بنسبة 2.5%
وإذا كانت الزروع والثمار ناتجة عن عقد المزارعة أو عقد المساقاة (وهي مشاركة بين صاحب أرض وعامل, بأن يزرعها أو يسقيها بحصة من الناتج لكل من صاحب الأرض والعامل فيها) فإن الزكاة على كل واحد من الطرفين في المحصول الناتج المستحق له, إذا بلغ نصابا
مبادئ عامة في زكاة الزروع والثمار
1- تُضم الأصناف من الجنس الواحد من الزرع كالحبوب أو الثمار بعضها إلى بعض, ولا يضم جنس إلى آخر (كالثمار والخضروات)
2- إذا تفاوت الزرع رداءة وجودة أُخذت الزكاة من أوسطه فما فوق, ولا تؤخذ مما دون الوسط
3- يُضم زرع الرجل الواحد بعضه إلى بعض ولو اختلفت الأرض التي زرع فيها
4- الأصل أن يخرج المزارع الزكاة من عين المحصول, ويرى بعض العلماء جواز إخراج القيمة, وذلك بأن يحسب كمية الواجب من المحصول ثم يقدر قيمتها بالسوق ويخرجها نقدا
فقه زكاة الأنعام والثروة الحيوانية
الأنعام والثروة الحيوانية
شروط وجوب زكاة الأنعام
النصاب ومقدار الزكاة
الأنعام المعدة للتجارة
فقه زكاة الأنعام والثروة الحيوانية
الأنعام هي الإبل (وتشمل البخاتي) والبقر (وتشمل الجواميس), والغنم (وتشمل الماعز)
شروط وجوب زكاة الأنعام
لوجوب زكاة الأنعام شروط تتحقق بها مصلحة الفقراء والمساكين وغيرهم من أهل استحقاق الزكاة, وتحول دون الإجحاف بصاحب الأنعام, فيؤدي الزكاة طيبة بها نفسه, وهذه الشروط هي:
1- أن تبلغ النصاب:
والنصاب هو الحد الأدنى لما تجب فيه الزكاة فمن كان لا يملك النصاب فلا تجب عليه الزكاة لأن الزكاة تجب على الأغنياء, ونصاب الإبل خمسة ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة, ونصاب الغنم أربعون ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة, ونصاب البقر ثلاثون ليس فيما كان أقل من ذلك زكاة
2- أن يحول عليها الحول:
بمعنى أن يمضي على تملكها عام كامل من بدء الملكية فلو لم يمض الحول على تملكها لم تجب فيها الزكاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) أخرجه الترمذي والإمام مالك, والحكمة في اشتراط الحول أن يتكامل نماء المال
وأما أولاد الأنعام فتضم إلى أمهاتها وتتبعها في الحول, ولو زال الملك عن الماشية في الحول ببيع أو غيره ثم عاد بشراء أو مبادلة صحيحة, ولم يكن ذلك بقصد الفرار من الزكاة استأنف حولا جديدا لانقطاع الحول الأول بما فعله, فصار ملكا جديدا من حول جديد للحديث السابق
3- ألاّ تكون عاملة:
والعوامل من الإبل والبقر هي التي يستخدمها صاحبها في حرث الأرض أو السقي أو الحمل وما شابه ذلك من الأشغال, فليس في الأنعام العاملة زكاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس على العوامل شيء) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة
النصاب ومقدار الزكاة
نصاب الإبل ومقدار الزكاة فيها:
يكون نصاب زكاة الإبل ومقدار الزكاة الواجبة فيها على النحو الآتي:
أ – من 1 إلى 4 لا شيء فيها, ومن 5 إلى 9 يجب فيها شاة واحدة, ومن 10 إلى 14 شاتان, وفي 15 إلى 19 ثلاث شياه, وفي 20 إلى 24 أربع شياه, ويلاحظ أن الواجب هنا (وهي الشياه) من غير جنس الإبل لأن إيجاب شيء من الإبل فيه إجحاف بالغني, وعدم إيجاب شيء فيه تضييع للفقراء
ب – إذا بلغ نصاب الإبل 25 حتى 35 وجب فيها بنت مخاض, وفي 36 حتى 45 بنت لبون, وفي 46 حتى 60 حقة, وفي 61 حتى 75 جذعة, وفي 76 حتى 90 بنتا لبون, وفي 91 حتى 120 حقتان, وفي 121 حتى 129 ثلاث بنات لبون, وفي 130 حتى 139 حقة + بنتا لبون, وفي 140 حتى 149 حقتان + بنت لبون, وفي 150 حتى 159 ثلاث حقاق, وفي 160 حتى 169 أربع بنات لبون, وفي 170 حتى 179 ثلاث بنات لبون + حقة, وفي 180 حتى 189 بنتا لبون + حقتان, وفي 190 حتى 199 ثلاث حقاق + بنت لبون, وفي 200 حتى 209 أربع حقاق أو خمس بنات لبون
ج – وهكذا ما زاد على ذلك يكون في كل خمسين حقة, وفي كل أربعين بنت لبون
نصاب البقر ومقدار الزكاة فيها:
يكون نصاب زكاة البقر ومقدار الزكاة الواجبة فيها على النحو التالي:
أ – من 1 إلى 29 لا شيء فيه, ومن 30 حتى 39 يجب إخراج تبيع أو تبيعة, ومن 40 حتى 59 مسنة, ومن 60 حتى 69 تبيعان أو تبيعتان, ومن 70 حتى 79 مسنة وتبيع, ومن 80 حتى 89 مسنتان, ومن 90 حتى 99 ثلاثة أتباع, ومن 100 حتى 109 مسنة وتبيعان أو تبيعتان, ومن 110 حتى 119 مسنتان وتبيع, ومن 120 حتى 129 ثلاث مسنات أو أربع أتباع
ب – وهكذا ما زاد عن ذلك في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة, وفي كل أربعين مسنة
نصاب الغنم ومقدار الزكاة فيها:
يكون نصاب الغنم ومقدار الزكاة الواجبة فيه على النحو التالي:
أ – من 1 إلى 39 لا شيء فيه, ومن 40 إلى 120 يجب إخراج شاة واحدة, ومن 121 إلى 200 شاتان, ومن 201 إلى 399 ثلاث شياه, ومن 400 إلى 499 أربع شياه, ومن 500 إلى 599 خمس شياه
ب – وهكذا ما زاد عن ذلك في كل مائة شاة, شاة واحدة
الأنعام المعدة للتجارة
تعامل الأنعام المعدة للتجارة معاملة عروض التجارة, وتحسب زكاتها بالقيمة لا بعدد الرءوس المملوكة, لذا لا يشترط النصاب العددي المذكور سالفا لوجوب الزكاة فيها, بل يكفي أن تبلغ قيمتها نصاب زكاة النقود (وهو ما قيمته 85 جرام من الذهب الخالص) لتجب الزكاة فيها, فيضمها مالكها إلى ما عنده من عروض التجارة والنقود, ويخرج الزكاة عنها بنسبة ربع العشر (2.5%) متى ما استوفت شروط وجوب زكاة عروض التجارة من بلوغ النصاب وحولان الحول
لكن إن كان ما عند المالك من الأنعام لا تبلغ قيمته نصابا من النقد وبلغ نصابا بالعدد, فيخرج زكاتها كسائر الأنعام التي ليست للتجارة بالمقادير المبينة سابقا
فقه زكاة الثروة المعدنية
________________________________________
زكاة المعادن
زكاة الركاز
فقه زكاة المعادن
أ – تشمل الثروة المعدنية كل ما يوجد في باطن الأرض أو باطن البحر من معادن, سواء أكانت المعادن سائلة كالنفط أم جامدة كالملح أم غازًا كالبوتان, وسواء أكانت تنطبع كالحديد أم لا تنطبع كالكبريت
ب – النصاب في زكاة المعادن هو ما تبلغ قيمته نصاب الزكاة في الذهب, أي ما قيمته تعادل قيمة 85 جراما من الذهب
ويراعى النصاب فيما استخرج دفعة واحدة, كما يراعى فيما استخرج تباعًا دون ترك على سبيل الإهمال, إذ يضم هذا المتتابع لتوافر النصاب, فإن انقطع العمل لأمر طارئ, كإصلاح المعدات أو توقف العاملين لم يؤثر ذلك في ضم الخارج بعضه إلى بعض
أما إذا انقطع للانتقال إلى حرفة أخرى لليأس من ظهور المعدن أو لسبب آخر فهذا الانقطاع مؤثر, فيراعى وجود النصاب عند استئناف الاستخراج
ج – لا يشترط الحول في زكاة المعادن, فتجب الزكاة بمجرد الاستخراج للمعدن وتصفيته لأن الحول يعتبر لتكميل النماء, والنماء هنا يتكامل دفعة واحدة كالزروع والثمار فلا يعتبر الحول فيهما
د – مقدار زكاة المعادن هو (2.5%) ربع العشر طبقا لمذهب جمهور الفقهاء
هـ – تشمل المعادن ما يستخرج من اليابسة أو من البحر مما وجد في باطن قاعه, أما ما يستخرج من البحر نفسه كاللؤلؤ والسمك والعنبر والمرجان فقد سبق أنه يزكى زكاة عروض التجارة
فقه زكاة الركاز
– الركاز كل ما يدفن في الأرض من الكنوز
– ولا يشترط لزكاته حول ولا نصاب
– والقدر الواجب إخراجه الخمس (20%) باتفاق الفقهاء لحديث (وفي الركاز الخمس) أخرجه الجماعة