ابحث عن خمسة اخلاق اسلامية وقدم تقرير لمعلمك وباقي الصفحة البحوث ممكن
بس اريده اليوم ضروري
بس اريده اليوم ضروري
التعريف : لغة :
قال في اللسان : الخُلُقُ، بضم اللام وسكونها: وهو الدِّين والطبْع والسجية، وحقيقته أَنه لِصورة الإِنسان الباطنة وهي نفْسه وأَوصافها ومعانيها المختصةُ بِها بمنزلة الخَلْق لصورته الظاهرة وأَوصافها ومعانيها، ولهما أَوصاف حسَنة وقبيحة، والثوابُ والعقاب يتعلّقان بأَوصاف الصورة الباطنة أَكثر مما يتعلقان بأَوصاف الصورة الظاهرة
قال القرطبي: وحقيقة الخلق في اللغة هو ما يأخذ به الإنسان نفسه من الأدب يسمى خلقا؛ لأنه يصير كالخلقة فيه. وأما ما طبع عليه من الأدب فهو الخِيم (بالكسر): السجية والطبيعة، لا واحد له من لفظه. وخيم: اسم جبل. فيكون الخلق الطبع المتكلف. والخيم الطبع الغريزي. وقد أوضح الأعشى ذلك في شعره فقال:
وإذا ذو الفضول ضن على المولى وعادت لخيمها الأخلاق
أي رجعت الأخلاق إلى طبائعها.
اصطلاحاً :
قال الماوردي ( ت450هـ) : الأخلاق غرائز كامنة ، تظهر بالاختيار ، وتقهر بالاضطرار .
قال ابن مسكويه (ت421هـ) : هي حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية .
قال في التعريفات : الخُلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية فإذا كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة عقلاً وشرعاً بسهولة سمَّيت الهيئة : خلقاً حسناً ، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سميت الهيئة : خلقاً سيئاً .
وإنما قلنا : إنه هيئة راسخة ، لأن من يصدر منه بذل المال على النذور بحالة عارضة لا يقال : خلقه السخاء ، مالم يثبت ذلك في نفسه ، وكذلك من تكلف السكوت عند الغضب بجهد أو رويّة لا يقال : خلقه الحلم .
وليس الخلق عبارة عن الفعل ، فرب شخص خلقه السخاء ، ولا يبذل إما لفقد المال أو لمانع ، وربما يكون خلقه البخل وهو يبذل لباعث أو رياء ! .
قال عبدالرحمن الميداني الخلق صفة مستقرة في النفس فطرية أو مكتسبة ذات آثار في السلوك محمودة أو مذمومة )
قال ابن عاشور: فإذا أطلق عن التقييد نصرف إلى الخلق الحسن، كما قال الحريري في المقامة التاسعة: (وخلقي نعم العون، وبيني وبين جاراتي بون ) . أي في حسن الخلق.
تعريف علم الأخلاق: قال في كشف الظنون: وهو علم بالفضائل وكيفية اقتنائها لتتحلى النفس بها وبالرذائل وكيفية توقيها لتتخلى عنها فموضوعه الأخلاق والملكات والنفيس الناطقة من حيث الاتصاف بها.
هل الأخلاق قابلة للتغيير ؟
قال بعضهم: إن فائدة هذا العلم إنما تتحقق إذا كانت الأخلاق قابلة لتبديل والتغير والظاهر خلافه ؛
1- كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: (الناسُ معادِنُ ، خِيارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهم في الإسلام ، إذا فَقُهُوا ) .
2- وروى عنه عليه الصلاة والسلام أيضاإذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصد قوه وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوه فإنه سيعود إلى ما جبل عليه) [في الطبراني عن ميمونة وهو ضعيف كما قال الألباني في ص.ج.]
3- وقوله عز وجل: (الا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه) .
4- وأيضا الأخلاق تابعة للمزاج والمزاج غير قابل للتبديل بحيث يخرج عن عرضه .
5- وأيضا السيرة تقابل الصورة وهي لا تتغير .
يقول حاجي خليفة:إن الخلق ملكة يصدر بها عن النفس أفعال بسهولة من غير فكر وروية والملكة كيفية راسخة في النفس لا تزول بسرعة وهي قسمان : أحدهما طبيعية والآخر عادية إما الأول فهي إن يكون مزاج الشخص في أصل الفطرة مستعد لكيفية خاصة كامنة بحيث يتكيف بها بأدنى سبب وإما العادية فهي أن يزاول في الابتداء فعلا باختياره وبتكرره والتمرن عليه تصير ملكة حتى يصدر عنه الفعل بسهولة من غير روية ففائدة هذا العلم :
بالقياس إلى الأولى : إبراز ما كان كامنا في النفس وبالقياس إلى الثانية: تحصيلها والى هذا يشير إلى ما روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) . يقول الغزالي : ( لو كانت الأخلاق لا تقبل التغير لبطلت الوصايا والمواعظ والتأديبات ولما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( حسنوا أخلاقكم ) وكيف ينكر هذا في حق الآدمي وتغيير الخلق ممكن في الحيوان إذ ممكن أن ينتقل الحيوان المتوحش إلى مستأنس والفرس من الجماح إلى السلاسة والانقياد وكل ذلك تغيير للأخلاق فكذلك الغضب والشهوة لو أردنا قمعها وقهرها بالكلية حتى لا يبقى لهما أثر لم نقدر عليه أصلاً ولو أردنا سلاستهما وقودهما بالرياضة والمجاهدة قدرنا عليه ) .
نشأة علم الأخلاق والمصنفات فيه :
ظهرت الاهتمامات المبكرة بالفكر الأخلاقي منذ عهد الصحابة – رضوان الله عليهم – والتابعين – رحمهم الله تعالى – في شكل وصايا ونصائح، أو في شكل تفسير الآيات المتعلقة بالأخلاق في القرآن الكريم .
وفي القرن الثاني الهجري بدأت الأعمال العلمية المنظمة في مجال العلوم الفقهية التي تضمنت إشارات واضحة إلى المجال الأخلاقي، وقد تمثلت هذه الجهود في أعمال المجتهدين الكبار من أمثال الإمام أبي حنيفة النعمان (ت 150هـ) ، والإمام مالك بن أنس (ت 179) ، والإمام الشافعي (ت 204هـ) ، والإمام أحمد بن حنبل (ت 241) ، وقد كان هؤلاء بذواتهم قدوة ، وكان ما توصلوا إليه من أحكام شكلاً من أشكال الحكم الذي ينظم حياة الناس طبقاً لاجتهادات شرعية على كافة مستويات الحياة من فردية وأسرية واجتماعية ، وقد كانت اجتهادات هؤلاء الأئمة مصابيح أضاءت الطريق في المجتمع الإسلامي في إطار معياري أخلاقي سليم .
وفي القرن الثالث الهجري ظهرت بواكير الأعمال العلمية التي خصصها مؤلفوها للحديث عن موضوعات أخلاقية ، وهنا يبرز ((الجاحظ)) كرائد من رواد التأليف في هذا المجال ، ومن مؤلفاته البارزة ((تهذيب الأخلاق )) ..
ورسالة في كتمان السر وحفظ اللسان ، ورسالة في النبل والتنبل وذم الكبر ، ورسالة في المودة والخلطة وأخرى في الجد والهزل ، هذا بالإضافة إلى ما تضمنته كتاباته الأخرى مثل ((البيان والتبيين))و((البخلاء)) و((الحيوان )) إذ تضمنت العديد من الوصايا الخلقية التي برزت في شكل أدبي جذاب .
وفي نفس الفترة (تقريباً) ظهرت الموسوعات الأدبية والتاريخية التي ضمنها مؤلفوها أبواب في الأخلاق ،من ذلك ما كتبه ابن قتيبة(ت 276هـ) عن الطبائع والأخلاق في موسوعة ((عيون الأخبار))،وقد تتابع تأليف هذه الموسوعات في القرون التالية .
المنهج الفلسفي أو المدرسة العقلية الفلسفية :
لقد بدأ بزوغ هذه المدرسة في الفكر الفلسفي عامة والأخلاقي خاصة منذ منتصف القرن الثالث الهجري ، وقد كانت إسهامات هؤلاء ذات قيمة عالية في المجال الأخلاقي وكان دورهم واضحاً في أمرين :
الأول : أنهم استوعبوا الثقافة اليونانية وعدلوا فيها وأضافوا إليها كثيراً من الفكر الأخلاقي عند المسلمين .
الثاني : أنهم حفظوا هذه الثقافة من الضياع ثم أعطوها للعالم مرة أخرى بعد تجريدها من النزعات الوثنية اليونانية ، ويذكر في هذا الإطار : – يعقوب بن إسحاق الكندي (ت260هـ )، وله في الأخلاق ((القول في النفس)).
– أبو بكر الرازي (ت 313هـ) وله في المجال الأخلاقي كتاب ((الفقراء والمساكين)).
– الحكيم الترمذي (ت320هـ) وكان عالماً بالحديث وأصول الفقه ،ومن مؤلفاته في الأخلاق ((كتاب الذوق)) ويتضمن الفرق بين المداراة والمداهنة ، والمحاجة والمجادلة والانتصار والانتقام ، وله أيضاً ((الرياضة وأدب النفس)) وكتاب المناهي، وغيرها.
– أبو نصر الفارابي (ت339هـ)(محمد بن أحمد) ويعرف بالمعلم الثاني ، ومن مؤلفاته في الأخلاق ((آراء أهل المدينة الفاضلة )) ،((والآداب الملوكية )).
– ابن مسكويه (ت421هـ) ومن أشهر مؤلفاته في الأخلاق ،كتاب ((تهذيب الأخلاق )) في التربية .
– ابن سينا (ت428هـ) ومن مصنفاته في الأخلاق ((رسالة في الحكمة))، ((كتاب الطير)) في الفلسفة ،((أسرار الصلاة))، ((الإنصاف)) في الحكمة .
– ابن باجة الأندلسي (ت533هـ) المعروف بابن الصائغ ، وقد شرح كتب أرسطو، وله كتب عديدة منها : ((اتصال العقل )) ((كتاب النفس)).
– ابن الطفيل (محمد بن عبد الملك )، وهو صاحب قصة ((حي بن يقظان)) وله في المجال الأخلاقي رسالة ((في النفس)).
– ابن رشد (ت595هـ) ومن كتبه في الأخلاق: ((فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال))، وقد ترجمت كتبه إلى اللاتينية والعبرية والإسبانية .
إن هؤلاء جميعاً وإن تأثروا بالفلسفة اليونانية ، إلا أنهم لم يقتصروا عليها، وإنما أضافوا إليها ونقوها من شوائبها ، ثم أخذها عنهم الأوروبيون منذ مستهل عصر نهضتهم.
المدرسة الإسلامية الخالصة:
يقصد في المدرسة الإسلامية الخالصة في المجال الأخلاقي ما أبدعته عقلية الفقهاء والمحدثين والزهاد في مجال التربية والسلوك اللذان يستمدان أصولهما من قواعد الشريعة الإسلامية ويستلهمان مبادئها من الكتاب والسنة وغيرهما من المصادر الإسلامية الخالصة مثل الإجماع والقياس ، وهذه المؤلفات وإن لم تغرق في المباحث النظرية المجردة إلا أنها أسهمت بنصيب وافر في مجال السلوكيات والأخلاق العلمية ، وسنعرض –بإيجاز- لأهم علماء هذه المدرسة وأبرز مؤلفاتهم في المجال الأخلاقي.
1- ابن المبارك (ت181هـ) وله كتاب الزهد، وهو كتاب مليء بالتوجيهات الخلقية ، وأدلتها من القرآن والسنة وأقوال التابعين خاصة الزهاد منهم .
2- وكيع بن الجراح (ت197هـ)، وله أيضاً كتاب ((الزهد)) وقد رتبه على الأبواب ، وضمنه أحاديث الهد والرقائق والأدب والأخلاق .
3- الإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ) وله كتابا: ((الزهد))و((الورع)) وقد سلك فيه مسلك ابن المبارك .
4- هنَّاد بن السَّرِي (ت243هـ) وله أيضاً كتاب الزهد وقد تلمذ على الإمام وكيع بن الجراح وتأثر به .
وقد تناولت هذه المصنفات في ((الزهد)) الحث على مكارم الأخلاق والزهد في الدنيا والتطلع إلى ثواب الله في الآخرة ،ومادتها تتكون من القرآن الكريم والحديث الشريف وآثار السلف الصالح .
5- أبو عبد الله المحاسبي (ت243هـ)، وكانت جهوده في المجال الأخلاقي متنوعة، فكتب في الوصايا، وآداب النفس ، ورسالة المسترشدين والرعاية لحقوق الله ، والتوبة، وقد تضمنت هذه المؤلفات نقودا لاذعة للسلوكيات الشائنة في عصره ، ودعوة للرجوع للكتاب والسنة .
6- الإمام البخاري (ت256هـ)، وهو صاحب الجامع الصحيح (صحيح البخاري)، وله في الأخلاق ((كتاب الأدب المفرد))، تعرض فيه لجميع الأحاديث المتعلقة بالآداب والأخلاق ، ويعد هذا الكتاب من أسبق ما ألفه علماء الحديث في المجال التربوي والأخلاق الإسلامية .
7- ابن أبي الدنيا (ت281هـ) ويعد من أبرز المؤلفين في الأخلاق والتربية الإسلامية ، وقد تبحر أيضاً في علوم الحديث ، ومن أهم مصنفاته في التربية والأخلاق : ((إخلاص))،((الأمر بالمعروف))،((الحذر والشفقة))،((ذكر الموت))،((ذم الغضب))،((الرضا عن الله والصبر على قضائه))،((الغيبة والنميمة))،((القناعة))،((الصمت وآداب اللسان)) وغيرها مما يتضمن الأخلاق ومذمومها، وتمتاز هذه المصنفات بالوحدة الموضوعية ، وجودة الترتيب، ونسبة الآثار والأقوال لأصحابها . مع الاعتناء الكامل بذكر الشواهد من القرآن الكريم والحديث الشريف .
8- الإمام النسائي (ت303هـ)، ويعد كتابه ((عمل اليوم والليلة)) من أهم المساهمات التي قدمها علماء الحديث في الميدان الأخلاقي ،إذا تضمن صفة الذكر في الصباح والمساء ، ثم تناول جزئيات الحياة اليومية من صلاة وصيام وجهاد والضوء ودخول المسجد ، والبيع والشراء ، وعيادة المرضى وغير ذلك مما يتناول تفصيل الحياة اليومية ، الفردية والأسرية والاجتماعية ، والكتاب في الواقع هو معجم للمثل والقيم الإسلامية .
9-أبو بكر الخرائطي (ت327هـ) وأبرز مؤلفاته كتابان: أحدهما ((مكارم الأخلاق ومعاليها)) والثاني ((مساوئ الأخلاق ومذمومها وطرائق مكروهها)) وكما يتضح من عنوان الكتابين أنهما يعنيان بسلوك المسلم إن إيجابا بإتباع الأخلاق الحميدة المأمور بها، وإن سلباً باجتناب الأخلاق المذمومة المنهي عنها .
10- أبو بكر الآجرّي (ت360هـ)، وله في المجال الأخلاقي مصنفات عديدة منها: ((أخلاق حملة القرآن ))و((أخلاق العلماء))،و((أدب النفس))،و((كتاب أهل البر والتقوى))،و((كتاب التوبة ))،و((كتاب التهجد))وغيرها كثير وقد أجمل في هذه الكتب الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها العلماء وحملة القرآن والمسلمين بوجه عام.
11- ابن السني (ت364هـ) وله كتاب ((عمل اليوم والليلة ))ويتضمن (مثل كتاب النسائي) قواعد السلوك الخلقي للمسلم في يومه وليلته، ومن ثم في حياته كلها.
12- أبو طالب المكي(ت386هـ) وفي كتابه ((قوت القلوب)) آداب أخلاقية عديدة كالأخوة والصدقة والمودة والمحبة، كما تناول الأخلاق الأسرية والتوافق العائلي وغيرها ، وقد تأثر المكي بالمحاسبي تأثراً كبيراً ، كما أثر في فكر الغزالي خاصة في ((إحياء علوم الدين)).
13- أبو عبد الله الحليمي (ت403هـ) وقد تناول الأخلاق من منظور شعب الإيمان في كتابه ((المنهاج شعب الإيمان ))ضم سبعة وسبعين باباً، وقد اكتفى بذكر متون الأحاديث الواردة في كل شعبة ، كما ذكر الآثار وكان من دوافعه لتأليف هذا الكتاب ما رآه من اشتغال جمهور الناس عن العلوم بالتبقر(التوسع) في الأهل والمال.
والتهافت في الحلال والحرام والتنافس في رتب الدنيا ، والتغافل عن درج الآخرة)).
14- ابن حزم الأندلسي (ت421هـ)وكتابه ((الأخلاق والسير في مداواة النفوس)) يقدم نموذجاً من التجربة العملية التي تؤكد إمكانية مقاومة الرذائل .
15- أبو زيد الدبوسي (ت430هـ)،ويعد كتبه ((الأمد الأقصى)) من أهم الكتب في المجال الأخلاقي حيث تناول العلل النفسية والقلبية التي تحبط الأعمال ، كالرياء والعجب ونحوهما.
16- أبو الحسن الماوردي (ت450هـ) وله كتابات مهمة في علم والأخلاق مثل أدب الدنيا والدين ،ونصيحة الملوك ،وتسهيل النظر وتعجيل الظفر ، ويحفل كتابه ((أدب الدنيا والدين))بالمباحث الأخلاقية كالحياء والصدق ، وآداب الكلام والصبر والشورى ، وكتمان السر، والمروءة ، كما تضمنت مباحثه أيضاً الأخلاق المذمومة من نحو الكذب والغيبة والنميمة ،أما الكتب الأخرى فقد تضمنت العلاقة بين الأخلاق وسياسة الناس ، وهذا مبحث فريد مميز في فكر الماوردي.
17- البيهقي (ت458هـ) وله((شعب الإيمان)) وقد تحرى فيه ذكر الأحاديث بأسانيدها وأشار إلى درجة صحتها، وقد عقب على أحاديث كل شعبة بانطباعاته العقدية وآراءه الفقهية ،وبلغت مروياته من الأحاديث والآثار11269 حديثاً وأثراً،ويعد كتبه من الكتب الجامعة في مجال الأخلاق.
18- الراغب الأصفهاني (ت502هـ)، وله مؤلفات عديدة في موضوع الأخلاق منها: ((تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين))، و((الذريعة إلى مكارم الشريعة))وقد تضمن كتابه ((محاضرات الأدباء))مباحث أخلاقية عديدة ، وقد أولى الجانب النظري للأخلاق اهتماماً كبيراً ، وكان فكره إسلامياً خالصاً.
19- أبو حامد الغزالي (ت505هـ) ويعد من أشهر من تحدث عن الأخلاق في التراث العربي نظراً لشهرة كتابه الموسوعي ((إحياء علوم الدين)) ، وله في المجال الأخلاقي أيضاً ((ميزان العمل))، ويجمع فطره الأخلاقي أطراف وخيوط مذاهب أخلاقية عديدة ،وقد أختلف الناس في تقييم آرائه اختلافاً كبيراً.
20- ابن الجوزي (ت596هـ)، ومن مؤلفاته في هذا المجال ((صفوة الصفوة)) وقد تضمن وصايا أخلاقية عديدة من خلال التراجم التي قدمها، وله أيضاً ((صيد الخاطر)).
21- الحافظ المنذري (ت656هـ)، ويعد كتابه ((الترغيب والترهيب)) من أهم الكتب التي صنفت الشريعة وفقاً للمجالات الأخلاقية ، إن حسنة بالترغيب فيها، وإن سيئة بالترهيب منها.
22- العز بن عبد السلام (ت660هـ)، وله في الأخلاق كتابه القيم ((شجرة المعارف والأصول)) الذي يحتوي على عشرين باباً، يستهدف منها إلى إصلاح القلوب لأنها منبع كل أحساس.
23- الإمام النووي (ت676هـ)، وكتابه ((رياض الصالحين)) تضمن أبواباً في الأخلاق من خلال الآيات والأحاديث التي استشهد بها.
24- ابن تيمية(ت728هـ)، وتتمثل أهم جهوده في ميدان التربية والأخلاق في ((مجموعة الفتاوى)) وقد استخرج بعض الباحثين ما كتبه شيخ الإسلام عن الأخلاق، كما أستطاع باحث آخر أن يستخلص أسس النظرية الأخلاقية عند ابن تيمية، فتحدث عن وهبية الأخلاق وكسبيتها ، ومصدر الإلزام الخلقي ، وغيرها من مباحث توضح الفكر الأخلاقي عنده.
25- الذهبي (ت748هـ)، ويعد كتابه عن ((الكبائر)) متعلقاً بالجانب السلبي الأخلاقي ،حيث أوضح الأخلاق المذمومة التي تعد من كبائر الذنوب وذكر من الآيات والأحاديث ما يدل على غلظ العقوبة فيها.
26- ابن قيم الجوزية (ت751هـ) وله إسهامات عديدة في مجال الأخلاق نذكر منها: الفوائد ، ومدارج السالكين ، وعِدَة الصابرين وذخيرة الشاكرين، وأعلام الموقعين، والداء والدواء ، وإغاثة اللهفان،وقد تناول في هذه الكتب أسس علم الأخلاق.
27- ابن مفلح (ت763هـ)، وقد طرح فكره الخلقي من خلال كتابه المشهور ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)) وفيه الكثير عن الفضائل الخلقية التي يجب أن يتحلى بها المسلم.
28- ابن حجر الهيتمي المكي (ت974هـ)ويمثل كتابه ((الزواجر عن اقتراب الكبائر)) جهداً لا غنى عنه في توضيح كبائر الذنوب التي ينبغي أن يبتعد عنها كل مسلم.
29- السفاريني الحنبلي (ت1188هـ)، وله في مجال الأخلاق كتاب غذاء الألباب ، وهو شرح لمنظومة الآداب لابن عبد القوي ( ت630 هـ)، وقد تضمن الحديث عن حسن الخلق إجمالاً ، ومكارم الأخلاق تفصيلاً ، مثل : البر وحسن الظن ، ونحو ذلك ، وتناول أيضاً مذموم الأخلاق مثل الغيبة وآفات اللسان ، والفحش ونحو ذلك ، وقد تناول الحكم الفقهي لمعظم ما تناوله من الفضائل والرذائل .
مراجع في الموضوع :
• الأخلاق والقيم التربوية في الإسلام أ.د. علي خليل أبو العينين .
• معالم في السلوك وتزكية النفوس د. عبد العزيز آل عبد اللطيف .
• الأخلاق في الإسلام ( النظرية والتطبيق) د. إيمان عبد المؤمن سعد الدين .
• الأخلاق بين المدرستين السلفية والفلسفية ( ابن مسكويه وابن القيم أنموذجاً) د. عبدالله العمرو .
م/ن
بحث , تقرير , موضوع عن الأخلاق الحسنة تربية اسلاميه / دين رابع
بحث , تقرير , موضوع عن الأخلاق الحسنة تربية اسلاميه / دين رابع
أهمية الأدب
قد وردت الأحاديث الكثير في مدح الأدب وتعظيمه وأهميته في حياة الفرد والمجتمع وهو كمال للإنسان كما أنه قيمته وثمنه ومقوم به وهو أحسن سجية له وشرفه بين الناس وخير صديق له في هذه الحياة وبشكل عام فهو من الأمور التي لا يستغني عنها أي إنسان وبغض النظر عن موارده ومصاديقه ومفهومه فقد وردت الروايات التي تؤكد عليه وتدعو إلى التلبس به .
فعن الإمام علي عليه السلام : ( الأدب كمال الرجل ) .
وعنه عليه السلام : ( يا مؤمن ، إن هذا العلم والأدب ثمن نفسك فاجتهد في تعلمهما ، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك ) .
وعنه عليه السلام : ( إنك مقوم بأدبك فزينه بالحلم ) .
و عنه عليه السلام : ( من لم يكن أفضل خلاله أدبه كان أهون أحواله عطبه ) .
وعنه عليه السلام : ( الأدب أحسن سجية ) .
وعنه عليه السلام : ( أفضل الشرف الأدب ) .
عنه عليه السلام : ( حسن الأدب خير موازر وأفضل قرين )[1]
بين الأدب والذهب
وفي مقام الموازنة بين الأدب الذي كان الإنسان بأمس الحاجة إليه وبين الذهب الذي يسعى إليه الإنسان ليلا ونهارا وينفق عمره في سبيل تحصيله .
قال الإمام علي عليه السلام : ( إن الناس إلى صالح الأدب أحوج منهم إلى الفضة والذهب ) .
وعنه عليه السلام : ( طالب الأدب أحزم من طالب الذهب )[2]
بداية لا بد من تفسير الأدب والتعرف على مفهومه لكي نحدد معالم الحديث الذي يدور حوله والأدب ينقسم إلى قسمين :
1- الأدب في القول . 2- الأدب في الفعل .
القسم الأول : الأدب في القول :
من أهم الأمور في الحياة الدنيا وبدونه لا قيمة للإنسان وهو أبين حجة للخصم وأقوى برهانا وأوقع في النفوس من السيوف في ساحات الوغى ، ولسان الأديب أشد وقعا على العدو من الحسام
المهندي ولذلك سأل اللهَ موسى حين بعثه إلى فرعون لإبلاغ رسالته وللإبانة عن حجته والإفصاح عن
أدلته حينما ذكر العقدة على لسانه والحُبْْسة التي كانت في بيانه قال {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي {27} يَفْقَهُوا قَوْلِي {28} / طه . وقد استجاب الله له ذلك ورفع العقدة التي في لسانه كما يستفاد من إطلاق الآية المباركة الآتية { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى {36} / طه
وقال موسى في موضع آخر وأهمية الفصاحة والبلاغة في الكلام وتأثيره على الخصم : { وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ {34} / القصص
وقال أيضا حول أهمية الفصاحة في فلج حجة الخصم {وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي …..{ 13} / الشعراء . فموسى يتصور على أن الفصاحة في اللسان والبلاغة في البيان لهما الدور الكبير في الدعوة إلى الله ونجاحها.
وهكذا يذكر الله نعمة البيان على الإنسان بقوله { الرَّحْمَنُ {1} عَلَّمَ الْقُرْآنَ {2} خَلَقَ الْإِنسَانَ {3} عَلَّمَهُ الْبَيَانَ {4} / الرحمن
وقال أمير المؤمنين : ( المرء مخبوء تحت لسانه ) .
وقال : ( قيمة كل امرئ ما يحسنه ) .
وعن الإمام علي عليه السلام : ( إذا فاتك الأدب فالزم الصمت ) .
وعنه عليه السلام : ( لا أدب لسيئ النطق ) .
وقال حميد بن ثور الهلالي :
أتانا ولم يعدله سحبان وائل بيانا وعلما بالذي هو قائل
فما زال عنه اللقم حتى كأنه من العِيَّ لمّا أن تكلم باقل [3]
وقد تباهى العرب وتفاخروا بفصاحتهم وبلاغتهم وقد اعترف القرآن لهم ببلاغة النطق وحدة الألسنة واللدد عند الخصومة { وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } / المنافقون { فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ } / الأحزاب {وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا {97} / مريم { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} / البقرة . وهذه هي تجارتهم
الرابحة والمفخرة التي يتباهون بها بينهم وقيمة الإنسان عندهم على مقدار ما يحسن من كلام في الفصاحة والبلاغة ودليل يدل به .
ونزل القرآن الكريم كمعجزة خالدة في الفصاحة والبلاغة والأدب حتى أفلج حجتهم ورد أدلتهـم .
القسم الثاني : الأدب في الفعل :
تفسير الأدب :
جاء عن الإمام علي عليه السلام أنه قال : ( كفاك أدبا لنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك ) .
وعلى هذا فإن الأدب الفعلي هو الاجتناب عن ما لا تحب أن يصدر من غيرك .
قال السيد الطباطبائي :
الأدب : هو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يقع عليه الفعل المشروع إما في الدين أو عند العقلاء في مجتمعهم كآداب الدعاء وآداب ملاقاة الأصدقاء .
وإن شئت فقل الأدب هو: ظرافة العمل ولطافته .
ولا يكون إلا في الأمور المشروعة غير الممنوعة فلا أدب في الظلم والخيانة والكذب ولا أدب في الأعمال الشنيعة والقبيحة ، ولا يتحقق أيضا إلا في الأفعال الاختيارية التي لها
هيئات مختلفة فوق الواحدة حتى يكون بعضها متلبسا بالأدب دون بعض كأدب الأكل مثلا في الإسلام ، وهو أن يبدأ فيه بالبسملة – باسم الله – ويختم بحمد الله ويؤكل دون الشبع وأن لا ينظر للآخرين إلى غير ذلك من الآداب والسنن .
الأدب الموافقة لغرض الحياة :
وإذا كان الأدب هو الهيئة الحسنة في الأفعال الاختيارية والحسن وإن كان بحسب أصل معناه وهو الموافقة لغرض الحياة مما لا يختلف فيه أنظار المجتمعات لكنه بحسب مصاديقه مما يقع فيه أشد الخلاف ، وبحسب اختلاف الأقوام والأمم والأديان والمذاهب وحتى المجتمعات الصغيرة المنزلية وغيرها في تشخيص الحسن والقبح يقع الاختلاف بينهم في آداب الأفعال .
فربما كان عند قوم من الآداب مالا يعرفه آخرون ، وربما كان بعض الآداب المستحسنة عند قوم شنيعة مذمومة عند آخرين كتحية أول اللقاء فإنه في الإسلام بالتسليم تحية من عند الله مباركة طيبة ، وعند قوم برفع القلانس ، و عند بعض برفع اليد حيال الرأس ، وعند آخرين بسجدة أو ركوع
أو انحناء بطأطأة الرأس ، وكما أن في آداب ملاقاة النساء عند الغربيين أمورا يستشنعها الإسلام ويذمها ، إلى غير ذلك . غير أن هذه الاختلافات جميعا إنما نشأت في مرحلة تشخيص المصداق وأما أصل
معنى الأدب ، وهو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يكون عليها الفعل فهو مما أطبق عليه العقلاء من الإنسان وأطبقوا أيضا على تحسينه فلا يختلف فيه
الأدب مرآة المجتمع
الأدب هو المرآة الصافية في المجتمع فإذا ما أردت أن تتعرف على أي مجتمع من المجتمعات ومقدار ثقافته ومعرفته ونبله وانحطاطه وتخلفه فعليك بالنظر في أدبه فسوف يكشف أدبه كل خصائصه سلبا أو إيجابا .
قال لقمان عليه السلام : ( من عنى بالأدب اهتم به ومن اهتم به تكلف علمه ، ومن تكلف علمه اشتد له طلبه ، ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته ، فاتخذه عادة ، فإنك تخلف في سلفك وتنفع به من خلفك ) .
وعن الإمام علي عليه السلام : ( خير ما ورث الآباء الأبناء الأدب ) .
فيبقى الأدب ميراثا للأجيال يتوارثونه جيلا بعد جيل ويكشف عن أخلاقهم وعن صفاتهم الحميدة ومع عدمه عدمها .
قال السيد الطباطبائي : لما كان الحسن من مقومات معنى الأدب ، وكان مختلفا بحسب المقاصد الخاصة في المجتمعات المختلفة أنتج ذلك ضرورة اختلاف الآداب الاجتماعية الإنسانية فالأدب في كل مجتمع كالمرآة يحاكى خصوصيات أخلاق ذلك المجتمع العامة التي رتبها فيهم مقاصدهم في الحياة ، وركزتها في نفوسهم عوامل اجتماعهم وعوامل مختلفة أخر طبيعية أو اتفاقية [5] .
الأدب والأخلاق
يوجد هناك فرق بين الأدب والأخلاق فإن الأخلاق هي الملكة الراسخة في نفس الإنسان بينما الأدب هو اللباس الحسن لأعمال الإنسان .
وكما يوجد فرق بينهما كذلك يوجد التقاء بينهما فالأدب سبب من أسباب الأخلاق الحسنة كما عن الإمام علي عليه السلام : ( سبب تزكية الأخلاق حسن الأدب )[6]
قال السيد الطباطبائي : وليست الآداب هي الأخلاق لما أن الأخلاق هي الملكات الراسخة الروحية التي تتلبس بها النفوس ، ولكن الآداب هيئات حسنة مختلفة تتلبس بها الأعمال الصادرة عن الإنسان عن صفات مختلفة نفسية ، وبين الأمرين بون بعيد .
فالآداب من منشئات الأخلاق والأخلاق من مقتضيات الاجتماع بخصوصه بحسب غايته الخاصة فالغاية المطلوبة للإنسان في حياته هي التي تشخص أدبه في أعماله ، وترسم لنفسه خطا لا يتعداه إذا أتى بعمل في مسير حياته والتقرب من غايته .
الأنبياء والأدب الإلهي
وإذ كان الأدب يتبع في خصوصيته الغاية المطلوبة في الحياة فالأدب الإلهي الذي أدب الله سبحانه به أنبياءه ورسله عليهم السلام هو الهيئة الحسنة في الأعمال الدينية التي تحاكي غرض الدين وغايته ، وهو العبودية على اختلاف الأديان الحقة بحسب كثرة موادها وقلتها وبحسب مراتبها في الكمال والرقي .
والإسلام لما كان من شأنه التعرض لجميع جهات الحياة الإنسانية بحيث لا يشذ عنه شئ من شؤونها يسير أو خطير دقيق أو جليل فلذلك وسع الحياة أدبا ، ورسم في كل عمل هيئة حسنة تحاكي غايته .
وليس له غاية عامة إلا توحيد الله سبحانه في مرحلتي الاعتقاد والعمل جميعا أي أن يعتقد الإنسان أن له إلها هو الذي منه بدئ كل شئ و إليه يعود كل شئ ، له الأسماء الحسنى والأمثال العليا ، ثم يجرى في الحياة و يعيش بأعمال تحاكي بنفسها عبوديته وعبودية كل شئ عنده لله الحق عز اسمه ، و بذلك يسرى التوحيد في باطنه وظاهره ، وتظهر العبودية المحضة من أقواله و أفعاله وسائر جهات وجوده ظهورا لا ستر عليه ولا حجاب يغطيه .
فالأدب الإلهي – أو أدب النبوة – هي هيئة التوحيد في الفعل .[7]
شواهد من أدب الأنبياء
لا شك أن الأنبياء وعلى رأسهم وخاتمهم وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وآله بلغوا أعلى درجات الأدب مع الله سبحانه وقد عرض القرآن الكريم أمثلة رائعة في أدبهم مع الله سبحانه في
القول والعمل مما بقي على مر الدهور والأزمان إلى يومنا هذا وتمثل ذلك في عباداتهم وأدعيتهم وأسئلتهم مع الله .
الإقتداء بهدي الأنبياء :
قال الله تعالى بعد ذكر قصة إبراهيم في التوحيد مع قومه :
{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ {83} وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ
وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {84} وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ {85} وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ {86} وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {87} ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِه
يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {88} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ {89} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ {90} / الأنعام
يذكر تعالى أنبيائه الكرام عليهم السلام ذكرا جامعا ثم يذكر أنه أكرمهم بالهداية الإلهية وهى الهداية إلى التوحيد فحسب والدليل عليه قوله :
{ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم } ، فلم يذكر منافيا لما حباهم به من الهداية إلا الشرك فلم يهدهم إلا إلى التوحيد .
غير أن التوحيد حكمه سار إلى أعمالهم متمكن فيها ، والدليل عليه قوله : { لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فلولا أن الشرك جار في الأعمال متسرب فيها لم يستوجب حبطها فالتوحيد المنافي له كذلك .
ومعنى سراية التوحيد في الأعمال كون صورها تمثل التوحيد وتحاكيه محاكاة المرآة لمرئيها بحيث لو فرض أن التوحيد تصور لكان هو تلك الأعمال بعينها ، ولو أن تلك الأعمال تجردت اعتقادا محضا لكانت هي هو بعينه .
وهذا المعنى كثير المصداق في الصفات الروحية فإنك ترى أعمال المتكبر يمثل ما في نفسه من صفة الكبر والخيلاء ، وكذلك البائس المسكين يحاكى جميع حركاته وسكناته ما في سره من الذلة
والاستكانة وهكذا . ثم ادب تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فأمره أن يقتدى بهداية من سبقه من الانبياء عليهم السلام لا بهم ، والاقتداء إنما يكون في العمل دون الاعتقاد فإنه غير اختياري بحسب نفسه أي أن يختار أعمالهم الصالحة المبنية على التوحيد الصادرة عنهم عن تأديب عملي إلهي [8].
التأديب العملي :
ونعنى بهذا التأديب العملي ما يشير إليه قوله تعالى :
{وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ {73} / الأنبياء
الوحي هنا ليس وحي النبوة وإنما هو وحي تسديد وتأييد وهذا نحو من التأديب من قبل الله سبحانه للأنبياء والرسل والأولياء .
وحي التسديد:
ومعنى وحي التسديد أن يخص الله عبدا من عباده بروح قدسي يسدده في أعمال الخير والتحرز عن السيئة كما يسددنا الروح الإنساني في التفكر في الخير والشر ، والروح الحيواني في اختيار ما نشتهيه من الجذب والدفع بالإرادة .
التأديب لرسوله :
بقوله : { فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } تأديب إلهى إجمالي له صلى الله عليه وآله وسلم بأدب التوحيد المنبسط على أعمال الأنبياء عليهم السلام المنزهة من الشرك .
أدب إبراهيم عليه السلام مع الله
إبراهيم عليه السلام لما قال : { الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ {78} وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
{79} / الشعراء .لم يقل : والذي يمرضني ويشفين ، وإنما قال : { وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ {80} فنسب إبراهيم عليه السلام المرض إلى نفسه ، ونسب الهداية والطعام والسقيا والشفاء إلى الله رب العالمين ، مع أن الله هو الذي يمرض ولا شك ، وهو الذي يشفي لكن لم ينسب المرض إلى الله عز وجل أدبا مع الله .
أدب الإمام علي عليه السلام مع الله
علي بن أبي طالب u هو نفس النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بنص آية المباهلة فأدب علي u مع الله سبحانه مثل أدب النبي صلى الله عليه وآله لذلك روي عن الشعبي أنه قال : تكلم أمير المؤمنين عليه السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا ، فقأن عيون البلاغة وأيتمن جواهر الحكمة ، وقطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منها في المناجاة ، وثلاث منها في الحكمة ، وثلاث منها في الأدب .
فأما اللاتي في المناجاة فقال : ( إلهي ، كفى بي عزا أن أكون لك عبدا ، وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا ، أنت كما احب فاجعلني كما تحب ) .
وأما اللاتي في الحكمة فقال : ( قيمة كل امرئ ما يحسنه ، وما هلك امرؤ عرف قدره ، والمرء مخبوء تحت لسانه ) .
واللاتي في الأدب فقال : ( امنن على من شئت تكن أميره ، واحتج إلى من شئت تكن أسيره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره ) فقوله: ( إلهي ، كفى بي عزا أن أكون لك عبدا ) هذه الكلمة في غاية العظمة والتأدب مع الله سبحانه ويربط عزه بالله وحده ويتعزز بعز الله وأن من لم يرتبط بالله بذل
العبودية فليس بعزيز فذل العبودية جوهرة كنهها عز الربوبية فإذا بلغ العبد أعلى درجات العبودية انكشف له عظمة الروبية كما قال وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا ،
أنت كما احب فاجعلني كما تحب ) إنه أدب مع الله لا يدانيه أدب إلا ما كان من ابن عمه ومعلمه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله .
إن المناجات الشعبانية المروية عن أمير المؤمنين وكان يقرؤها في شعبان وكذلك مروية عن أولاده المعصومين عليهم السلام كذلك هي الأخرى تعرض أدب أهل البيت عامة وأدب أمير المؤمنين مع الله خاصة وهي حالة الخضوع والخشوع والتذلل والمسكنة والضعف مع الله ولا يروا لأنفسهم حولا ولا قوة إلا بالله . وأن كل ما لديهم من نعم مادية أو معنوية تكوينية أو تشريعية فهي من الله سبحانه وحده .
( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اسْمَعْ دُعَائِي إِذَا دَعَوْتُكَ وَ اسْمَعْ نِدَائِي إِذَا نَادَيْتُكَ وَ أَقْبِلْ عَلَيَّ إِذَا نَاجَيْتُكَ فَقَدْ هَرَبْتُ إِلَيْكَ وَ وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْكَ مُسْتَكِينا لَكَ مُتَضَرِّعا إِلَيْكَ رَاجِيا لِمَا
لَدَيْكَ ثَوَابِي وَ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَ تَخْبُرُ حَاجَتِي وَ تَعْرِفُ ضَمِيرِي وَ لا يَخْفَى عَلَيْكَ أَمْرُ مُنْقَلَبِي وَ مَثْوَايَ وَ مَا أُرِيدُ أَنْ أُبْدِئَ بِهِ مِنْ مَنْطِقِي وَ أَتَفَوَّهَ بِهِ مِنْ طَلِبَتِي وَ أَرْجُوهُ لِعَاقِبَتِي وَ قَدْ جَرَتْ مَقَادِيرُكَ عَلَيَّ يَا سَيِّدِي فِيمَا يَكُونُ مِِّي إِلَى آخِرِ عُمْرِي مِنْ سَرِيرَتِي وَ عَلانِيَتِي وَ بِيَدِكَ لا بِيَدِ غَيْرِكَ زِيَادَتِي وَ نَقْصِي وَ نَفْعِي وَ ضَرِّي ) إن هذا المقطع من هذه المناجاة العظيمة فيه عدة أبحاث ومطالب جليلة لا يمكن لنا في هذه العجالة من التعرض لها والبحث فيها وإنما أشير إلى شيء بسيط منها .
1- ابتدأ بالصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وعلى آل محمد . وهي من أسباب الخير والبركات وقبول الدعاء وتطيب الأفواه وتزكي الأعمال وتطهر القلوب وترفع الأعمال وقد ورد في فضلها الأحاديث الكثيرة .
2- اللجوء إلى الله والانقطاع إليه : وهذا من أبرز صفات العبد المقر بعبوديته لله .
3- الاعتراف بذل العبودية : وهذا من الأدب مع الله .
4- رجاء الثواب : وهو من الأدب حيث الاعتراف بالفقر إلى الله وأن الله هو الغني
5- الاعتراف من أن الله هو الذي يعرف ويعلم الغيب .
6- الاعتراف من أن القضاء والقدر جار على الإنسان شاء أم أبى .
7- الاعتراف من أن الأمور كلها بيد الله لا بيد غيره .
.~. صنع يدي.~.
تجدونهـا في المرفقـات