هذي موضوع عن ( التعـــــريه ) ..
التعرية :
التعرية عملية طبيعية تتحرر وتتفكك فيها التربة والصخور من سطح الأرض في منطقة معينة وتنتقل إلى منطقة أخرى. وتعمل التعرية على تشكيل وتغيير معالم الأرض بتفتيت الجبال وردم الأودية وجعل الأنهار تظهر أو تختفي. وهي عادة عملية بطيئة وتدريجية تحدث على مدى آلاف أو ملايين السنين. ولكن معدل التعرية يمكن أن يزيد بفعل الأنشطة مثل التعدين.
كيف تحدث التعرية :
تبدأ التعرية بعملية التجوية، وفيها تعمل عوامل بيئيَّة متعددة على تفتيت الصخور والتربة إلى أجزاء أصغر بحيث تحررها من سطح التربة. ويعد تكوُّن الجليد واحدًا من أهم أسباب التجوية. فحين تتجمد المياه فإنها تأخذ حيزًا أكبر في شقوق الصخور ويصبح بإمكانها تفتيت الصخور إلى أجزاء. ومن الأسباب الأخرى للتجوية: العوامل الكيميائية والكائنات الحية، وحركة الهواء أو الجليد والماء والحرارة المنبعثة من الشمس. ثم تنتقل المواد إلى مناطق أخرى بعد أن تتحرر بالتجوية. فعلى سبيل المثال، ترفع الرياح الجسيمات عن سطح الأرض وتنقلها إلى مسافات شاسعة. وكذلك تنقل المثالج المواد الموجودة فيها. وتنقل قطرات المطر المتساقطة على الأرض المنحدرة الجسيمات إلى الأراضي المنخفضة. ويحمل مجرى المياه المواد إلى مجرى النهر أو إلى البحر.
آثار التعرية:
يمكن أن تكون التعرية إيجابية أو سلبية. فهي تساعد الناس على الإسهام في تشكيل التربة الناجمة عن تفتت الصخور. كما تشكل تربة خصبة تترسب في الأودية ومَصَبَّات الأنهار. وقد كونت التعرية بعض التشكيلات الجيولوجية الرائعة. فالوادي العظيم (الجراند كانيون) في الولايات المتحدة ـ على سبيل المثال ـ تشكل على مدى ملايين السنين بوساطة التعرية من نهر كولورادو
أما أبرز الآثار السلبية للتعرية، فسلبها للتربة السطحية الغنية في الأراضي الزراعية. ولهذا تُعَدُّ أحد الأخطار التي تهدد مصادر الغذاء. ويمكن أن تؤدي التعرية إلى غسل الأسمدة من الأراضي الزراعية ونقل المواد الكيميائية التي تسبب التلوث في البحيرات والأنهار. وقد تسد التربة المعراة قنوات الري والبرك والخزانات. وقد تتسَّبب الأخاديد الناشئة عن جريان المياه في تدمير الحقول بجعلها صغيرة جدًا لزراعتها بالجرارات والمعدات الأخرى الحديثة.
التحكم في التعرية :
رغم أن التعرية عملية طبيعية إلا أن الناس يمكن أن يؤثروا في ازديادها. تزيد تعرية التربة، على سبيل المثال، حين تنظف الأراضي وتحرث، لأن الأشجار وبعض النباتات تحمي التربة من الرياح والأمطار.
وتعمل جذور هذه النباتات وبقايا النباتات السابقة على تثبيت التربة في مكانها. وهكذا يمكن للمزارعين الحد من تجريف التربة، وذلك بإبقاء الحقول التي كانت قد زرعت بمثل هذه النباتات الكثيفة النمو في مكانها مثل العشب أو الفصفصة. كما أن هناك العديد من المزارعين الذين عملوا على تقليل نسبة تجريف التربة، وذلك عن طريق استعمال أسلوب معين في صيانة التربة، يتم فيه إبقاء المخلفات السابقة على سطح التربة. وهناك أساليب أخرى لحفظ التربة من الانجراف، من ضمنها الحرث الكونتوري، والزراعة الشريطية، وعمل المصطبات .
التــــربة :
التربة ثروة طبيعية مهمة تغطي الكثير من سطح الأرض. تعتمد الحياة في الأرض على التربة بوصفها مصدرًا مباشرًا، أو غير مباشر للطعام. فالنباتات مثلاً متجذرة في التربة، وتحصل منها على المغذيات (المواد المغذية)، والحيوانات تحصل كذلك على المواد المغذية من النباتات، أو من الحيوانات التي تأكل النباتات. تسبب ميكروبات معينة في التربة تحَلّل العضويات الميتة التي تساعد على إعادة المواد المغذية للتربة. وبالإضافة لذلك فإن العديد من الحيوانات يجد الحماية في التربة.
تحوي التربة المعادن والمواد العضوية والنباتية والحيوانية الأخرى وكذلك الهواء والماء. وتتغير محتويات التربة بانتظام. هناك العديد من أنواع التربة، ولكلّ منها خواص مميزة بما في ذلك اللون والتركيب. ويساعد نوع التربة في منطقة ما في تحديد القدرة على نمو المحاصيل بها. وتتشكل التربة ببطء وتُدمّر بسهولة ولذلك يجب أن تصان حتى يمكن لها أن تستمر في دعم الحياة.
يستخدم علماء التربة مصطلح البوليبيدونات للكتل المختلفة من التربة في منطقة جغرافية معينة. ويمكن أن تكون هذه الكتل كبيرة الحجوم، وبلا حدود، ولكن بعضها له مساحة سطحية قدرها متر مربع واحد فقط، ولبعض البوليبيدونات سمك يقل عن 13سم. ومقطع التربة مصطلح يستعمل للتعبير عن تركيب التربة.
تركيب التربة :
تسمى المعادن والجسيمات العضوية في التربة جسيمات التربة. ويشغل الهواء والماء الفراغ بين الجسيمات، وتعيش النباتات والحيوانات في هذه الفراغات المسامية وتنمو جذور النباتات أيضًا خلال الفراغات المسامية.
المعادن. تمد المعادن النباتات الخضراء بالمواد المغذية. وتشكل الجسيمات المعروفة باسم الرمل و الغرين والطين معظم المحتوى المعدني للتربة.
والرمال والغرين جسيمات لمعادن الكوارتز والفلسبارات. تتكون الأطيان من الإليت والكاولين والمايكات والفيرمكيوليت، ومعادن أخرى. وتضيف كميات شحيحة من معادن عديدة المواد المغذية للتربة ومنها الكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم. ومعظم الترب تسمى تربًا معدنية لأن أكثر من 80% من جسيماتها معادن.
النباتات والمواد الحيوانية. تتكون من مواد عضوية في مراحل متفاوتة من التحلل. ويعيش العديد من العضويات أيضًا في التربة. تحوي عضويات التربة جذور النباتات والميكروبات وبعض الحيوانات كالديدان والحشرات والثدييات الصغيرة. وتفكك البكتيريا والفطر والميكروبات الأخرى النباتات والحيوانات الميتة. ويساعد العديد من عضويات التربة والجسيمات العضوية والمعادن على التجمع (التقارب) وتكوين كتل من التربة. وتكسر الجذور والحيوانات الحافرة والتجوية الطبيعية كتل التربة الكبيرة.
تطلق المواد العضوية المتحللة المواد المغذية في التربة. وبالإضافة إلى ذلك تتحد بعض المواد العضوية مع الجسيمات المعدنية. وتشكل المواد المتحللة الأخرى جسيمات تربة عضوية تسمى الدبال. ومعظم الدبال يكون أسود أو ذا لون بني غامق، ويحمل كمية كبيرة من الماء. ويشكل الجزء العضوي من 6% إلى 12% فقط من حجم الجسيمات في معظم أنواع التربة المعدنية. وبالرغم من ذلك فإن هذه الكمية الضئيلة تزيد كثيرًا من مقدرة التربة لدعم حياة النبات. وفي بعض الترب التي تسمى التربة العضوية تمثل العضويات أكثر من 20% من جسيمات التربة.
الماء. يدخل الماء إلى التربة فيذيب المعادن والعناصر الغذائية، ويشكل محلول التربة. ويتسرب الكثير من المحلول بعيدًا ولكن يبقى بعضه في الفراغات المسامية. تحصل النباتات الخضراء على الماء وبعض المواد المغذية بامتصاص محلول التربة من خلال جذورها.
الهواء. يحل الهواء مكان الماء الذي يتسرب عبر الفراغات المسامية الكبيرة. وتعيش عضويات التربة بطريقة أفضل في التربة التي تحتوي دائما على كميات متساوية تقريبًا من الماء والهواء.
كيف تتكون التربة :
تبدأ التربة في التشكل حين تحلل القوى البيئية الصخور، والمواد المماثلة والتي تقع على سطح الأرض أو قريبًا منه. ويسمى علماء التربة المواد الناتجة المادة الأم. ومع تطور التربة على مر القرون تتجمع المواد العضوية، ويصبح تشابه التربة لمادتها الأم أقل فأقل. وربما تزيح المثالج والأنهار وقوى بيئية أخرى المادة الأم والتربة من منطقة لأخرى
تتعرض التربة للتكوين والتدمير باستمرار. وربما تدمر عمليات التعرية التي تتسبب فيها الريح والمياه الترب التي استغرق تكوينها آلاف السنين بسرعة.
يختلف تشكيل التربة حسب تأثير العوامل البيئية المختلفة. وتشمل هذه العوامل:1ـ نوع المادة الأم. 2ـ المناخ. 3ـ معالم سطح الأرض 4ـ النباتات والحيوانات. 5ـ الزمن.
أنواع المادة الأم. تساعد المادة الأم في تحديد نوع الجسيمات المعدنية في التربة. وتكسر عملية تسمى التجوية المواد الأم إلى جسيمات معدنية. وهناك نوعان من التجوية: 1ـ التفتت الطبيعي 2ـ التفتت الكيميائي.
التفتت الطبيعي. يتسبب فيه الجليد والمطر، وقوى أخرى. تفتت هذه العمليات الصخر إلى جسيمات صغيرة لها نفس تركيب المادة الأم، وينتج الرمل والغرين من التفتت الطبيعي.
التفتت الكيميائي. يؤثر بشكل أساسي في الصخور سهلة التجوية. وفي هذا النوع من التجوية تتكسّر البنية الكيميائية للصخر، حينما يذيب الماء معادن معينة في الصخر.
يُنتج التحلل الكيميائي عناصر تختلف في تركيبها الكيميائي عن المادة الأم. وتذوب بعض هذه المواد في محلول التربة، وتصبح جاهزة في شكل مواد مغذية للنبات. وتتحلل مواد أخرى وتكوِّن جسيمات طينية أو معادن جديدة.
يؤثر المحتوى المعدني للمادة الأم أيضًا على نوع النباتات التي تنمو في تربة ما. فعلى سبيل المثال تنمو النباتات، بما في ذلك الصحراوية والوادية، بشكل أفضل في الترب الحمضية التي تحوي كمية كبيرة من الحديد.
تأثير المناخ. يؤثر المناخ في النشاطات الحيوية والكيميائية في التربة بما في ذلك أنواع ومعدلات التجوية. فالتفتت الطبيعي على سبيل المثال هو النمط السائد من التجوية في المناخ الجاف البارد. تشجع درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة على التحلل والتفتت الكيميائي. وبالإضافة إلى ذلك فإن معظم نشاطات التربة الأخرى تتطلب ظروفًا دافئة ورطبة. وتهدأ هذه النشاطات أو حتى تتوقف في الطقس البارد. ولذلك فإن التربة في المناخ الجاف تجنح لأن تكون أكثر ضحالة وأقل تطورًا عن تلك الموجودة في أقاليم دافئة ورطبة.
تأثيرمعالم سطح الأرض. تتحكم تلك المعالم أيضًا في كمية التربة المتكونه في منطقة ما. فمثلاً تعري المياه الجارية على الأرض التربة وتعرض صخورًا جديدة للتجوية. ونلاحظ أن تربة المنحدرات تصاب بالتعرية أسرع من تلك التي على مناطق منبسطة وأن فرصتها في التكون قليلة. ولذلك فإنها ليست متطورة كتلك التربة الواقعة على أراضٍ منبسطة.
تأثير النباتات والحيوانات. تساعد عضويات التربة والمواد العضوية التربة على التطور وتحميها أيضًا من التعرية. كما يضيف موت وتحلل النباتات والحيوانات مواد عضوية للتربة. وتساعد هذه المواد العضوية التربة على دعم عضويات جديدة. ولا تتآكل التربة ذات الغطاء النباتي، والتي تحتوي على كمية كبيرة من المواد العضوية بسهولة.
تأثير الزمن. تكون التربة المعرضة لعمليات التربة بكثافة ولمدة طويلة، عميقة وجيدة التطور، بينما تكون التربة سريعة التآكل ـ أو التي حُرمت من مثل هذه العمليات فترة طويلة من الزمن ـ أقل تطورًا.
خواص التربة :
تختلف طريقة ومعدل تشكُّل التربة في أجزائها المختلفة. ونتيجة لذلك فإن التربة تكوّن طبقات تسمى نُطُق التربة. وقد تكون نطق التربة سميكة أو رقيقة، وقد تشابه أو تخالف النطق المحيطة. ويمكن أن تميَّز الحدود بين الطبقات ولكنها أحيانًا تكون صعبة الملاحظة.
تحوي معظم الترب ثلاثة نطق رئيسية. منها النطاقان أ و ب ، وهما جيدا التكوين. ويعرف النطاق أ أيضًا باسم قمة التربة أو التربة الفوقية. أما النطاق الثالث فهو النطاق السفلي المسمى جـ أو التربة التحتية. وهو معرض للقليل من عمليات التجوية. ويماثل تركيبه تركيب المادة الأم. ويصف علماء التربة، الترب من خلال خواص نطق التربة. ويشمل هذا 1- اللون 2- النسيج 3- البنية 4- التركيب الكيميائي.
اللون. تتراوح التربة في ألوانها بين الأصفر والأحمر والبني الغامق والأسود. ويساعد لون التربة علماء التربة في تقدير كمية الهواء والماء والمواد العضوية وبعض العناصر في التربة. فقد يدل اللون الأحمر مثلاً على وجود مركبات الحديد في التربة.
النسيج. يعتمد على حجم جسيمات التربة المعدنية. وأكبر الجسيمات هي جسيمات الرمال. ويمكن للمرء أن يرى ويحس حبيبات الرمل المفردة. وجسيمات الغرين كبيرة لحد يجعلها ترى بشكل كاف، أما جسيمات الطين فهي ذات حجم مجهري. ويقسم علماء التربة الترب إلى فئات نسيجية على أساس كميات الرمل والغرين والطين الموجودة في التربة. فالأجزاء المعدنية للتربة والتي تصنف تحت اسم الطفال الرملي تحتوي على 7% إلى 27% طينًا وأقل من 52% رملاً. وفي الطين الغريني تكون أكثر من 40% من الجسيمات المعدنية من الطين وأكثر من 40% من الغرين.
ويساعد النسيج في تحديد كيفية صرف الماء من التربة. فالرمل يسمح بالصرف أكثر من الطين.
البنية. حينما تتجمع جسيمات التربة، تشكل كُتَلاً من التربة تسمى طَفْلات. ومعظم الطفلات تتراوح أقطارها بين أقل من 1,5 و15سم. ويحدد شكلها وترتيبها بنية التربة. وقابلية الطّفلات وجسيمات التربة لتلاصق بعضها مع بعض وتحديد شكلها يسمّى المتانة.
وتحوي معظم الترب نوعين أو أكثر من البنيات إلا أن بعض الترب ليس لها بنيات محددة. وفي بعض هذه الترب لا يكون للطفلات شكل أو ترتيب محدد، أما في ترب أخرى فإن الجسيمات لا تتجمع أصلاً.
وهناك ثلاثة أنواع رئيسة من بنيات التربة 1ـ طبقية الشكل 2ـ منشورية الشكل 3ـ كتلية الشكل. والطفلات طبقية الشكل رقيقة وذات أطباق أفقية موجودة في أي نطاق. والطفلات منشورية الشكل هي بنيات تربة تحتية عمودية الشكل. أما الطفلات كتلية الشكل فتبدو كالكتل وهي ذات جوانب منبسطة أو منحنية. وتوجد الطفلات كتلية الشكل الكبيرة، ذات الجوانب المسطحة، عادة في التربة التحتية. أما الطفلات كتلية الشكل الصغيرة المتكورة فتكون معظم التربة الفوقية. وهي تحوي مواد عضوية أكثر وماء ومواد مغذية أفضل من الطفلات الكبيرة.
الظروف الكيميائية. يمكن أن تكون التربة حمضية، أو قلوية، أو متعادلة. وتؤثر كمية الحمض والقلوي في التربة على العمليات الحيوية والكيميائية التي تجري فيها. وقد تؤذي الترب ذات الحمضية أو القلوية العالية العديد من النباتات. وتدعم الترب المتعادلة معظم العمليات الحيوية الكيميائية، بما في ذلك العمليات التي من خلالها تحصل النباتات على العديد من المواد المغذية. وتسمى هذه العمليات التبادل الكاتيوني. يذوب العديد من المواد المغذية والعناصر الأخرى في محلول التربة مكونة جسيمات موجبة الشحنة تسمى كاتيونات. ويجذب الطين والدبال الكاتيونات سالبة الشحنة، ويمنعانها من أن تُصفَّى (تُغسل بعيدًا) من التربة الفوقية بوساطة مياه الصرف. ويحوي المحلول الذي يتبقى في التربة كاتيونات أخرى. (الكاتيونات الغذائية التي في الطين والدبال). وتتبادل الكاتيونات الغذائية في الطين والدبال وتلك التي في محلول التربة الأماكن مع الكاتيونات غير الغذائية التي في الجذور. وبهذا تستطيع الجذور امتصاص الغذاء.
كيف تصنف التربة :
لا يوجد إجماع دولي على تصنيف التربة. فقد وضعت معظم البلدان نظم التصنيف الخاصة بها تبعًا لاختلافات في تربتها. ووضعت منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة (الفاو) نظامًا تصنيفيًا. وتستخدم نظام الفاو، بصفة عامة، الدول النامية التي لم تطور بعد نظم تصنيفها.
وكانت المحاولة الأولى لتصنيف التربة في روسيا في ثمانينيات القرن التاسع عشر. وقد اعتمد هذا التقسيم على الاعتقاد بأن نوع التربة يحدده، بشكل كبير، المناخ.
يعرف هذا النوع من التصنيف بالتصنيف النموذجي، وقد تطور خلال الخمسين عامًا الأولى من القرن العشرين. ولكن بعض العلماء اليوم يعتقد أن عوامل أخرى كثيرة تكون مسؤولة عن تكوين التربة واختلافاتها. وأدى هذا إلى أن يستبدل بالتصنيف النموذجي تصنيفات تعريفية تبنى على وصف التربة. وفي التصنيف التعريفي تجمع الترب المتشابهة لحد كبيرمعًا بدون وصف طريقة تشكيلها.
صيانة التربة :
تسهم ترب الأرض الزراعية، وترب أراضي المراعي والغابات في توفير العديد من المنتجات وفي توفير مناطق الترويح، ولذلك ينبغي صيانتها. ويعمل حماة التربة على التأكد من الاستعمال الرشيد للتربة.
يستلزم الاستعمال الرشيد للأراضي الزراعية الحفاظ على مستوى عال من العناصر الغذائية والمواد العضوية في التربة المزروعة. ويضيف المزارعون مواد عضوية للتربة بحرث الأرض تحت بعض النباتات الخضراء. ويضيفون أيضًا مخصبات (سمادًا) ويديرون المحاصيل ليعوِّضوا العناصر الغذائية التي أزالتها النباتات النامية. وبالإضافة إلى ذلك فإن المزارعين يحرثون حقولهم ويزرعونها بطرق تمنع التعرية.
تعاني أراضي المراعي التي استخدمت بصورة جائرة أيضًا التعرية، حيث يقلل الإفراط في الرعي كمية النباتات، والمواد العضوية في التربة. وتصاب التربة بالتعرية بسهولة في حال وجود جذور نباتية قليلة لتثبيتها في مكانها. ويصون الفلاحون أراضي المراعي بتحديد الفترة الزمنية التي ترعى فيها المواشي في منطقة واحدة.
يجب أن تُصان أراضي الغابات أيضًا من التعرية. وفي بعض الحالات يترك قاطعو الأشجار أفرعًا غير مستعملة وأجزاء أخرى من الأشجار على أرض الغابة لتضيف موادّ عضوية للتربة. كما أنهم يعملون على تطوير مجموعات من الأشجار الكبيرة والصحية التي تعمل جذورها على صيانة التربة بتثبيتهافي أماكنها ضد التعرية التي تسببها الريح والماء.
المقدمة:
هذا الكون الشاسع والواسع الذي لا يرى الإنسان له حدودًا كان محط تساؤل الإنسان وفضوله منذ القديم، وكانت الأسئلة في ذهنه حوله كثيرة وصعبة، مثل:
كيف ظهر هذا الكون إلى الوجود ؟ وما عمره؟ أحادث هو أم قديم وأزلي ؟ وهل يمكن أن يكون هناك أزليان: خالق أزلي وكون أزلي؟
هذه بعض الأسئلة التي كانت محل نقاش بين الفلاسفة المؤمنين مئات الأعوام. أما الفلاسفة الملحدون فكانوا يدّعون أن الكون لا يحتاج إلى خالق؛ لأن المادة أزلية، أي وجدت من القديم…. أي كانوا يضيفون إلى المادة إحدى صفات الخالق وهي صفة الأزلية؛ لذا كان من ضمن قوانينهم الفيزيائية (لا يمكن خلق المادة من العدم، كما لا يمكن إفناء المادة).
ولكن الإمام أبي حامد الغزالي – رحمه الله – كان أول من حل مشكلة قدم العالم، وأجاب على جميع المشاكل المثارة حول مدة الترك، أي الفرق الزماني بين الأزل وبين بدء خلق الكون، فقال بأن الكون حادث وأنه لم يكن قبله زمان… أي أن الزمان والمكان بدآ بعد خلق الكون؛ لأن الزمن مرتبط بالحركة، ولو تصورنا أن كل شيء في الكون قد سكن وتوقف إذن لتوقف الزمن، أي لم يَعُد هناك زمان. وهكذا فمن الخطأ توهم وجود زمان قبل خلق الكون. وعندما أشارت النظرية النسبية إلى أن الزمن بُعْد رابع كان من البديهي عدم وجود الزمن في عالم لم تخلق بعد أبعاده الأخرى.
لا نريد هنا أن ندخل في تفاصيل فلسفية قد يسأم منها القارئ ولا يستسيغها. ولكننا نريد أن نشير هنا إلى آخر نظرية علمية حول مولد الكون، وكيف أنها أثبتت بأدلة علمية بأن الكون حادث وأنه وُلِد قبل كذا مليار سنة.
العرض:-
الكون بين السكون والحركة:
والحقيقة أن اكتشاف الإنسان لظاهرة الإشعاع كان أول ضربة لنظرية أزلية المادة، فما دامت الشمس وجميع النجوم الأخرى مشتعلة وتبعث الإشعاعات، إذن فلا بد من وجود بداية لها؛ لأنها لو كانت أزلية لنفد وقودها منذ مليارات السنوات.
ولكن العلماء الملحدون تناسوا هذه الحقيقة الظاهرة لكل عين واستمروا في الدفاع عن كون أزلي لا يحتاج إلى خالق. وكانت نظرية (الكون المستقر Steady State) التي كانت هي النظرية المقبولة في الأوساط العلمية حتى منتصف القرن العشرين تقول بأن الكون ساكن وهو لانهائي في الزمان والمكان.
كان هذا الأنموذج للكون يريح الفلاسفة الملحدين ويقدم لهم سندًا علميًّا، أو على الأقل لا ينقض أهم دعوى عندهم وهي أزلية المادة.
ولكن علم الفيزياء كان يقدم وسيلة مهمة في معرفة العديد من خصائص الأجرام السماوية والنجوم، فقد كشف "فاستو مالفن سليفر" عام 1913م أن بعض الأجسام – التي كان يعتقد سابقًا أنها غبار كوني – تبتعد عنا بسرعة 1800كم/ ثانية، وكان هذا الاكتشاف مفاجأة كبيرة للعلماء، ولم تكن تلك الأجسام إلا مجرات بعيدة عنا.. ثم أعلن "أدوين هوبل" عام 1929م قانونه المعروف: (إن المجرات تبتعد عنا بسرعة تتناسب طرديًّا مع بعدها عنا).
وقد تبين فيما بعد أن المجرات لا تبتعد فقط عنا، بل هي تتباعد فيما بينها كذلك. وكان هذا يعني أن الكون يتوسع على الدوام، مصداقًا لقوله تعالى "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُون".
الحساء الكوني !!
وما دام الكون في توسع دائم، إذن لو شغَّلنا الفيلم عكسيًّا – أي إلى الوراء – فمن الضروري أن الكون كله كان متركزًا في السابق في نقطة واحدة أطلق عليها العلماء اسم "الذرة البدائية" أو "الحساء الكوني". وقال علماء آخرون إن حجم هذه النقطة كان يساوي الصفر وكتلته لا نهائية. وهذا تعبير آخر من أن الكون ظهر من العدم؛ لأن هذا هو معنى نقطة حجمها يساوي صفر.
ولكن أي قوة تقوم بقذف مائة مليار مجرة بسرعة جنونية، مبعدة الواحدة عن الأخرى وموسعة الكون نتيجة هذا التباعد السريع؟ لا يمكن أن تكون قوة الجاذبية أو قوة التنافر الكهربائي بين الأقطاب المتشابهة هي هذه القوة، فقوة الجاذبية قوة تحاول جذب الأجرام السماوية نحو المركز وليس إبعادها نحو الخارج. كما أن قوة التنافر الكهربائية أضعف بكثير من القيام بمثل هذه العملية. ونظرًا لوجود تعادل كهربائي في الكون فمثل هذه القوة لا وجود لها تقريبًا بين الأجرام السماوية.
إذن فلا بد أن انفجارًا هائلاً حدث عند ميلاد الكون هو الذي أدى إلى توسع الكون.
وقد أطلق العلماء على هذا الانفجار اسم (الانفجار الكبير ((BIG BANG، وبعد إجراء بعض التعديلات على نظرية الانفجار الكبير، فإن الصيغة الحالية لها باختصار، هي:
( أن انفجارًا هائلاً وقع في هذه الذرة البدائية التي كانت تحتوي على مجموع المادة والطاقة. وفي اللحظات الأولى من الانفجار الهائل ارتفعت درجة الحرارة إلى عدة تريليونات؛ حيث خلقت فيها أجزاء الذرات، ومن هذه الأجزاء خلقت الذرات، ومن هذه الذرات تألف الغبار الكوني الذي نشأت منه المجرات فيما بعد).
متى انفجر الكون؟
ولكن متى حدث هذا الانفجار الكبير؟
لا يوجد رقم قطعي في هذا الخصوص. ولكن إذا تذكرنا أن (ثابت هويل) لمليون سنة ضوئية هو 15,3كم/ ثا، حصلنا على رقم مليار سنة. ولكن علينا ألا ننسى بأن سرعة توسع الكون وتباعد المجرات ليست ثابتة، وأنها كانت في السابق أسرع؛ لذا فإن تاريخ الانفجار في الأغلب كان قبل مليار سنة تقريبًا. وهذا هو الرأي المرجح حاليًا.
من الأدلة المهمة على نظرية الانفجار الكبير هو وجود الإشعاع الكوني، فقد قال العلماء بأنه لو كان هناك مثل هذا الانفجار لكان من الضروري أن يخلف وراءه إشعاعًا. وفعلاً تم العثور على هذا الإشعاع عندما أرسلت مؤسسة (ناسا) الأمريكية لأبحاث الفضاء قمرًا صناعيًّا لغرض التثبت من هذا الإشعاع عام 1989م وزودته بأحدث الأجهزة الحساسة، واحتاج هذا القمر الصناعي لثماني دقائق فقط للعثور على هذا الإشعاع وقياسه.
دليل آخر على هذه النظرية هو أن مقادير ونسب وجود غازَي الهيدروجين والهليوم في الكون تتطابقان مع حسابات هذه النظرية، ولو كان الكون أزليًّا لاحترق جميع الهيدروجين وتحول إلى غاز الهليوم.
دعاة الأزلية في مأزق:
ولا تكمن أهمية نظرية "الانفجار الكبير" في الجانب العلمي والفلكي فقط، فهذه النظرية سحبت سلاحًا أو قل عذرًا قويًّا كان يستند إليه الفلاسفة والمفكرون والعلماء الملحدون؛ لأنها أنهت أسطورة "أزلية المادة وأزلية الكون".
وقد امتعض العديد من العلماء والفلاسفة الملحدون من هذه النظرية، فمثلاً يقول الفيلسوف الملحد (أنطوني فلوف):
يقولون: إن الاعتراف يفيد الإنسان من الناحية النفسية. وأنا سأدلي باعتراف: إن أنموذج (الانفجار الكبير شيء محرج جدًّا بالنسبة للملحدين؛ لأن العلم أثبت فكرة دافعت عنها الكتب الدينية… فكرة أن للكون بداية).
ويقول العالم (دونيس سكايما) – وكان من أشد أنصار نظرية (الكون المستقر) –
( لم أدافع عن نظرية الكون المستقر لكونها صحيحة، بل لرغبتي في كونها صحيحة, ولكن بعد أن تراكمت الأدلة فقد تبين لنا أن اللعبة قد انتهت، وأنه يجب ترك نظرية الكون المستقر جانبًا).
ومع أن ظهور أن المادة حادثة وغير أزلية، وأن للكون بداية.. يدل على الخلق، وأن الكون خُلق من قِبل الخالق، إلا أن طبيعة هذا الانفجار الكبير أضاف أدلة أخرى على أن الكون خُلق بتقدير دقيق ونظام رائع. ذلك لأن أي انفجار لا يكون إلا مخربًا وهادمًا ومشتتًا ومبعثرًا للمواد، ولكن عندما نرى أن انفجارًا بهذا العنف وبهذا الهول يؤدي إلى تشكيل وتأسيس كون منظم غاية النظام، فإن هناك إذن وراءه يد قدرة وعلم وإرادة وتقدير لانهائي فوق الطبيعة. وإلى هذا يشير العالم البريطاني المشهور (فرد هويل) عندما يقول:
( تقول نظرية الانفجار الكبير بأن الكون نشأ نتيجة انفجار كبير، ونحن نعلم أن كل انفجار يشتت المادة ويبعثرها دون نظام، ولكن هذا الانفجار الكبير عمل العكس بشكل محفوف بالأسرار؛ إذ عمل على جمع المادة معًا لتشكيل المجرات).
سرعة توسع الكون:
من أهم أسرار هذا الانفجار الكبير هي السرعة الحرجة التي وُهِبَت لهذا التوسع الكوني عقب هذا الانفجار. وإلى هذا يشير العالم البريطاني المعروف (بول ديفز) عندما يقول:
( لقد دلّت الحسابات أن سرعة توسع الكون تسير في مجال حرج للغاية، فلو توسع الكون بشكل أبطأ بقليل جدًّا عن السرعة الحالية لتوجه إلى الانهيار الداخلي بسبب قوة الجاذبية، ولو كانت هذه السرعة أكثر بقليل عن السرعة الحالية لتناثرت مادة الكون وتشتت الكون، ولو كانت سرعة الانفجار تختلف عن السرعة الحالية بمقدار جزء من مليار × مليار جزء لكان هذا كافيًا للإخلال بالتوازن الضروري؛ لذا فالانفجار الكبير ليس انفجارًا اعتياديًّا، بل عملية محسوبة جيدًا من جميع الأوجه وعملية منظمة جدًّا).
وماذا نستنتج من كل هذه الشواهد والمعلومات العلمية ؟
يشرح (بول ديفز) النتيجة الحتمية لهذه الدلائل والتي لا تقبل النقاش فيقول:
(من الصعب جدًّا إنكار أن قوة عاقلة ومدركة قامت بإنشاء هذا الكون المستندة إلى حسابات حساسة جدًّا… إن التغييرات الرقمية الحساسة جدًّا والموجودة في أسس الموازنات في الكون دليل قوي جدًّا على وجود تصميم على نطاق الكون).
أما العالم الفيزيائي المشهور (ستيفن هوفكن) فهو يتناول في كتابه (التاريخ المختصر للزمن) الدقة المذهلة الموجودة لسرعة توسع الكون في الثانية الأولى الحرجة من الانفجار الكبير، فيقول:
( إن سرعة توسع الكون سرعة حرجة جدًّا إلى درجة أنها لو كانت في الثانية الأولى من الانفجار أقل من جزء واحد من مليون × مليار جزء لانهار الكون حول نفسه قبل أن يصل إلى وضعه الحالي).
الخاتمة:
إذن هذا هو مبلغ الدقة المذهلة في تنظيم هذا الانفجار الكبير وفي تصميم سرعته.
والنتيجة الحتمية التي يصل إليها عالم الفلك الأمريكي (جورج كرنشتاين) في كتابه (الكون التكافلي Symbiotic Universe) )هي:
( كلما دقَّقنا الأدلة واجهتنا على الدوام الحقيقة نفسها، وهي أن هناك قوة عاقلة فوق الطبيعة تدخلت في نشوء الكون).
"قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاواتِ وَالأَرْض".
"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ الْحَقّ".