يجمع العديد من مفكري ورواد التربية والتعليم، على أهمية التعلم التعاوني من قبل المعلمين في معظم بلدان العالم المتقدمة، فهو مفهوم يعتمد على إستراتيجية تستهدف تطوير العمل التربوي، من خلال تحسين أداء المعلم المهني والقيادي. فقد بدأ مع طلائع القرن التاسع عشر ميلادي، التركيز على مفهوم التعلم التعاوني نظرياً وتطبيقياً، وبيان أثره في الارتقاء ببرامج النمو المهني للمعلمين.
بالإضافة إلى محاولة ترسيخ اقتناع المعلمين بأهمية ممارسة التعلم التعاوني كمدخل في تطوير أسلوب إدارة الفصل.حظي التعلم التعاوني باهتمام كبير من قبل التربويين، لما له من تأثير إيجابي فاعل في بقاء أثر التعلم لدى المتعلمين. ومن هذا المنطلق ظهرت الحاجة إلى إتباع طريقة التعلم في مجموعات، توافقاً مع إدخال نظام التعليم الأساسي.
وقد تعددت تعريفات التعلم التعاوني، واتفقت جميعها على أنه أسلوب تعليمي يقوم على تنظيم الصف، حيث يقسم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة، يتكون كل منها من أربعة أفراد على الأقل، يتعاونون مع بعضهم، ويتفاعلون في ما بينهم، ويناقشون الأفكار.
ويستمعون لحل المشكلات، بهدف إتمام المهام المكلفين بها، ويكون كل فرد في المجموعة مسؤولاً عن تعلم زملائه، وعن نجاح المجموعة في إنجاز المهام التي كلفت بها. ويتحدد دور المعلم في التوجيه والإرشاد، وتشجيع التلاميذ والإجابة عن أسئلتهم، وتوزيع الأدوار على كل تلميذ في المجموعة.
85%
أشارت بعض الدراسات ذات العلاقة بواقع التعليم الحالي، إلى أن أكثر من 85% من الأعمال التي تتم في المدارس، تقوم على أساس تنافسي فردي بين الطلاب، وأن التعاون وبناء المهارات الاجتماعية لا يحظى بالاهتمام اللازم. كما أثبتت دراسات أخرى أن أهم عنصر في فشل الأفراد في أداء وظائفهم لا يعود إلى نقص في قدراتهم ومهاراتهم العلمية، ولكن إلى النقص في مهاراتهم التعاونية والاجتماعية، نتيجة التغيير الحاصل في بيئة العائلة.
دور المعلم
يتحدد دور المعلم في المجموعات التعليمية التعاونية الرسمية على خمسة أجزاء، على النحو التالي:
1. اختيار الموضوع، وتحديد الأهداف، وتنظيم الصف وإدارته.
2. اتخاذ قرارات معينة عن وضع الطلاب في مجموعات تعليمية، قبل البدء بتعليم الدرس.
3. شرح المهمة وبيان الهدف للطلاب.
4. تفقد فاعلية الطـلاب داخل المجموعات، والتدخل لتقديم المساعدة لأداء عمل كالإجابة عن أسئلة الطلاب، وتعلم مهارات المهمة، أو تحسين مهارات الطلبة الشخصية ومهارات المجموعة الصغيرة.
5. تقييم تحصيل الطلبة ومساعدتهم في مناقشة مدى تقدمهم، في التعاون مع بعض.
خلصت دراسة تربوية عكف عليها خبراء في شعبة العلوم بمنطقة الباحة التعليمية بالسعودية، إلى أن التعلم التعاوني في حال تطبيقه بشكل متقن في العالم العربي، سيهدف إلى تطوير الأركان التعليمية بشكل مباشر، وسيساعد على حمل الطالب على أن يكون المحور الأول والمحرك الرئيس في العملية التعليمية.وقد أثبتت الدراسة أن طريقة التدريس في مجموعات لها مزايا، منها: أنها تزيد من تحصيل الطلبة، وتزيد من مهارات الطالب الاجتماعية، ويكون الطالب مسؤولاً عن تعليم نفسه وزملائه في المجموعة، فضلاً عن أنه يراعي الفروق الفردية بين الطلبة.
وأشارت الدراسة إلى أن التعليم التعاوني يخفف من الجو التسلطي في الصف، الذي يخلق جواً من القلق، ويتحول به إلى جو ودي، موضحة أن طريقة التدريس بالتعلم التعاوني تتفق مع النظرة الحديثة في التربية، التي تهدف إلى نقل محور العملية التعليمية إلى الطالب، وجعله مشاركاً في الموقف التعليمي؛ فهو الذي يبحث ويستكشف ويجري التجارب، بالإضافة إلى خلق روح التعاون وتعلم السلوك الاجتماعي المرغوب فيه، داخل الصف وخارجه.