التصنيفات
الصف العاشر

بحث عن الحروب الصليبية للصف العاشر

السسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

تمثل الحملات الصليبية رد فعل أوروباالنصرانية ضد آسيا المسلمة. وقد كانت الحملات هجومية بعد بعثة محمد صلى الله عليهوسلم في القرن السابع الميلادي، وبقيت كذلك لأكثر من ألف عام، وكانت نتيجة لأسبابعديدة، بعضها باعثه سياسي، فمن ذلك مثلاً أن البابا أوربان الثاني تلقى سنة 1094ماستغاثة من الإمبراطور النيزنطي أليكسس كومانسس فجدّ في استغلال هذه الاستغاثةلتوحيد الكنيسة تحت قيادته، حيث كانت الكنيسة قد انقسمت إلى كنيسة يونانية وأخرىرومانية سنة 1054م.

الحملات الصليبية.. والتفكير والسلوكالصليبي..

ومن المعروف أنه كانت هناك حملات صليبية كثيرة في التاريخ. فالحملات الصليبية الأولى استطاعت أخيراً احتلال القدس وحكمتها لمدة ثمانين سنة. ولكن القدس استعيدت من قبل المسلمين عام 1244م. وبحلول عام 1291م سقطت باقي المدنالتي كانت تحت سيطرة الصليبيين في أيدي المماليك المسلمين.

ولكن الفصل الذيأنهى مصير هذه المدن يبدو أنه لم يُنْهِ فصل الحملات الصليبية، في التفكير والفعلالغربيين على الأقل. فلفترة طويلة بعد سقوط هذه المدن بيد المسلمين بقي الغربيونيتصرفون على طريقة الحروب الصليبية في مواجهة العرب والمسلمين عموماً.

وفيالحقيقة فإنه منذ الحملات الصليبية فإن العرب والمسلمين مترادفون فيتفكيرهم.

إن السلوك الصليبي الغربي كان واضحاً في عهد الاستكشافات الجغرافية، وكان هو الدافع الذي قاد إلى تلك الاستكشافات في عهد الاستعمار الغربي التجاريالمبكر في آسيا، كما كان واضحاً في الطريقة التي حكم بها الإسبان والبرتغاليونوالأوروبيون الآخرون والأمركيون العالم الإسلامي المحتل.

الاستعمار الأوروبيلبلاد المسلمين والروح الصليبية..

بدأ الاستعمار الأوروبي باحتلال جنوب شرقيآسيا المسلمة في القرن السادس عشر الميلادي وانتهى –إذا كان قد انتهى!- بالاستعمارالغربي للشرق الأوسط العربي في هذا القرن، وفي رأي كاتب هذا المقال تم الاحتلالالأوروبي بالروح الصليبية ضد المسلمين الكافرين [أي: غير المؤمنين بالنصرانية]،وظلال هذا النوع لا تزال تتكرر في يومنا هذا في العلاقات والتفكير والسلوك الأوروبيفي الأشياء والمشكلات التي تتعلق بالعرب والمسلمين. وحديثاً لا تتم هذه إلا بمعونةمروجي الدعاية الصهيونيين الأوروبيين الذي يستغلون بعنف الضغائن القديمة بينالنصرانية والمسلمين.

وسائل انتشار الإسلام قديماً في آسيا..

لقد بدأالاستعمار الأوروبي في الأنديز المسلمة [وهو الاسم القديم الذي يطلق على مجموعةالهند وجزر جنوب شرقي آسيا]، وحسبما يقول البروفسور هول فإن العرب تاجروا مع مالاياوالأنديز قبل زمن طويل من ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي، ومع حلول القرنالعاشر الميلادي كان التجار العرب المسلمون نشيطين في تجارة الفلفل والقصدير منسومطرة والأنديز؛ ومن خلال الزواج المتبادل فقد نشروا الإسلام بين شعب المالاي. ويخبرنا البروفسور هول بأن سومطرة كانت تحكَم من قبل سلطان مسلم في نهاية القرنالثالث عشر الميلادي[2]، وقد شهد القرن الرابع عشر الميلادي غزوات للإسلام إلى داخلمالايا عندما وسع ماجاباهيت مسلم –إمبراطور جاوه- سيطرته على شبه الجزيرة، ولكننفوذ الإسلام في أعماق مالايا اكتمل خلال القرن الخامس عشر الميلادي.

وبحلولذلك الوقت كان الإسلام قد وصل أيضاً إلى الجزر الفليبينية وتغلغل حتى مانيلاشمالاً. وحسب رأي البروفسور هول فإن المولوكاس (المعروفة بجزر التوابل) أصبحت مسلمةسنة 1498م، وهي السنة التي دار فيها فاسكو دي غاما حول رأس الرجاء الصالح ووصل إلىالهند.

الحملات البرتغالية الإسبانية..

والإشارة إلى هذه هنا للتأكيدعلى أن البرتغاليين عندما وصلوا إلى مالايا والأنديز، شنوا حرباً جديدة وعنيفة،كالحملات الصليبية ضد الإسلام، كما فعلوا قبل ذلك بعدة سنوات في شبه جزيرة إيبيريا (وهي شبه جزيرة إسبانيا والبرتغال).

إن وصول الإسبان إلى الجزر الفليبينيةفي القرن السادس عشر جاء بالنتائج نفسها هناك. وخلال القرن السادس عشر وما بعدهخاضت كلا القوتين النصرانيتين عدة حروب ضد السلطان ا لمسلم الوطني وبالروح الصليبيةنفسها. وفي الحقيقة فإن الإسبان لم يجدوا فرقاً بين العرب المسلمين في إسبانياوالذين سموهم هناك »مور« وبين المسلمين الذين اكتشفوهم في جزر الأنديز، ولهذا السببفقد سموا هؤلاء المسلمين أيضاً »مور«، وهذه الكلمة تحولت فيما بعد إلى »مورو«. وحتىهذا ا ليوم فإن الأقليات المسلمة التي بقيت على قيد الحياة بصعوبة في الأجزاءالجنوبية من الفيلبين تعرف بهذا الاسم.

ولعله من المناسب أن نذكر هنا أنهعلى الرغم من أن البرتغاليين والإسبان قد شرعوا في نشر النصرانية بالقوة بين سكانجزر الأنديز فإن الإسلام قد انتشر في الجزر من قبل بطرق سلمية بشكلرئيس.[3]
محاولات اقتصادية واستراتيجية لإضعاف العالم الإسلامي..

ويجب أننتذكر أيضاً أن محاولة البرتغاليين لاكتشاف الأنديز عن طريق أفريقيا قد تمت أيضاًبروح الحملات الصليبية. فالبرتغال استقلت عن الحكم الإسلامي في القرن الرابععشر،وبإيحاء من أميرها هنري (الملاح) (1394-1360م) فقد أنشئت مدرسة للملاحة لهدفوحيد هو إيجاد طريق جديد لتوابل الأنديز، وبالتالي كسر احتكار تجارة التوابل من قبلالعرب وأهل مدينة فينيس [البندقية في إيطاليا].

وحسب رأي بريستيج فإن الدافعالعام لهنري كان متابعة الحملات الصليبية بمحاولة »الالتفاف حول دار الإسلاماستراتيجياً وتجارياً، وإقامة اتصالات مع النصارى الأثيوبيين، والإغارة معاً علىالمسلمين من الجنوب لربح تجارة التوابل والأنديز« [4]. إن المعاهدة الإسرائيليةالأمريكية الأثيوبية التي اقترحت حديثاً للالتفاف على العالم العربي تذكرنا بما وردأعلاه.

ولقد مات الأمير هنري سنة 1460 دون أن ينجز هدفه، ولكن في النهايةدار أحد أتباعه –وهو بارثولوميو دياز- حول الرأس الجنوبي لأفريقيا سنة 1488م. ثمبعد عدة سنوات وصل فاسكو دي جاما أخيراً إلى الهند وإلى الأنديز سنة 1489م، وهذاالحدث كان قمة النجاح لخميسن عاماً من جهود البرتغاليين، وفي الوقت نفسه كان قمةالنكسة لمماليك مصر.

وكانت بداية الركود التجاري والاقتصادي لمسلمي حوضالأبيض المتوسط لأكثر من ثلاثمائة وخمسين سنة، والتي استعيضت جزئياً بعد فتح قناةالسويس سنة 1869م.

وفي محاولتهم للحيلولة دون العرب وتجارة التوابل احتلالبرتغاليون الجزر العربية: هرمز وسوقطرة عام 1506م مسيطرين بذلك على مداخل الخليجالعربي والبحر الأحمر. وفي سنة 1515م احتلوا أيضاً جزيرة البحرين في الخليج العربي. وبين سنتي 1511م و1526م قاموا بحروب صليبية ناجحة ضد سلطان مالاكا المسلم، مسيطرينبذلك على مضيق مالاكا بين سومطرة ومالايا.

وعندما دخلوا تلك المدينة المسلمةالمزهرة أحرقوها فأجبر سكانها على النزوح إلى الأدغال الخلفية، ومن هناك نشرالبرتغاليون نفوذهم على جزر التوابل المعروفة باسم مولاكاس.
فرض التنصير بالقوةفي جنوب شرقي آسيا

إن تجارة البرتغاليين وجهود التنصير في الأنديز لم يكوناناجحين جداً، وسبب هذا أن المسلمين قلما يغيّروا دينهم، وكذلك بسبب فساد القادةوالموظفين البرتغاليين الذين بدأوا بتبذير الثروة الجديدة للتاجالبرتغالي[5].

وحملات التنصير الكاثوليكي اعتمدت أيضاً على القوة العسكريةوليس على العقيدة[6]، والقوة العسكرية البرتغالية في الأنديز لم تكن قوية حتى تجبرالمسلمين على تغيير دينهم كما فعلت القوة العسكرية ذات القلب المتحجر في الفيلبين. وبالتالي فإن اليسوعيين ربحوا فقط بعض المتحولين عن دينهم في جزيرة إمبوانا الصغيرةفي مولاكاس وفي أقصى شمالي جزيرة كاليبيس.

أما الحملات الصليبية الأكثرفعالية فقد حصلت ضد مسلمي جزر الفيلبين: فقد وصل الإسبان إليها سنة 1521 بقيادةماجلان، ومع ذلك فإنه بسبب شكوى البرتغاليين فقد أهمل الإسبان مكتشفهم الجديد حتىسنة 1565،وفي هذه السنة احتلوا جزيرة سيبو،وبعد بأربعة أعوام احتلت أيضاً جزيرةباناي.

وفي سنة 1570م أرسلت حملة إلى مانيلا حيث احتلت، وأصبحت منذئذ مركزالحملات الصليبية ضد مختلف سلاطين الجزر المسلمين، وبسبب كون تغلغل المسلمين فيالشمال حديث العهد فقد أدى هذا إلى سهولة تغيير الدين بالقوة في شمالي جزر الفيلبينبما في ذلك لوزون.

أما في الجنوب فإن حرباً صليبية شاملة تبعت ذلك، (صراعكالصراع من أجل امتلاك جنوب إسبانيا ضد المورو ولذا فقد سمى الإسبان معارضيهمالمسلمين الجدد باسم مورو[7])، وقد دام هذا الصراع أكثر من مائة سنة، وعندما انتهىكانت معظم الجزر –عدا جزر مينداناو وسلسلة سولو- قد تحولت إلى النصرانية بالقوة،ومن بقي من مسلمي الجنوب بقي تحت اضطهاد وإهمال دائمين من قبل الإسبان، وهذاالإهمال تابعه حكام الاستعمار الأمريكي للجزر بعد انتزاعها من الإسبان سنة 1898م.
اختلاف القوى الصليبية رحمة بالمسلمين

وفي القرن السابع عشر ورثالهولنديون جزر الأنديز من البرتغاليين، وبحلول عام 1641م كان الهولنديون قد طردواالبرتغاليين والإسبان والإنجليز، وفي تلك السنة احتلوا مدينة مالاكا الاستراتيجيةعلى مضيق مالاكا، وبالتالي أصبح الحكام المسلمون معظم منافسي الهولنديين في تجارةالتوابل والتحكم في بحار الأنديز، سواء في آشين في شمالي سومطرة أم في ماكاسار فيجنوبي جزيرة سيليبيس، ولكن الهولنديين لما يحاولوا مخلصين تغيير دين مسلمي شرقيالأنديز بالقوة أو بغيرها، فقد قاموا راغبين في استغلال ثروتها فقط.

إن بروزالقوة العثمانية في شرقي البحر الأبيض المتوسط بعد القرن الخامس عشر كان له أثرأيضاً في احتفاظ الأوروبيين بعادة التفكير بالطريقة الصليبية حتى هذا اليوم، فالروستعلقوا بأرض المسلمين في الإمبراطورية العثمانية خلال القرن التاسع عشر وبدايةالقرن العشرين. كذلك فعل البريطانيون والنمساويون والفرنسيون، ولولا المنافسةالمهلكة بين هذه القوى النصرانية لذبحوا المسلمين العثمانيين في القرن التاسع عشر،لا لسببن إلا لأنها دولة مسلمة، والغزوات ضد العثمانيين كمسلمين كانت واضحة فيتعاطف أوروبا النصرانية الذي جادت به بسخاء على ثورة اليونانيين خلال العشرينات منالقرن الماضي.

سبب الغيظ والبغض الصليبي للمسلمين..

ولعل من الأسبابالرئيسة للبغض الدائم والغيظ في عهد الاستعمار النصراني هو حقيقة أن المسلمين في كلمكان كانوا أناساً فخورين بدينهم، فخورين بتاريخهم وحضارتهم، وبالثقافة الإسلاميةالعالية التي لا يزالون يشعرون أنهم يمثلونها.

ومن وجهة نظر الاستعمارالنصراني فإن هذا غرور، ولذا فقد خضع المسلمون تحت الاستعمار الأوروبي –سواء أكانواأقليلة كما في الهند، أم أكثرية ما في مصر- إلى الجور والظلم.

ممارساتحاقدة..

في الهند –بالإضافة إلى تدفق المسلمين إليها من وسط آسيا والشرقالأوسط- فقد تحول إلى الإسلام عدد ضخم من الطبقة الدنيا من نظام الطوائف الاجتماعيةالهندوسي، وسبب هذا هو نظام المساواة في الإسلام. لقد كانوا فقراء قبل أن يتحولوا،وبقوا كذلك فقراء بعد إسلامهم.

ولقد احتفظت تخبة صغيرة من المسلمين بمناصبالجيش والإدارة المدنية والقضاء في ظل حكم المغول المسلمين، بينما قامت الطبقةالوسطى من الهندوس بأعمال التجارة والصناعة والزراعة، ومع مجيء الحكم البريطانيللهند فقد استبدل موظفون بريطانيون بالموظفين المسلمين الذي كانوا في المناصبالعالية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عمد البريطانيون إلى استبدال موظفين هندوسبالموظفين المسلمين في الوظائف الأخرى الثانوية [8]، وقد ازداد اضطهاد المسلمين بعدتمرد الجيش عام 1857م. وحسبما يقول باندي: »… لقد أصبحت الحكومة عدائية للمسلمينبلا تردد بعد سنة 1857م، واضطهدت الطبقة العليا من المسلمين التي حاولت إعادةإمبراطورية المغول« [9].

ولعل البريطانيين لم يحتقروا أحداً من رعايامستعمراتهم بطريقة منهجية كتلك الطريقة التي اتبعوها في مصر [10]، ويبدو أنه منالمنطقي الاعتقاد بأن ذلك قد يكون بسبب أن مصر بقيت كطليعة لضمير وقيادة المسلمينحتى في أحلك فترات تاريخ المسلمين.

إنه معروف جيداً في السياسة البريطانيةمنذ عهد بالمرستون والعشرينيات من القرن الماضي أن بريطانيا لن تسمح بوجود حكومةقوية في مصر. وهذا غريب لأن قناة السويس لم تشق إلا سنة 1869، وبريطانيا لم يكن لهابعد أي مستعمرات مهمة في العالم العربي، وقد بقيت رؤية بالمرستون حية في التفكيرالسياسي البريطاني بعد احتلال بريطانيا لمصر والسودان.

فلسطين.. ضحية الحقدالصليبي..

وهذا النوع من التفكير قاد بريطانيا إلى تقديم بلد عربي كامل –هوفلسطين- كقربان على طبق من فضة إلى شعب أجنبي وذلك في وضح النهار في القرن العشرين. وليس هناك شك أن قيام دولة إسرائيل كان بتخطيط بريطانيا لتكون شوكة لمصر –رائدةالدول العربية- وسكّيناً في قلب العالم العربي.

وفي الحقيقة، فإنه ليس هناكفي التاريخ الحديث ولا البعيد مثال لبلد آهِل ومتحضر مثل فلسطين قد دنّس علناً منقِبَل العالم النصراني.

إن البريطانيين في كثير من الأجزاء الأخرىلإمبراطوريتهم يحبون أن يذكروا –مع الفخر- بأنهم يحمون الضعيف والبريء ضمن حدودإمبراطوريتهم، ولكن ليس الأمر كذلك في العالم العربي.

فالفلسطينيون الضعفاءكانوا مكتوفي الأيدي والأقدام من قبل القوة البريطانية المحتلة نفسها بينما شاهدوابأعينهم اغتصاب بلدهم من قبل الصهاينة.

إن الجريمة البريطانية البشعة فيفلسطين قد ووفِق عليها من قِبَل واشنطن وغيرها من العواصم النصرانية، وإن قائمةالدول التي صوتت لبدء اغتصاب فلسطين عام 1947م قد وافقت بذلك على حرب صليبية مستمرةضد العالم العربي.

إن الدول العربية وبعض الدول الإسلامية قد صوّتت وحدها ضدالقرار الذي لا يمكن تصديقه. وبعد عام 1948م فإنه بإمكان أي إنسان أن يرى تدفقاًدائماً للحب والعاطفة تجاه إسرائيل في العالم النصراني، بينما أصبح معظم شعب فلسطينالأصلى نصف جياع، نصف عراة، معتلي الصحة في مخيمات اللاجئين.

إن كل الناس فيالعالم النصراني حتى الباب يؤكدون باستمرار تحرريتهم وحبهم وشعورهم بالإثم وما شابهذلك تجاه إسرائيل، ولكن قليلاً منهم يتذكر عرب فلسطين.

إن عالمية النصرانيةوإنسانيتها وتحررها لا تشمل –بطريقة ما- المسلمين. وكان العالم النصراني يلعب لعبة »بنو الإنسان، والعرب«. يخبرك الأمريكيون أنهم يدعمون إسرائيل لأنهم يشعرون بالتحرروالإثم. والألمان يدفعون إلى إسرائيل تعويضات ضخمة ويرسلون سراً إلى إسرائيل كمياتكبيرة من الدبابات والسلاح لأنهم رأوا النور ويشعرون بالإثم. أما بريطانيا فقدأوجدت إسرائيل لأن البريطانيين متحررون ويشعرون بالإثم، ولكن لا يشعر أحد بالإثمتجاه الفلسطينيين العرب!

ولا بد لأحدنا أن يشك أن هذا الحب ليس إنسانيةجديدة مكتشفة، ولا تسامحاً تجاه اليهود ولكنه بعض ساكن ومتكرر للمسلمينالعرب.

إنها الصليبية القديمة ولكن تحت مظاهر مختلفة، وبالتالي تقوم فرنسابتسليح إسرائيل حتى الأسنان في الخمسينات والستينات من هذا القرن؛ لأن الفرنسيينيبغضون ويحتقرون عرب الجزائر المغرورين.

»والشعور بالذنب« الألماني منذالحرب العالمية كان بيّناً في الدبابات والسلاح لإسرائيل لقتل العرب، وهذا يعطيمادة للتفكير.

أما بالمرستون البريطاني فإنه بالتأكيد لم يكن يفكر بطريقةإنجيلية عندما وضع سياسة بريطانيا الرئيسية تجاه مصر في العشرينات من القرنالماضي.

ويحب المؤرخون البريطانيون والأنجلو-ساكسونيون الإشارة إلى أنهعندما دخل الجنرال البريطاني أَلِنْبي القدسَ سنة 1918م وأخذها من المسلمين الأتراكفإن أجداده الصليبيين لو كانوا أحياءً لكانوا فخورين جداً بإنجازه النصراني العظيم،أما مروّجو الدعاية الصهيونيون –بدهائهم المعروف- منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدسعام 1967م وأخذها من المسلمين العرب- يحاولون أن يحيطوا إسرائيل بالهالة الصليبيةنفسها.

إسرائيل تلعب الدور النصراني في العقلية الغربية

وفي الحقيقةفإن إسرائيل –بغض النظر عن الدين- قد أخذت على عاتقها بذكاء الدور النصراني فيالعقلية الغربية وذلك منذ إنشائها عام 1948م. وإسرائيل لم تلعب هذا الدور في شرقيالأبيض المتوسطضد المسلمين العرب وحدهم ولكنها –مع التعاطف الغربي- تأخذ علىعاتقها الدور الصليبي أينما وجِد المسلمون، وذلك بمعارضتهم أوهزيمتهم.

فمثلاً نجد الطيارين والخبراء العسكريين الإسرائيليين في إقليمكاتانجا الانفصالي في جمهورية الكونغو في بداية الستينات من هذا القرن، وذلك لأنالمسلمين المصريين كانوا متعاطفين مع حكومة الرئيس لومومبا المركزية.

وقددعت الحكومة المصرية أرملة لومومبا وأولاده ليعيشوا في القاهرة بعد مقتله الذي كاننهاية مقامه في التاريخ الغربي، على أن تعاطف المسلمين مع لومومبا كان يفوق التصرإذ الحقيقة أن لومومبا نفسه كان نصرانياً وعندما انفصل إقليم بيافرا النصراني عننيجيريا أرعب العالم النصراني كله بوحشية الحكومة المسلمة المركزية، وقليلون فيالولايات المتحدة مثلاً يذكرون كيف أصبح لينكولن أسطورة أمريكية لأنه أصرّ على أنالانفصال كان عملاً سيئاً: حرب أهلية دامية أم لا؟
صليبية مستمرة وازدواجيةمعايير

وعندما ثارت مجموعة من الأكراد ضد الحكومة العراقية اندفع إلى العراقأفواج من المراسلين النصارى والصهيونيين واكتشفوا الأكراد، وكُتبت كتب عن الثوارالأكراد الشجعان [11]، ولم يسجل واحد من هؤلاء الجهودَ المخلصة للحكومة العراقيةللاستجابة لمطالب الأكراد.

وكل الناس سمعوا عن الفقراء النصارى في جنوبيالسودان الين يُدّعى أنهم يُقمَعون من قبل الحكومة المسلمة في الخرطوم، ولكن لميسمع أحد عن القمع الحقيقي للمسلمين الأريتريين في إثيوبيا النصرانية، هذا القمعيُجعَل أكثر فعالية بمشورة الخبراء الإسرائيليين وغيرهم من الخبراءالغربيين.

إن الصومال المسلمة تولد تعاطفاً في العالم النصراني لمشكلاتها معجيرانها النصارى، ويبدو أنه عندما تحصل أي مشلكة –صغيرة كانت أم كبيرة- في أية دولةمسلمة يحضر مروّجو الدعاية الغربيون حالاً لتكبيرها بشكل غير مناسب معحجمها.

إن تسامح المسلمين مع اليهود الذي يمثل سجلاً تاريخياً يُكنس تحتسجادة الصحافة والكتابة الغربيتين، ولكن عندما يعلق جاسوسان يهوديان في بغداد يهتزالعالم النصراني كله من جذوره للبربرية العراقية، هذا بينما تنسَف قرى عربية كاملةمن وجودها بواسطة الإسرائيليين المحتلين لفلسطين، وبينما ترفض إسرائيل بأسلوب سمجالسماح للجنة حقوق الإنسان دخول الأراضي العربية المحتلة.

وقليل من الناس فيالعالم النصراني لديهم أدنى فكرة عن حجم الدمار والصراع الإنساني الذي تم فيالجزائر في حربها من أجل الاستقلال، ويبدو أن العالم النصراني عموماً غير مهتم،وعلى أية حال فالضحايا هم من المسلمين فقط.

وبمراقبة هذه الظاهرة فإن كثيراًمن الكتّاب العرب يسمونها »ازدواجية المعايير« وغيرهم يسميها »الحملة الجديدة ضدالسامية« التي تطورت لتأخذ محل الحملة القديمة ضد اليهودية وضد السامية ولترضي عادةنصرانية متأصلة.

ولكن في تقدير كاتب هذا المقال أنها ليست ظاهرة جديدةأبداً، وإنها جزء وقطعة من الحملات الصليبية القديمة التي بدأها البابا أوربانالثاني في القرن الحادي عشر واستمرت بعزم في أشكال عديدة وفي أراض عديدة حيثما كانهناك مسلمون، إنها الصليبية المستمرة، ونهايتها ليست في المدى المنظور.
مجلةالأمة، العدد 42، جمادى الآخرة 1404هـ

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
الصف الحادي عشر

بحث في نتائج الحروب الصليبية لدول الاسلامية للصف الحادي عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أولاً : في الجانب الاجتماعي والاقتصادي :

– شيوع روح العجز والفشل :

وذلك بسبب الهزائم التي حصلت للمسلمين في بدايات هذه الحروب ، حتى اقتنع بعض المسلمين بعدم إمكانية الانتصار ، واتجه بعضهم إلى اعتبار جهاد الصليبيين بالقلم واللسان قد يغني عن جهادهم بالسيف والسنان .

– ترك الجهاد كلية :

فشغل كثير من المسلمين أنفسهم بالعبادة من صلاة وصيام واعتكاف وذكر وتسبيح ، واتخذ ذلك صوراً عدة ، فمنهم من يهاجر إلى مكة والمدينة ليجاور أحد الحرمين .

ومن ذلك الدعوة إلى الزهد في الدنيا واحتقار ما فيها ، والعيش منها على الكفاف ، فمدحوا الجوع والعري والفقر، مما أصاب الناس بالكسل والتراخي ، فكان ذلك من أسباب تفوق أعدائهم عليهم .

ومنهم من اشتغل عن الجهاد بتأليف الكتب والرسائل والمقالات في يوم القيامة والدجال وظهور عيسى عليه السلام والجنة و ما فيها من النعيم والحور العين .

كما لجأ عدد من الشعراء إلى القصائد النبوية يمدحون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو يستشفعون به ، أو يطلبون منه النصر على الأعداء ، وبعض هذا غير جائز شرعاً .

– استحداث مدن لم يكن لها وجود ملحوظ :

مثل مدينة قوص وثغر عيذاب على البحر الأحمر ، وذلك أن الصليبيين قد استولوا على فلسطين وثغورها فأصبح الطريق للحج لأهل الأندلس وشمال أفريقية غير مأمون ، فاتجه الحجاج إلى مصر ، ثم يسلكون طريق النيل إلى جنوبي القاهرة حيث مدينة قوص ، ومنها إلى ثغر عيذاب ، ثم يركبون البحر إلى البلاد المقدسة .

وترتب على ذلك أن عظم شان قوص وكثرت بها المدارس والمعاهد والمساجد ، وقصدها العلماء ، وبزغ منها علماء في الحديث والفقه والنحو ، وكثر بها الأدباء والشعراء ، و كذلك عيذاب .

ثانياً : في الجانب الاقتصادي :

– في الجانب الإيجابي : ترويج التجارة :

ونقل حاصلات الشرق ومنتجاته إلى أوروبا ، عن طريق جنوا والبندقية وبيزا ، وغيرها من الموانئ الأوروبية التي اشترطت للدخول في الحرب حصولها على امتيازات تجارية في ممالك الصليب بالشام .

وأصبحت مثل عكا وصيدا وصور واللاذقية مراكز تجارية هامة حملت حاصلات الشرق لأوروبا من مثل المنسوجات القطنية والحريرية والأواني الزجاجية واللآلئ والأحجار الكريمة والعاج والأخشاب والعقاقير والتوابل التي كانت ترد للشرق الإسلامي من الشرق الأقصى .

كل ذلك كان يأخذه الغربيون عن طريق العراق حيناً والشام حيناً لتستقر في الثغور التي احتلها الصليبيون في الشام ، ومنها تعبر البحر إلى أوروبا . كما استفادوا كذلك من بعض الثغور المصرية التي احتلوها كدمياط والإسكندرية .

ولا شك أن هذه الاستفادة التجارية لم تكن موضع رضا المخلصين ، بسبب أنها تجارة بين صاحب الأرض والمحتل الغاصب ، كما أن استمرار الجهاد ضد المحتلين لم يعط الفرص الكافية لاستقرار التجارة .

– الجانب السلبي : الخسائر في الأرواح والممتلكات والأموال :

وربما أدت الحروب الصليبية إلى دمار كامل لبعض المدن والثغور ، وهذا يحدث كساداً تجارياً وخللاً اقتصادياً .

وصاحب الحروب تعطيل لكثير من الصناعـات ، وتضييع لكثير من الحاصلات الزراعية ، واختلال الأمن ، وإشاعة للسلب والنهب ، أدى ولا شك إلى ارتفاع الأسعار لدرجة أعجزت الناس عن الحصول على ضرورياتهم .

ثانياً : في الجانب السياسي :

وتجلى هذا الأثر في مجالين هما :

– اتحاد المسلمين وجمع كلمتهم تحت قيادات مخلصة .

– إضعاف الدولة الرومانية الشرقية – بيزنطة – مما أدى إلى الاستيلاء عليها نهائياً ، بعد انتهاء الحروب الصليبية بزمن غير بعيد .

أما وحدة المسلمين في مواجهة الصليبيين فقد كانت الدولة العباسية عند بدء الحروب الصليبية ضعيفة مفككة الأوصال على شكل ولايات متعادية يطمع رئيس كل ولاية أن يوسع ولايته على حساب ولاية جيرانه . وكانت الدولة الفاطمية في أضعف قواها وظروفها ، وهذا قد أدى لظهور شخصيات لمعت في جمع شمل المسلمين وتوحيد صفوفهم ضد الصليبيين ، وأشهرهم عماد الدين زنكي ، وابنه نور الدين محمود ، وصلاح الدين الأيوبي الذي دانت له مصر والشام واليمن واسترجع المسجد الأقصى من أيدي الصليبيين .

أما إضعاف الدولة البيزنطية فقد كانت هذه الدولة سداً منيعاً في وجه الفتوح الإسلامية والتي منعت امتداد الإسلام إلى أوروبا ، فلما استغاثت الدولة البيزنطية بأوروبا ضد السلاجقة المسلمين قامت الحملات الصليبية بتقوية الدولة البيزنطية في البداية ولكن أطماع الأوروبيين امتدت نحو هذه الدولة فحرصوا على الاستيلاء على البلدان التي تقع تحت أيديهم من المسلمين وإن كانت في الأصل للدولة البيزنطية ، مما تحول إلى صراع بين قادة الصليبيين في الشرق الإسلامي وأباطرة الدولة البيزنطية ، حتى حول الصليبيون الأوروبيون الدولة البيزنطية إلى دولة لاتينية إقطاعية ، ثم استعادت بعض نفوذها من الأوروبيين لكن العثمانيين جاؤوها وقد ضعفت وتضعضعت فأزالوها .

ثالثاً : إذكاء العواطف الدينية :

إذ ثاب المسلمون إلى رشدهم ، وعادوا إلى مصدر عزهم وانتصارهم ، واستيقظت في نفوسهم حمية الإسلام ، وعاشت في قلوبهم آيات الجهاد وأحاديثه ، ورفعوا علم الجهاد في سبيل الله تعالى ، وظهر القادة المجاهدون المخلصون وتبعتهم الأمة ونصرتهم .

وكره المسلمون النصارى الذين كانوا يقيمون معهم في البلدان الإسلامية ، وكذلك اليهود الذين وقفوا إلى جوار الصليبيين ضد المسلمين ، فعاملهم المسلمون بالتضييق والشجب وعدم الثقة وسحبت منهم بعض الأعمال والمناصب التي كانوا يتولونها من قبل ، وظهرت كتب ومؤلفات في الرد على أهل الكتاب وتبيين التحريف في أديانهم مثل كتاب : هداية الحيارى من اليهود والنصارى لابن القيم ، وكتاب : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ، وكتب في ذكر مثالب الصليبيين ومفاسدهم ، وكتب في الثناء على الحكام المسلمين الذين قاتلوهم .

رابعاً : في التأثر ببعض العادات :
وهي مبدأ توريث الإقطاع بأن يقطع كل أمير وقائد جند في جيشه قطعة كبيرة من الأرض بحيث يتكفل بإدارة الإقطاع والإشراف عليه مالياً وإدارياً وعسكرياً ، ويؤدي من دخله ما عليه من مال للسلطان ، وأعظم سيئات هذا العمل ظهور نظام الطبقية في المجتمع وما يتبعه من مشاعر سيئة لدى الفقراء ، وظهور منافقي السلاطين ليعيشوا من أموالهم .

وكذلك رباطات الصوفيين و تكاياهم ، التي تشبه أديرة النصارى في بلدانهم ، فقد احترف بعض المسلمين الانقطاع للعبادة والقعود في رباطات بناها لهم السلاطين ، إيثاراً للعافية والدعة على حرب الصليبيين ، وأشاع الصوفيون بهذا روح التواكل حتى ترك كثير من الناس الجهاد مما جعل بعض الحكام يأتي بالجنود من أماكن بعيدة .

وأخيراً انتشار الرقيق والاتجار فيه ، فقد توسع أثرياء المسلمين في اقتناء العبيد والجواري والغلمان لتمام الزينة والرونق ، وجر هذا على المسلمين فساداً أخلاقياً عظيماً وتسربت معه عادات لا يقرها الإسلام في التحية والملابس ، وظهرت أماكن أعدت للهو والغناء وشرب الخمر وغير ذلك .

م/ن

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده