السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الوقف
المقدمـة
الحمد لله ، أحمده ، وأستعينه ، وأستغفره ، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فقد جاءت الشريعة الإسلامية بالحث على عمل الخير، والإنفاق في سبيل الله ، ومن ذلك توقيف الأموال وتحبيسها على أبواب البر والإحسان، فإن الوقف من الصدقات الجارية في حياة المتصدق وبعد وفاته، يعم خيرها، ويكثر برها .
المواضيـــع :
1. تعريف الوقف .
2. حكم الوقف.
3. أركان الوقف وشروطه .
4. وقف غير المسلم.
5. وجوب العمل بشرط الوقف.
6. الشروط العشرة.
7. مسوغات مخالفة شروط الواقف.
8. الرجوع في الوقف.
9. اشتراط القبول لاستحقاق الوقف.
10. اشتراط الحيازة والقبض.
11. إذا لم يعين الواقف الجهة.
12. موت أحد المستحقين أو حرمانه من استحقاقه.
13. تعيين الواقف ناظرا.
14. شروط الناظر.
15. واجبات الناظر.
16. ما لا يجوز للناظر من التصرفات.
17. الوقف المضاف لما بعد الموت.
18. أجرة الناظر.
19. إقرار الناظر بالنظر لغيره.
20. عزل الناظر.
21. تفسير كلام الواقف.
22. انتهاء الوقف.
23. الخاتمة .
24. المصادر .
أولاً: تعريف الوقف:
الوقف في اللغة: يأتي بمعنى التحبيس أو التسبيل، يقال وقف الأرض على المساكين ولهم وقفا أي حبسها، ويجمع على (وقوف أو أوقاف) ومعنى تحبيسه: أي أن لا يورث ولا يباع ولا يوهب، ولكن يترك أصله، ويجعل ثمرة في سبيل الخير، ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في نخل له أراد أن يتقرب بصدقته إلى الله عز وجل: حبس الأصل، وسبل الثمرة أي جعله وقفا وحبسا.
ثانيا: حكم الوقف :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقف مستحب، ودليلهم ما ورد من أدلة عامة من الكتاب والسنة تدل على الندب إلى الصدقات وأن الوقف صدقة فمن ذلك قوله تعالى : " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " وقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم من حديث أبي هريرة. والوقف نوع من الصدقات الجارية.
كما استدلوا بأدلة خاصة بالوقف من ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال : " أصاب عمر بخيبر أرضا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : أصبت أرضا بخيبر لم أصب مالا أنفس منه فكيف تأمرني به ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال: فتصدق بها عمر رضي الله عنه لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث، فتصدق بها في الفقراء وفي الغرماء وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف ولا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه " رواه البخاري. وهذا الحديث أصل في مشروعية الوقف وأحكامه.
ثالثاً: أركان الوقف وشروطه:
للوقف أربعة أركان: الصيغة، والواقف، والموقوف عليه، والموقوف.
1. الصيغة: أو اللفظ الدال على إرادة الوقف، وينقسم إلى قسمين صريح وكناية. فأما الصريح كأن يقول الواقف: وقفت أو حبست أو سبّلت، وأما الكناية فهي التي تحتمل معنى الوقف وغيره ومثاله: الصدقة، وجعلت المال للفقراء أو في سبيل الله ونحوها ولا ينعقد الوقف بألفاظ الكناية إلا إذا قرنها الواقف بقرينة تدل على أنه يريد بها الوقف. وذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقف كما ينعقد باللفظ ينعقد بالفعل، كأن يبني مسجدا ويأذن للناس في الصلاة فيه، أو مقبرة ويأذن في الدفن فيها. فيصير المسجد والمقبرة وقفا بالقرينة الدالة على إرادة الوقف.
ويشترط في صيغة الوقف: الجزم والإلزام فلا ينعقد الوقف بالوعد، ويشترط فيها التنجيز فلا يصح تعليقها على شرط كأن يعلق الوقف على قدوم شخص. ويشترط في الصيغة كذلك التـأبيد فلا يصح تأقيت الوقف بمدة معينة وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وقال المالكية بجواز تأقيته.
2. الواقف: يشترط في الواقف لكي يكون أهلا للتبرع بأن يكون عاقلا، بالغا غير محجور عليه، مختارا غير مكره.
3. الموقوف عليه: وهي الجهة ويشترط فيها أن تكون جهة بر ليست جهة معصية. وأن تكون غير منقطعة، بمعنى أن لا تنتهي كالوقف على المساكين. كما يشترط أن لا يعود الوقف على الواقف بأن يقف على نفسه، كما ذهب جمهور الفقهاء إلى اشتراط أن تكون الجهة مما يصح أن تُملك، فلا يصح الوقف على الجنين ولا على العبد ولا على الميت. كما اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز الوقف على جهة معصية كأندية الميسر ودور اللهو، لأنه ليس قربة في نظر الإسلام.
4. الموقوف: ويشترط فيه أن يكون مالا متقوما معلوما ملكا للواقف ملكا تاما، ويشترط دوام الانتفاع به وألا يكون من المستهلكات كالطعام والشراب. ويصح وقف المال المنقول والمشاع والعقار. ولا يصح وقف المنفعة وحدها دون الرقبة، ولا يصح وقف ما لا فائدة فيه أو ما لا منفعة منه، كوقف كلب وخنزير.
وقف غير المسلم:
يصح وقف غير المسلم إذا التزم بشروط الوقف وأركانه التي تقدم ذكرها خاصة إذا كان أهلا للتبرع وأن لا يقف على جهة معصية في شريعتنا.
وجوب العمل بشرط الوقف:
إذا اشترط الواقف في وقفه ما لا يخالف الشرع، أو ما لا يخالف مصلحة الوقف أو الموقوف عليهم وجب اتباع شرطه.
ويعتبر الفقهاء أن شرط الواقف كنص الشارع في وجوب التزامه. ومثال الشروط المخالفة للشرع كأن يشترط الواقف العزوبة فيمن يستحق في الوقف. ومثال الشروط المخالفة لمصلحة الوقف ما إذا شرط ألا يؤجر الوقف إلا بأجرة معينة والحال أن هذه الأجرة لا تكفي لعمارة الوقف، ففي هذه الأحوال وأمثالها لا يعمل بشرط الواقف، أما إذا اشترط شروطا فاسدة كأن يشترط إبقاء الموقوف على ملكه فالوقف يعتبر باطلا، وكذا لو اشترط على نفسه الرجوع عن الوقف متى شاء بطل الوقف.
الشروط العشرة :
هي جملة الشروط للواقف أن يشترطها في وقفه لنفسه، يملك فيها تغيير مصارف الوقف واستبداله وهي:
-1 الزيادة والنقصان: بأن يزيد في نصيب مستحق من المستحقين في الوقف أو ينقص فيه .
2- الإدخال والإخراج: أن يدخل في الاستحقاق من ليس مستحقا في الوقف أو يخرج أحد المستحقين من الموقوف عليهم.
3- الإعطاء والحرمان: الإعطاء هو إيثار بعض المستحقين بالعطاء مدة معينة أو دائما. الحرمان هو منع الغلة عن بعض المستحقين مدة معينة أو دائما.
4- التغيير والتبديل: التغيير هو حق الواقف في تغيير الشروط التي اشترطها في الوقف، والتبديل هو حق الواقف في تبديل طريقة الانتفاع بالموقوف بأن يكون دارا للسكنى فيجعله للإيجار.
5- الإبدال والاستبدال: الإبدال هو بيع عين الوقف ببدل من النقود أو الأعيان. أما الاستبدال فهو شراء عين أخرى تكون وقفا بالبدل الذي بيعت به عين الوقف.
مسوغات مخالفة شروط الواقف:
1- إذا أصبح العمل بالشرط في غير مصلحة الوقف كأن لا يوجد من يرغب في الوقف إلا على وجه مخالف لشرط الواقف.
2- إذا أصبح العمل بالشرط في غير مصلحة الموقوف عليهم كاشتراط العزوبة مثلا.
3- إذا أصبح العمل بالشرط يفوت غرضا للواقف كأن يشترط الإمامة لشخص معين ويظهر أنه ليس أهلا لإمامة الصلاة.
4- إذا اقتضت ذلك مصلحة أرجح كمن إذا وقف أرضا للزراعة فتعذرت وأمكن الانتفاع بها في البناء فينبغي العمل بالمصلحة إذ من المعلوم أن الواقف لا يقصد تعطيل وقفه وثوابه
الرجوع في الوقف:
ذهب جمهور الفقهاء على أنه لا يجوز الرجوع في الوقف لأن الأصل في الوقف أن يكون لازما متى صدر من أهله مستكملا شروطه. فينقطع حق الواقف والموقوف عليه أو الناظر في التصرف بعين الوقف ولم يكن لهم حق سوى في المنفعة.
وذهب أبو حنيفة إلى أن الوقف غير لازم فيجوز للواقف الرجوع في وقفه إلا في حالتين: أن يقضي القاضي بلزوم الوقف، أو أن يخرج الواقف وقفه مخرج الوصية كأن يقول إذا مت فأرضي موقوفة على الفقراء، ويستثني أبو حنيفة من عدم اللزوم وقف المسجد فهو لازم عنده لا يجوز الرجوع فيه.
اشتراط القبول لاستحقاق الوقف:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقـف إذا كان على شخص معين فإنه يشترط قبوله ليستحق الوقف، أما إذا كان الموقوف عليه غـير معين فلا يشترط القبول به. والجمهور يعتبرون القبول شرطا لصحة الوقف وللاستحقاق. والمالكية يعتبرونه شرطا للاستحقاق فقط.
فإذا لم يقبل الشخص المعين الوقف ورد الموقوف عليه فإن نصيبه في الاستحقاق ينتقل إلى من يليه في الاستحقاق إن وجد وإلا انتقل إلى الفقراء.
اشتراط الحيازة والقبض :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقف يتم ويلزم بمجرد اللفظ من غير حاجة إلى أن يقبض الموقوف عليهم الغلة أو العين الموقوفة.
واشترط المالكية لتمام الوقف ولزومه الحيازة بأن يحوز ناظر الوقف العين الموقوفة فيبطل الوقف إذا لم يحز الموقوف أو حدث مانع كموت الواقف.
إذا لم يعين الواقف الجهة:
إذا كان الوقف على الجهات الخيرية ولم يعين الواقف جهة من الجهات أو عينها ولم تكن موجودة أو لم تبق حاجة إليها أو زاد ريع الوقف على حاجتها صرف الريع أو فائضة بإذن اللجنة إلى من يكون محتاجا من ذرية الواقف ووالديه بقدر كفايتهم، ثم إلى المحتاج من أقاربه ثم إلى جهة من جهات البر، وفي حالة ما إذا لم تكن جهة البر التي عّينها الواقف موجودة ثم وجدت كان لها ما يحدث من الريع من وقت وجودها.
موت أحد المستحقين أو حرمانه من استحقاقه:
إذا مات مستحق أوحرم وكان الوقف على معين ولم يوجد من يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلي من كان يشترك معه في الحصة وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء فلو وقف شخص على ولديه أحمد ومحمود وعلى أولادهما من بعدهما، ثم مات أحدهما دون أن يكون له ولد عاد نصيبه إلى أخيه لأنه هو الذي يشترك معه في الحصة.
وأما إذا كان الوقف مرتب على الطبقات ومات أحد المستحقين، كان نصيبه لفرعه ، فإن لم يوجد كان نصيبه لمن هو في طبقته من أهل الحصة التي كان يستحق فيها.
تعيين الواقف ناظرا:
إذا شرط الواقف النظر على وقفه لنفسه أو غيره واحدا كان أو أكثر أو جعله مرتبا بينهم كأن يجعل الولاية لفلان فإذا مات فلفلان، إذا شرط ذلك وجب العمل بشرطه لما روي أن عمر – رضي الله عنه " كان يلي أمر صدقته – أي وقفه – ثم جعله إلى حفصة تليه ما عاشت ثم يليه أولو الرأي من أهلها "رواه أبو داود.
شروط الناظر:
يشترط فيمن يتولى النظر على الوقف جملة من الشروط هي:
1- الإســلام: وذلك لأن النظر ولاية ولا ولاية لكافر على مسلم.
2- العـقل: فلا يصح أن يتولى النظر مجنون.
3- البلوغ: فلا يصح تولية النظر للصغير.
4- الـعـدالة: هي المحافظة الدينية على اجتناب الكبائر وتوقي الصغائر وأداء الأمانة، وحسن المعاملة.
5- الـكـفاية: وهي قدرة الناظر على التصرف فيما هو ناظر فيه.
واجبات الناظر:
يجب على الناظر القيام بكل ما من شأنه الحفاظ على الوقف ورعاية مصلحته ومن ذلك:
1- عمارة الوقف: بأن يقوم بأعمال الترميم والصيانة حفظا لعين الوقف من الخراب والهلاك.
2- تنفيذ شروط الواقف: فلا تجوز مخالفة شروطه أو إهمالها ويجب الالتزام بها في أحوال خصوصية تقدم بيانها.
3- الدفاع عن حقوق الوقف: في المخاصمات القضائية رعاية لهذه الحقوق من الضياع.
4- أداء ديون الوقف: تتعلق الديون بريع الوقف لا بعينه وأداء هذه الديون مقدم على الصرف على المستحقين لأن تأخيرها تعريض للوقف بأن يحجز ريعه.
5- أداء حقوق المستحقين في الوقف: وعدم تأخيرها إلا لضرورة كحاجة الوقف إلى العمارة والإصلاح أو الوفاء بدين .
ما لا يجوز للناظر من التصرفات:
هناك جملة من التصرفات يمنع منها الناظر لما فيها من الأضرار بمصلحة الوقف، ومن ذلك:
1- التلبس بشبهة المحاباة كأن يؤجر عين الوقف لنفسه أو ولده لما في ذلك من التهمة.
2- الاستدانة على الوقف ليكون السداد من ريع الوقف، إلا في حال الضرورة وذلك لما فيه تعريض الريع للحجز لمصلحة الدائنين.
3- رهن الوقف لما قد يؤدي إلى ضياع العين الموقوفة.
4- إعارة الوقف، إلا للموقوف عليهم.
5- الإسكان في أعيان الوقف دون أجرة.
الوقف المضاف لما بعد الموت :
إذا قال الواقف جعلت هذا البيت وقفا بعد موتي أو إذا مت كان هذا البيت وقفا، فيصح الوقف ويكون حكمه حكم الوصية، فيجب أن يكون في حدود الثلث ويجوز له الرجوع عنه ولا يجوز أن يصرف لوارث، ويكون حكم الوقف في أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث.
أجرة الناظر:
يستحق الناظر ما شرط له الواقف من الأجرة وإن زادت على أجرة المثل، فإذا لم يشرط له شيء رفع أمره للقاضي ليقرر له أجرة المثل، وكذلك إذا عين الواقف للناظر أجرا أقل من أجر المثل فللناظر رفع أمره للقضاء ليقرر له أجر المثل.
إقرار الناظر بالنظر لغيره:
إذا عزل الناظر نفسه بأن أسقط حقه من النظر لغيره فانه لا يسقط حقه ويستنيب القاضي من يباشر عنه في الوظيفة، أما إذا شرط الواقف النظر لإنسان وجعل له أن يفوض النظر إلى من أراد فله ذلك ولا يزول الناظر عن نظارته بهذا التفويض ويكون من فوّضه وكيلا عنه.
عزل الناظر:
يعزل الناظر بالفسق المحقق ويعزل إذا فقد أهليته فينزع القاضي الوقف منه وإن كان الواقف قد شرط له النظر. ويتولى القاضي النظر و له أن يوليه من أراد، ولا ينتقل النظر إلى الناظر التالي حسب ترتيب الواقف لأن انتقال النظارة إليه مشروط بفقد الناظر الحالي ولم يفقد، فإذا عادت الأهلية إلى الناظر المعزول عادت النظارة إليه إن كان الواقف هو الذي عينه في النظارة أصلا وإلا فلا تعود إليه.
تفسير كلام الواقف:
المعتبر في تفسير ألفاظ الواقف مدلول الألفاظ لا المقاصد وذلك بعدم الاطلاع عليها ما لم تقم قرينة تدل على ذلك، فيكون المعّول عليها، فإذا أجمل الواقف شرطه اتبع فيه العرف المطرد في زمانه لأنه بمنزلة الشرط ، ثم ما كان أقرب إلى مقاصد الواقفين.
انتهاء الوقف:
ينتهي الوقف بانتهاء مدته إذا كان مؤقتا عند من يقول بالتأقيت وكذا في كل حصة منه بانقراض أهلها ويؤول ما انتهى إليه الوقف للواقف إن كان حيا أو لورثته يوم وفاته فإن لم يكن له ورثة أو كانوا وانقرضوا، اعتبر وقفا خيريا.
ينتهي الوقف الأهلي إذا تخربت أعيانه كلها أو بعضها ولم يكن تعميرها أو استبدالها أو الانتفاع بها انتفاعا يكفل للمستحقين نصيبا في الغلة غير ضئيل.
كما ينتهي الوقف أيضا إذا كان موفور الغلة وكثر مستحقوه حتى قلت أنصباؤهم حسب أحوالهم الاجتماعية ولم يكن استبدال الموقوف بما يرجع عليهم ريعا مناسبا. يصير ما انتهى إليه الوقف ملكا للواقف إن كان حيا، وإلا فلورثته فإذا لم يوجد ورثة يصير الوقف خيريا.
الخاتمة :
إن من شكر نعم الله عز وجل أن نتذكر حال آبائنا وأجدادنا قبل سنوات قريبة حيث أصابهم الجوع، ولازمهم ضيق ذات اليد وقلة الموارد، وقلّ منهم من يأكل وجبتين في اليوم الواحد. ولقد منّ الله عز وجل علينا بنعم عظيمة: من سعة في الأرزاق، كثرة في الأموال، ورغد من لعيش، فيا ترى كيف الحال وقد أبدل الله الفقر بالغنى، والجوع بالشبع، والخوف بالأمن.
فيامن خلقك الله للعبادة وابتلاك بالمال.. لا تزال تسير في هذه الحياة حتى يأتيك هادم اللذات شئت أم أبيت عاجلاً أم آجلاً. إما في سن الشباب أو عند الهرم والشيخوخة.. وكلها سنوات قليلة وترحل من فوق الأرض إلى تحت الأرض. فمن أين لك بالحسنات تجري عليك؟! إنها الأوقاف التي تدفع إليك الحسنات في وقت أنت أحوج ما تكون.. عليك بدريهمات قليلة فاجعلها لك ذخراً: إما مصحفاً تقفه، أو كتاباً نافعاً تنشره، أو لبنة في بناء، أو إسهاماً في مشروع ينفع الإسلام والمسلمين. إنه عمل من أعمالك في الدنيا تجري عليك حسناته وأنت في قبرك، وهذه منّة من الله وفضل أن جعل العبد يسعى فيما لا ينقطع فيه أجره بعد مماته.
ويا من أوقفت من مالك لوجه الله تعالى.. أبشر بانشراح الصدر، وسعة في الرزق، ونماء في الأموال، وطمأنينة في الدنيا. فإنك تعمل وتقدم لآخرتك وسوف تسر بما تقدم.
اللهم أحينا على التوحيد سعداء، وأمتنا على التوحيد شهداء. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المراجع :
د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح
الأستاذ المشارك بقسم الفقه بكلية الشريعة وأصول الدين
بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم.
حكومة الشارقة – الأمانة العامة للأوقاف
م/ن