الرسول- صلى الله عليه وسلم ــ زوجا
حياة رسول الله صلــ الله عليه وسلم ـــــــى واضحة المعالم ، دقيقة التفاصيل ، ليس فيها جانب خفي ، انما هي معلومة لكل امته بما في ذلك دائرته الاسرية الخاصة ، التي قدم من خلالها نموذجا بشريا رائدا ، واقعي التطبيق ومثالي
المبادئ ، أرشدنا الله – عز وجل – لاتخاذه منهجا نتأسى به ونقتدي فقال :
” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ”
والرسول صلــ الله عليه وسلم ـــــــى كان زوجا لامرأة واحدة لسنوات طويلة ، ثم صار بعد ذلك لعدد من النسوة ، فمن أراد أن يتأسى به وله زوجة واحدة أو عدة زوجات وجد فيه مثالا صالحا وزوجا عادلا.
مقومات حياة الرسول صلـ الله عليه وسلم ــ الزوجية
أولا : أداء الحقوق المادية :
ثانيا : العشرة بالمعروف
ثالثا العدالة والانصاف :
3- رفق المعاملة ورعاية المشاعر :
4- المشاورة واحترام الرأي :
5- الصبر والحكمة في ادارة الخلافات الزوجية :
6 – الترويح عن النفس :
7 – الثقة وعدم الشك ..
8 – الوفاء
1- المشاركة والتعاون : كان الرسول صلـ الله عليه و سلم ــ يعاون اهله ، ويضع يده الشريفة للمساعدة في شؤون بيته ، قالت عائشة – رضي الله عنها – ” كان في بيته في مهنة اهله ” رواه البخاري ، وعددت بعض المظاهر هذه الخدمة فقالت : ” يحلب شاته ، ويخيط ثوبه ، ويخصف نعله ، ويخدم نفسه ، ويرقع دلوه ” .
2- التلطف والتدليل : كان صلـ الله عليه و سلم ــى حريصا على ملاطفة اهله واظهار المودة لهن ، لما في ذلك من تطييب لقلوبهن واسعاد لها ، حيث كان نداؤه لهن . بما هو محبب للنفس ، كما ثبت من مناداته للسيدة عائشة – رضي الله عنها – ب(( عائش )) و (( يا حميراء )) . وكذلك تصريحه بحبه لزوجاته والجهر بذلك ، كما قال عن خديجة رضي الله عنها : (( اني قد رزقت حبها )) رواه مسلم ، وقد ذكر انس بن مالك – رضي الله عنه – جانبا من هذا التلطف مع زوجته صفية بنت حيي بن اخطب – رضي الله عنها – فقال : (( رايت رسول الله صلـ الله عليه و سلم ــ يحوي لها وراء عباءة ثم يجلس عند بعيره فيعض ركبته فتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب )) رواه البخاري . وقد كان يدعوا الازواج الى التلطف مع زوجاتهم بالشكل الذي يشعرهن بالمحبة والمودة ، حيث قال صلـ الله عليه و سلم ــى : (( وانك مهما انفقت من نفقة فانها صدقة ، حتى اللقمة التي ترفعها الى في امرأتك )) رواه البخاري .
حزنت السيدة عائشة – رضي الله عنها – لانها حجت ولم تتمكن من اداء العمرة بسبب الحيض ، فقالت :يا رسول الله ، أيرجع الناس بنسكين ، وارجع بنسك واحد ؟! فبعث بها النبي صلـ الله عليه و سلم ــى مع اخيها عبد الرحمن الى التنعيم ، فاعتمرت بعد الحج .
كانت صفية – رضي الله عنها – مع رسول الله صلـ الله عليه و سلم ــى في سفر فتاخرت في المسير عنهم ، فاستقبلها رسول الله صلـ الله عليه و سلم ــى وهي تبكي وتقول : ” حملتني على بعير بطيء ” فجعل رسول الله صلـ الله عليه و سلم ــ يمسح بيده عينيها ويسمتها فأبت الا البكاء )) رواه النسائي .
قالت عائشة – رضي الله عنها – : (( ما ضرب رسول الله صلـ الله عليه و سلم ــى شيئا قط بيده ولا امراة ولا خادما ….)) رواه مسلم .
* قال انس بن مالك – رضي الله عنه – : بلغ صبية – رضي الله عنها – ان حفصة – رضي الله عنها – قالت لها : ابنة يهودي . فبكت فدخل عليها النبي صلـ الله عليه و سلم ــى وهي تبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قالت : قالت لي حفصة : ابنة يهودي ، فقال النبي صلـ الله عليه و سلم ــى : انك لابنة نبي وان عمك نبي وانك لتحت نبي فبم تفخر عليك ؟ ثم قال : اتقي الله يا حفصة ” . رواه النسائي
في المشاورة اشعار بالقيمة واظهار المودة ، وقد كان الرسول صلـ الله عليه و سلم ــى يشاور نساءه ويجد منهن صوابا في الراي وسدادا في المشورة ، فهذه ام سلمة – رضي الله عنها – يدخل عليها الرسول صلـ الله عليه و سلم ــى في صلح الحديبية مهموما مشاورا في امر اصحابه الذين شق عليهم ان يرجعوا ولم يدخلوا مكة ، فقالت له : اخرج يا رسول الله فاحلق وانحر ، فاستجابة لمشورتها ، فحلق ونحر ، واذا باصحابه كلهم يقومون قومة رجل واحد فيحلقوا وينحروا .
السيدة خديجة – رضي الله عنها – اشارت على الرسول صلـ الله عليه و سلم ــى حينما رجع من الغار بعد نزول الملك عليه بمشورة فما هي ؟ وهل اخذ بها صلـ الله عليه و سلم ــى ؟
انطلقت به خديجة حتى اتت به ورقة ابن نوفل بن اسد بن عبد العزى ابن عم خديجة – وكان امرءا تنصر في الجاهلية ، وكا ن يكتب الكتاب العبراني ، فكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله ان يكتب ، فقال له ورقة : يا ابن اخي ماذا ترى ؟فأخبره رسول الله صلـ الله عليه وسلم ـــى خبرما ارى ، فقال له ورقة : هذا الناموس الذي انزله الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعا ،ليتني اكون حيا اذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلـ الله عليه وسلم ـــ أو مخرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يات رجل قط بمثل ما جئت به الا عودى ، وان يدركني يومك انصرك نصرا مؤزرا ، ثم لم ينشب ورقة ان توفى وقتر الوحي
قال الله تعالى : ” وجعلنا بعضكم لبعض فتنة اتصبرون ” ، وقال صلـ الله عليه وسلم ـــى : (( لا يفرك مؤمن مؤمنة ، ان كره منها خلقا رضي منها آخر )) رواه مسلم ، فالحياة الزوجية لا تخلوا من الخلافات الاسرية ، وتتطلب الصبر والحكمة في مواجهتها ، فقد كان الرسول صلـ الله عليه وسلم ـــى يواجه غضب نساءه برفق وعفو فربما غاضبته الواحدة منهن فهجرته الى الليل ، فلا يهتاج ولا يحتد ، بل يقابل المر بسكينة ولطف ، ويدير المشكلة بحكمة وصبر .
كان النبي صلـ الله عليه وسلم ـــى عند بعض نسائه فأرسلت احدى امهات المؤمنين بصفحة فيها طعام ، فضربت التي كان النبي صلـ الله عليه وسلم في بيتها يد الخادمة ، فسقطت الصفحة ، فانفلقت ، فجمع النبي صلـ الله عليه وسلم ــى فلق الصفحة ، ثم جعل فيها الطعام الذي كان في الصفحة ، ويقول : غارت امكم ، ثم ابقى الخادمة حتى اتى بصحفة من عند التي هو في بيتها ، فدفع الصحفة الصحيحة الى التي كسرت صحفتها ، وامسك المكسورة في بيت التي كسرت . رواه البخاري
كان صلـ الله عليه وسلم ـــــــى يحرص على ايجاد مساحة ترويحية في حياة نسائه – رضوان الله عليهن – سواء في حله او ترحاله ، فقد كان يسمح لهن بمشاهدة اللهو المباح ، كما قالت عائشة – رضي الله عنها : (( لقد رايت رسول الله صلـ الله عليه وسلم ــــــى يوما على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه أنظر إلى لعبهم )) رواه البخاري .. وكان يسمر مع أهله بعد صلاة العشاء وقبل أن ينام يؤانسهم بذلك , وكان إذا اصطحب نساءه في سفر يخصص لهن وقتا ترفيهيا في الصحراء بعيداً عن النظر .. كما فعل مع السيدة عائشة –رضي الله عنها- التي كان يسابقها , فسبقته في الأولى .. و سبقها في الثانية وقال لها حينئذ ((هذه بتلك )) رواه أحمد ..
كان جميع نساء النبي صلى الله عليه وسلّم موضع ثقته واحترامه ، فحينما وقعت حادثة الافك للسيدة عائشة – رضي الله عنها – لم يذكر لها الرسول صلـ الله عليه وسلم ما كان يخوضه الناس في قول اصحاب الافك حتى انها لم تشعر بذلك ، تقول عائشة – رضي الله عنها – : ( فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول اصحاب الافك لا اشعر بشيء من ذلك )) رواه البخاري ، ثم شهد لها بالخير وهو على المنبر ، وأبعد عنها كل شبهة ، وهو يقول : (( والله ما علمت على اهلي إلا خيرا )) رواه البخاري .
الوفاء خلق ايماني تحقق في وفاء الرسول صلـ الله عليه وسلم ــى لزوجته خديجة – رضي الله عنها – التي كان يكثر من ذكرها ، ويكرم اقاربها ، ويحسن الى صديقاتها ، حتى غارت عائشة – رضي الله عنها – منها ، وقالت له : (( ما اكثر ما تذكرها ، قد ابدلك الله – عز وجل – بها خيرا )) فغضب صلـ الله عليه وسلم ــى وقال : (( ابدلني الله – عزوجل – خيرا منها ،قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله – عز وجل – ولدها إذ حرمني أولاد النساء ..)) رواه احمد ، حتى قالت عائشة : ((والذي بعثك بالحق لا اذكرها بعد ذلك الا بالخير )) رواه الطبراني
وعدل الرسول صلــ الله عليه وسلم ـــى بين زوجاته لم يكن يتغير تبعا لتغير احواله في سفر أو حضر ، بل كان يعدل في سفره كما يعدل في حضره ،تقول السيدة عائشة – رضي الله عنها – : (( كان رسول الله صلـ الله عليه وسلم ــى اذا أراد سفرا اقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه )) . رواه البخاري
وبالتوفيق=)