التقـريـرْ..
خطر الصفويين على العثمانيين
بعد الإعلان عن قيام دولتهم عام 1501 أرسل الصفويون المئات من دعاتهم المدربين لنشر المذهب الشيعي في الأقاليم التابعة للدولة العثمانية ولاسيما بين القبائل التركية البدوية في الأناضول، قريبا من معقل العثمانيين ، ونشطوا في ذلك نشاطا كبيرا ووجدوا لهم أعواناً كثيرين في تلك المنطقة سواء من المغرر بهم أو من الحاقدين على العثمانيين، مهدوا لهم الطريق لنشر مذهبهم الفاسد وهدم الدولة العثمانية من الداخل، وقد أطمعهم في ذلك كبر سن السلطان بايزيد الثاني – ابن السلطان محمد الفاتح – والذي أطلق عليه بعض المؤرخين العثمانيين لقب الصوفي لنزوعه نحو التأمل والدعة والسكون، ولميله إلى السلام ودعم العلاقات العثمانية الصفوية، وحرصة على حقن دماء المسلمين وتركه شؤون الحكم لأبنائه ووزرائه، حيث كان الأبناء في تنافس على السلطة مما أدّى لاختلال الأمن في البلاد. وعندما علم السلطان بايزيد الثاني ، أن الشاه إسماعيل الصفوي يتمادى في إلحاق الأذى والضرر بالسنة، بصورة جعلتهم يهربون إلى الأراضي العثمانية ، اكتفى ببعث كتاب إليه ينصحه بالتزام العقل والحكمة في معاملتهم.، وهذا الموقف المتراخي من السلطان بايزيد لم يعجب قادة الإنكشارية فتوجهت أنظارهم لولده الأمير سليم الذي كان يشبه جده السلطان محمد الفاتح لحد كبير في حبه للجهاد والفتوحات والتوسع في أوروبا لا سيما وأن سياسة بايزيد السلمية تلك ، لم يكن لها أي صدى أو اعتبار لدى الشاه إسماعيل الصفوي الذي عرف بقسوته وطيشه وتحديه للمسلمين السنة، فاستمر في غيه وفي ممارساته الطائفية البغيضة وفي توسيع دائرة سلطانه على حساب القوى الإسلامية السنية المجاورة، فأخذت دولته تتضخم وتظهر على مسرح الأحداثكقوة مناوئة للعثمانيين السنة، وعنصر مقلق لها وشكلت خطرًا داهمًا على وحدتها وأمنها واستقرارها ، وقام الشاه باغتصاب بعضا من أقاليم العثمانيين بينما كانوا منشغلين بفتوحاتهم في أوروبا.
وأدت أعمال الإرهاب الجماعي والفضائح التي أقترفها أتباع حركة القزل باشيين الشيعة إبان انتفاضتهم العنيفة على السلطنة العثمانية في الأناضول عام 1511، بزعامة شاه قولو ( أي عبد الملوك ) – الذي أطلق عليه السنة اسم شيطان قولو ( أي عبد الشيطان ) – إلى زرع البغضاء في الوسط السني . فقد قام أنصار الشاه إسماعيل الصفوي بتدمير المساجد والمدارس وإحراق القرى وهدم مقرات ومساكن الدراويش وأضرحة الأولياء . كما حرقوا جميع نسخ القرآن (الناقصة وفق معتقدهم البغيض) والكتب الدينية (المزورة بزعمهم )، ومارسوا أعمال السلب والنهب كما قام الشاه إسماعيل بمساعدة الأمير أحمد المتمرد ضد والده السلطان بايزيد الثاني ، ثم ضد أخيه السلطان سليم .
كل هذا وغيره قد أثار حفيظة الدولة العثمانية من الصفويين، وأدى إلى تسميم الأجواء وتوتير العلاقات أكثر فأكثر بين الطرفين، وبدأت المناوشات العسكرية بينهما في السنوات الأخيرة من عهد السلطان بايزيد الثاني ، بيد أن ذلك لم يكن سوى ردود أفعال، ولم تكن هناك – في عهد السلطان بايزيد الثاني أية خطة حقيقية منظمة ، مطروحة للبحث لمجابهة الخطر الصفوي الشيعي الداهم.
يتبع