ثاني مسجد بناه رسول الله (r) في السنة الأولى من الهجرة هو المسجد النبوي ـ والأول هو مسجد قباء ـ وكانت أرض المسجد عند مقدم الرسول(ص) من قباء إلى المدينة مربداً (مكاناً لتجفيف التمر) لغلامين يتيمين اسمهما "سهيل وسهل" كانا في حجر أسعد بن زرارة، ولما نزل الواحة التي في المدينة، كان الصحابة كل يريد أن يأخذ بزمام ناقته (القصواء) ليكون ضيفه ونزيله، ولكن الرسول(r) كان يقول: "خلوا سبيلها فإنها مأمورة"، ولما بركت عند موضع مسجده وهو يومئذٍ يصلي فيه رجال من المسلمين قال (r): "هنا المنـزل إن شاء الله تعالى" ثم دعا بالغلامين وابتاع المربد منهما بعشرة دنانير وأبى أن يقبله هبة منهما، وهمّ ببنيانه ليكون مسجداً ومصلّى وكان(r) يحمل بنفسه اللبن مع الصحابة، وقد استغرق بناء المسجد 7 أشهر، وقيل عاماً، وقيل شهراً واحداًمعالم المسجد النبوي
يقع المسجد النبوي في المدينة المنورة موقع القلب من الجسد، ويرتفع عن مستوى سطح البحر 597 م وعلى خط طول 39درجة و36دقيقة، وخط عرض 24 درجة و28دقيقة. يحده من الشمال ميدان الباب المجيدي وشارع السحيمي، ومن الجنوب حارة دروان، وشارع درب الجنائز ومن الشرق حارة الأغوات، ومن الغرب ميدان باب السلام المؤدي إلى شارع الحسينية وشارع العيينة وشارع السوق.
منبر النبي ( r) : قال النبي ( r) : ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي)).(1). قوله (r) على حوضي: أي أنه يعاد هذا المنبر على حاله وينصب على حوضه .
وكان النبي (r) يخطب أولاً إلى جذع نخلة ثم صنع له المنبر فصار يخطب عليه، عن جابر ((أن النبي (r) كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم. فجعلوا له منبراً، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي (ص) فضمَّه إليه يئِنُّ أنين الصبي الذي يُسَكَّن قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها)) . (2) وأقيم بعد الجذع ماكنه أسطوانة تعرف بالإسطوانة المخلقة أي: المطيبة. ولحرمة هذا المنبر جعل النبي (r) إثم من حلف عنده -كاذباً- عظيماً، فعن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: ((لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطب إلا وجب له النار)) (3).
الروضة : هي موضع في المسجد النبوي واقع بين المنبر وحجرة النبي (r) . ومن فضلها ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي (r) قال : ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي)) . وذرعها من المنبر إلى الحجرة 53 ذراعاً، أي حوالي 26 متراً ونصف متر وهي الآن محددة سجاد اخضر اللون مختلف عن بقية سجــاد الحرم
1- صحيح البخاري ومسلم
2- روى البخاري في صحيحه (6/601 فتح الباري)
3- حديث صحيح
الصفة : وتعرف بدكة الاغوات بعدما حُوِّلت القبلة إلى الكعبة أمرالنبي محمد بن عبد الله (r) بعمل سقف على الحائط الشمالي الذي صار مؤخر المسجد، وقد أعد هذا المكان لنزول الغرباء فيه ممن لا مأوى له ولا أهل وإليه ينسب أهل الصفة من الصحابة ومن أشهرهم أبو هريرة رضي الله عنه.وكان الصحابة رضي الله عنهم يأخذ الواحد منهم الاثنين والثلاثة من أهل الصفة فيطعمهم في بيته، كما كانوا يأتون بأقناء الرطب ويعلقونها في السقف لأهل الصفة حتى يأكلوا منها، فذهب المنافقون ليفعلوا مثل فعلهم رياء فصاروا يأتون بأقناء الحشف والرطب الرديء، فأنزل الله فيهم قوله: "وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ.." (4) وفيهم نزل قول القرآن الكريم: "لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ" (5). وكان جُل عمل أهل الصفة تعلم القرآن الكريم والأحكام الشرعية من رسول الله (r) أو ممن يأمره رسول الله (r) بذلك، فإذا جاءت غزوة خرج القادر منهم للجهاد فيها. واتفقت معظم الأقوال على أن ما يقرب من أربعمائة صحابي تواردوا على الصفة، في قرابة تسعة أعوام إلى أن جاء الله سبحانه و تعالى بالغنى، وذلك قبيل وفاة النبي (r). يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "لقد رأيت معي في الصفة ما يزيد على ثلاثمائة، ثم رأيت بعد ذلك كل واحد منهم والياً أو أميراً، والنبي (r) قال لهم ذلك حين مر بهم يوماً ورأى ما هم عليه.
الحجرة الشريفة :هي حجرة عائشة رضي الله عنها والتي دُفِن فيها النبي (r) بعد وفاته. ثم دفن فيها بعد ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه سنة 13 هـ وكان قد أوصى عائشة رضي الله عنها أن يدفن إلى جانب رسول الله (r) فلما توفي حفر لهُ وجعل رأسه عند كتفي رسول الله (r).ودفن فيها بعدهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 24 هـ إلى جانب الصديق، وكان قد استأذن عائشة رضي الله عنها في ذلك فأذنت له (6)
و صفة القبور وترتيبها كالآتي قبر النبي (r) في جهة القبلة مقدماً. ويليه خلفه قبر أبي بكر الصديق رضي الله عنه ورأسه عند منكب النبي (r). ويليه من خلفه قبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ورأسه عند منكب الصديق. وكانت الحجرة من جريد مستورة بمسوح الشعر، ثم بنى عمر بن الخطاب حائطاً قصيراً، ثم زاد فيه عمر بن عبد العزيز وفي عهد الوليد بن عبد الملك أعاد عمر بن عبد العزيز بناء الحجرة بأحجار سوداء بعدما سقط عليهم الحائط، فبدت لهم قدم عمر بن الخطاب . ثم جُدد جدار الحجرة في عهد قايتباي (881هـ).
الحائط المخمس :هو جدار مرتفع عن الأرض بنحو 13 ذراعاً أي ستة أمتار ونصف، بناه عمر بن عبد العزيز سنة 91 هـ حول الحجرة ، وسمّي مُخَمساً لأنه مكون من خمسة جدران وليس له باب، وجعله مخمساً حتى لا يشبه بالكعبة.ومن أهم معالم المسجد القبة الخضراء التي أمر السلطان المملوكي المنصور قلاون الصالحي بعمارتها فوق الحجرة النبوية الشريفة التي يقع فيها قبر النبى محمد بن عبد الله (r) وصاحبيهِ أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
4- سورة البقرة آية: 267
5- سورة البقرة آية 273
6- قصة الاستئذان البخاري في صحيحه (3/256 فتح الباري).
ومن المعالم الموجودة بالمسجد النبوي مكتبة الحرم النبوي والتي تحتوي على مخطوطات وكتب قيمة وكان مؤذني المسجد على عهد النبي (r) هم بلال بن رباح وسعد بن أبي وقاص، وابن أم مكتوم ، وأبو محذورة
اسـطوانات المسـجد النبوي الشريف: كانت أعمدة المسجد النبوي الشريف في عهدالنبي صلى الله عليه وسلم من الخشب وقد ارتبط كثير من اسطوانات الروضة الشريفة بمناسبات في عهد النبي صلى اللهعليه وسلم حيث أطلق إسم خاص يشير لتلك المناسبة.
و لقد كان الكثير منالصحابة ومَن بعدهم يتحرى الصلاة عند تلك الاسطوانات، وأن أمكنة جلوسه صلى اللهعليه وسلم عند هذه الاسطوانات وغيرها من أماكن المسجد النبوي كانت محلا لنزولالكثير من الآيات القرآنية وورود الأحاديث النبوية ونزول جبريل عليه السلام علىالنبي صلى الله عليه وسلم
للمسجد النبوي الشريف ثمانية اسطوانات معلومة ولها تاريخ وهذه الاسطواناتالنبوية المباركة يستحب الدعاء والصلاة عندها ، مع العلم أن جميع المسجد النبوي
مبارك والصلاة فيه بألف صلاة ولكن هذه الاسطوانات لها ميزتها الخاصة لأن الرسول صلىالله عليه وسلم كان يصلى عندها وكذلك الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتحرون الصلاةعندها .
الاسـطوانة المخلقة: سبب تسميتها أن النبيصلى الله عليه وسلم رأى عليها نخامة فساءه ذلك فقام احد الصحابة وحك النخامة وطيّبمكانها بطيب يسمى الخلوق فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
ويعتبر ذلك اولتطييب للمسجد النبويوهي المطيبة المعطرة وتقع خلف مصلى الرسولصلى الله عليه وسلم وأن الجذع الذي كان يخطب إليه صلى الله عليه وسلم ويتكئ عليهكان امامها وكان سلمة بن الاكوع رضي الله عنه يتحري الصلاة عندها فسئل عن ذلك فقالاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها . وقال مالك : أحب مواضعالتنفل حيث العمود المخلق ، واما الفريضة ففى أول الصفوف . وقد جرى تقديم هذهالاسطوانة لجهة القبلة قليلا بعضها في المحراب النبوي الشريف وكتب عليهاالاسطوانة المخلقةوهذهالاسطوانة اليوم يرتكز عليها المحراب النبوي الشريف . وكان سلمة بن الاكوع يصلي عندها سبحةالضحى وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى هذا المقام وهذا مروي فيالصحيحين.
اسـطوانة السـيدة عائـشـة : سببتسميتها أن بعضا من الصحابة رضي الله عنهم كانوا جلوسا عند السيدة عائشة رضي اللهعنها ومعهم ابن اختها عروة بن الزبير، فقالت السيدة عائشة: إن في المسجد اسطوانةلو عرفها الناس لاضطربوا على الصلاة عندها بالاسهم.
وتسمى اسطوانة المهاجرين أواسطوانة القرعة ، وهي الاسطوانة الثالثة من المنبر والثالثة من القبر الشريفوالثالثة من القبلة وهي التي تلي اسطوانة التوبة، وتتوسط الروضة المطهرة .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلمقد صلى الصلاة المكتوبة بالمسلمين إليها بضعة عشر يوماً بعد تحويل القبلة ، ثم تقدمإلى مصلاه فى المحراب. وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتحرون الصلاة عندها. وكان سيدنا أبو بكر الصديق وسيدنا عمر وأفاضل الصحابة رضي اللهم عنهم يفضلون الصلاة عندها وكذلك أفاضل أبناء المهاجرين يعتادون الجلوس عندها.
اسـطوانـة التوبـة : وتعرف باسطوانة أبي لبابه ، وذلك لأنه رضي الله عنهربط نفسه فيها بضع عشرة ليلة حتى أنزل الله توبته، وقد أنزل الله توبته وهو في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، فتقول أم سلمة لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم السحر يضحك فقلت مما تضحك يارسول الله أضحك الله سنك، قال: تيب على أبي لبابة، فلما مر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر أطلقه من الأسر.
وتقع في الروضة الشريفة وهيالرابعة من المنبر والثانية من القبر والثالثة من القبلة ، وتقع إلى الشرق من اسطوانة السيدة عائشة، وكان عليه الصلاةوالسلام يصلى نوافله إلى إسطوانة التوبة
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صلىالصبح انصرف إليها وقد سبقه إليها الضعفاء والمساكين والمؤلفة قلوبهم ، فينصرفإليهم صلى الله عليه وسلم فيحدثهم حتى اذا طلعت الشمس.
إنحكمة الأسر في المسجد النبوي تمكّن الاسير من معرفة الاسلام وهذا ماحصل لـ ثمامة بنأثال سيد اليمامة حين تم أسره في أحد السرايا فأكرمه النبي صلى الله عليه وسلم وكانيبعث صلى الله عليه وسلم يبعث إليه بلبن، وكان يراقب تصرفات المسلمين وأفعالهمفدخل في قلبه حب الاسلام.
اسـطوانة السـرير: وهي الأسـطوانة الملاصقة بالشـباك والتي تلي اسطوانة التوبة من جهة الشرق . وقدكان للنبي صلى الله عليه وسلم سرير من جريد فيه سـعفة يوضع قرب هذه الاسطوانة يضطجععليه ، وكان أحياناً يوضع عند اسطوانة التوبةوهيالاسطوانه التي تقع في مكان إعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم.
اسـطوانة المحرس : وتسمىاسطوانة علي رضي الله عنه ، وتقع خلف اسطوانة التوبة من جهة الشمال ، وقد كان عليبن أبي طالب رضي الله عنه يجلس في صفحتها التي تلي القبر الشريف مما يلي باب بيتالرسول صلى الله عليه وسلم يحرس النبي صلى الله عليه وسلم . وكان أمراء المدينةيصلون عندها .
ونشر حراسة صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ يوم بدر ومحمد بن مسلمة يوماحد بلال بن رباح في وادي القرى.
اسـطوانة الـوفـود : تقع خلف اسطوانة المحرس من جهة الشمالوكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس إليها وفود العرب اذا جاءته ، وكانت تعرفبمجلس القلادة يجلس إليها سراة الصحابة وأفاضلهم رضي الله عنهم أجمعينوهيالتي وقع عندها نداء بني تميم من وراء الحجرات. وعند هذه الاسطوانة قدم على النبيصلى الله عليه وسلم ضمام بن ثعلبة وافدا من بني سعد بن بكر حيث قال للرسول: أنشدكالله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبدهوحده لانشرك به شيئا
اسـطوانة مربعة القبر : وتسـمى مقام جبريل عليه السلام ، وكان باب فاطمةرضي الله عنها عندها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه حتى يأخذ بعضادتيهويقول السلام عليكم أهل البيت ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركمتطهيرا
اسـطوانـة التـهـجد : تقع هذه الاسطوانة وراء بيت السيدة فاطمةرضي الله عنها من الجهة الشمالية للمسجد النبوي وفيها محراب ، كان رسول الله صلىالله عليه وسلم يخرج حصيراً كل ليلة اذا انكفت الناس فيصلى صلاة الليل وكانت خارجالمسجد النبوي الشريف، فرأه رجل فصلى بصلاته ثم آخر فصلى بصلاته ، حتى كثروا ،والتفت فإذا بهم فأمر بالحصير فطوي ثم دخل ، فلما أصبح جاؤوه فقالوا يارسول اللهكنت تصلى فـنصلى بصلاتك فقال): اني خشـيت أن تنزل عليكم صلاة ثم لا تقدرونعليها(جاء في الصحيح أن مسجد النبيِّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كان مسقوفًا على جذوع من نخل، وكان النبيّ إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلمّا صُنِع له المنبر فكان عليه سمعنا لذلك الجِذع صوتًا كصوت العشار، وللنسائيّ: اضطربتْ تلك السّارية فحنتْ كحَنين الناقة الخَلوج، أي التي انتُزِعَ ولدُها، ولأحمد وابن ماجه: فلمّا جاوز الجِذع خار حتى تصدّع وانشقّ، وفيه: فأخذ أبي بن كعب ذلك الجِذع لما هُدم المسجد، فلم يزل عنده حتى بَلِيَ وعاد رفاتًا. وعند الدارمي: فأمر به صلّى الله عليه وسلّم أن يُحفَر له ويُدْفَن. ولابن زبالة: تحت المنبر، وقيل عن يساره وقيل شرقيّه، وقيل في موضعه الذي كان فيه.
وجاء في مسند الدارمي أن النبِيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كان إذا خطب فطال القيام عليه استند فاتّكأ على الجِذع، فبصر به رجل ورد المدينة فقال: لو أعلم أن محمدًا يخمدني في شيء يرفق به لصنعت له مجلسًا يقوم عليه، فإن شاء جلس ما شاء، وإن شاء قام . فبلغ النبيَّ، صلّى الله عليه وسلّم، فقال:" ائتوني به " فأتوه فأمره أن يصنع له المَراقيَ الثلاث والأربع، وهي الآن في مسجد المدينة، فوجد النبي صلّى الله عليه وسلم في ذلك راحة.
وبعد أن ذكر السمهودي هذا الكلام في كتابه خلاصة الوفا " وما بعدها، قال في : وأشهر الأقوال أن الذي صنع المنبر" باقوم" الذي بنى الكعبة لقريش، وقيل غيره، وذكر بعض أهل السير أنه كان يخطب على منبر من طين، وأن الصحابة صنعوا له مقعدًا من طين يجلس عليه ليعرفه الناس الوافدون إليه، وكان يخطب عليه، وكان ذلك في أول الهجرة، وفي قصة الإفك عبارة:" ورسول الله قائم على المنبر". وذكر ابن سعد أن المنبر كان سنة سبع وأن ابن النّجار جزَم أنه كان سنة ثمانٍ، كما ذكر آراء في أنه كان درجتين أو ثلاثة، يجلس الرسول على الثالثة ويضع رجله على الثانية، فلما وَلِيَ أبو بكر كان يَجلس على الثانية ويضع رجله على الدّرجة السُّفلَى وجاء عمر فجلس على الأولى ووضع رجله على الأرض، ولما جاء عثمان فعل ذلك ستّ سنوات ثم علا إلى موضع النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فلمّا وَلِيَ معاوية جعل للمنبر ستَّ درجات زيادة على الثلاثة، ولما قدِم المهدي الخليفة العباسي إلى المدينة استشار الإمام مالِكًا أن يعيده إلى ما كان عليه أيّام الرسول فلم يوافق. وكان ذلك سنة 160 واحترق المسجد سنة 654هـ واشتركت مصر في تعميره. وفي عهد الملك الظاهر بيبرس البندقداري كملت عمارة المسجد، ومن بعده الناصر قَلاوون. وأرسل الظاهر منبرًا عدد درجاته تسعٌ، كما أرسل من بعده منابر أخرى. " انظر الزرقاني على المواهب اللدنية
كما بنى أهل المدينة من الآجر والنورة بسبب حريق بالمسجد حتّى سنة 688هـ فبنى الأشرف قايتباي منبرًا من الرخام، وتَوالي التّغيير على مدى الأزمان، ولم يعد للمنبر النبوي ذي الدرجات الثلاث أثر، واستمر الناس يخطُبون على المنابر الجديدة ولم ينكر عليهم أحد.
إن أصل اتِّخاذ المنبر كان لظهور الخطيب أمام الناس، وكلما ارتفع أمكن أن يسمع صوته بوضوح، وظهرت في مصر وغيرها منابر عالية في مساجدَ واسعةٍ يجتمع فيها الآلاف الذين لا يكاد البعيد منهم عن المنبر يسمع من يتحدّث، وكان يخطب عليها كِبار الشيوخ والعلماء، ومنبر المسجد الأزهر نفسه له درجات كثيرة، وما سمعنا مثل الصيحة في السنوات الأخيرة التي ترمي المنابر العالية بأنّها بدعة، وبالتالي ضلالة، مع أنه لم يرد نهي عنها وليست من العبادات التي يُتقرَّب بها إلى الله.
وأرى أن رفع المنابر إذا كان لإبلاغ الصوت هو الوسيلة الوحيدة في الماضي فإن مكبِّرات الصوت أغنتْ عن ذلك، وليس أثر المنبر في السامعين وفي تبليغ الدعوة مرتبطًا بعدد درجاته بقدر ارتباطه بصحة المعلومات والحكمة في إيصالها للسامعين.
وإذا كان ارتفاع المنابر لإسماع الناس بدعة فلماذا لا يكون استعمال مكبِّر الصوت بدعة أيضًا وهو لم يكن على عهد النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ والسلف الصالح ؟ "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام هي حقاً دار الإيمان كما قال (صلى الله عليه وسلم)"إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها" صدق رسول الله (صلى الله عليه السلام)، وأحب البقاع إلى الله عز وجل.. لا يدخلها الدجال والطاعون.. وهى آخر الدنيا خرابا.. يشتاق كل مسلم إلى زيارتها.. وهى العاصمة الإسلامية الأولى.. منها شع النور وانتشر حتى بلغ أرجاء المعمورة منذ أن هاجر إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم.. ومن المدينة المنورة حكمت الأرض كلها.. فشهدت الدنيا أعدل الخلفاء.. وبها قبر رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم سيدنا إبراهيم مكة المكرمة فقال عليه الصلاة والسلام "إن إبراهيم حرم مكة، ودعا لأهلها , وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة..وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا إبراهيم لأهل مكة" فهي حرم. وللمدينة المنورة شخصية جغرافية متميزة عن سائر مدن العالم، ومن الطبيعي أن تجذب المدينة المنورة انتباه العالم الجغرافي بما يميزها من تفرد، بين نظيراتها في العالم الإسلامي بصفة عامة والمملكة العربية السعودية بصفة خاصـة.. فهي درة العالم الإسلامي، اختارها الله تعالى لتكون مُهاجَر الرسول (صلى الله عليه وسلم) حيث أمره الله بالهجرة إليها كما قال عليه السلام (أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون يثرب وهى المدينة..) فكانت المدينة المنورة قبل هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام تعرف(بيثرب) وقد ورد اسمها بهذه التسمية في القرآن الكريم في قوله تعالى "وإذا قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا" وكانت يثرب من بين مدن الحجاز المتحضرة..
وتقع المدينة المنورة في إقليم الحجاز (غرب المملكة العربية السعودية) على خط طول 39 درجة شرقاً، وتلتقي عندها طرق المواصلات التي تربطها بجميع المدن السعودية.. وتقع المدينة المنورة إلى شمال مكة المكرمة بحوالي 450 كم، وترتفع عن منسوب سطح البحر حوالي 600 متر تقريباً، يحدها من الشمال جبل أحد "وهو جبل يحبنا ونحبه" كما قال الرسول ـ عليه السلام ـ، وتمتاز معظم أراضيها بخصوبة التربة، ولموقع المدينة المنورة الطبيعي خصائصه الجغرافية المتعددة، فهو من حيث الشكل العام واحة صحراوية محاطة بالجبال وبالجبيلات، وتتخللها وتدور حولها الوديان والسيول.
كانت هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة علاجاً مؤقتاً بسب الإيذاء الذي تعرض له المسلمون في مكة المكرمة، واستلزمت الهجرة أن يتحول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من داعية لدين الله فحسب، إلى داعية ومنظم سياسي، فقد كانت المدينة المنورة أحزاباً كثيرة منهم المهاجرون والأنصار واليهود، وكان على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجانس بين هذه الأحزاب … وعندما خرج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مكة مهاجراً قال : (اللهم إنك أخرجتني من أحب أرضك إلى فأنزلني إلى أحب أرضك إليك …) فكانت المدينة التي أصبحت خير وأطهر بقاع الأرض.. وإليها تشد الرحال زيارة وتبركاً. وتحمل المدينة المنورة فوق أرضها قبر سيد الخلق محمد بن عبد الله رسول الله ( r ) وأطهر وأفضل المساجد فوق الأرض بعد المسجد الحرام وهو المسجد النبوي الشريف..
المسجد النبوي في عهد الرسول : الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه المسجد الحرام.. وإليه تشد الرحال.. ويعتبر مسجد الرسول (عليه الصلاة والسلام) أول مسجد ثابت المعالم والتاريخ.. وكان المسجد أرضاً بها نخل وقبور للمشركين، وكانت أرضاً خربة في البداية ومملوكة لغلامين يتيمين من الأنصار هما (سهل وسهيل).. وكانت هذه الأرض على موعد مع القدر حيث اشترى الرسول (عليه الصلاة والسلام) الأرض من الغلامين بعشرة دنانير، وأمر النبي (عليه الصلاة والسلام) بالنخل فقطع، وبقبور المشركين فنبشت وسويت الأرض تمهيدا لبناء أطهر مساجد الإسلام، وقد استغرقت عمارة المسجد سبعة شهور قضاها الرسول (صلى الله عليه وسلم) في ضيافة (أبي خالد الأنصاري) ثم أذن لفقراء المسلمين الذين ليس لهم منازل ولا عشائر أن يناموا في المسجد وقد عرف ذلك الفريق من المسلمين بأهل الصفة لإقامتهم بالمسجد على هيئة صفوف. أما مساحة المسجد الأولى فكانت سبعين ذراعا في ستين ذراعا أو يزيد (الذراع = ستة وستين سم) وهذا المسجد الذي عمل بنائه النبي عليه الصلاة والسلام وعاونه في ذلك أهل المدينة من المسلمين، كان بناءً بسيطاً يترجم في بساطته عن يسر الإسلام، حيث اعتمد على بعض الصحابة ممن لهم خبرة في مجال البناء، وكان المسجد علي هيئة فناء مربع متساوي الأضلاع، وتحف به أربعة جدران، ارتفاعها 7 أذرع، ويتجه أحد جوانبه نحو المسجد الأقصى بالقدس الشريف، والجدار المقابل نحو الكعبة المشرفة في الجنوب، وكانت الجدران مبنية في بدايتها من الطوب اللبن، وسقف جزء منه بسعف النخيل والطين، وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل وكان للمسجد ثلاثة أبواب هي باب جبريل، وباب النساء وباب الرحمة، وما زالت هذه الأبواب تعرف باسمها حتى الآن.. وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن يبني خارج الطرف الجنوبي من الجانب الشرقي مسكنان لزوجتيه السيدة عائشة بنت أبي بكر والسيدة سودة بنت زمعة ـ رضي الله عنهما ـ، ثم أضيف إلي هذين المسكنين بيوت أخرى لباقي زوجات الرسول عليه السلام ولم تكن هذه البيوت ملتصقة بالمسجد بل كان يفصل بينها وبين المسجد طريق عرضه 10 أذرع ويبدوا أن المسجد لم يكن في أول الأمر، سوى ظلة واحدة وكانت ترتكز على سوار من جذوع النخل حفت على أبعاد متساوية وفي السنة الثانية من الهجرة أمر الله سبحانه وتعالي رسوله ـ عليه السلام ـ أن يولى وجهه شطر المسجد الحرام بمكة المكرمة بعد أن كانت القبلة أول الأمر تجاه بيت المقدس، فنقلت القبلة من الجدار الشمالي إلى الجدار الجنوبي من المسجد النبوي الشريف … ودخل المسجد في طور جديد حيث أضاف الرسول (صلى الله عليه وسلم) ظلة ثانية وجعل في وسطها علامة تعين موضع القبلة وهي تعتبر الأساس الأول لفكرة المحراب، وأصبح بوسط المسجد مكان مكشوف عرف باسم صحن المسجد وبقيت السقيفة القديمة علي حالها يستظل بها الناس من حرارة الشمس وعرفت بالصفة.. ولم يكن المسجد في ذلك الوقت يشتمل علي مئذنة إذ كان المؤذن ينادى للصلاة من فوق سطح أعلى منزل مجاور للمسجد … وفى السنة السابعة من الهجرة النبوية الشريفة بعد غزوة خيبر قام الرسول (صلى الله عليه وسلم)، بتوسيع المسجد وبيوت زوجاته الشريفة، وأصبحت هذه البيوت تفتح علي المسجد مباشرة، وكان بعضها من جريد النخل والبعض الآخر من الحجارة … وأدى ازدياد أعداد المسلمين، واتقاء لحرارة الشمس قام المسلمون ما بين السقيفتين الجنوبية والشمالية بسقيفتين أخريين إلي جهة الشرق والغرب من المسجد، وظل المسجد بهذه الحال حتى وفاة الرسول (صلي الله عليه وسلم) عام 11 هـ ودفن (عليه السلام) في أرض حجرة السيدة عائشة (رضي الله عنها). وصار تخطيط المسجد النبوي بالمدينة المنورة نموذجا للمساجد الجامعة التي أسسها المسلمون في المدن الجديدة التي أنشأوها عقب الفتوح الإسلامية مثل مسجد البصرة ومسجد الكوفة بالعراق ومسجد عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر، ومسجد عقبة بن نافع بالقيروان.
المسجد النبوي الشريف.. في عهد الراشدين: بقي مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في خلافة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) دون تغيير أو زيادة وذلك بسب انشغاله بحروب الردة وترتيب الدولة بعد موت الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وفي عام 17 هـ قام الخليفة عمربن الخطاب بزيادة مساحة المسجد النبوي الشريف من ناحيته الشمال والغرب كما أنه عمّق ظلة القبلة من ناحية الجنوب ونتج عن ذلك أنه لم يعد باقياً من الجدران الأصلية للمسجد النبوي الشريف سوي الجدار الشرقي وذلك بسب وجود حجرات زوجات الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقبره الشريف أسفل حجرة السيدة عائشة (رضي الله عنها) وفي عام 24 هـ جدد الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه) المسجد النبوي وذلك بتوسيعه من الجهات الشمالية والغربية والجنوبية وزاد من عمق ظلة القبلة ولم يقترب من الناحية الشريفة لوجود قبة الرسول (صلى الله عليه وسلم)
وقد أصبح هذا المسجد نموذجاً يحتذي به في كافة الأقطار التي فتحها المسلمون مع تغييرات بسيطة في النسب والاتساع بحسب الحاجة وكذلك في مادة البناء والتسقيف ولكن مع الاحتفاظ بالفكرة الأساسية في التخطيط، وهي صحن أوسط مكشوف يحيط به أربع ظلات أكبرها وأعمقها ظلة القبلة..
وقد يستغني أحياناً عن الظلة المعاكسة لظلة القبلة أو الظلتين الجانبيتين ويكتفي بظلة واحدة مثلما حدث بمسجد الكوفة والبصرة، كما قام عثمان بن عفان ببناء جدران المسجد بالحجارة المنقوشة، وسقفه بخشب الساج، وجعل طول المسجد مائة وستين ذراعاً وعرضه خمسين ذراعاً، وجعل له ستة أبواب وبنى علي قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) جدراناً مرتفعة من حوله لئلا يظهر في المسجد فيصلي إليه الناس..وكان ذلك هو نواة المسجد الإسلامي المبكر، وإن كانت سنة التغيير قد أدخلت علي المسجد إضافات كثيرة لم تكن موجودة مثل المئذنة والمحراب المجوف والمشكاوات الزجاجية وكرسي المبلغ وكرسي المصحف وغير ذلك مما يتماشى مع التطور العمراني والزمني.
الحرم النبوي الشريف في عهد الوليد بن عبد الملك : ظل المسجد النبوي الشريف على حاله من بعد سيدنا عثمان بن عفان إلي أن تولي الوليد بن عبد الملك الخلافة عام 88هـ فأمر بإعادة بنائه وتجديده تجديداً شاملاً، وكانت الدولة الإسلامية قد بلغت في عهد الوليد درجة من القوة والثراء والتحضر بحيث صارت أعظم دول العالم علي الإطلاق حيث امتدت رقعتها من حدود الهند شرقاً إلي أسبانيا غربا وشملت فيما شملت إيران والعراق ومصر وبلاد الشام وشمال أفريقيا، واحتكت بالحضارات السابقة عليها والمعاصرة لها وتعرفت علي مدي ما وصلت إليه هذه الحضارات في مجال العمارة..وكان العهد الأموي عصر تشييد العمائر الإسلامية الفخمة
ولقد ورث الوليد من أبيه عبد الملك بن مروان حب البناء والعمارة.. وعمل علي تحقيق خطة معمارية ضخمة تليق بعظمة الدولة الإسلامية وكان من الطبيعي أن يكون علي رأس هذه الخطة المعمارية إعادة تشييد الحرم النبوي الشريف بطراز يليق بمكانته في نفوس المسلمين.. وبأسلوب يناسب ثراء الدولة الإسلامية، وألقي بهذه المهمة إلي واليه علي المدينة المنورة آنذاك (عمر بن عبد العزيز).. الذي أعاد سيرة الخلفاء الراشدين بعد ذلك رضوان الله عليهم.. وزود الوليد واليه عمر بن عبد العزيز بما يلزمه لبناء الحرم النبوي الشريف من مال ومواد بناء كالمرمر والأخشاب والرخام، كما استقدم العمال من البلاد المختلفة..
الحرم النبوي الشريف بين يدي الخليفة العباسي ـ المهدي : ظل الحرم النبوي الشريف بعد عمارة الوليد بن عبد الملك دون تغيير يذكر، حتى تولي الخلافة المهدي العباسي، فأمر بعمارته من جديد عام 160 هـ وتعتبر عمارة المهدي للحرم النبوي الشريف ذات أهمية خاصة لأنها وضعت للمسجد حدوده التي ظل محتفظاً بها رغم ما جري عليه بعد ذلك من تجديد وتعمير علي مر العصور.
ويبدوا أن العزم كان قد انعقد منذ بداية الخلافة العباسية علي إجراء عمارة في الحرم النبوي الشريف، غير أن ظروف الدولة الجديدة في عهد السفاح، الخليفة العباسي الأول لم تكن تسمح بتوجيه جهد كبير نحو البناء والتعمير، إذ كان مشغولا بطبيعة الحال بإقرار الأمور والقضاء علي الدولة الأموية، كما أن مدة خلافته كانت من القصر بحيث لم تتح له فرصة القيام بالأعمال المعمارية. أما الخليفة العباسي المنصور، فقد ساد في عهده نوع من الاستقرار النسبي، فعقد العزم علي تجديد المسجد النبوي الشريف ولكنه توفي قبل أن يتمكن من ذلك وما إن استقرت الأمور للخليفة العباسي (المهدي) عام 158هـ حتى شرع في عمارة الحرم النبوي الشريف، فأصدر أوامره بذلك عام 160 هـ واستغرقت العمارة سنتين، وقد عهد الخليفة المهدي العباسي إلي عبد الله بن عاصم بن عمر بن عبد العزيز، وعبد الملك بن شبيب، ولم يتعرض المشرفون علي عمارة المسجد لرواق القبلة ولا الرواقين الجانبيين إذ أبقوها علي حالها كما كانت في عهد الوليد بن عبد الملك كما أبقوا علي منبر النبي (صلى الله عليه وسلم) ومحراب سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) والأبواب التي فتحها سيدنا عمر بن الخطاب، واقتصرت العمارة علي توسعة المسجد نحو الشمال مما أدى إلي هدم الرواق الشمالي وإضافة رقعه من الأرض في شمال المسجد طولها ثلاثين مترا تقريبا، وقد أدت هذه العمارة إلي إعادة بناء الرواق الشمالي من جديد، وتكملة أعمدة الرواقين الجانبيين، وإعادة بناء المئذنتين الشماليتين، وفتح بابين جديدين في الجدار الشمالي وأصبح المسجد النبوي الشريف بعد عمارة المهدي يتألف من صحن أوسط تحف به أربعة أروقة، ويحتوي رواق القبلة علي خمسة صفوف من الأعمدة موازية لجدار القبلة.. ولقد تمت في عمارة المهدي زخرفة الرواق الشمالي الجديد بالفيسفساء، أما صحن المسجد فظل يحف به أربعة أروقة وبذلك لم تغير عمارة المهدي من طراز المسجد النبوي الشريف، وقد ظل المسجد النبوي منذ عهد المهدي محتفظاً بحدوده ومعالمه دون تغيير إلي أن اجتاحه حريق مروع عام 654 هـ (1256م) وقد حدث هذا الحريق ليلة الجمعة أول رمضان حيث امتدت النار إلي أنحاء المسجد كله، ولم ينج من النار سوي القبة التي كان قد أقامها الناصر لدين الله بصحن المسجد وكان بها المصحف العثماني. وما إن بلغ الحريق الخليفة العباسي المستعصم بالله حتى أمر بتعمير المسجد وشرع في ذلك عام 656هـ غير أن القدر لم يمهله لإتمام عمارته حيث قتله هولاكو في 14 صفر 656 هـ وبموته انتهت الدولة العباسية نفسها علي يد المغول الذين اجتاحوا شرق العالم الإسلامي..
الحرم النبوي.. بين يدي السلطان قايتباي : أجري بالحرم النبوي الشريف عمارتان كبيرتان بعد الحريق المدمر الذي اجتاحه في عصر المماليك إحداهما تمت في عهد السلطان الملك الأشرف قايتباي سلطان مصر الذي حدث الحريق في عهده والثانية تمت في عهد السلطان عبد المجيد سلطان آل عثمان، بالإضافة إلي أعمال معمارية متفرقة أنجزت علي يد عدد من الولاة المسلمين الذين كانوا يتقربون إلي الله (سبحانه وتعالي) بعمارة المسجد النبوي الشريف.. وهذا الحريق هو الحريق الثاني بعد حريق عام 655 هـ وقد بدأ هذا الحريق في ليلة الثالث عشر من رمضان عام 886 هـ، وذلك على إثر صاعقة انقضت من السماء ونزلت علي المئذنة الرئيسية في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد..
ثم انتقلت إلي سقف المسجد ثم مختلف أجزائه، وكان نتيجة ذلك أن تصدعت جدران المسجد وبعض مآذنه وتحطمت معظم أعمدته واحترقت المقصورة والمنبر، وكان فضل الله تعالى أن سلمت الحجرة النبوية الشريفة من هذا الحريق، وما أن وصل خبر هذا الحريق إلي مصر حتى سارع السلطان قايتباي حامي الحرمين الشريفين إلي تدبير أمر عمارة الحرم النبوي من جديد، وكان قايتباي محباً للبناء والتشييد ولا سيما بيوت وأضرحة أهل البيت، والصالحين،والمؤسسات الدينية الأخرى.
واعتني قايتباي بصفة خاصة بعمارة المساجد الثلاثة التي يشد إليها الرحال كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم).. فأرسل السلطان قايتباي بعض المهندسين والبنائين والعمال والنجارين، وأمر بإعادة بناء المسجد كله من جديد فأصبح في غاية الحسن ومن أعظم الأبنية في ذلك الزمان، حتى قيل إن السلطان قايتباي : أنفق علي بنائه نحو مائة ألف دينار ؛ كما أنشأ مدرسة مطلة علي الحرم النبوي الشريف، ولم يكتف قايتباي بعمارة الحرم النبوي وتزويده بالأثاث اللازم من سجاد ومشكاوات زجاجية للإضاءة، بل ورتب لأهل المدينة المنورة والواردين عليها ما يكفيهم من القمح والخبز يستوي في ذلك الجميع من كبير وصغير وغني وفقير.
وظل الحرم النبوي الشريف موضع عناية سلاطين مصر من المماليك إلي أن حكم العثمانيون الدولة الإسلامية وانتقلت رعاية الحرمين الشريفين إلي سلاطين آل عثمان، غير أن الحرم النبوي الشريف بقي بعد قايتباي قرابة أربعة قرون دون أن تجري به عمارة كبيرة إلي أن كان عهد السلطان عبد المجيد العثماني فأمر بتعميره عام 1265 هـ / 1848 م..
الحرم النبوي الشريف.. في عهد العثمانيين : مر علي الحرم النبوي الشريف منذ إنشائه علي يد النبي (صلى الله عليه وسلم) مراحل من التجديدات والتعمير كان القائمون بالعمارة يحاولون المحافظة علي المعالم التقليدية التي ترجع إلي أيام النبي (صلى الله عليه وسلم) وعهود الخلفاء الراشدين وعدم تغييرها تمسكا بالسنة النبوية الشريفة وتبركاً بالأشياء التي تحوطها ذكريات ترجع هذا العصر الكريم وفي نفس الوقت كانوا حريصين علي تزويد المسجد بأحدث ما وصل إليه فن العمارة في عصورهم رغبة منهم في إضفاء أكثر ما يمكن من مظاهر الجمال المعماري والإبداع الفني علي المسجد فظل المسجد النبوي رغم العمارة الكبيرة التي أجريت عليه محتفظا بطرازه المعماري القديم الذي يمثل النوع الأول، والأساسي لعمارة المساجد في العالم الإسلامي ؛ ومنذ أن ظهر العثمانيون الأتراك علي مسرح التاريخ أخذوا يعملون علي السيطرة علي الحجاز، وانتقلت رعاية الحرمين الشريفين إليهم ؛ ولقد اعتني بعض السلاطين العثمانيين بعمارة المسجد النبوي الشريف وتجديده ، ومن أوائل سلاطين آل عثمان الذين أقبلوا علي تعمير الحرم النبوي الشريف، السلطان سليم الثاني إذا جدده عام 980 هـ / 1572 م حيث اعتنى بزخرفة جدران المسجد وأمر بكسوته بالفيسفساء المنقوشة بماء الذهب، وبعد ذلك اعتنى السلطان محمود العثماني بعمارة قبة الحجرة النبوية الشريفة، ولم يكن لهذه الحجرة أول الأمر قبة وإنما كانت مغطاة بسقف مسطح، وفي عام 678 هـ في عهد المنصور قلاوون أقيم فوق الحجرة الشريفة قبة من الخشب المصفح بالرصاص ثم جددت هذه القبة في عهد السلطان الناصر حسن؛ وبعد حريق عام 886 هـ جدد السلطان قايتباي القبة وبناها بالحجر الأسود المنحوت وكملها بالحجر الأبيض، وقد بلغ ارتفاعها في عهد قايتباي 14 مترا.. وفي عهد السلطان محمود بن عبد الحميد العثماني، حدث بالقبة الخضراء شقوق فأمر السلطان عام 1233هـ بتجديدها وعمارتها ثم أمر عام 1255 هـ /1839 م بطلائها باللون الأخضر ومن ثم سميت بالقبة الخضراء. غير أن العمارة الكبيرة التي تمت في عهد العثمانيين للمسجد النبوي الشريف كانت في عهد السلطان عبد المجيد، وهي من الشمول بحيث تعادل العمارات الكبيرة التي تمت في عهد الوليد والمهدي وقايتباي وقد اختار مجموعة من المهندسين والعمال المتمرسين وكلفهم ببناء الحرم النبوي كأحسن ما يكون البناء، وأمرهم بأن يزودوه بالفخامة المعمارية والفنية التي تليق بمقام المسجد العظيم.. وقد أخذ العمال الأحجار والأعمدة من هضاب وادي العقيق ونقلوها علي عربات إلي الحرم النبوي بعد أن مهدوا لذلك طريقا للعربات يمتد من المحاجر إلي المسجد ؛ وحتى لا تتعطل الصلاة في المسجد أخذوا يعمرون المسجد جزءاً بعد جزء حتى تمت عمارة المسجد كله وقد بدأت عمارة السلطان عبد المجيد عام 1265هـ وانتهت عام 1277هـ أي أنها امتدت حوالي 12 عاما وتكلفت العمارة سبعمائة وخمسين ألف جنيه مجيدي. وظل المسجد محتفظا بحدوده القديمة تقريباً ؛ وأضيف إلى المسجد عند حده الشمالي مساحة من الأرض بني فيها مكان للوضوء وفتح فيها باب جديد صار يعرف باسم الباب المجيدي نسبة إلى السلطان عبد المجيد ؛ كما تضخمت العمارة بتغيير جميع الأعمدة ؛ فيما عدا بعض الأعمدة بالروضة الشريفة كانت مرخمة بالرخام الأبيض والأحمر، أما باقي الأعمدة فقد استبدل بها أعمدة جديدة كما أعيد بناء المئذنة في الطرف الشمالي الغربي وصارت تعرف بالمئذنة المجيدية، كما أعيد بناء باب السلام بشكل فخم، وجعل خلفه قبة عظيمة وكذلك هدمت قبة في صحن المسجد كانت تستخدم مخزنا للزيت، وامتدت أعمال العمارة إلي الزخرفة فتمت تسوية أرض المسجد وكسوتها بالرخام وتخفيض أرض صحن المسجد عن أرض الأروقة وترخيم بعض الجدران، وطلاء المسجد وزخرفة باطن القباب برسوم المناظر الطبيعية من أشجار وزهور فاكتسى المسجد بحلة من الفنون والزخارف ذات الطابع التركي، كما زاد من جمال المسجد، تحلية جدرانه بخطوط جميلة أبدعها مشاهير الخطاطين المسلمين ومنهم الخطاط (عبد الله زهدي) الذي قضي ثلاثة سنوات يزخرف سقف المسجد وجدرانه وأعمدته بخط جميل يتضمن الآيات القرآنية الكريمة وعبارات الأدعية المختلفة..
المسجد النبوي حالياً : مساحة المسجد الحالية عبارة عن مستطيل غير متساوي الأضلاع طول ضلعه من الشمال إلي الجنوب 116 متراً وعرضه من الشمال 66 متراً، يتوسطه صحن مكشوف سماوي طوله أربع ظلات أكبرها ظلة القبلة التي تتكون من اثني عشر رواقا والغربية من ثلاث أروقة أقيمت ظلاته علي عقود محمولة علي عمد من الرخام أو الجرانيت وسقفه مجدد في العصر العثماني علي هيئة قباب ضحلة محمولة علي مثلثات كروية ؛ وقد ازدادت أبواب المسجد حتى وصلت إلي أربع وعشرين باباً منها أربعة أبواب خاصة في جهة القبلة وعشرون باباً عاماً، وقد سدت هذه الأبواب كلها ما عدا خمسة أبواب هي التي يمكن حسابها من الناحية الأثرية.
وللمسجد النبوي الشريف ثلاثة محاريب أقدمها المحراب النبوي وموقعه حالياً في الرواق الثالث من ظلة القبلة وهو الموضع القديم الذي عينه الرسول (صلى الله عليه وسلم) عند تحول القبلة في شعبان من السنة الثانية من الهجرة، والمحراب الثاني إلى اليمين من محراب الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويعرف بالمحراب السليماني، والمحراب الثالث ويقع في صدر المسجد وهو الذي أضافه الخليفة عثمان بن عفان عند توسيع ظلة القبلة.
مآذن المسجد النبوي الشريف : لم يكن للمسجد النبوي الشريف علي عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) مآذن وإنما كان يؤذن من علي سطح دار عبد الله بن عمر التي كانت بظهر القبلة وكان سيدنا بلال بن رباح يرتقي ظهر هذا الدار ليؤذن من عليها، ولما جدد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك المسجد النبوي أمر عامله عمر بن عبد العزيز أن يبني أربع مآذن بزوايا المسجد الأربعة ولا يوجد بقايا لهذه المآذن حاليا والموجود بالمسجد حاليا عشر مآذن منها خمس أثرية والباقي من تجديدات الحكومة السعودية.
المآذن الأثرية :
مئذنة باب السلام : وتقع إلي جوار باب السلام بالجهة الجنوبية الشرقية من المسجد، وكانت تطل علي دار مروان فلما حج الخليفة سليمان بن عبد الملك ارتقاها المؤذن فكشفت داره فأمر بهدمها ثم أعاد السلطان الناصر محمد بن قلاوون بناءها عام 706 هـ ولا تزال هذه المئذنة باقية دون تغيير في هيئتها.
مئذنة باب الرحمة: وقد أنشأ هذه المئذنة السلطان قايتباي المحمودي في العصر المملوكي، وكانت قمتها محدودة علي النسق العثماني ثم قامت الحكومة السعودية بترميمها علي النسق المملوكي.
أما المئذنة الجنوبية: وهي المئذنة الرئيسية للمسجد النبوي تقع بالزاوية الجنوبية من المسجد خلف الحجرة النبوية ولا تزال هذه المئذنة بهيئتها المملوكية من عصر الناصر محمد بن قلاوون.
المئذنة السليمانية: وتقع بالزاوية الشمالية من المسجد وكانت مبنية علي الطراز العثماني ثم قامت الحكومة السعودية بتجديدها علي الطراز المملوكي.
أما المئذنة المجيدية: وتقع بالزاوية الغربية من المسجد، وكانت علي الطراز العثماني ثم جددتها الحكومة السعودية علي الطراز المملوكي.. وقد أضافت الحكومة السعودية خمس مآذن أخري ليصبح عدد المآذن عشرة.
المقصورة النبوية الشريفة: كان للرسول (صلى الله عليه وسلم) بيت في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد يعرف ببيت عائشة (رضى الله عنها) وإلي الجنوب منه بيت السيدة حفصة (رضي الله عنها)، وكان يفصل بين هذه البيوت والمسجد طريق ضيق وكانت هذه البيوت مبنية بالطوب اللبن والجريد، ولم تكن سقوفها مرتفعة بل كانت قصيرة ولما توفي الرسول (صلى الله عليه وسلم) عام 11هـ دفن بأرض حجرة السيدة عائشة (رضي الله عنها) ورأسه الشريفة إلي الغرب ووجهه الشريف نحو القبلة.. ولما توفي أبو بكر الصديق في 22جمادي الأولي عام 13 هـ دفن إلي جانب الرسول (عليه السلام) من جهة الشمال ورأسه خلف منكب الرسول (صلى الله عليه وسلم) وعندما طعن الخليفة عمر بن الخطاب استأذن السيدة عائشة (رضي الله عنها) أن يدفن مع صاحبيه فلما مات 27 ذي الحجة عام 23 هـ دفن إلي جوارهما شمالي أبي بكر الصديق.
كما يوجد مقصورة صغيرة دفنت أسفلها السيدة فاطمة الزهراء بنت الرسول (عليه الصلاة والسلام) وحينما تولي الوليد بن عبد الملك أدخل واليه عمر بن عبد العزيز هذه البيوت في مساحة المسجد وأقام حولها بناء مخمساً لا يطوف الناس من حوله كما يطوفون حول الكعبة وكانت هذه الغرف مسقفة بالخشب..
وكان ارتفاع جدرانها ستة أمتار وظلت الغرفة علي حالها إلي أن قام نور الدين محمود ببناء حجرة مربعة حول الغرفة القديمة بناها من الحجر وحفر حول قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) خندقاً عميقاً أفرغ فيه مصهور الرصاص حتى لا تصل إليه يد لأنه كان يخشى من هجوم الصليبيين علي المدينة المنورة …
ثم قام السلطان المنصور قلاوون عام 678هـ ببناء حجرة مربعة غطيت من أعلاها بقبة من ضلوع خشبية مغلفة بألواح من الرصاص خوفاً عليها من الأمطار وجددت هذه القبة عند احتراقها عام 754 هـ علي يد الناصر محمد بن قلاوون، ثم جددها السلطان شعبان بن حسين عام 765 هـ ثم السلطان الأشرف قايتباي من عام 886 هـ حينما احترق سقف المسجد النبوي فقام ببناء قبة صغيرة من الأحجار السوداء في مكان القبة الخشبية، ثم بني فوقها قبة عظيمة مقامة علي دعائم وكسيت من أعلاها بالجص الأبيض ثم قام السلطان محمود بن السلطان عبد المجيد العثماني بتجديدها كلها عام 1233هـ وصبغها باللون الأخضر فسميت بالقبة الخضراء
المسجد في العهد السعودي الحالي : قامت الحكومة السعودية بمضاعفة مساحة المسجد عدة مرات وأضافت إلي ساحة المسجد ساحات محيطة بالمسجد وأصبح المسجد حالياً يتسع لأكثر من مليون مصلي في أوقات الذروة كما قامت بزيادة عدد المآذن من أربع إلي عشر مآذن ارتفاع كل من الست مآذن الجديدة 104 متراً، وزادت عدد مداخل المسجد إلي ستة عشر مدخلاً رئيسياً وأربعة عشر مدخلاً فرعياً، وأنشأت مبنيين للسلالم المتحركة لتأمين حركة المصلين في أوقات الذروة أيام الجمع والعيدين وشهر رمضان المبارك ومواسم الحج للصعود إلي سطح المسجد كما تم تركيب 36 سقفاً متحركاً وهو نوع جديد من الإنجازات الهندسية لم يسبق تنفيذه من قبل في أي مسجد وتعمل هذه الأسقف آليا بحيث تفتح وتغلق حسب حالة الجو وتم إنشاء منظومة متكاملة للمياه والصرف الصحي لتصريف مياه الأمطار وتأمين مياه زمزم علي مدار العام، وتم إنشاء مجموعات متكاملة من معدات الإضاءة الفنية الحديثة من النجف والمصابيح وأنشئت مجموعة متكاملة من الميضات وصنابير الشرب بما يكفي حاجة زوار المسجد النبوي الشريف،
واستخدام الرخام البارد المقاوم للحرارة في كافة أعمال الرخام التي استخدمت في التوسعة، وأعيد تخطيط المدينة المنورة وتنظيم شوارعها بما يتناسب وجلال مكانتها وقدسيتها لتصبح درة البلدان وجوهرة المدائن.
الخاتمــــــــــــــة
ثاني المساجد التي تشد إليها الرحال في الإسلام بعد المسجد الحرام . ويقع المسجد النبوي الشريف شرق المدينة المنورة . وكان له دور بارز في تاريخ الإسلام ومكانة عظيمة في نفس كل مسلم؛فهو المسجد الذي أسسه النبي صلى الله عليه وسلم على التقوى من أول يوم؛ليكون منارة تنير طريق البشرية جميعها ومدرسة تربى فيها وتخرج منها أعظم الرجال في تاريخ الإنسانية كلها ومركزا عظيما لانطلاق الدعوة وانتشار الإسلام. وقد مجده الله تعالى في كتابه العزيز في سورة التوبة: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه. فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين). والصلاة في المسجد النبوي لها ثواب كبير. قال صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" [البخاري]. وقال صلى الله عليه وسلم: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". [البخاري]
- بحث المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة عاااشر.docx (331.8 كيلوبايت, 329 مشاهدات)