المقدمة :
الحمد لله رب المشارقوالمغارب.. خلق الإنسان من طينلازب.. ثم جعله نطفة بينالصلبوالترائب.. خلق منهُ زوجهُ وجعلمنهما الأبناء والأقارب تلطف بهفنوع له.. المطاعم والمشارب.. وحملهفي البر على الدواب.. وفى البحرعلى القوارب. نحمده (تبارك وتعالى) حمد الطامعفي المزيد والطالب. ونعوذ بنور وجهه الكريم منشر العواقب.. وندعوه دعاء المستغفر الوجِلالتائب..أن يحفظنا من كل شرِ حاضر أو غائب. ونشهد أن لا إله إلا الله القوى الغالب.. شهادة
متيقن أن الوحدانيةلله أمر لازم وواجب.
أما بعد :
كان فيما اُثر من أشعار العرب ، ونقل إلينا من تراثهم الأدبي الحافلبضع قصائد من مطوّلات الشعر العربي ، وكانت من أدقّه معنى ، وأبعده خيالاً ، وأبرعهوزناً ، وأصدقه تصويراً للحياة ، التي كان يعيشها العرب في عصرهم قبل الإسلام ،ولهذا كلّه ولغيره عدّها النقّاد والرواة قديماً قمّة الشعر العربي وقد سمّيتبالمطوّلات ، وأمّا تسميتها المشهورة فهي المعلّقات .
سأتناول نبذةً عنها وعنأصحابها وبعض الأوجه الفنّية فيها :
الموضوع:
فالمعلّقات لغةً من العِلْق : وهو المالالذي يكرم عليك ، تضنّ به ، تقول : هذا عِلْقُ مضنَّة . وما عليه علقةٌ إذا لم يكنعليه ثياب فيها خير ، والعِلْقُ هو النفيس من كلّ شيء ، وفي حديث حذيفة : «فما بالهؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا . والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق .
وأمّاالمعنى الاصطلاحي للمعلّقات :فهي قصائد جاهليّة بلغ عددها السبع أو العشر ـ على قول ـبرزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح ، حتّى عدّت أفضل ما بلغنا عن الجاهليّين منآثار أدبية .
والناظر إلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحة بينهما ،فهي قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة ، بلغت الذّروة في اللغة ، وفي الخيال والفكر ، وفيالموسيقى وفي نضج التجربة ، وأصالة التعبير ، ولم يصل الشعر العربي إلى ما وصل إليهفي عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس ، وحماس المهلهل ، وفخر ابن كلثوم ، إلاّ بعدأن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة .
سبب تسميتها بالمعلّقات هناك أقوالمنها :
لأنّهم استحسنوها وكتبوها بماء الذهب وعلّقوها على الكعبة ، وهذا ماذهب إليه ابن عبد ربّه في العقد الفريد ، وابن رشيق وابن خلدون وغيرهم ، يقول صاحبالعقد الفريد : « وقد بلغ من كلف العرب به (أي الشعر) وتفضيلها له أن عمدت إلى سبعقصائد تخيّرتها من الشعر القديم ، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة ،وعلّقتها بين أستار الكعبة ، فمنه يقال : مذهّبة امرئ القيس ، ومذهّبة زهير ،والمذهّبات سبع ، وقد يقال : المعلّقات ، قال بعض المحدّثين قصيدة له ويشبّهها ببعضهذه القصائد التي ذكرت :
برزةٌ تذكَرُ في الحسـ ـنِ من الشعرالمعلّقْ
كلّ حرف نـادر منــها له وجـهٌ معشّ
أو لأنّ المراد منها المسمّطاتوالمقلّدات ، فإنّ من جاء بعدهم من الشعراء قلّدهم في طريقتهم ، وهو رأي الدكتورشوقي ضيف و آخرين . أو أن الملك إذا ما استحسنها أمر بتعليقها في خزانته .
هلعلّقت على الكعبة؟
سؤال طالما دار حوله الجدل والبحث ، فبعض يثبت التعليق لهذه القصائدعلى ستار الكعبة ، ويدافع عنه ، بل ويسخّف أقوال معارضيه ، وبعض آخر ينكر الإثبات ،ويفنّد أدلّته ، فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة الإثبات ولا أدلّة النفي ، ولميعطوا رأياً في ذلك .
المثبتون للتعليق وأدلّتهم :
لقد وقف المثبتون موقفاً قويّاً ودافعوابشكل أو بآخر عن موقفهم في صحّة التعليق ، فكتبُ التاريخ حفلت بنصوص عديدة تؤيّدصحّة التعليق ، ففي العقد الفريد ذهب ابن عبد ربّه ومثله ابن رشيق والسيوطي وياقوتالحموي وابن الكلبي وابن خلدون ، وغيرهم إلى أنّ المعلّقات سمّيت بذلك; لأنّها كتبتفي القباطي بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة ، وذكر ابن الكلبي : أنّ أوّل ماعلّق هو شعر امرئ القيس على ركن من أركان الكعبة أيّام الموسم حتّى نظر إليه ثمّاُحدر ، فعلّقت الشعراء ذلك بعده . وأمّا الأدباء المحدّثون فكان لهم دور في إثبات التعليق ، وعلى سبيل المثال نذكر منهم جرجي
زيدان حيث يقول : وإنّما استأنف إنكار ذلك بعضالمستشرقين من الإفرنج ، ووافقهم بعض كتّابنا
» رغبة في الجديد من كلّ شيء ، وأيّغرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من تأثير الشعر في نفوس العرب؟! وأمّاالحجّة التي أراد النحّاس أن يضعّف بها القول فغير وجيهة ; لأنّه قال : إنّ حمّاداًلمّا رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبع وحضّهم عليها وقال لهم : هذه هيالمشهورات ، وبعد ذلك أيّد كلامه ومذهبه في صحّة التعليق بما ذكره ابن الأنبا ري إذيقول : وهو ـ أي حمّاد ـ الذي جمع السبع الطوال ، هكذا ذكره أبو جعفر النحاس ، ولميثبت ما ذكره الناس من أنّها كانت معلّقة على الكعبة . » وقداستفاد جرجي زيدان من عبارة ابن الأنبا ري : « ما ذكره الناس » ، فهو
أي ابنالأنباري يتعجّب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس ، وهم الأكثرية من أنّها علقت فيالكعبة
النافون للتعليق :
ولعلّ أوّلهم والذي يعدُّ المؤسّس لهذا المذهب ـ كماذكرنا ـ هو أبو جعفر النحّاس ، حيث ذكر أنّ حمّاداً الراوية هو الذي جمع السبعالطوال ، ولم يثبت من أنّها كانت معلّقة على الكعبة ، نقل ذلك عنه ابن الأنباري . فكانت هذه الفكرة أساساً لنفي التعليق :
كارل بروكلمان حيث ذكر أنّها من جمعحمّاد ، وقد سمّاها بالسموط والمعلّقات للدلالة على نفاسة ما اختاره ، ورفض القول : إنّها سمّيت بالمعلّقات لتعليقها على الكعبة ، لأن هذا التعليل إنّما نشأ منالتفسير الظاهر للتسمية وليس سبباً لها ، وهو ما يذهب إليه نولدكه .
وعلىهذا سار الدكتور شوقي ضيف مضيفاً إليه أنّه لا يوجد لدينا دليل مادّي على أنّالجاهليين اتّخذوا الكتابة وسيلة لحفظ أشعارهم ، فالعربية كانت لغة مسموعة لامكتوبة . ألا ترى شاعرهم حيث يقول :
فلأهدينّ مع الرياح قصيدة منّي مغـلغلةإلى القعقاعِ
ترد المياه فـما تزال غريبةً في القوم بين تمثّلوسماعِ؟
ودليله الآخر على نفي التعليق هو أنّ القرآن الكريم ـ على قداسته ـ لميجمع في مصحف واحد إلاّ بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وسلم) (طبعاً هذا على مذهبه) ، وكذلك الحديث الشريف . لم يدوّن إلاّ بعد مرور فترة طويلة من الزمان (لأسباب لاتخفى على من سبر كتب التأريخ وأهمّها نهي الخليفة الثاني عن تدوينه) ومن باب أولىألاّ تكتب القصائد السبع ولا تعلّق .
وممّن ردّ الفكرة ـ فكرة التعليق ـالشيخ مصطفى صادق الرافعي ، وذهب إلى أنّها من الأخبار الموضوعة التي خفي أصلهاحتّى وثق بها المتأخّرون .
ومنهم الدكتور جواد علي ، فقد رفض فكرة التعليق لأمورمنها :
1 ـ أنّه حينما أمر النبي بتحطيم الأصنام والأوثان التي في الكعبة وطمس الصور ، لميذكر وجود معلقة أو جزء معلّقة أو بيت شعر فيها .
2 ـ عدم وجود خبر يشير إلى تعليقها علىالكعبة حينما أعادوا بناءَها من جديد .
3 ـ لم يشر أحد من أهل الأخبار الّذينذكروا الحريق الذي أصاب مكّة ، والّذي أدّى إلى إعادة بنائها لم يشيروا إلى احتراقالمعلّقات في هذا الحريق .
4 ـ عدم وجود من ذكر المعلّقات من حملة الشعر من الصحابةوالتابعين ولا غيرهم .
ولهذا كلّه لم يستبعد الدكتور جواد علي أن تكون المعلّقاتمن صنع حمّاد ، هذا عمدة ما ذكره المانعون للتعليق .
بعد استعراضنا لأدلة الفريقين ، اتّضحأنّ عمدة دليل النافين هو ما ذكره ابن النحاس حيث ادعى أن حماداً هو الذي جمع السبعالطوال .
وجواب ذلك أن جمع حماد لها ليس دليلا على عدم وجودها سابقاً ، وإلاّانسحب الكلام على الدواوين التي جمعها أبو عمرو بن العلاء والمفضّل وغيرهما ، ولاأحد يقول في دواوينهم ما قيل في المعلقات . ثم إنّ حماداً لم يكن السبّاق إلى جمعهافقد عاش في العصر العباسي ، والتاريخ ينقل لنا عن عبد الملك أنَّه عُني بجمع هذهالقصائد (المعلقات) وطرح شعراء أربعة منهم وأثبت مكانهم أربعة .
وأيضاًقول الفرزدق يدلنا على وجود صحف مكتوبة في الجاهلية :
أوصىعشية حين فارق رهطه عند الشهادة في الصحيفة دعفلُ
أنّ ابن ضبّة كـان خيرٌ والداً وأتمّ فيحسب الكرام وأفضلُ
كما عدّد الفرزدق في هذه القصيدة أسماء شعراء الجاهلية ، ويفهم من بعضالأبيات أنّه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ من دواوينهم بدليلقوله :
والجعفري وكان بشرٌ قبله لي من قصائده الكتابالمجملُ
وبعد أبيات يقول :
دفعوا إليَّ كتابهنّ وصيّةً فورثتهنّ كأنّهنّالجندلُ
كما روي أن النابغة وغيره من الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونهاإلى بلاد المناذرة معتذرين عاتبين ، وقد دفن النعمان تلك الأشعار في قصره الأبيض ،حتّى كان من أمر المختار بن أبي عبيد و إخراجه لها بعد أن قيل له : إنّ تحت القصركنزاً .
كما أن هناك شواهد أخرى تؤيّد أن التعليق على الكعبة وغيرها ـ كالخزائنوالسقوف والجدران لأجل محدود أو غير محدود ـ كان أمراً مألوفاً عند العرب ،فالتاريخ ينقل لنا أنّ كتاباً كتبه أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة في حلف خزاعة لعبدالمطّلب ، وعلّق هذا الكتاب على الكعبة . كما أنّ ابن هشام يذكر أنّ قريشاً كتبتصحيفة عندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلب وعلّقوها في جوف الكعبة توكيداً علىأنفسهم .
ويؤيّد ذلك أيضاً ما رواه البغدادي في خزائنه من قول معاوية : قصيدةعمرو بن كلثوم وقصيدة الحارث بن حِلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبة دهراً .
هذا منجملة النقل ، كما أنّه ليس هناك مانع عقلي أو فنّي من أن العرب قد علّقوا أشعاراًهي أنفس ما لديهم ، وأسمى ما وصلت إليه لغتهم; وهي لغة الفصاحة والبلاغة والشعروالأدب ، ولم تصل العربية في زمان إلى مستوى كما وصلت إليه في عصرهم . ومن جهة أخرىكان للشاعر المقام السامي عند العرب الجاهليين فهو الناطق الرسمي باسم القبيلة وهولسانها والمقدّم فيها ، وبهم وبشعرهم تفتخر القبائل ، ووجود شاعر مفلّق في قبيلةيعدُّ مدعاة لعزّها وتميّزها بين القبائل ، ولا تعجب من حمّاد حينما يضمّ قصيدةالحارث بن حلزّة إلى مجموعته ، إذ إنّ حمّاداً كان مولى لقبيلة بكر بن وائل ،وقصيدة الحارث تشيد بمجد بكر سادة حمّاد ، وذلك لأنّ حمّاداً يعرف قيمة القصيدة ومايلازمها لرفعة من قيلت فيه بين القبائل .
فإذا كان للشعر تلك القيمة العالية ،وإذا كان للشاعر تلك المنزلة السامية في نفوس العرب ، فما المانع من أن تعلّق قصائدهي عصارة ما قيل في تلك الفترة الذهبية للشعر؟
ثمّ إنّه ذكرنا فيما تقدّم أنّ عدداً لايستهان به من المؤرّخين والمحقّقين قد اتفقوا على التعليق .
فقبولفكرة التعليق قد يكون مقبولا ، وأنّ المعلّقات لنفاستها قد علّقت على الكعبة بعدماقرئت على لجنة التحكيم السنوية ، التي تتّخذ من عكاظ محلاً لها ، فهناك يأتيالشعراء بما جادت به قريحتهم خلال سنة ، ويقرأونها أمام الملإ ولجنة التحكيم التيعدُّوا منها النابغة الذبياني ليعطوا رأيهم في القصيدة ، فإذا لاقت قبولهمواستحسانهم طارت في الآفاق ، وتناقلتها الألسن ، وعلّقت على جدران الكعبة أقدس مكانعند العرب ، وإن لم يستجيدوها خمل ذكرها ، وخفي بريقها ، حتّى ينساها الناس وكأنّهالم تكن شيئاً مذكوراً .
موضوع شعر المعلّقات:
لو رجعنا إلى القصائد الجاهلية الطوال والمعلّقات منها علىالأخصّ رأينا أنّ الشعراء يسيرون فيها على نهج
مخصوص; يبدأون عادة بذكر الأطلال ،وقد بدأ عمرو بن كلثوم مثلاً بوصف الخمر ، ثمّ بدأ بذكر الحبيبة ، ثمّ
ينتقل أحدهمإلى وصف الراحلة ، ثمّ إلى الطريق التي يسلكها ، بعدئذ يخلص إلى المديح أو الفخر (إذا كان الفخر
مقصوداً كما عند عنترة) وقد يعود الشاعر إلى الحبيبة ثمّ إلى الخمر، وبعدئذ ينتهي بالحماسة (أو الفخر) أو
بذكر شيء من الحِكَم (كما عند زهير) أو منالوصف كما عند امرئ القيس .
ويجدر بالملاحظة أنّ في القصيدة الجاهلية أغراضاًمتعدّدة; واحد منها مقصود لذاته (كالغزل عند امرئ القيس ،
الحماسة عند عنترة ،والمديح عند زهير . .) ،
عدد القصائد المعلّقات
لقد اُختلف في عدد القصائدالتي تعدّ من المعلّقات ، فبعد أن اتّفقوا على خمس منها; هي معلّقات : امرئ القيس ،
وزهير ، ولبيد ، وطرفة ، وعمرو بن كلثوم . اختلفوا في البقيّة ، فمنهم من يعدّبينها معلّقة عنترة والحارث بن
حلزة ، ومنهم من يدخل فيها قصيدتي النابغة والأعشى ،ومنهم من جعل فيها قصيدة عبيد بن الأبرص ، فتكون
المعلّقات عندئذ عشراً .
نماذج مختارة من القصائد المعلّقة مع شرح حال شعرائها
اثنان من هذه القصائداخترتها من بين القصائد السبع أو العشر مع إشارة لما كتبه بعض الكتاب والأدباء عنجوانبها الفنية.. لتكون محور بحثنا هذا :
امرؤ القيس
اسمه :امرؤ القيس ، خندج ، عدي ، مليكة ، لكنّه عرفواشتهر بالاسم الأوّل ، وهو آخر اُمراء اُسرة كندة اليمنيّة .
أبوه :حجر بن الحارث ، آخر ملوك تلك الاُسرة ، التي كانتتبسط نفوذها وسيطرتها على منطقة نجد من منتصف القرن الخامس الميلادي حتى منتصفالسادس .
اُمّه :فاطمة بنت ربيعة اُخت كليب زعيم قبيلة ربيعة منتغلب ، واُخت المهلهل بطل حرب البسوس ، وصاحب أوّل قصيدة عربية تبلغ الثلاثينبيتاً .
نبذة منحياته :
قال ابن قتيبة : هو من أهلنجد من الطبقة الاُولى . كان يعدّ من عشّاقالعرب ، وكانيشبّب بنساء منهنّ فاطمة بنت العبيد العنزية التي يقول لها فيمعلّقته :
أفاطمُ مهلاً بعض هذا التدلّل
وقد طرده أبو ه على أثرذلك . وظل امرؤ القيس سادراً في لهوه إلى أن بلغه مقتل أبيه وهو بدمّون فقال :ضيّعني صغيراً ، وحمّلني دمه كبيراً ، لا صحو اليوم ولا سكرَ غداً ، اليوم خمرٌوغداً أمرٌ ، ثمّ آلى أن لا يأكل لحماً ولا يشرب خمراً حتّى يثأر لأبيه29 .
إلى هنا تنتهي الفترةالاُولى من حياة امرئ القيس وحياة المجون والفسوق والانحراف ، لتبدأ مرحلة جديدة منحياته ، وهي فترة طلب الثأر من قَتَلة أبيه ، ويتجلّى ذلك من شعره ، الّذي قاله فيتلك الفترة ، الّتي يعتبرها الناقدون مرحلة الجدّ من حياة الشاعر ، حيكت حولها كثيرمن الأساطير ، التي اُضيفت فيما بعد إلى حياته . وسببها يعود إلى النحل والانتحالالذي حصل في زمان حمّاد الراوية ، وخلف الأحمر ومن حذا حذوهم . حيث أضافوا إلىحياتهم ما لم يدلّ عليه دليل عقلي وجعلوها أشبه بالأسطورة .
ولكن لا يعني ذلك أنّكلّ ما قيل حول مرحلة امرئ القيس الثانية هو اُسطورة .
والمهم أنّه قد خرج إلىطلب الثأر من بني أسد قتلة أبيه ، وذلك بجمع السلاح وإعداد الناس وتهيئتهم للمسيرمعه ، وبلغ به ذلك المسير إلى ملك الروم حيث أكرمه لما كان يسمع من أخبار شعره وصارنديمه ، واستمدّه للثأر من القتلة فوعده ذلك ، ثمّ بعث معه جيشاً فيهم أبناء ملوكالروم ، فلمّا فصل قيل لقيصر : إنّك أمددت بأبناء ملوك أرضك رجلاً من العرب وهم أهلغدر ، فإذا استمكن ممّاأراد وقهربهم عدوّه غزاك . فبعث إليه قيصر مع رجل من العرب كان معه يقال له الطمّاح ، بحلّةمنسوجة بالذهب مسمومة ، وكتب إليه : إنّي قد بعثت إليك بحلّتي الّتي كنت ألبسها يومالزينة ليُعرف فضلك عندي ، فإذا وصلت إليك فالبسها على الُيمن والبركة ، واكتب إليّمن كلّ منزل بخبرك ، فلمّا وصلت إليه الحلّة اشتدّ سروره بها ولبسها ، فأسرع فيهالسمّ وتنفّط جلده ، والعرب تدعوه : ذا القروح لذلك ، ولقوله :
وبُدِّلْتُ قرحاً دامياً بعد صحّة فيالك نُعمى قد تحوّلُأبؤسا
ولمّا صار إلى مدينةبالروم تُدعى : أنقرة ثقل فأقام بها حتّى مات ، وقبره هناك .
وآخرشعره :
ربّ خطبة مسحنفَرهْ وطعنة مثعنجرهْ
وجعبة متحيّرهْ تدفنُ غداً بأنقرةْ
ورأى قبراً لامرأة من بناتملوك العرب هلكت بأنقره فسأل عنها فاخبر ، فقال :
أجارتنا إنّ المزار قريبُ وإنّي مقيم ما أقامعسيبُ
أجارتَنا إنّا غريبانِ هاهنا وكلّ غريب للغريب نسيبُ
وقد عدَّ الدكتور جواد عليوالدكتور شوقي ضيف وبروكلمان وآخرون بعض ما ورد في قصّة امرئ القيس وطرده ،والحكايات التي حيكت بعد وصوله إلى قيصر ودفنه بأنقرة إلى جانب قبر ابنة بعض ملوكالروم ، وسبب موته بالحلة المسمومة ، وتسميته ذا القروح منالأساطير .
قالوافيه :
1 ـ النبيّ(صلى الله عليهوسلم) : ذاك رجل مذكور في الدنيا ، شريف فيها منسيّ في الآخرة خامل فيها ، يجيءيوم القيامة معه لواء الشعراء إلى النار .
2 ـ الإمام علي(عليهالسلام) : سُئل من أشعر الشعراء؟ فقال :
إنّ القوم لم يَجروا في حَلبةتُعرفُ الغايةُ عند قصبتها ، فإنْ كان ولابُدّ فالملكُ الضِّلِّيلُ . يريد امرأ القيس .
3 ـ الفرزدق سئل من أشعرالناس؟ قال : ذو القروح .
4 ـ يونس بن حبيب : إنّعلماء البصرة كانوا يقدّمون امرأ القيس .
5 ـ لبيد بن ربيعة : أشعرالناس ذو القروح .
6 ـ أبو عبيدة معمّر بنالمثنّى : هو أوّل من فتح الشعر ووقف واستوقف وبكى في الدمن ووصف مافيها . . .
معلّقة امرئ القيس
البحر : الطويل . عدد أبياتها : 78 بيتاً منها : 9 : في ذكرى الحبيبة . 21 : في بعض مواقف له . 13 : في وصفالمرأة . 5 : في وصف الليل . 18 : في السحاب والبرق والمطر وآثاره . والبقية فياُمور مختلفة .
استهلّ امرؤ القيسمعلّقته بقوله :
قفانبكِ من ذكرى حبيب ومنزِلِ بِسِقْط اللِّوَى بين الدَّخُوْلِفَحَوْمَلِ
فتوضِحَ فالمقراة لم يعفُ رسمُها لما نسجتها منجنوب وَشَمْأَلِ
وقد عدّ القدماء هذا المطلع منمبتكراته ، إذ وقف واستوقف وبكى وأبكى وذكر الحبيب والمنزل ، ثمّ انتقل إلى روايةبعض ذكرياته السعيدة بقوله :
ألاربّ يوم لَكَ منهُنَّ صالحٌ ولاسيّما يومٌ بدراةجُلجُلِ
ويومَعقرت للعِذارى مطيّتي فيا عجباً من رحلِهاالمتحمّلِ
فضلّالعذارى يرتمينَ بلحمها وشحم كهذّاب الدِّمَقْسِالمُفَتَّلِ
وحيث إنّ تذكّر الماضي السعيد قدأرّق ليالي الشاعر ، وحرمه الراحة والهدوء; لذا فقد شعر بوطأة الليل; ذلك أنّالهموم تصل إلى أوجها في الليل ، فما أقسى الليل على المهموم! إنّه يقضّ مضجعهُ ،ويُطير النوم من عينيه ، ويلفّه في ظلام حالك ، ويأخذه في دوامة تقلّبه هنا وهناكلا يعرف أين هو ، ولا كيف يسير ولا ماذا يفعل ، ويلقي عليه بأحماله ، ويقف كأنّه لايتحرّك . . يقول :
وليلكموج البحرِ أرخى سدوله عليّ بأنواع الهمومِليبتلي
فقُلْتُ لَهُ لمّا تمطّى بصلبِهِ وأردف أعجازاًوناءَ بِكَلْكَلِ
ألاأيّها الليلُ الطويل ألا انجلي بصبح وما الأصْبَاحُ منكَبِأمْثَلِ
وتعدّ هذه الأبيات من أروع ماقاله في الوصف ، ومبعث روعتها تصويره وحشيّة الليل بأمواج البحر وهي تطوي مايصادفها; لتختبر ما عند الشاعر من الصبر والجزع .فأنت أمام وصف وجداني فيه منالرقّة والعاطفة النابضة ، وقد استحالت سدول الليل فيه إلى سدول همّ ، وامتزج ليلالنفس بليل الطبيعة ، وانتقل الليل من الطبيعة إلى النفس ، وانتقلت النفس إلى ظلمةالطبيعة .فالصورة في شعره تجسيد للشعور فيمادّة حسّية مستقاة من البيئة الجاهلية .ثمّ يخرج منه إلى وصف فرسه وصيدهولذّاته فيه ، وكأنّه يريد أن يضع بين يدي صاحبته فروسيته وشجاعته ومهارته في ركوبالخيل واصطياد الوحش يقول :
وقدأَغتدي والطير في وُكُناتِها بِمُنْجرد قيدِ الأوابدِهيكلِ
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِل مُدْبر معاً كجُلْمُودِ صَخْر حَطَّهُالسَّيْلُ مِنْ عَلِ
وهو وصف رائع لفرسه الأشقر ، فقدصوّر سرعته تصويراً بديعاً ، وبدأ فجعله قيداً لأوابد الوحش إذا انطلقت في الصحراءفإنّها لا تستطيع إفلاتاً منه كأنّه قيد يأخذ بأرجلها .وهو لشدّة حركته وسرعته يخيّلإليك كأنّه يفرّ ويكرّ في الوقت نفسه ، وكأنّه يقبل ويدبر في آن واحد ، وكأنّهجلمود صخر يهوى به السيل من ذورة جبل عال .ثمّ يستطرد في ذكر صيده وطهيالطهاة له وسط الصحراء قائلاً :
فظلّطهاةُ اللحمِ ما بين منضج صفيف شواء أو قديرمعجّلِ
وينتقل بعد ذلك إلى وصف الأمطاروالسيول ، التي ألمّت بمنازل قومه بني أسد بالقرب من تيماء في شمالي الحجاز ،يقول :
أحارِ ترى برقاً كأنّوميضَهُ
كلمعِ اليدين في حبيٍّمكَلّلِ
يضيءُ سناهُ أومصابيحُ راهب
أهانَ السَّليطَفي الذُّبالِ المفتّلِ
قعدتُ له وصحبتيبين حامِر
وبين إكام بُعْدَ مامتأمّلِ
وأضحى يسحُّ الماءعن كلِّ فيقة
يكبُّ على الأذهان دوحَالكَنهْبَلِ
وتيماءَ لم يتركبها جذعَ نخلة
ولا اُطماً إلاّ مشيداًبِجَنْدَلِ
استهلّ هذه القطعة بوصف وميضالبرق وتألّقه في سحاب متراكم ، وشبّه هذا التألّق واللمعان بحركة اليدين إذا اُشيربهما ، أو كأنّه مصابيح راهب يتوهّج ضوؤها بما يمدّها من زيتكثير .
ويصف كيف جلس هو وأصحابهيتأمّلونه بين جامر وإكام ، والسحاب يسحّ سحّاً ، حتّى لتقتلع سيوله كلّ ما فيطريقها من أشجار العِضاه العظيمة ، وتلك تيماء لم تترك بها نخلاً ولا بيتاً ، إلاّما شيّد بالصخر ، فقد اجتثّت كلّ ما مرّت به ، وأتت عليه من قواعدهواُصوله .
لبيد بن ربيعة
هو لبيد بن ربيعة بن عامر بن مالكبن جعفر بن كلاب بن ربيعة . . الكلابيقال المرزباني : كان فارساًشجاعاً سخيّاً ، قال الشعر في الجاهلية دهراً . قال أكثر أهل الأخبار : إنّه كانشريفاً في الجاهلية والإسلام ، وكان قد نذر أن لا تهبّ الصبا إلاّ نحر وأطعم ، ثمّنزل الكوفة ، وكان المغيرة بن شعبة إذا هبّت الصبا يقول : أعينوا أبا عقيل علىمروءته . وحكى الرياشي : لمّا اشتدّ الجدبعلى مضر بدعوة النبيّ(صلى الله عليه وسلم) وفد عليه وفد قيس وفيهم لبيدفأنشد :
أتيناكيا خير البريّة كلّها لترحمنا ممّا لقينا منالأزلِ
أتيناكوالعذراء تدمى لبانها وقد ذهلت أمّ الصبيّ عنالطفلِ
فإنتدعُ بالسقيا وبالعفو ترسل الـ ـسّماءَ لنا والأمر يبقى علىالأَصْلِ
وهو من الشعراء ، الّذين ترفعواعن مدح الناس لنيل جوائزهم وصِلاتهم ، كما أنّه كان من الشعراء المتقدّمين فيالشعر .وأمّا أبوه فقد عرف بربيعةالمقترين لسخائه ، وقد قُتل والده وهو صغير السّنّ ، فتكفّل أعمامهُتربيتَه .ويرى بروكلمان احتمال مجيء لبيدإلى هذه الدنيا في حوالى سنة 560م .
أمّا وفاته فكانت سنة 40هـ . وقيل : 41هـ .لمّا دخل معاوية الكوفة بعد أن صالح الإمام الحسن بن علي ونزل النخيلة ، وقيل :إنّه مات بالكوفة أيّام الوليد بن عقبة في خلافة عثمان ، كما ورد أنّه توفّي سنةنيف وستين .
قالوافيه :
1 ـ النبي(صلى الله عليه وآله) :أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد :
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل
وروى أنّ لبيداً أنشد النبي(صلىالله عليه وسلم) قوله :
ألاكلّ شيء ما خلا الله باطلُ
فقال له :صدقت .
فقال :
وكلّنعيم لا محالة زائلُ
فقال له : كذبت ، نعيم الآخرة لايزول .
2 ـ المرزباني : إنّ الفرزدق سمعرجلاً ينشد قول لبيد :
وجلاالسيوف من الطلولِ كأنّها زبر تجدّ متونَهاأقلامُها
فنزل عن بغلته وسجد ، فقيل له :ما هذا؟ فقال : أنا أعرف سجدة الشعر كما يعرفون سجدة القرآن .
القول في إسلامه
وأمّا إسلامه فقد أجمعت الرواةعلى إقبال لبيد على الإسلام من كلّ قلبه ، وعلى تمسّكه بدينه تمسّكاً شديداً ، ولاسيما حينما يشعر بتأثير وطأة الشيخوخة عليه ، وبقرب دنوّ أجله; ويظهر أنّ شيخوختهقد أبعدته عن المساهمة في الأحداث السياسية التي وقعت في أيّامه ، فابتعد عنالسياسة ، وابتعد عن الخوض في الأحداث ، ولهذا لا نجد في شعره شيئاً ، ولا فيما رويعنه من أخبار أنّه تحزّب لأحد أو خاصم أحداً .وروي أنّ لبيداً ترك الشعر وانصرفعنه ، فلمّا كتب عمر إلى عامله المغيرة ابن شعبة على الكوفة يقول له : استنشد منقبلك من شعراء مصرك ما قالوا في الإسلام . أرسل إلى لبيد ، فقال : أرجزاً تُريد أمقصيداً؟ فقال :
أنشدني ما قلته في الإسلام ، فكتبسورة البقرة في صحيفة ثمّ أتى بها ، وقال : أَبدلني الله هذا في الإسلام مكانالشعر . فكتب المغيرة بذلك إلى عمر فنقص منعطاء الأغلب خمسمائة وجعلها في عطاء لبيد .
وجعله في اُسد الغابة من المؤلّفةقلوبهم وممّن حسن إسلامه، وكان عمرهمائة وخمساً وخمسين سنة ، منهاخمس وأربعون في الإسلام وتسعون في الجاهلية .
مختارات من شعره
له قصيدة في رثاء النعمان بنالمنذر ، تعرّض فيها للموت ولزوال النعيم ولعدم دوام الدنيا لأحد ،مطلعها :
ألاتسألان المرء ماذا يحاولُ أنحب فيقضى أم ضلالٌوباطلٌ؟
وقد ذكر فيها الله جلّ جلالهبقوله :
أرى الناس لا يدرون ما قدرُ أمرِهمُ
بلى : كلّ ذي لبّ إلى اللهواسلُ
ألا كلُّ شيء ماخلا الله باطلُ
وكلّ نعيم لا محالةزائلُ
وكلُّ اُناس سوفتدخلُ بينهم
دويهيّةٌ تصفرّ منهاالأناملُ
وكلّ امرئ يوماًسيعلمُ سعيه
إذا كشّفت عند الإله المحاصلُ43
معلّقة لبيد بن ربيعة
البحر : الكامل . عدد الأبيات : 89 موزّعة فيما يلي : 11 في ديار الحبيبة . 10 في رحلة الحبيبة وبعدها وأثره . 33في الناقة . 21 في الفخر الشخصي . 14 في الفخر القبلي .
يبدأ الشاعر معلقته ببكاء الأطلالووصفها ، وكيف أنّ الديار قد درست معالمها حتّى عادت لا ترى فقد هجرت ، وأصبحت لايدخلها أحدٌ لخرابها :
عفتالديار محلّها فمقامها بمنىً تأبّد غولهافرجامها
رزقتمرابيع النجوم وصابها ودقَ الرواعد جودهافرهامها
ثمّ عاد بمخيلته شريط الذكريات ،ذكريات فراق الأحبّة فيتحدّث عن الظعائن الجميلات الرشيقات ، وعن هوادجهنّ المكسوّةبالقماش والستائر :
مشاقتكظعن الحيّ يوم تحمّلوا فتكنّسوا قطناً تصرّخيامها
منكلِّ محفوف يظلّ عصيّه روح عليه كلّةٌ وقرامها
ويرى أن يقطع أمله منها ويتركرجاءه فيها ما دامت نوار قد تغيّر وصلها :
ما قطعلبانه من تعرّض وصله ولشرّ واصل خلّة صرّامها
ثمّ يأخذ في وصف ناقته بألفاظغريبة وتعابير بدوية متينة ، فهو يشبهها بالغمامة الحمراء تدفعها رياح الجنوبفيقول :
فلهاهبابٌ في الزمامِ كأنّها صهباء خفّ مع الجنوبحمامُها
واُخرى يشبّهها بالبقرة الوحشيّةقائلاً :
خنساءُضيّعتِ الغريرَ فلم ترِمْ عُرْضَ الشّقائقِ طوفهاوبُغامُها
لمعفّرقَهْد تنازعَ شلوهُ غبسٌ كواسبُ ، لا يُمَنّطعامُها
وعلى الرغم من تعرّضه لوصف الناقةفلم تفته الحكمة :
صادفْنَ منها غرّة فأصبنها إنّ المنايا لا تطيشسهامها
ويقول :
لتذودهنّ وأيقنت إن لم تَزُدْ أن قد أحمّ منالحتوفِ حمامها
فهو مؤمن بقضاء الله ، قانع بماقسم له وكتب عليه ، راض بذلك ، ويدعو النّاس إلى الرضا :
فاقنعبما كتب المليكُ فإنّما قسم الخلائق بينناعلاّمها
ثمّ ينتقل لبيد للفخر بفروسيّته ،وكونه يحمي قومه في موضع المحنة والخوف ، يرقب لهم عند ثغور الأعداء وهو بكاملعدّته متأهّباً للنزال ، حتّى إذا أجنّه الظلام نزل من مرقبه إلى السهل ، وامتطىجواده القوي السريع :
ولقد حميت الحيّ تحملمثكتي
فرطٌ وشاحي إذ غدوتلجامها
فعلوت مرتقباً علىذي هبوة
حرج إلى أعلامهنّقَتَامُها
حتّى إذا ألقت يداًفي كافر
وأجنّ عورات الثغورظلامها
أسهلت وانتصبتْكجذعِ منيفة
جرداءَ يَحْصَرُ دونَهاجرّامُها
ولبيد خير شاعر برّ قومه ، فهويحبّهم ويؤثرهم ويشيد بمآثرهم ويسجّل مكرماتهم ، ويفخر بأيّامهم وأحسابهم ، فسجّلفي معلّقته فضائل قومه ، وافتخر بأهله وخصّهم بأجودالثناء :
إنّا إذا التقت المجامعُ لميزل
منّا لزازُ عظيمةجشّامُّها
من معشر سنّت لهمآباؤهم
ولكلّ قوم سنّةٌوإمُامها
لا يطبعون ولا يبورفعالُهم
إذ لا يميل مع الهوىأحلامُها
وهم السعاةُ إذاالعشيرة اُفظِعَتْ
وهُمُ فوارسها وهمحكّامُها
وهُمُ ربيعٌللمجاور فيهمُ
والمرملاتِ إذا تطاولَعامُها
وهُمُ العشيرةُ أنيُبَطّئ حاسدٌ
أو أن يميلَ مع العدىلوّامُها
المصادر والمراجع
(1) العين للفراهيدي 1/162 تحقيق د .مهدي المخزومي و د . ابراهيم السامرائي ، ط لبنان 1988 .
(2) لسان العرب لابن منظور 9/362 . دار إحياء التراث العربي ـ ط1 بيروت 1988 .
(3) المصدر السابقص359 .
(4) المعجم الأدبي د . جبّورعبدالنور ص257 ط دار العلم للملايين .
(5) العقد الفريد لابن عبد ربّه 6/118 ط دار الكتب العلمية بيروت ـ تح : د . عبدالمجيد الترحيني ـط1ـ 1404هـ .وانظر خزانة الأدب للحموي 1/61 ومقدّمة ابن خلدون : 511 وتاريخ آداب العربية لمصطفىصادق الرافعي 1833 .
(6) تاريخ الأدب العربي ـ العصر الجاهلي للدكتور شوقي ضيف :ص140 .
(7) العقد الفريد 6 : 119 .
(8) المزهر 2/480 وعبارته هيعين عبارة العمدة .
(9) خزانة الأدب 1 / 61.
(10) كما ذكره الرافعي في تأريخ آداب العربية 3/183وغيره .
(11) المقدّمة : 511 .
(12) تأريخ آداب اللغة العربية 1/95 . ط دار مكتبة الحياة ـبيروت .
(13) المصدرالسابق .
(14) تاريخ آداب اللغة العربية ، جرجي زيدان 1/95 ط دار مكتبة الحياة ـبيروت .
(15) تاريخ الأدب العربي لكارلبروكلمان 1/67 ترجمة د . عبدالحكيم النجّار .
(16) تاريخ الأدب العربي ـالعصر الجاهلي ص140 .
(17) المصدر السابقص142 .
(18) تاريخ آداب العرب 3/183 .
(19) المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام 9/516 ومابعدها .
(20) خزانة الأدب 1/124 .
(21) النقائض لأبي عبيدة 1/189 .
(22) الخصاص لابن جني 1/392 ـ 393 ، ولمزيد من التفصيل عليك بكتاب مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التأريخية للدكتورناصر الدين الأسد ص134 وما بعدها . ط . دار الجيل بيروت ، وانظر أيضاً فصل الكتابةعند العرب قبل الإسلام من مكاتيب الرسول ج1 للشيخ الأحمديالميانجي .
(23) ديوان حسّان بن ثابت ـ مخطوط بمكتبة أحمد الثالث ورقة 15 ـ 16 عندمصادر الشعر الجاهلي لناصر الدين الاسد .
(24) سيرة ابن هشام 1/375 ـ 376 .
(25) خزانة الأدب 3/162 .
(26) خزانة الأدب 3/162 .
(27) اُنظر تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان 1/67 .
(28) الشعر والشعراء ص27 ط ليدن 1902 .
(29) المصدر السابق :ص39 .
(30) الشعر والشعراء ص45 ـ 47 ،وعسيب : جبل هناك .
(31) الشعروالشعراء .