التصنيفات
الصف العاشر

تقرير جاهز عن ترجمة الخليل بن أحمد للصف العاشر

تقرير جاهز عن ترجمة الخليل بن أحمد

(اللهم هب لي علمًا لم يسبقني إليه أحد).. قالها وهو يتضرع إلى الله متعلقًا بأستار الكعبة، كان يرجو أن يسبق الناس بوضع علم جديد، فيكون سبَّاقًا إلى الخير، ولم يكن هذا الرجاء وليد تكاسل وتواكل، بل كانت قدراته ومهاراته تؤهله لأن يكون عظيم الشأن.
هو (الخليل بن أحمد الفراهيدي) الذي وُلِدَ في البصرة عام 100هـ ونشأ عابدًا لله تعالى، مجتهدًا في طلب العلم، واسع المعرفة، شديد الذكاء، أدرك الخليل بفطرته السليمة أن الإسلام دين شامل لكل جوانب الحياة، فاجتهد في طلب العلم وأخلص في طلبه؛ فكان غيورًا على اللغة العربية (لغة القرآن)؛ مما دفعه إلى العمل على وضع قواعد مضبوطة للغة، حتى عدَّه العلماء الواضع الحقيقي لعلم النحو في صورته النهائية، التي نقلها عنه تلميذه (سِيبوَيه) في كتابه المسمى (الكتاب) فذكره وروى آراءه في نحو ثلاثمائة وسبعين موضعًا معترفًا له بوافر علمه، وعظيم فضله.
وذات يوم ذهب الفراهيدي إلى الكعبة حاجًّا، فتعلق بأستار الكعبة، ودعا الله أن يهب له علمًا لم يسبقه أحد إليه، ثم عاد إلى وطنه، فاعتزل الناس في كوخ بسيط من خشب الأشجار، كان يقضي فيه الساعات الطويلة يقرأ كل ما جمعه من أشعار العرب، ويرتبها حسب أنغامها، ويضع كل مجموعة متشابهة في دفتر منفرد..
وذات يوم مَرَّ الخليل بسوق النخَّاسين، فسمع طرقات مطرقة على طَست من
نحاس، فلمعت في ذهنه فكرة عِلم العَرُوض -ميزان الشعر أو موسيقى الشعر- الذي مَيز به الشعر عن غيره من فنون الكلام، فكان للخليل بذلك فضل على العرب، إذ ضبط أوزان الشعر العربي، وحفظه من الاختلال والضياع، وقد اخترع هذا العلم وحصر فيه أوزان الشعر في خمسة عشر بحرًا (وزنًا) وكما اهتم بالوزن اهتم بضبط أحوال القافية -وهي الحرف الأخير في بيت الشعر، والتي يلتزم بها الشاعر طوال القصيدة- فأخرج للناس هذين العلمين الجليلين كاملين مضبوطين مجهزين بالمصطلحات
ولم يكتف الخليل بما أنجزه، وبما وهبه الله من علم؛ استجابة لدعائه وتوسله وتضرعه، فواصل جهوده وأعدَّ معجمًا يعَد أول معجم عرفته اللغة العربية، وامتدت رغبته في التجديد إلى عدم تقليد من سبقوه، فجمع كلمات المعجم بطريقة قائمة على الترتيب الصوتي، فبدأ بالأصوات التي تُنْطَق من الحَلْق وانتهي بالأصوات التي تنطق من الشفتين، وهذا الترتيب هو (ع- ح- هـ- خ- غ…) بدلا من (أ- ب- ت- ث- ج …) وسمَّاه معجم (العين) باسم أول حرف في أبجديته الصوتية.
انتقل الخليل إلى اللغة التي تتكون مادتها من هذه الحروف فوجد إن (كلام العرب مبين على أربعة أصناف : على الثنائي والثلاثي والرباعي والخماسي )، وانه ليس في اللغة العربية بناء يقل عن الثنائي او يزيد على الخماسي ( فمهما وجدت زيادة على خمسه أحرف من فعل واسم ، فاعلم أنها زائدة في البناء ، وليست من أصل الكلمة.

وانتقل الخليل ، إلى الأبنية ، فوجد فيها الصحيح والمعتل ، وفرق بينهما في كل بناء ، فقسم الأبنية على الأساس الى ثنائي صحيح ، وثلاثي لفيف ، ورباعي صحيح ، وخماسي معتلين . ثم تناول هذه الأبنية على هذا الترتيب عند كلامه عن حرف من الحروف الصحاح ابتداء من العين وانتهاء بالميم ، سوى الرباعي والخماسي المعتلين فقد اخرهما الى ختام الكتاب .

واهتدى أخيرا الى فكره التقليب ، اذ وجد ان بمقدور اخذ كل بناء من الاربعة، وقلبه على جميع أوجهه الممكنة ، فيحصل على وعاء يضم جميع ألفاظ اللغة . فالكلمة الثنائية تتصرف على وجهين : قد ، دق . والثلاثية على ستة أوجه: ضرب- ضبر- برض- بضر- رضب- ربض، والكلمة الرباعية على اربعة وعشرين وجها…….

وقد أشار في شروحه الى القلب والنحت، والأضداد، والمعرب ، كما عالج بعض المسائل النحوية، واعتمد شواهد نثريه وشعرية وقرانيه ، وعنى باللهجات واللغات.

وقع الخليل في كتابه (العين ) في اخطاء صرفيه، كما أهمل ابنيه في اللغة لأنه لم يسمع عنها شيئا ………………..

وجمع اخطاءه باحثون ، لكنهم رغم هذه الهنات اعترفوا بأهمية منهجه أولا، وما جمعه بين دفتي كتابه، ثانيا، اذ من المستغرب الا يخطىء انسان يعمل وحيدا في معجم ريادي . طبع الكتاب مرات ، كاملا ومشروحا، ومختصرا
وعُرِف الخليل بالتعبد والورع والزهد والتواضع، وكان إذا أفاد إنسانًا شيئًا لم يشْعِره بأنه أفاده، وإن استفاد من أحد شيئًا أجزل له الشكر، وأشعره بأنه استفاد منه، وقيل في زهده: أقام الخليل في خُص له بالبصرة لا يقدر على فِلْسَين (قدر ضئيل من المال) وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال، وأرسل إليه سليمان بن علي -والي منطقة البصرة- ليأتيه يؤدب ولده، فأخرج الخليل خبزًا يابسًا، وقال: ما عندي غيره وما دمت أجده فلا حاجة لي في سليمان، ثم قال لرسول سليمان:
أبلغ سليمان أني عنه فـــي سعــة
وفي غني غير أني لستُ ذا مــال
والفقرُ في النّفس لا في المال تعرفه
ومـثل ذاك الغِني في النفس لا المال

وقال: إني لأغلق علي بابي فما يجاوزه همي، وذلك لانصرافه عن الدنيا واستغراقه في العلم والعبادة،

وفاته:
وذات يوم دخل المسجد وهو شارد البال مستغرق الفكر فاصطدم بسارية (عمود) المسجد فانصدع رأسه ومات سنة 170هـ.

وَكَمْ عَزَّ أَقْوام بِعِزِّ لُغاتِ

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *